صوّروا .. (٤) فُرقاء أوائل ودكتوراه مدنيّه
تاريخ النشر: 19th, February 2025 GMT
محمد عبد الله الصايغ
أربعه يحملون رُتبَة الفريق أوّل خريجو الكُلّيّه الحربيه السودانيه ورئيس وزراء يحمل درجة الدكتوراه في يَدٍ وفي الأخرى رجُلٌ لم ينَل قسطاً من التعليم .. سَلّموهُ الوطن هوَ وأوباشَهُ من مُقاتلين ومستشارين فحطّموهُ حتى الطوبه الأخيره وقتلوا واغتصبوا وهجّروا أهله وما زالوا يرغبون في الحكم!
إعتلى الساده ظهر الشعب واستثمروا في تجهيلِه وتسببوا في انهيار الديمقراطيات فاتحين الطريق للعسكر او قاموا بتسليم ( الضيعه ) بِمَن فيها للعسكر وظلّ الشعب يدفع الثمن قهراً وقمعاً وسجوناً ثُمّ يثور الشعب ( بالثَمَن أيضاً ) ليعود الساده إلى مواقِعِهِم فوق ظهرِه… وفي إندفاعِهِم اليائس يتحاصصون ويتحالفون مع الشيطان من أجلِ الكراسي… حدث هذا حتى زمن الأنتقال.
الوعي الذي صادفَ ثورة ديسمبر والذي إنتزعَ ( المَكانه ) الوهَم التي كانت للساده وغَيّبَ وهَدّدَ نفوذَهُم قطعاً كانَ حَريّاً بِهِ أن يُقَدُّمَ نموذجاً فريداً يَعقُبُ هذه الثوره العظيمه ويؤطِّرُ لِحِقبّةٍ تُعتَبَرُ نقلَةٌ حقيقيةٌ جذريّه بين عهدين. ثُمّ أنّ الصِّدق والبساله والإصرار الذين أبداهُم الشباب وتدافُعُهُم الأسطوري نحو الموت بكلّ ألوانِهِ لِوَجهِ الوطن ؛ ومُبارَكَة الأُسَر لخروج أبنائها وبناتها للإحتجاجات وتقبُّلِهِم لذلك الموت والتعويق الّذّين يتعرّضون لهُما ؛ كلُ ذلك كان نقلَةً تُحَدِّثُ عن خيرٍ عميم تُوعَدُ به هذه الأُمّه.
وفي لحظةٍ بائسَه! يضيعُ كُل الفأل المرجو وتُقَسّم السُلطه بين مدنيين لا نعرف من أين جاؤوا وبين عسكر نعرف إلى أينَ ينتمون. مدنيون ، بعد ثورةِ هَزّت العالم ، يصرفون مرتباتهم من جهاتٍ أجنبيه صاحبةُ فضل خارِطةِ طريقِهِم ويسيرون في أيّ إتّجاهٍ ليست له علاقه بالثوره ومفجّريها .. عسكر ، لو أنّهُم صَبَروا بإنقلابهم المشؤوم أو تَخَلَّوا عنهُ لما وجدوا أفضل لهُم من الطاقم المدني الذي قاسمهم الإنتقال ولما وجدوا مَن يُمكِن أن يَبقى على هواهُم ومَن يُبعِد عنهُم شبح المحاكمات عن فَضّ الإعتصام والفتك بالمحتجين وسَرِقَة موارد البلد والإتّصال بالكيان الصهيوني أفضل من ذلك الطاقم الذي كان بالفعل قد تنازَلَ عن كل مطالب الشارع الثوري ورَضِيَ بالقَمع الذي فاقَ قمع الإنقاذ للثوار وأغلقَ كل الدروب التي تقود للعداله وترك وزارة الداخليه للعسكر وأغلق كل الطرق لإعادة المفصولين وتطهير أجهزة الدوله وسلّمَ الإقتصاد والسلام لمليشي ما نالَ قسطاً من التعليم الإبتدائي وظلّ يدعمهُ ، لِسُخرِيَةِ الأقدار ، حتى يومنا هذا وهو يفتك بمن تبقّى من شعب السودان.
ويمضي بنا الأمر في طريقِ التّغييبِ الكامل عن كُلّ القرارات التي تؤثّر على الوطن تارَةً بالوجود الخامِل أو المتواطئ أو الباحث عن مصالِحِه المتصارِع عليها من القوى المدنيه وتارَةً من الوجود العسكري المنفرِد بالسلطه المغموس بكليّاتِه في الإسلام السياسي والقادمُ من عُمق الإنقاذ ، ربيبُ إسرائيل وذلك بكلّ ما تيسّرَ لهُم آخرُ ذلك كانَ إثارةُ هذه الحرب وبشاعة ما استصحَبَها من ويلات.
ويمضي القائدُ في مشروعِه السيادي نحو الزّعامه ولا يُكَلّفهُ ذلك كبيرَ عناء في الوجود الإنتهازي المدني المعروض في سوق النخاسه السياسيه الذي ما أن سَمِعَ بإنتصار الثوره بشاباتها وشبابها حتّى نَفَضَ أياديه ، كُلٌّ مِن مَوقِعِهِ ، وأتى مهرولاً لينتظِمَ في ذلك الصّف ما بين إتّفاقية جوبا إلى الذين ( راهَنوا ) على انتخابات ٢٠٢٠ إلى منتظري صدور البيان من معتصمي القصر.
ويثور التساؤل ما الذي يُعطي قيادة الجيش الحق في قيادة البلاد والتحكم في مصيرها؟ ويثور التساؤل لمراتٍ ومَرّات عندما نعلم أنّ هذه القياده هي من فرضت الدعم السريع وقَوَّت شوكَتَهُ بنيوياً وجغرافياً في عمليةٍ تفتقِرُ الى ( الحِسّ الأمني والعسكري ) في مظهرهِما الإبتدائي مما يجعل التساؤل أكثرُ جِدِّيَّه وموضوعيه ليصير كيف يحكم دوله من فشلوا في تأمين البلاد بهذه الصوره الفجّه التي كان يمكن تفاديها إن كان يحكم عسكري مستجد لا يزال في بداية سلم العسكريه.
في الوقت الذي كان فيه قيادات المجلس العسكري ( اربعه فُريق أوّل ) يتراكضون أمام حميدتي ويقفون أمامَهُ محنيي الرؤوس في ذِلّه وهم بَرسِمون بأيديهم الآثمة المرتعشه النهايه المأساويه الطبيعيه للجيش السوداني وللدوله السودانيه ، كان ذلك هو نفس الوقت الذي رفضت فيه القياده المدنيه القيام بواجباتها تجاه الشرطه والأمن والجيش وتسلُّم وزارة الداخليه حتى تَدخُل إليها ( أنفاس الثوره ) و ( إتًفقت ) مع العسكر بأنّ الأمن من اختصاصهم هُم ، اي العسكر ، هم أهله وأسيادهُ رغم ضعف الأداء العسكري البائن في ذلك الوقت المفصلي. ورغم ( أننا )ما تركنا فرضاً ناقص في النصيحه إلى حد البكاء امام أبوابهم. أتساءل الان ما الذي يجعل هؤلاء المدنيين يفكّرون في العوده؟ ما الذي استجدّ ؟ شركاء الإنتقال من المدنيين الذين ( أضاعوا البلاد ) ثم اصطفوا خلف الجنجويد فخرجوا من قلوب الناس فإنّهُم يتنادون الان في ثوبٍ جديد ما زالت بيانات الإستنكار والنَّفي تترى بعد نشرِهِم لِقوائم المصطفين معهم وتُنكِر توقيعاتها لهُم … والآن بدأ إهتمامهم بالشريك العسكري يتزايد مما يُحَدّثُ عن شراكةٍ جديدةٍ قد تلوحُ في الأُفُق.
شعبٌ مسكين ، في سَوادِهِ الأعظم ، مغلوبٌ على أمرِهِ … بهتُف بالنصر لُمَن خلقوا الحرب ودمّروه ودمّروا وطَنَهُ شعبٌ إنفِعالي أضناهُ التشريد والنّهب والإغتصاب والقَتل. وقياده تعرفُ ماذا تُريد وكيف تصِلُ إلى مُبتغاها وتُجَيّر الدّمار الذي خلَقَتهُ بأيديها لمصلحتها. لقد تركت هذه القياده الطريق سالكاً لكلّ الخراب الذي حدث وكل القتل والأغتصاب والتهجير ومَثّلَت دَور المُنقِذ تتبعها الكثير من الحناجر التي ما خُلِقَت إلّا للصياح… وبين هذا وذاك يمضي الوطن في إنحِدارِهِ نحو المجهول.. يُصِرُّ رئيس الوزراء وطاقَمُهُ على التنادي من أجلِ خيبَةٍ أُخرى لم تكتمل في فترةِ حُكمِهِم الأولى بدلاً عن التواري عن الأنظار.
melsayigh@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
غروندبرغ: خطر التصعيد العسكري داخل اليمن يتزايد
يمن مونيتور/قسم الأخبار
قال المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، الثلاثاء، إن السلام في اليمن ممكن، حتى في أصعب الأوقات، لكنه يتطلب جهداً مستمراً، وإرادة موحدة، وتصميماً لا يتزعزع.
وقال في كلمة له خلال الجلسة الختامية لمنتدى اليمن الدولي الثالث، التحديات التي تعصف باليمن اليوم هائلة.
وأضاف: لعل من أبرز هذه التحديات، التقلص المستمر للفضاء المدني، كما أن الاعتقالات التعسفية التي استهدفت موظفي الأمم المتحدة، والمجتمع المدني، والسلك الدبلوماسي، والقطاع الخاص، إلى جانب الفاجعة المتمثلة في وفاة موظف برنامج الأغذية العالمي أثناء احتجازه، تكشف عن تنامي المخاطر وتقلص المساحة المتاحة لمن يسعون لدعم اليمنيين.
وقال إن مثل هذه الأفعال تهدد الحقوق الأساسية، وتقوض الثقة، وتعرقل جهود السلام. يجب وضع حد لهذه الممارسات، وضمان تحقيق المساءلة.
وتابع: لهذا كان من المهم أن يوجّه مجلس الأمن رسالة قوية موحدة تدين وفاة زميلنا.
وأكد أن المسار إلى الأمام ليس سهلاً. فخطر التصعيد العسكري داخل اليمن يتزايد، مما ينذر بتفاقم المعاناة وإعاقة جهود إحلال السلام.
وأضاف: كما أن الأزمة الإنسانية تزداد حدة، والانقسامات السياسية مازالت قائمة.