ماذا وراء زيارة حفتر المفاجئة إلى بيلاروسيا.. وما سر توقيتها؟
تاريخ النشر: 19th, February 2025 GMT
أثارت الزيارة المفاجئة التي قام بها قائد القيادة العامة في ليبيا، خليفة حفتر إلى دولة بيلاروسيا في هذا التوقيت، عدة أسئلة عن أهداف الخطوة وعلاقتها بروسيا والحراك الأمريكي في المنطقة.
ووصل "حفتر" إلى العاصمة البيلاروسية مينسك في أول زيارة لها، برفقة نجليه العسكريين صدام وخالد، والتقى خلالها الرئيس البيلاروسي المقرب من الكرملين ألسكندر لوكاشينكو ووزير الدفاع البيلاروسي، إلى جانب رئيس لجنة أمن الدولة.
من جهته، أبدى حفتر سعادته بزيارة بيلاروسيا لأول مرة وأنه يرغب بشدة في تطوير التعاون المتبادل، وتحقيق المنفعة المشتركة للبلدين، مؤكدا أن "بلاده تسعى إلى إقامة تعاون استراتيجي مع بيلاروسيا لما حققته الأخيرة من تطور في عدة قطاعات ومنها إنتاج الآلات الصناعية والزراعية"، وفق قوله.
في حين، أكد لوكاشينكو استعداد بيلاروسيا لتطوير التعاون مع ليبيا، مضيفا لحفتر: "اعتبرنا أصدقاءك، ولقد قرأت وسمعت الكثير عنك، لكن للأسف لم أقابلك من قبل، وأريدك أن تعلم أننا على اطلاع جيد بالوضع في ليبيا، وأننا مستعدون لمساعدتك بكل طريقة ممكنة"، كما صرح.
لقاء روس وسوريين
وتداولت أنباء تناقلتها منصة ليبية نقلا عمن أسمتهم مصادر مطلعة بأن "السبب الرئيسي وغير المعلن في زيارة المشير حفتر إلى بيلاروسيا، هو عقد اجتماعات مغلقة مع مسؤولين من روسيا بعضهم قيادات عسكرية، وأن حفتر لم يذهب إلى موسكو مباشرة حتى لا يستفز الإدارة الأمريكية الجديدة التي طالبته مرارا بعدم السماح لروسيا بتوسع نفوذها في شرق ليبيا، والامتناع فورا عن تهيئة الوضع هناك لإقامة أي قواعد عسكرية، وفق منصة "Libyan Today24" المحلية الناطقة بالإنجليزية.
وشمل الوفد الليبي الزائر لبيلاروسيا كل من: صدام وخالد خليفة حفتر وصهره باسم البوعيشي وابن عمومته أيوب الفرجاني، ولأول مرة نجل حفتر الصغير ويدعى "جمال عبد الناصر حفتر، ما يؤكد أن الزيارة عائلية بامتياز.
فما دوافع حفتر لزيارة بيلاروسيا، الحليف الأكبر لموسكو، في هذا التوقيت؟ وهل يلتقي مسؤولون روس؟
تقارب مع موسكو وتسويق لعائلته
وأكد عضو مجلس النواب الليبي، ناصر الغرياني أن "الزيارة إلى بيلاروسيا هي ضمنيا زيارة إلى روسيا كون الأولى حليفة وتابعة لموسكو ورئيسها مقرب من بوتين نفسه، وهي تصب في إطار الصراعات المتواجدة في المنطقة والتغيرات التي طرأت في المنطقة وآخرها التغيرات في سوريا".
وأشار في تصريحات لـ"عربي21" إلى أن "أهداف وتوابع هذه الخطوة قد يخص القواعد العسكرية الروسية في ليبيا وما تداولته بعض الأنباء عن وصول معدات وأسلحة روسية، وكذلك الحرب في السودان ودعم حفتر لقوات حميدتي عبر النفط والسلاح، فالزيارة غير منفصلة عن روسيا بل أعتقد أن بوتين هو من رتبها"، وفق قوله.
وبخصوص اصطحاب عائلته خاصة العسكريين منهم، قال البرلماني الليبي: "اصطحاب العائلة هو تسويق لمشروعاتها في ليبيا سواء السياسية أو العسكرية أو الاقتصادية، وللتغطية على بعض الأمور التي يقوموا بها من تهريب للنفط والسلاح، وهي خطوة لتوريث الأبناء وتقديم بعضهم كبديل لحفتر حال رحيله أو غيابه عن المشهد".
وتابع: "كذلك الزيارة غير منفصلة عن ضغط الأفريكوم على حفتر خلال زيارة وفد له مؤخرا ومطالبته بإخراج القوات والمعدات الروسية وضرورة التخلص من المرتزقة وأجهزة التنصت وغيرها التابعة لروسيا، وربما زيارته ستطرح هذه المطالبات"، بحسب تقديراته.
استهداف سيف القذافي
وأوضح رئيس لجنة الأمن القومي بالمجلس الأعلى للدولة في ليبيا، عبدالفتاح الحلبوص أن "بيلاروسيا هي ممر لدولة روسيا وتسهيل للقاء مع مسؤولين روس، ويبدو أن الهدف هو التواصل مع الكرملين ومنع موسكو من دعم سيف القذافي في الانتخابات الرئاسية المرتقبة، بل واحتمالية لقاء رئيس سوريا السابق، بشار الأسد في وضع مغلق".
وأكد في حديثه لـ"عربي21" أن "اصطحاب حفتر للعائلة معه نظرا لصفاتهم العسكرية من جانب، ولمحاولة تسويقهم خارجيا وأنهم ربما يكونوا بدلاء لحفتر مستقبلا حال رحل هو أو لم يفز في الانتخابات، لكن هدف الزيارة الأوضح هو روسيا وتأمين وجود أولاده في المشهد مستقبلا".
وتابع: "لكن الخطوة ستعمل على استفزاز الإدارة الأمريكية لرفضها مثل هذا التقارب، وصدرت تصريحات أمريكية بالفعل تحذره من زيادة التوصل مع موسكو".
مدير المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية، شريف عبد الله أكد أن "الزيارة كانت مفاجئة للجميع كعادة حفتر في زياراته الخارجية، والغريب أن هذه المرة دولة بيلاروسيا وهي الحليف الاستراتيجي لبوتين والهدف ربما لقاء بعض الشخصيات التي يصعب اللقاء بها في روسيا لعدم قدرته السفر إلى موسكو حتى لا يظهر بدور المتحدي لواشنطن وقوات الأفريكوم".
وأكد أن "ظهور العائلة في الوفد الرسمي يؤكد أن المؤسسة العسكرية في شرق البلاد هي مؤسسة "عائلية" خاصة اصطحاب الأولاد والصهر، وتشير إلى عدم ثقة المشير في القيادات العسكرية الخارج دائرة عائلته، وقد يكون خطوة للتسويق لأبنائه خاصة العسكريين "صدام وخالد" وتقديمهم بمناصبهم العسكرية هو تطبيق لاستراتيجية الأمر الواقع كونهم لا علاقة لهم بالمؤسسة العسكرية"، وفق قوله لـ"عربي21".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية الزيارة ليبيا حفتر بيلاروسيا ليبيا زيارة بيلاروسيا حفتر المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی لیبیا
إقرأ أيضاً:
التحديات التي تواجه الشراكة بين روسيا وإيران في مجال الطاقة
الاقتصاد نيوز - متابعة
من بين التحديات العديدة التي تواجهها إيران مع انهيار تحالفاتها الإقليمية، أنها تعاني أيضاً من أزمة طاقة حادة على الرغم من امتلاكها ثاني أكبر احتياطيات من الغاز في العالم.
أدت هذه الأزمة إلى اضطرابات واسعة النطاق في المنازل والقطاعات الصناعية ومحطات الطاقة. في خريف العام الماضي، بلغ العجز اليومي في الغاز 90 مليون متر مكعب. ومن المتوقع أن يتسع الفارق بين الإنتاج والاستهلاك إلى 300 مليون متر مكعب هذا الشتاء.
تباطأ نمو إنتاج الغاز إلى حوالي 2% سنويًا خلال السنوات الثلاث الماضية، مقارنةً بـ 5% سنويًا في العقد السابق . في الوقت نفسه، ارتفع الاستهلاك بشكل حاد. ويتفاقم النقص بسبب تقادم البنية التحتية، لا سيما في حقل غاز جنوب فارس ، الذي يُمثل 75% من إنتاج الغاز الإيراني، بالإضافة إلى العقوبات التي تُقيد الوصول إلى التكنولوجيا والخبرات المتقدمة. ويقدر الخبراء أن إنعاش قطاع النفط والغاز الإيراني سيتطلب استثمارًا لا يقل عن 250 مليار دولار.
من بين عواقب الأزمة انقطاعات متكررة للكهرباء، وتشغيل مصافي البتروكيماويات بنسبة 70% فقط من طاقتها، وانخفاض إنتاج الصلب بنسبة 45% . كما أن هناك آثارًا سلبية كبيرة على صحة الإيرانيين، إذ يؤدي اعتماد إيران المتزايد على وقود المازوت الرخيص والقذر إلى تلوث هواء شديد.
واستجابة جزئية لهذا النقص، وقعت شركة النفط الوطنية الإيرانية وشركة غازبروم، وهي شركة طاقة تسيطر عليها روسيا، مذكرة تفاهم بقيمة 40 مليار دولار في يوليو/تموز 2022 بهدف تسهيل تطوير حقول النفط والغاز البحرية.
وقعت روسيا وإيران اتفاقية جديدة لاستيراد الغاز الروسي عبر أذربيجان خلال الزيارة الأخيرة للرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى موسكو.
صرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مؤتمر صحفي عقب محادثاته مع بزشكيان بأن العمل جارٍ على إنشاء خط أنابيب غاز من روسيا إلى إيران . وأضاف: “يُعد ممر الشمال-الجنوب وخط أنابيب الغاز إلى إيران مشروعين قيد التنفيذ، يتمتعان بأهمية بالغة وجاذبية كبيرة”. وتابع : “فيما يتعلق بمستويات التوريد المحتملة، نعتقد أنه ينبغي البدء بكميات متواضعة، تصل إلى ملياري متر مكعب، ثم زيادة كمية الغاز المُسلّم إلى إيران إلى 55 مليار متر مكعب سنويًا” .
بعد انخفاض واردات الغاز من الاتحاد الأوروبي نتيجةً للصراع الدائر في أوكرانيا، تسعى روسيا إلى تنويع أسواقها للطاقة. ومن شأن شحنات الغاز إلى إيران أن تُعزز العلاقات الثنائية ذات البعد العسكري والأمني الكبير والمتنامي . إلا أن هناك العديد من العقبات التي يجب التغلب عليها.
شهد إنتاج الغاز الطبيعي في إيران اتجاهات متقلبة في السنوات الأخيرة. ارتفع الإنتاج من 262.3 مليار متر مكعب في ديسمبر 2022 إلى 275 مليار متر مكعب في ديسمبر 2023. ومع ذلك، شهدت الدولة انخفاضًا طفيفًا في الإنتاج على مدى السنوات الخمس السابقة، بمعدل نمو سنوي مركب ( CAGR) بلغ -0.03 في المائة. إن التوقعات للمستقبل أكثر تفاؤلاً، حيث تشير التوقعات إلى معدل نمو سنوي مركب بنسبة 3 في المائة من عام 2024 إلى عام 2028. ويؤكد هذا التفاوت بين الأداء التاريخي والتوقعات المستقبلية على التحديات التي تواجه قطاع الغاز الطبيعي في إيران، بما في ذلك الاستثمار غير الكافي والقيود التكنولوجية وتأثير العقوبات الدولية. ومع ذلك، يشير النمو المتوقع إلى إمكانية التحسن إذا عالجت إيران هذه العقبات واستفادت من احتياطياتها الضخمة إلى جانب الاستثمارات المخطط لها في أنشطة الاستكشاف والإنتاج.
لمعالجة النقص الحالي، اقترح المسؤولون الحكوميون إعادة توجيه صادرات الغاز إلى محطات الطاقة المحلية وتشجيع تحديث المركبات ووسائل النقل العام. وأعلن وزير النفط الإيراني آنذاك، جواد أوجي، في يوليو/تموز 2024 أن إيران ستستورد 300 مليون متر مكعب من الغاز الروسي يوميًا عبر خط أنابيب بحر قزوين المُخطط له. ويأمل المسؤولون الإيرانيون في ترسيخ مكانة إيران كمركز إقليمي للغاز من خلال إعادة تصدير الغاز الروسي إلى باكستان وتركيا والعراق.
تعكس مذكرة التفاهم بين إيران وروسيا تنامي توافقهما الجيوسياسي. فهما تسعيان إلى تقويض الهيمنة الغربية في أسواق الطاقة من خلال العمل معًا في منصات مثل مجموعة البريكس ومنظمة شنغهاي للتعاون لإنشاء ممرات طاقة بديلة. وقد يشهد هيكل تجارة الطاقة العالمية مزيدًا من التقلبات من خلال مبادرات استخدام العملات المحلية، مما سيقلل الاعتماد على الدولار الأمريكي.
من خلال إنشاء مسارات جديدة وتعزيز الروابط بين الدول ذات موارد الطاقة الوفيرة، يُمكن لاتفاقية الغاز بين روسيا وإيران أن تُغير ديناميكيات تجارة الطاقة. ومع ذلك، فإن طموحات إيران في أن تصبح مركزًا إقليميًا للغاز تُثير الشكوك بسبب اعتمادها على الغاز المستورد لتلبية الطلب المحلي. ويزداد عدم اليقين بسبب تزايد التوترات الجيوسياسية، وضعف البنية التحتية، والعقوبات الإضافية المحتملة إذا فرضت إدارة ترامب الجديدة سياسة “الضغط الأقصى” الثانية على إيران.
هناك مخاوف جدية أخرى بشأن الجدوى الاقتصادية للصفقة. فنظرًا لانخفاض إيراداتها من العملة الصعبة بسبب العقوبات، فإن قدرة إيران على سداد ثمن وارداتها الكبيرة من الغاز موضع شك. كما أن إعادة بيع فائض الغاز إلى الدول المجاورة مثل العراق وتركيا وباكستان تواجه تحديات عملية وجيوسياسية. وتُعدّ الديناميكيات الإقليمية المعقدة وإنشاء بنية تحتية جديدة لدعم هذه الصادرات الثانوية أمرًا أساسيًا لنجاح هذه الاستراتيجية. علاوة على ذلك، يتجلى حجم مشاكل الطاقة المحلية في إيران بوضوح في الحجم المتوقع لواردات الغاز الروسي، والتي ستمثل ما يقرب من ثلث الإنتاج اليومي لإيران.
علاوة على ذلك، لا يزال الإطار القانوني والتنظيمي لمثل هذه الصفقة الضخمة لتجارة الغاز غير واضح. كان من أبرز بنود اتفاق يوليو/تموز بناء خط أنابيب جديد تحت بحر قزوين، والذي من المفترض أن تتحمل روسيا تكلفته. إلا أن هناك قيودًا تقنية وسياسية على مد خطوط الأنابيب تحت بحر قزوين، وهي منطقة ذات جوانب جيولوجية وبيئية معقدة.
قررت روسيا وإيران الآن بناء خط أنابيب غاز عبر أذربيجان، ربما كبديل لخط أنابيب تحت البحر يمر عبر تركمانستان أو بحر قزوين. يبدو الطريق البري أكثر عمليةً نظرًا لانخفاض تكلفة إنشائه وصيانته، وعدم الحاجة إلى موافقة جميع دول بحر قزوين. يمكن أن تصبح أذربيجان مركزًا لتبادل الغاز، مما يعزز أهميتها الاستراتيجية في الممر الشمالي الجنوبي .
هناك مسألة حاسمة أخرى، وهي تكلفة إمدادات الغاز إلى إيران. فهناك تساؤلات حول جدوى نقل الغاز من احتياطيات روسيا السيبيرية إلى إيران من حيث التكلفة.
من غير الواضح أيضًا ما إذا كانت الإمدادات الروسية قادرة على حل مشاكل الطاقة المزمنة في إيران. سيكون من الصعب التغلب على نقص الاستثمار في البنية التحتية، وسوء الإدارة المنهجي، والعقوبات الأجنبية، وقد يعيق ذلك نجاح المشروع.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام