فازت الكويتية نجمة إدريس بجائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية في دورتها السابعة اليوم الثلاثاء عن مجموعتها القصصية "كنفاه" الصادرة عن دار صوفيا للنشر في الكويت.

وتعد الجائزة، التي تأسست عام 2015، من أبرز الجوائز العربية في القصة القصيرة، وقد منحت سابقا لكتاب من مصر والمغرب والعراق وسوريا وفلسطين.

وقال مؤسس ورئيس مجلس أمناء الجائزة طالب الرفاعي إن "الرواية متسيدة في الإنتاج وفي الحضور وفي الجوائز أيضا، لذا انطلقت فكرة إنشاء جائزة تخص القصة القصيرة".

وأضاف أن الجائزة "تميزت منذ انطلاقها بأن يكون ضمن لجان الإعداد لها والذين جهزوا اللوائح الداخلية ونظامها الأساسي كبار كتاب القصة، وهو ما ضمن للجائزة حضورا عربيا كبيرا".

وكانت 10 مجموعات قصصية قد بلغت القائمة الطويلة للجائزة في ديسمبر/ كانون الأول، قبل أن تختصرها لجنة التحكيم في يناير/ كانون الثاني إلى 5 فقط.

وقال الكاتب والروائي أمير تاج السر رئيس لجنة التحكيم إن الجائزة "غدت مطمح كل كاتب قصة، وحلما راود الكثيرين، وهو ما كشفت عنه الإقبال المتنامي للمشاركة في الدورة السابعة التي استقبلت 133 مجموعة قصصية".

وأضاف أن ذلك "حدا بلجنة التحكيم إلى وضع معايير فنية دقيقة وواضحة، والعمل وفق تلك المعايير لقراءة وغربلة القصص، وفق جدول زمني، أخذها إلى الكثير من اللقاءات والنقاشات والحوارات، لحين الوصول إلى القائمة الطويلة ومن ثم القائمة القصيرة".

المجموعة القصصية "كنفاه" للكاتبة نجمة إدريس الصادرة عن دار صوفيا للنشر في الكويت (الجزيرة) "كنفاه" المجموعة الفائزة

تستمد المجموعة القصصية "كنفاه" عنوانها من إحدى قصصها، وهو اسم مستوحى من فن التطريز على النسيج برسوم ملونة، كما يظهر في تصميم غلافها، في إشارة رمزية إلى تفاصيل الحياة المتداخلة التي تنسجها القصص. تمنح المجموعة صورة غنية عن المجتمع وتحمل في طياتها دعوة للتأمل في مصائر الشخصيات وصراعاتها الداخلية.

إعلان

تضم المجموعة عددا من النصوص القصيرة التي تتشابه في حجمها لكنها تتنوع في شخصياتها وخلفياتها الاجتماعية، حيث تقدم نماذج مختلفة مثل أمهات من الطبقة الوسطى، مراهقات، وأفرادا من طبقات فقيرة، كما تسلط الضوء على شخصيات تعيش تجربة الاغتراب. والمشترك الأبرز بين أبطال القصص هو معاناتهم من الأسى الخفي، إذ تجمعهم محاولات مستمرة للبحث عن السعادة وسط يأس متولد عن تجارب حياتية قاسية تركت أثرها العميق في نفوسهم.

تميزت قصص المجموعة بأسلوب سردي مقنع، حيث جاء صوت كل شخصية متفردًا ومتماشيًا مع طبيعتها، رغم اختلاف الضمائر المستخدمة بين السرد بضمير الغائب والمتكلم. وتتناول القصص مواضيع مثل الاكتئاب، الاغتراب، العلاقات الأسرية، قهر العمالة الوافدة، وتأثير الماضي على الحاضر، وذلك من خلال شخصيات تنتمي لطبقات مختلفة داخل الكويت وخارجها. وجاء السرد هادئا وعميقا، بعيدا عن التكلف أو الغضب، مع حبكات فلسفية وإنسانية تقدم مفارقات مؤثرة، حيث يظهر الأسى في خلفية الأحداث دون أن يكون معلنا، عبر همسات سردية خافتة تعكس ألم الشخصيات الصامت.

استخدمت الكاتبة لغة سردية بليغة تناسب أجواء النصوص، واستعانت بالمفردات التراثية في بعض القصص، مثل قصة "فريج"، وهي أطول قصص المجموعة وتعكس الحياة الكويتية قبل النفط، حيث تربط بين جيلين مختلفين، مستعرضة التحولات الاجتماعية من زمن الحياة البسيطة إلى العصر الحديث.

تتنوع القصص بين الطابع الواقعي والتأملي، كما في قصة "هي التي تكلم الأشجار" والتي تختلف عن بقية قصص المجموعة لطابعها التأملي شديد الشعرية، إذ مزجت بين الحلم والواقع.

ولقد اشتهرت الكاتبة الكويتية "نجمة إدريس" بكتاباتها الشعرية التي رافقت مسيرتها الإبداعية لسنوات، قبل أن تتجه إلى عالم السرد الروائي، حيث أصدرت أعمالا مثل "حدائقهن المعلقة" و"سيرة الغائب" وغيرهما. وتأتي كنفاه ضمن أحدث أعمالها، وتميزت بتنوعها بين الواقعية والبعد التاريخي.

جائزة الملتقى للقصة القصيرة تأسست عام 2015، وتعد من أبرز الجوائز العربية الذي تقدم لدعم الكتاب العرب (الجزيرة) عن جائزة الملتقى

جدير بالذكر أن جائزة الملتقى أسسها الأديب الكويتي "طالب الرفاعي" بهدف تعزيز فن القصة القصيرة في العالم العربي وتشجيع الإبداع الأدبي بالشراكة مع الجامعة الأميركية في الشرق الأوسط بالكويت، والتي تعد الراعي الرئيسي للجائزة، عقب توقيع مذكرة تفاهم بين الملتقى الثقافي والجامعة الأميركية في الكويت يوم 26 أكتوبر/تشرين الأول 2015.

إعلان

ولدعم الكتاب العرب في مجال القصة القصيرة وإبراز الإبداع الأدبي العربي عالميا، تقدم الجائزة مكافأة مالية للفائزين، بالإضافة إلى ترجمة الأعمال المرشحة للفوز إلى اللغة الإنجليزية، مما يتيح الوصول إلى جمهور عالمي أوسع.

وقد فاز بها في الدورات السابقة كتاب من عده دول مثل المغرب والعراق وسوريا ومصر وفلسطين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات القصة القصیرة جائزة الملتقى

إقرأ أيضاً:

القصة القصيرة وأنا

يا له من سؤال مغوٍ! ماذا تعني لك القصة القصيرة؟ أحب هذا السؤال، أنتظره، وأحبني وأنا أفرح به، وأبحث دائمًا عن قصّاصين عرب وغير عرب تحدثوا عن علاقتهم مع القصة القصيرة. صحوت على أب يتأخر في النهوض من السرير، لم يكن أبي نائمًا، كان مستلقيًا ومحاطًا بالكتب المبعثرة ما بين حضنه وأطراف السرير، للجاحظ، والمنفلوطي، ومحمد وأحمد مندور، ويوسف إدريس، ومقامات الهمذاني. كل هذا المشهد أتذكره بوضوح سعيد، وأتذكر تذمر أمي من تأخر أبي في الاستلقاء، فلديها مهمة ترتيب الكتب والسرير وكنس الغرفة وغيرها، لكن الكتاب الذي كنت ألاحظ أنه يحظى بحضنه هو كتاب البخلاء للجاحظ. كان أبي يقرأ بصوت عالٍ لي قصص الكتاب، وكان يضحك كلما قرأ فقرة، ولم أكن أشعر بتفاعل مع ضحكاته، لأنني لم أكن أفهم شيئًا، كل ما كان يهمني هو انتباه أبي لي في حمى غرقه في قصص جاحظ العينين. كنت ابن عشرة أعوام، فارغًا تمامًا من كل شيء سوى حضن أبي المليء بالكتب، وغضب أمي.

بدأت قصتي مع الكتابة من شرارة غيرتي من الكتب التي تنافس حبي للوالد، كنت أحاول دومًا الاندساس بين سطرين يقرؤهما أبي من كتاب، وكنت أفوز مرات وأخسر مرات أخرى. كان الجاحظ الساخر حين ينتصر يرمقني بسخرية وكأنه يقول: "هو دوري الآن، اذهب بعيدًا يا ولد"، وحين كنت أفوز أنا، كنت أركل الجاحظ بقدمي، صائحًا به: "اذهب بعيدًا يا دميم الوجه". وكانت خسارتي حضن أبي ترتبط فورًا بتأييدي لغضب أمي من أبي: "نعم يا أبي، هيا انهض، فأمي تريد أن ترتب سريرك الفوضوي وكتبك البليدة"، وحين كنت أفوز كنت أصيح بأمي: "وماذا يعني لو تأخر أبي قليلًا في النهوض؟ اذهبي يا أمي إلى غرف أخرى، وأجّلي ترتيب هذه الغرفة، فأبي مشغول بالقراءة، وبي". وحين كانت أمي تلاحظ أني سعيد، كانت تستجيب لطلبي وتذهب إلى غرفة أخرى.

وهكذا بدأت أفكر: ما الذي يحبه أبي في هذه الكتب؟ ما هو السحر فيها؟ وبدأت أمسك كتاب الجاحظ تحديدًا، أشمّه، فأشعر برائحة مختلفة، من رائحة كتاب الجاحظ الذي استعاره أبي من مكتبة مدرسته قبل 40 عامًا ولم يعده. ومن فضولي لمعرفة ما كان يشد انتباه أبي، دخلت عالم القراءة، وحين بدأ أبي يشعر بتجاوبي مع قصص الجاحظ، بعد سنوات قادمة، صار يختار لي كلمة من جريدة ويطلب مني وضعها في جملة مفيدة. أتذكر كلمة يرجئ: "يرجئ رئيس الوزراء زيارته لليمن بسبب حالة الطقس". طار أبي من جملة طفله المفيدة، طفله الذي لم يتجاوز الثلاثة عشر عامًا، ومع طيران أبي فهمت معنى الاندهاش، ومعنى أن يطير الإنسان بسبب سحر في جملة.

ومضت بي الأيام، كان صوت أبي وهو يقرأ لي قصص البخلاء ما زال يرن في داخلي، صوته، وضحكاته، واندهاشاته. ذهبت مباشرة إلى القصة القصيرة وكأنها كانت بانتظاري. تخلل هذا الذهاب بضع قصائد تافهات، سرعان ما هربتها بخجل إلى سطح البيت، غطيتها بأكياس طحين، لم أدرِ ما حدث لها، أظن أنها تبخرت أو احترقت تحت أشعة تموز الفلسطينية. فيما بعد، كتبت قصصًا كثيرة، كان أبي أول الناقدين: "اخرج من زياد، تخلَّ عن الرنين، وأشح عن الزخرف، كن أنت، وكن الحقيقة والبسطاء، وإياك أن تصرخ كثيرًا".

عام 98 كان هناك موقع إلكتروني اسمه دروب، كنت أنام فيه، بالمعنى الحقيقي لا المجازي. أمي قالت لي يومها: "أدروب أمك أم أنا؟". تعرفت فيه على عديد من ساردي العالم العربي، كانت مشكلتنا الكبرى نحن أدباء فلسطين الشبان، عطشنا إلى الاحتكاك بالأدباء العرب. جاءت الشبكة العنكبوتية لتحقق لنا ذلك. كان أنيس الرافعي المغربي الاسم الأبرز بين ساردي دروب، كان لطيفًا جدًا ومثقفًا إلى أبعد الحدود، وأهم من ذلك، كان متحمسًا لفن القصة. كنت أقرأ قصصه وأقول لأبي: "أريد أن أصبح مثل أنيس". صار أنيس صديقي، وصارت قصته القصيرة بشكلها المجنون، الحر، الصادم نموذجي. كنت أناديه بالمعلم، وأتخيل مشهد مناداة ماركيز الصغير لهيمنغواي العظيم على رصيفيّ شارع في باريس: "مرحبًا أيها المعلم".

هذه دعوة إلى مزيد من الاهتمام بهذا النوع الأدبي المظلوم، القطة التي تتحول إلى نمرة أحيانًا، كما وصفها أنيس، تستحق فقط أن ندعها في حالها، وألا نسخر منها، ونتذمر من قصر نفسها، وانحيازها إلى الهامش في المدينة والقلب، بحاجة فقط إلى ألا نعرقل روحها حين تنهض وتنمو وتحكي وتصمت وتطير. يحتاج العالم إلى القصة القصيرة، والقصة الومضة، تمامًا كما يحتاج الرواية. العالم، بكل صخبه وجنونه وموته، يحتاج إلى الكثافة، والكثافة ابنة القصة، وهي أبهى رد على ثرثرة الحروب، وصوت الطغاة، وشخير الجنرالات. وغير صحيح أبدًا أن الرواية هي سيدة العالم وأميرة النص المهيمن على العقول والقلوب، وأنها القادرة على تصوير الوجع الشخصي ومشكلات الإنسان الوجودية، ومقاربة المفارقات، والسخرية من العالم. لدى القصة القصيرة طريقة طازجة دومًا لعمل ذلك كله.

القصة حب صغير خائف ينمو في منعطف معتم من منعطفات المدينة، منعطف لا تمر منه عربات فارهة، ولا مطاعم قربه أو مقاهٍ. القصة سعلة أمٍّ مريضة، وشهقة مراهقة مترددة، برق في ليلة مستبدة، صورة يلتقطها مصور مصاب بانفصام قلب. ترفض القصة الأعباء، وتمقت الرسائل، وتركل الهمَّ الوطني ركلًا، ليس لأنها ضد الوطن، أبدًا، بل لأنها ضد استخدام الوطن استخدامًا وظيفيًا، مباشرًا وشعاريًا.

القصة صديقة حميمة للهامس، والملمح له، والمشار إليه إشارة. هي أخت الصمت وابنة عم الفراغ. لا تستوعب التاريخ ولا تحبه، والتاريخ أيضًا غير معجب بالقصة. الرواية تتحمل ذلك، بين التاريخ والرواية حالة تفاهم وحب، ومن المحتمل أنهما مارسا الحب يومًا ما. وطأة التاريخ أثقل مما تتحمله القصة. القصة بنت صغيرة في الثانوية العامة، ذكية بعيون براقة، لكنها حزينة دومًا، ويداها هشتان، تلك الهشاشة الذكية والناعمة. تحب بهمس، وتنتظر حبيبها الغامض بشفافية وهدوء. لا يهمها تاريخ المكان الذي تنتظر حبيبها فيه، ولا يدخل في صلاحيات قلبها أن تحاول تحليل تاريخ الحب ورموزه العالميين، هي تنتظر بصمت فحسب.

لا دروس يمكن أن يجرؤ أحد على إعطائها للقصة، على الرغم من شفافيتها، وخجلها، وصغر قامتها. تعطي القصة العالم أهم درس في العالم، وهو الكثافة. لو فهم هذا العالم الدرس، لمحت الحروب، وهدأت الصراعات.

كيف نتجاهل قطة تفعل ذلك كله، وشكلها ذلك كله، وروحها ذلك كله؟ احذروا غضب القطة، احذروا غضب القطة.

مقالات مشابهة

  • الكتاب والأدباء تقيم ندوة للقصة القصيرة جدا في عمان: المفهوم وجمالية التشكيل
  • أكاديمية طويق تفوز بجائزة “الازدهار الرقمي”
  • الاعلان عن القائمة القصيرة لجائزة “البوكر” العربية
  • القصة القصيرة وأنا
  • ننشر التفاصيل الكاملة للقائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية 2025
  • “صلاة القلق” للكاتب أحمد سمير ندا تصل إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية
  • بالصور.. انطلاق حفل الإعلان عن القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر»
  • نجمة إدريس تحصد جائزة "الملتقى للقصة القصيرة"
  • غداً.. حفل إعلان القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية بمكتبة الإسكندرية