أبوظبي في 22 أغسطس / وام / نظّمت دائرة تنمية المجتمع - أبوظبي مؤخراً، الجلسة الرابعة من سلسلة "حوارات الابتكار الاجتماعي" التي تضمّنت مجموعة من المحاور حول تأثير الشباب ومساهمتهم وأهمية تمكينهم لقيادة الابتكار الاجتماعي.

جمع الحدث الذي عقد افتراضياً، تحت عنوان "دور الابتكار الاجتماعي في تمكين الشباب"، جمهوراً واسعاً من العقول الشابة والمهنيين من مختلف القطاعات الحكومية وغير الحكومية.

وتهدف سلسلة "حوارات الابتكار الاجتماعي" التي تنظمها الدائرة بشكل مستمر إلى تحفيز الحوار حول الابتكار الاجتماعي، والتعرف على أحدث الأفكار والرؤى في هذا المجال، ومناقشة مستجدات الابتكار في المجال الاجتماعي ودوره في خلق الحلول المبتكرة للعديد من التحديات والأولويات الاجتماعية.

شارك في الجلسة الحوارية غرايسون باس، خبير الابتكار الاجتماعي، عضو مجلس إدارة معهد الابتكار العالمي (GIMI)، ويعمل بصفة مستشار للعديد من الجهات والهيئات الحكومية العالمية، وبالإضافة إلى ذلك يشغل باس منصب مدير مختبر (SWR) للابتكار في منطقة واترلو في كندا.

وأوضح باس خلال الجلسة الآليات المختلفة التي يمكن للشباب من خلالها المساهمة في لعب دور حيوي في مواجهة التحديات الاجتماعية وخلق مجتمعات قادرة على مواجهة التحديات الاجتماعية.

وفي هذا الإطار قالت سعادة المهندسة شيخة الحوسني، المدير التنفيذي لقطاع الرصد والابتكار الاجتماعي في دائرة تنمية المجتمع إن الدائرة تواصل تنظيم سلسلة حوارات الابتكار الاجتماعي، عبر تسليط الضوء بشكل مستمر على مواضيع ذات أولوية تلامس المجتمع، لبحث فرص فريدة تعزز من ثقافة الابتكار الاجتماعي، واستكشاف كيف يمكنهم المشاركة في بناء مجتمعات أقوى وأكثر مرونة وتماسكاً.

وأضافت الحوسني ان هذه النسخة من الحوارات، تسلط الضوء على الدور الحيوي الذي يلعبه الشباب في دفع الابتكار الاجتماعي، وما يمتلكونه من إمكانيات رائدة لإحداث التأثير الإيجابي على المجتمع. وتركز الدائرة على تمكين الشباب وتأهيلهم ليكونوا جزءاً من نمو وتقدم مجتمعنا، وكان لتركيز الحدث على تمكين الشباب صدى إيجابي لدى المشاركين، ومن خلال المناقشات التفاعلية والجلسات الحوارية، اكتسب الحضور رؤى مهمّة حول كيفية المساهمة بفاعلية وقيادة مجتمعاتهم نحو الأفضل.

وكجزء من الالتزام المستمر لدائرة تنمية المجتمع بتمكين وتأهيل الشباب، تعدّ الجلسة الرابعة من حوارات الابتكار الاجتماعي واحدة من مبادرات الدائرة العديدة التي تهدف إلى تمكين الشباب وتعزيز مساهماتهم الاجتماعية، وإعدادهم ليكونوا أعضاء منتجين وفاعلين في المجتمع.

عماد العلي/ ريم الهاجري

المصدر: وكالة أنباء الإمارات

كلمات دلالية: تنمیة المجتمع تمکین الشباب

إقرأ أيضاً:

سؤال في الاندماج الاجتماعي

سؤال، في الحقيقة، طرحه عليّ أحد الإخوة وهو: هل نحن بحاجة إلى إعادة إدماج وتأهيل من جديد؟ لا أدري ما الذي ولّد ذلك السؤال لديه، لكن في الحقيقة، المعطيات كثيرة ومتعددة، يكفي أن نقف ونتأمل ما الذي يحصل من حولنا، ما نشاهده ونسمعه يوميا، يكفي ذلك لنتأكد أن عملية الإدماج والتأهيل قد تحتاج إلى إعادة مراجعة وحوكمة. سؤال إشكالي يحيلنا إلى التمعن في مصطلح الإدماج الاجتماعي.

يشير مصطلح الاندماج الاجتماعي إلى الانسجام والتعاون والترابط بين أفراد المجتمع مهما اختلفت وتعددت ثقافاتهم وإثنياتهم، وهو كذلك علاقة المودة والاحترام، ولولاه لتحول المجتمع إلى التنافر والتباغض وعدم الانسجام وتولدت المشاكل والأزمات بين مكوناته.

ينعدم الاندماج في حالة من عدم الاستقرار والقلق التي تصيب الأفراد عندما تنهار المعايير والقيم والأخلاق أو الافتقار إلى الهدف والمثل العليا أو (الأنوميا) بحسب (أميل دوركايم).

الاندماج الاجتماعي عمليًا هو إيجاد الآليات المناسبة والكفيلة التي تمكن الأفراد من الانسجام والانصهار في المجتمع. ونظرًا لأهمية الاندماج فقد اضطلعت به مؤسسات اجتماعية وسياسية حملت على عاتقها ترسيخه وتثبيته. ففي المجتمعات العربية التقليدية قامت مؤسسات بعينها بإنتاج آليات الإدماج التي تتمثل في الأسرة ودورها في التنشئة الاجتماعية والقبيلة والعشيرة وغيرها، بأدوار تهدف إلى دمج الأفراد في المجتمع وخلق ما يشبه الإجماع والتعاون والتكافل فيما بينهم.

وفي العصر الحديث أصبح الاندماج الاجتماعي عملًا مؤسسيًا تضطلع فيه الدولة كمؤسسة سياسية اجتماعية بدور رئيسي بوصفها هي المهيمنة سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا، حيث يتم إنتاج ذلك وفق عمل مؤسس وآليات وبرامج وخطط ورؤى محددة.. وهذا مسعى دائمًا ما يكون من جانب الدولة بما تملكه من وسائل وإمكانيات لا تتوفر لدى الأفراد، ويولد من رحم جدلية العلاقة المضطربة والمعقدة بين المجتمع والدولة التي طالما شابها الكثير من الشكوك وعدم الرضا المتبادل بين الطرفين. بالإضافة إلى ذلك تشارك في تحمّل تلك المسؤولية مؤسسات أخرى منها مؤسسات المجتمع المدني بمختلف أنواعها وتشكيلاتها بما فيها الأحزاب والجمعيات والمنظمات من خلال إضفاء الطابع المؤسسي والرسمي على متطلبات الاجتماعية والمطالبة بالحقوق المدنية للأفراد.

تعمل الدولة على ترسيخ عملية الإدماج في المجتمع وإيجاد مجتمع منسجم متّسق مع نفسه وهو الهدف العام المنشود من وراء كل المبادرات والخطط. كما أنه أحد المؤشرات التي تبين مدى الترابط والانسجام والتعاون بين أفراد المجتمع من جهة والدولة من جهة أخرى، وتسعى إلى إيجاد أنظمة وقوانين تروم إلى العدالة والمساواة بين جميع المواطنين.

إلا أنه ومع التطورات والمتغيرات المتسارعة أصبح الكثير من الدول يعاني من معضلة عدم الاندماج الاجتماعي فتسقط في وحل التشرذم والاختلاف والتباعد بين أفراد المجتمع، على الرغم من الإنجازات التي تتحقق في شتى المجالات كالتعليم والصحة والتوظيف وغيره، ورغم وجود بيئة خصبة للاندماج وذلك لوجود المكونات الضرورية له كوحدة اللغة والثقافة والدين والتاريخ والجغرافيا.

ما الذي يفشل الاندماج الاجتماعي رغم سعي الدولة الدؤوب لإدماج مواطنيها اجتماعيا؟ فتوسم الدولة بكل بساطة بأنها لم تستطع ولم تنجح في توفير المناخ اللازم والمثالي للاندماج الاجتماعي. إذ تتحول الدولة كجهاز سياسي مهيمن إلى أداة طاردة تساعد في خلق بيئة غير موازية وظروف قاسية كفيلة بدورها في خلق معوقات للاندماج الاجتماعي.

تتعدد الأسباب في فشل الاندماج الاجتماعي؛ فهناك أسباب دينية عقائدية وثقافية واجتماعية واقتصادية، وأسباب أخرى سياسية تفشل عمليات الإدماج فتكون القوانين والأنظمة حبرًا على ورق -كما يقال- أو تُطبَّق بشكل انتقائي وتمييزي، غير عابئة بالتعدد الثقافي والإثني والديني والمذهبي، ونبذ ما يؤدي إلى التمييز والعنصرية، عندما تنعدم المساواة والعدالة والديمقراطية، ويرزح الأفراد تحت حكم ظالم متجبر وتنتشر المحسوبيات والفساد والظلم والعدوان وقت يشعر فيه المواطن بأنه شخص لا يستطيع تحقيق تطلعاته والحصول على حقوقه القانونية والإنسانية ويسري التمييز في الوظائف والامتيازات التي تقتصر على فئة معينة دون غيره. كذلك يعيش ظروفا قاسية تؤدي إلى حرمانه من الإمكانيات والفرص المتاحة في سبيل تحقيق الرفاهية والسعادة. وقد توجد القوانين والأنظمة التي تسنها الدولة ظروفا تعجيزية لا تخدم المواطن البسيط بينما تشرع لصالح فئة بعينها وعندما تشرع الضرائب التي تثقل على المواطنين البسطاء فتسقطه في الفقر والعوز والاختلال في المعاملة، ناهيك عن معوقات أخرى للاندماج الاجتماعي الأخرى التي يتمثل في استفحال القبيلة والتعصب والتمذهب والمناطقية. وما ليس بخافٍ على أحد من أن واقعا مؤلما يعيشه الكثير من المواطنين فقط لكونهم لا يستطيعون التواؤم مع الأوضاع وكأنه يعيش منفصلًا عن المجتمع بعيدًا عنه وعن واقعه ويعيش في عزلة ناتجة عن تراكم الكثير من المعطيات غير مندمج مع المجتمع، لا يشعر إلا بالقلق والخوف.

إن الإدماج الاجتماعي لا بدّ أن يقوم على عدة معطيات واعتبارات؛ لكي يحقق هدفه في إيجاد مجتمع منسجم ومتعاون يدين بالولاء للوطن مدافعا عنه، مجتمع تنصهر فيه كل الثقافات والعرقيات والتعدديات في بوتقة واحدة عنوانها الوطن لا غير. يجب أن يتجاوز الاندماج الإنشاء والخطابات والمدونات إلى الواقع.

تأتي في أولوية تلك المعطيات، تعزيز المواطنة الحقة بممارسة المواطن لحقوقه وواجباته وأدواره داخل البنى السياسية والاجتماعية والاقتصادية والاجتماعية في المجتمع أو يتحقق بقيام الدولة بتفعيل مكانته داخل المجتمع سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا وإيجاد الفرص المتساوية والعدالة سواء في المناصب والترقيات بحيث تمكن الأفراد من الانصهار في مجتمعاتهم والاندماج يساعد الفرد على التكيف مع المجتمع وانعدامه يشيع التفرقة والتباغض والعنصرية، ويؤثر على الثقافة بشكل عام. أن يعاد تعريف المواطنة والمشاركة والقوانين وأن يتم التخلص من الكثير من الشوائب والمنغصات التي تعيق ذلك الاندماج والمحافظة على المضمون الإنساني والأخلاقي.

يجب أن تُبنى العلاقة بين الدولة والمواطنين على مبدأ التعاقدي، وأن يقاس الاندماج الاجتماعي بالقدرة على المشاركة المجتمعية بين الثقافات المختلفة دون تمييز. إذ لا تشكل الاختلافات الدينية عقبة أمام الاندماج وهي مسؤولية مشتركة بين الدولة وأفراد المجتمع وخصوصًا الدولة لما تشيعه من عدالة ومساواة ومواطنة حقة.

إنَّ فقدان المواطنة الحقة يضرب الاندماج الاجتماعي في مقتل فيسقط المواطن في وحل من الأزمات التي لا تزيده إلا غموضًا وتعقيدا، يقف حائرًا أمامها لا يستطيع مواجهتها ولا التأقلم معها فيظل قابعًا لا يقدر على فعل شيء، وقد تسقطه في عالم من التناقضات والأزمات والصراعات مع النفس، مما قد تؤدي إلى إصابته بالعديد من الانتكاسات والأزمات المرضية والنفسية، فلا خيار آخر له، إما أن يكون صلبا لا تبعثر صلابته أي رياح أو عواصف عاتية، وإما تتراخى قواه وتخور عزيمته وتعصف به المحن وتتشتت أحواله ويتداعى قوامه ويسقط في وحل من العزلة والضياع. ومهما كان الإنسان قويًا وجلدًا فإن ذلك يبقى له حدود، وقد يشعر بالاغتراب، غربة تأكل أحشاءه وتلتهم أيامه، يشعر وكأنه غريب لا يمت للواقع بصلة وقد لا يعنيه ما يجري حوله، فيختار لنفسه وبكل حرية الصمت مستلقيا على «الكنبة» يراقب من بعيد، فاقدا الثقة، محتجا بالصمت، مغتربًا عن ذاته، تضطرب شخصيته ويتسم بالعجز عن إقامة علاقات مع المجتمع ولا يستطيع الاندماج فيه وقد تتسع الفجوة بين المواطن والدولة وتزداد تلك الفجوة في الاتساع عندما يشعر المواطنون بأنهم غرباء في وطنهم وهم بكامل قواهم العقلية والنفسية، لا سبيل لهم لمقاومة ذلك ولا يملكون القوة لتغييره ولا التأقلم مع التغيرات والمعطيات وتسيطر حالة سيكولوجية تهيمن على الإنسان قد تزداد حدتها وتعيش حالة من الانفصام والاغتراب.

هل نحن فعلا بحاجة إلى صيغة ما لنندمج اجتماعيًا ؟ هل نحن كأفراد أيضًا مسؤولون عن عدم الاندماج الاجتماعي؟ هل المسؤولية مشتركة في ذلك؟

للإجابة على ذلك السؤال يجدر بنا أن نسعى أولا إلى أن نندمج مع ذواتنا قبل طلب الاندماج مع الآخر، أو قبل أن يكون الاندماج عملا رسميا ومؤسسيا. نحن بحاجة إلى تعلم معنى التعايش واحترام الآخر واحترام القوانين والأنظمة، احترام خصوصيات وأعراف الناس والعادات والتقاليد والمجاملات، نحتاج فعليًا أن نعيد تعريف بعض الأشياء وفقًا للمنظور مختلف أكثر حداثة وتطورا، نحتاج أن نتعلم كل شيء عن تفاصيل العيش المشترك والحياة وأسلوب التعاطي مع الأزمات. أن يكون الهدف من ذلك أن نصبح جزءا من نسيج المجتمع المتعدد ضمن مفهوم المواطنة التي تحتضن الجميع تحت مظلة القوانين والأنظمة التي تنظم العلاقات بين الجميع. نحن بحاجة ماسة للتحلل من تبعات الماضي الذي ما زلنا رهائنه بكل حمولاته الثقيلة وأسرى لخلافاتنا.

مقالات مشابهة

  • اتفاقية تفاهم بين دائرة تنمية المجتمع ومركز أبوظبي للتعليم والتدريب التقني والمهني حول ترخيص مهنيي الرعاية الاجتماعية
  • أبوظبي تستعرض دور «مجمع تنمية الغذاء ووفرة المياه»
  • «حلقات الجاهزية».. حوارات شبابية في الأمن والدفاع
  • «أشغال الشارقة» تنظم «صيّف معنا»
  • الغرفة تناقش تمكين رواد الأعمال في التسويق والتوسع للأسواق الخارجية
  • أبوظبي تستعرض دور «مجمع تنمية الغذاء ووفرة المياه» خلال المشاركة في «قمة مستقبل تكنولوجيا الغذاء»
  • هيئة تنمية المجتمع تنظم فعالية للتوعية باليوم العالمي لمكافحة المخدرات
  • بلدية أبوظبي تنظم فعالية «شواطئنا غير»
  • «تنمية المجتمع» تطلق جوائز القطاع الثالث في أبوظبي
  • سؤال في الاندماج الاجتماعي