د. عبدالله الغذامي للثقافية: للكويت رمزية معنوية لافتة وعالية الدلالة.. وعلامات ذلك مكتوبة في سجل المعاني
تاريخ النشر: 19th, February 2025 GMT
الثقافية – كمال الداية
أكد الأستاذ الدكتور عبدالله الغذامي، في حديث للجزيرة الثقافية بعد تكريمه في دولة الكويت، واختياره شخصية لمهرجان القرين ٣٠، أن للكويت رمزية معنوية لافتة وعالية الدلالة، وعلامات ذلك مكتوبة في سجل المعاني، فالكويت وطنٌ تميز بمعنوياته العميقة التي أثبت الزمن أنها هي قوتها وهي جيشها الفعال.
وبين د.الغذامي عمق علاقته بالكويت، وقال “وأنا ممن وعى حال الكويت منذ يوم استقلالها عام 1961م، وكنت أجلس بجانب والدي رحمه الله وهو يستمع للبث الإذاعي لحفلات الاستقلال، ومن تلك اللحظة تجسدت عندي الكويت بلهجتها وإيقاعاتها وأصواتها، وكنت صغيراً حينها، لكن أحسست بحماسٍ مع فكرة الاحتفال بالاستقلال وصوت العرضة والأناشيد ونشوة المشاعر. وتعززت معاني القوة الناعمة للكويت مع ظهور الدراما الكويتية التي جاءت في توقيت متميز وكأن الزمن الثقافي كان ينتظر شيئاً خليجياً بعد أن كانت الدراما المصرية هي المتسيدة عربياً، وجاءت الكويت لتقدم نموذجاً كأنما ولد كاملاً وراقياً. وهنا وصلت الكويت إلى كل بيت خليجي بوجوه وملابسَ ولهجة وصيغٍ تعبيرية وتجسيدية ذات وقع مختلف ومتميز، وصار أطفالنا ينطقون بالكلمات الكويتية وتتسرب على ألسنتهم بتلقائية منسابة، ويرددون مصطلحات وعبارات وترميزات المجتمع الكويتي، وقبل ذلك كانت مجلة العربي تعمر أكشاك مبيعات المجلات في كل أنحاء الوطن العربي، وحظيت المجلة بقبولٍ عامٍ من كل طبقات الثقافة، حتى الأطفال مع (العربي الصغير) مما جعل البيئة الثقافية العربية كلها تتصل رمزياً مع معطيات الكويت ومعناها الثقافي، وعبر الدراما ومجلة العربي تتكشف وظيفة القوة الناعمة؛ إذ تنفذ الصورة والكلمة والمعنى وتتداخل مع فضاءات الاستقبال وتغرس رمزياتها في النفوس بمحبة وقبولٍ وتطلعٍ غير مشروط، وتصبح القوة معنى إيجابياً كما الماء والهواء يعبر الحدود الجغرافية والحدود الذاتية دون تأشيرات ولا أذونات ولا تحرّج من أي نوع، وهذا إنجاز حقق وظيفته ونجح في صناعة أثره ونشر قيم المعرفة والذوق الفني والأخلاقي بكافة صورها.
وهذا العام الذي نحن فيه 2025م هو بالنسبة لي يكمل أربعين عاماً من علاقتي العلمية مع الكويت، فمنذ صدور كتابي (الخطيئة والتكفير) عام 1985م وأنا أتردد على الكويت في زيارات علمية لم تنقطع، وهي زيارات عرفتُ فيها مثقفي الكويت، وتأصلت عرى الوصل معهم، وامتدت لعلاقات مع المثقفين العرب من أرجاء الوطن العربي كله، ممن ظلوا يحضرون مثلي في مؤتمرات العلم وندواته ومحاضراته في الكويت، وتعمر الأسئلة والنظريات والمثاقفة أجواء كل لقاء، وهذه فعاليات تضاف للرصيد المعنوي للكويت، ويقودها ويدير مفعوليتها المجلسُ الوطني للثقافة والفنون والآداب، وهو المجلس الذي تأسس عام 1973 ويبلغ هذا العام خمسين سنة ونيفاً، وكان هدفُ تأسيسه هو (أن تأخذ الدولة على عاتقها الدور الرئيس في عملية التنمية الفكرية والثقافية والفنية ضمن رؤية تعمل على رعاية الثقافة والفنون والنهوض بها، وإفساح المجال أمام الاتصال والتواصل مع الثقافة العربية والعالمية)، وهذا هدف امتد ليشمل الوطن العربي كله عبر المؤتمرات والفعاليات التي يشهد لها المثقفون العرب، وأنا منهم، حيث إني شاهدٌ على أربعين سنة من تلك السنين، وفي ذلك رصيدٌ قيمي ومعرفي عميق في معناه وفي مبناه. ومن هنا فقد رسمت الكويت صورتها في الأذهان، وصارت الكويت قوة ناعمة وخارقة بمعنى قدراتها على صناعة صورٍ ذهنية ذات بعدٍ ثقافي جاد ومحفز. وتعززت الرمزية الثقافية مع التوالي والتعاقب وجودة المحتوى. فالكويت القوة الناعمة التي تظل رديفة للمعنى الكويتي. ولن تفي كلمات الشكر في وصف الحدث لأن المعنى هنا أكبر من كل الكلمات.
المصدر: صحيفة الجزيرة
كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية
إقرأ أيضاً:
حرب إسرائيل على المعالم الأثرية محاولة لإبادة هوية غزة الثقافية وتاريخها
واقتفى "المرصد" -في حلقته بتاريخ (2024/4/14)- أثر ما ارتكبه جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد المعالم الأثرية في قطاع غزة، في عملية تخريب ممنهج طالت عشرات المواقع والمباني التاريخية والدينية التي تحوّلت إلى ركام.
وتعد هذه العملية واحدة من أوسع عمليات التخريب لإرث ثقافي فلسطيني وإنساني ضخم، ومحاولة مكشوفة لإبادة الهوية الثقافية العريقة لمدينة غزة، إذ طال الدمار المساجد والكنائس والمتاحف والمراكز الثقافية والمكتبات العامة.
يقول مدير دائرة المواقع والتنقيب في وزارة السياحة والآثار الدكتور حمود الدهدار إن غزة واحدة من أهم وأقدم مدن العالم، وتعود إلى العصر الكنعاني.
ووفق حديث الدهدار لـ"المرصد"، فإن غزة تضم أكثر من 70% من المعالم الأثرية على مستوى قطاع غزة، كاشفا عن تضرر 316 موقعا تاريخيا وتراثيا جراء الحرب الإسرائيلية.
ودمر الاحتلال بشكل كامل 11 مسجدا تاريخيا من أصل 14، إضافة إلى تدمير متحف قصر الباشا الذي يضم قطعا أثرية تعود للشعب الفلسطيني وإلى ما قبل العهد العثماني، حسب الدهدار.
وكشف مدير دائرة المواقع والتنقيب في وزارة السياحة والآثار عن عمليات بحث جارية عن أي قطع أثرية وتاريخية خاصة بالمتحف، الذي كان يضم أكثر من 70 ألف قطعة أثرية.
إعلانبدورها، قالت مديرة متحف قصر الباشا ناريمان خلة إن القصر يعود إلى نهاية الدولة المملوكية وبداية الدولة العثمانية، وكان يستخدم لحكم غزة.
وأوضحت خلة لـ"المرصد" أنه تم افتتاح متحف القصر في عام 2010، وكان يضم العديد من القطع الأثرية التي تعود إلى العصور اليونانية والبيزنطية والرومانية وغيرها، مشيرة إلى أن الاحتلال دمر المكان وجرفه خلال توغله في حي الدرج شرقي غزة أواخر 2023.
من جانبه، أكد الكاتب والروائي يسري الغول أن الاحتلال الإسرائيلي عمد إلى تدمير المكون الثقافي لتزييف الوعي التاريخي للمواطن الفلسطيني ووجوده على هذه الأرض المحتلة.
الموت تحت الأقداموتناول "المرصد" في قصته الثانية جرائم الحروب التي لا تنتهي بالتقادم، إذ يمر هذا العام نصف قرن على نهاية حرب فيتنام، غير أن نتائج تلك الحرب لا تزال مستمرة حتى اليوم.
ولا تزال تحصد الألغام حياة كثيرين، والمواد الكيميائية التي أُمطرت بها الحقول تشوّه الأجساد وتفتك بالأرض. وفي وقت يتهدد فيه الموت تحت الأقدام ملايين المدنيين، تتعثر جهود نزع الألغام بسبب نقص التمويل، وتخلي المنظمات الدولية عن تلك المهمة.
وفي إحيائها اليوم الدولي للتوعية بمخاطر الألغام، نبهت الأمم المتحدة إلى أن 100 مليون شخص حول العالم مهددون بخطر مخلفات الحروب والذخائر غير المنفجرة.
وتمتد خريطة الألغام عبر مناطق واسعة من العالم، إذ يستمر في دول البلقان مسح الحقول والغابات بعد مرور 30 عاما على نهاية الحرب.
وبينما تشكل ملايين القنابل العنقودية التي زرعتها إسرائيل في لبنان قاتلا صامتا يتربص بالمدنيين، تتسبب الألغام في أفغانستان في موت كثيرين وإعاقة أعداد لا تحصى، خصوصا من الأطفال.
14/4/2025