في نيوزيلندا.. المخاط يهدّد أنقى بحيرة في العالم
تاريخ النشر: 19th, February 2025 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تقع بحيرة "كونستانس" الساحرة في أعماق متنزّه "نيلسون ليكس" الوطني بالجزيرة الجنوبية في نيوزيلندا.
اكتُشِفت البحيرة لأول مرة من قِبَل قبيلة ماورية تُدعى "Ngāti Apa"، وأُطلق عليها اسم " Rotomairewhenua"، والذي يعني "بحيرة الأراضي المسالمة".
أصبحت البحيرة مكانًا مقدسًا لأفراد القبيلة، حيث قاموا بتطهير عظام الموتى فيها لاعتقادهم أنّ ذلك سيضمن أن الروح ستخوض رحلة آمنة إلى موطن الماوري الأصلي أي "هاوايكي".
في التاريخ الحديث، لاحظ الزوار الذين يمرون بالمتنزه الوطني اللون الاستثنائي للبحيرة وطاقتها الروحية، ولكن لم يكتشف العلماء أنّ مياهها تتمتع "بصفاء بصري استثنائي" إلا منذ حوالي عقد تقريبًا، مع تمتعها بمستوى وضوح يتراوح بين 70 و80 مترًا.
ويعادل ذلك درجة وضوح المياه النقية، ما جعل البحيرة تتمتع بـ "المياه العذبة الأكثر نقاءً بصريًا والتي تم الإبلاغ عنها حتى الآن".
منذ ذلك الحين، تم تداول لقب "أنقى بحيرة في العالم" وصور مناظرها الطبيعية الخلابة على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ما جعل البحيرة وجهة سياحية شهيرة بين ديسمبر/كانون الأول ومارس/آذار.
لكن يخشى خبراء الحفاظ على البيئة وقبيلة "Ngāti Apa" من تهديد هذه الشعبية المتزايدة لنقاء البحيرة.
يُعتبر انتشار الطحلب المجهري "ليندافيا"، المعروف باسم "مخاط البحيرة"، من أكبر المخاوف لديهم، إذ يؤدي لتشكل الوحل الذي يبقى أسفل سطح الماء مباشرة.
وهذه الطحالب موجودة بالفعل في مصب البحيرة، المعروفة أيضًا باسم "البحيرة الزرقاء"، عند بحيرات "روتويتي"، و"روتوروا"، و"تينيسون"، وهي عرضة لأن تنتقل عبر المسار عن طريق أحذية الزوار أو زجاجات المياه الخاصة بهم.
"مخاط البحيرة"يُعتقد أنّ هذا النوع من طحالب "ليندافيا" الغازية شقّت طريقها إلى نيوزيلندا من أمريكا الشمالية عبر معدات الصيد، بحسب ما أفاد به فيل نوفيس، وهو الباحث العلمي المتخصص في الطحالب بمعهد أبحاث "لاندكير" البيئي المملوك للحكومة.
تعود السجلات الأولى لهذا النوع من الطحالب في البلاد إلى أوائل العِقد الأول من القرن الـ21، كما أنّه انتشر على نطاق واسع إلى حد ما منذ ذلك الحين.
وأكّد نوفيس: "البشر هم وسيلة النقل الرئيسية"، مضيفًا أنّ بقعة صغيرة من هذه الطحالب يمكن أن تغير بيئة البحيرة إلى الأبد.
رغم أنّها ليست معروفة بسُمّيتها للبشر، تفرز الطحالب خيوطًا طويلة تتحول إلى مصدر إزعاج عند تركّزها، حيث تضر بخيوط الصيد، أو مرشحات القوارب، أو أنظمة الطاقة الكهرومائية.
عندما يأتي الأمر للبحيرة، يمكن أن تؤثر المادة المخاطية التي تخلفها الطحالب على نقاء البحيرة الاستثنائي.
وأكّدت العالِمة البيئية، جين سكيلتون: "نحن قلقون للغاية".
وأضافت سكيلتون، التي تعمل أيضًا كمديرة بيئية لمؤسسة "Ngāti Apa ki te Rā Tō" غير الربحية لدعم أفراد القبيلة: "إذا دخل هذا الكائن الدقيق الغازي إلى البحيرة، فمن المحتمل أن تكون له عواقب واسعة النطاق، ما قد يؤثر على جودة المياه والصحة العامة للبحيرة".
حماية النقاءزاد عدد زوار البحيرة لأكثر من الضعف منذ نشر البحث المتعلق بنقاء مياهها في عام 2013، وفقًا لقسم الحفاظ على البيئة بنيوزيلندا.
رأت كبيرة حرس التنوع البيولوجي ببحيرات "نيلسون" في قسم الحفاظ على البيئة، ميليسا جريفين، أنّ لقب "أنقى بحيرة في العالم" والضجة التي أحدثتها على وسائل التواصل الاجتماعي، ساهم في شعبيتها.
وشرحت قائلة: "قبل ذلك، كانت (البحيرة) مكانًا جميلًا ومعروفًا، لكن لم يزرها العديد من الأشخاص. وعندما حصلت على اللقب، أدّى ذلك حقًا إلى زيادة عدد المتنزهين المتوجهين إلى البحيرة".
نتيجةً لذلك، عملت إدارة الحفاظ على البيئة ومؤسستا "Ngāti Apa ki te Rā Tō" و"Te Araroa" معًا لوضع تدابير أمنية بيولوجية على طول المسار.
وقام الفريق بتركيب محطات تنظيف بجانب البحيرات التي تتواجد فيها طحالب "ليندافيا"، مع وضع لافتات تعليمية تطلب من المتنزهين تنظيف أحذيتهم ومعداتهم قبل السفر نحو بحيرة"Rotomairewhenua".
كما يوصى الزوار بعدم لمس الماء، سواء عبر السباحة، أو تبليل منشفة لتبريد أنفسهم، أو الغطس مع كاميرات "غو برو" لتوثيق المناظر تحت الماء.
رُغم وجود علامات تُوضح أن الأشخاص يحترمون الإرشادات، إلا أنّ الدراسات الاستقصائية أظهرت أنّه لا يزال هناك فجوة بين فهم المخاطر والتصرف بشكل استباقي لتجنبها.
"فرصة ومسؤولية"المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: البيئة الحفاظ على البیئة
إقرأ أيضاً:
التلوث الضوئي يتفاقم..لماذا تدعو حركة عالمية إلى جعل السماء مظلمة؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- عندما أدّت سلسلة من ضربات البرق إلى انقطاع التيار الكهربائي في مدينة نيويورك الأمريكية بتاريخ 13 يوليو/تموز من عام 1977، غمر الظلام الشوارع، والمنازل، وناطحات السحاب.
للمرة الأولى منذ عقود، أصبح من الممكن رؤية مجرة درب التبانة وهي تتلألأ عبر السماء السوداء بآلاف من النجوم الساطعة.
وقال عالم الأرصاد الجوية الذي عاش في مدينة نيويورك آنذاك جو راو: "لقد رأيت سماءً (مرصعة بالنجوم) من موقعي في برونكس، وذلك أمرٌ ما لم أره من قبل، ولن أراه مرة أخرى".
يُعد الضوء المنبعث من البلدات والمدن بسبب مصادر الضوء الاصطناعية ساطعًا للغاية لدرجة أنّه يحجب النجوم.
واليوم، لا يستطيع ثلث عدد البشر، بما في ذلك 80% من سكان أمريكا الشمالية، رؤية مجرة درب التبانة.
بالنسبة لعدد متزايد من الأشخاص، أصبح الظلام الطبيعي بمثابة أمر مفقود.
فقدان الظلامأصبح التلوث الضوئي يتزايد في جميع أنحاء العالم، وهذا هو المصطلح المستخدم لوصف سطوع ضوء السماء ليلاً بسبب الأضواء الاصطناعية.
في المتوسط، يزداد سطوع ضوء السماء بنسبة 10% سنويًا على مستوى العالم، حيث تعاني العديد من الكائنات الحية من العواقب الناجمة عن ذلك.
في كل عام، يُقتَل ما يصل إلى مليار طائر في الولايات المتحدة بسبب الاصطدام بالمباني، وهذه أزمة عالمية تتفاقم بسبب الأضواء الساطعة التي تجذبها بعيدًا عن مسارات هجرتها ليلاً.
كما يمكن للإضاءة الاصطناعية أن تضلّل الحشرات، وتؤثر على نمو أوراق الأشجار.
وجدت دراسة أُجريت في عام 2017 أنّ تلوث الضوء يشكل تهديدًا يطال 30% من الفقاريات، وأكثر من 60% من اللافقاريات الليلية.
ويمكن لهذا النوع من التلوث أن يضلل السلاحف البحرية المعشّشة، والتي تعتمد على انعكاس الضوء الصادر عن الأجرام السماوية على الماء لتوجيهها إلى المحيط، بسبب الأضواء الاصطناعية حول الشواطئ.
ويؤدي ذلك إلى إصابتها بالجفاف بشكلٍ مميت، أو تعرضها للافتراس.
يؤثر التلوث على البشر أيضًا، حيث أنّ الآثار الصحية للضوء الاصطناعي لا تزال قيد الدراسة، لكن ربطت الأبحاث تلوث الضوء بالسمنة، والاكتئاب، واضطرابات النوم، والسكري، والسرطان.
بصيص من الأملبعكس القضايا البيئية الأخرى، مثل تغير المناخ، وإزالة الغابات، يمكن الحد من مشكلة تلوث الضوء بين عشية وضحاها عبر إطفاء الأضواء بكل بساطة.
في عام 2020، أطفأت بلدة كريستون الصغيرة في ولاية كولورادو بأمريكا أضواء الشوارع عندما لم تستطع دفع كلفة فاتورة الكهرباء.
وكانت الشوارع مظلمة ليلاً، لكن سطعت السماء بضوء النجوم.
وسرعان ما أصبحت كريستون واحدة من بين عددٍ متزايد من البلدات حول العالم التي اعتُرِف بها رسميًا كجزء من "مجتمع السماء المظلمة" من قِبَل منظمة "DarkSky International" التي تكافح التلوث الضوئي.
قال الرئيس التنفيذي لمنظمة " DarkSky International" رسكين هارتلي. أنه ليس من الضروري أن تكون الجهود المبذولة لمعالجة التلوث الضوئي ضخمة لكي تُحدث فرقًا كبيرًا، موضحًا: "الحلول بسيطة، ولا تنطوي على التخلي عن أي شيء باستثناء الإضاءة رديئة الجودة".