افتتاحية: الكنز المخبأ في خلاياك
تاريخ النشر: 19th, February 2025 GMT
يستخدم الإنسان مئات الأدوات والتقنيات لسبر أغوار الكون، من استكشاف الفضاء الشاسع إلى البحث في أعماق ذاته. إلا أنه لم يدرك حتى سنوات قليلة مضت أن جيناته، تلك التراكيب المجهرية المكونة من سلاسل بروتينية داخل خلاياه، تحمل في طياتها تاريخ البشرية الممتد عبر العصور. هذه الجينات، التي يتراوح حجمها بين مئات إلى ملايين الأزواج القاعدية، تشكل شيفرة رقمية تحفظ أسرار تطورنا، وتحكي قصة أسلافنا منذ آلاف السنين.
وتشير الأبحاث الجينومية الحديثة إلى أن الحمض النووي لا يقتصر دوره على تحديد الصفات الجسدية، بل يمثل أرشيفًا حيًا للتاريخ التطوري للإنسان. إذ يحمل كل فرد داخله بصمات جينية تعكس الطفرات الوراثية التي مرّ بها أجداده.
فتح تطور علم الجينات آفاقًا جديدة لفهم طبيعة الإنسان، ليس فقط من حيث كيفية عمل الجسد، ولكن أيضًا في القدرة على التنبؤ بالمشكلات الصحية قبل حدوثها. مع التقدم في تقنيات تحليل الجينوم، أصبح بإمكان العلماء توقع احتمالية الإصابة بالأمراض المزمنة والمستعصية، مما يمنح الطب الحديث فرصة للتدخل المبكر والعلاج الموجه، وهذا ما يناقشه العدد الحادي والعشرون من ملحق جريدة عمان العلمي، والذي يسلط الضوء على دور الجينوم البشري في علاج الأمراض المستعصية، وإمكانية تعديل الجينات لدى الأجنّة، والتحديات الأخلاقية التي قد تنجم عن هذه التدخلات الجينية.
ويستعرض هذا العدد أيضًا كيف تلعب التكنولوجيا دورًا متزايدًا في تعزيز الطمأنينة النفسية عبر أدوات وتقنيات جديدة في الطب النفسي والعلاج السلوكي. كما يتجه بنا نحو المستقبل لاستكشاف دور الأقمار الصناعية في إحداث ثورة في عالم الاتصالات، حيث يناقش كيف يمكن لهذه الأقمار، التي تدور على ارتفاع يصل إلى 550 ألف كيلومتر، أن توفر بيانات شاملة، وتدعم شبكات إنترنت قادرة على تجاوز التحديات الجغرافية، لتغطي العالم بأسره. قراءة ماتعة.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
مصر تطلق أول مركز عالمي لعلاج الأورام بالشراكة مع "جوستاف روسيه".. والعلاج المجاني: حق أصيل للمريض
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في واحدة من أهم الخطوات لتطوير منظومة علاج الأورام في مصر، شهدت وزارة الصحة والسكان توقيع اتفاقية تعاون استراتيجي مع معهد جوستاف روسيه الفرنسي، لتحويل مستشفى دار السلام "هرمل" إلى مركز دولي لعلاج الأورام تحت مسمى "جوستاف روسيه الدولي – مصر".
ويمثل هذا المشروع طفرة في الرعاية الصحية، لا لأنه يرفع مستوى العلاج فحسب، بل لأنه يدمج بين الإدارة الدولية المحترفة، وتقديم الخدمة مجانيًا للفئات غير القادرة، ما يجعله نموذجًا فريدًا يجمع بين الجودة والعدالة.
وقع الاتفاقية من جانب وزارة الصحة الدكتورة مها إبراهيم، رئيس أمانة المراكز الطبية المتخصصة، ومن جانب الشريك الفرنسي الدكتور طارق محرم، الشريك الحصري لمعهد جوستاف روسيه في مصر، وذلك بحضور الدكتور خالد عبدالغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، بمقر الوزارة في العاصمة الإدارية الجديدة.
أكد الوزير أن المشروع يعكس توجه الدولة المصرية نحو تقديم خدمة صحية بمعايير عالمية، مشددًا على أن العلاج سيُقدم بالمجان للنسبة الأكبر من المرضى، مع التزام المعهد الفرنسي بالمساهمة في تطوير البنية التحتية، وتأهيل الكوادر الطبية، وتوفير أحدث التقنيات.
أهداف المشروعتحويل مستشفى "هرمل" إلى مركز عالمي شامل لعلاج جميع أنواع الأورام.تقديم خدمات علاجية وتشخيصية عالية المستوى.تخصيص غالبية الطاقة الاستيعابية للعلاج المجاني.تدريب الكوادر المصرية وفقًا لأعلى المعايير الدولية.دعم السياحة العلاجية واستقطاب الحالات من الخارج.تعزيز الشراكة بين القطاع العام والخاص لخدمة المواطن.الخدمات العلاجية المقدمةسيقدم المركز حزمة شاملة من الخدمات الطبية المتخصصة، تشمل:
التشخيص الدقيق لكافة أنواع الأورام.العلاج الكيميائي والإشعاعي.الجراحات المعقدة والمتخصصة في الأورام.زراعة النخاع العظمي.الرعاية التلطيفية والدعم النفسي.برامج الكشف المبكر للأورام.خدمات المتابعة طويلة الأجل.وتُقدم هذه الخدمات بمستوى يضاهي أفضل مراكز الأورام في أوروبا، مع إشراف مباشر من معهد جوستاف روسيه.
العلاج المجاني: جوهر المشروع وضمان للعدالة الصحيةأكدت وزارة الصحة والسكان أن المشروع يقوم على مبدأ تكافؤ الفرص في العلاج، حيث ستُقدم الخدمات العلاجية مجانًا لما لا يقل عن 60 إلى 70% من المرضى، خاصة من محدودي الدخل والفئات غير القادرة.
يشمل العلاج المجاني جميع المراحل:
الكشف والتشخيص.التحاليل والفحوصات.الجراحات والعلاج الكيميائي والإشعاعي.زراعة النخاع والرعاية النفسية.المتابعة المستمرة.وستُدار منظومة العلاج المجاني من خلال تنسيق مشترك بين الوزارة، ونظام العلاج على نفقة الدولة، والتأمين الصحي الشامل، لضمان الوصول العادل للخدمة دون تفرقة، وبنفس الجودة المقدمة للمرضى المدفوعين.
بناء القدرات ونقل الخبرةإلى جانب تقديم الخدمة العلاجية، يشمل المشروع برامج متكاملة لتدريب الأطباء والتمريض والفنيين على أحدث بروتوكولات العلاج، بما يضمن استدامة التميز، ويخلق كوادر محلية قادرة على المنافسة الدولية.
تصريحات المسؤولينقال الدكتور خالد عبدالغفار إن المشروع يأتي ضمن استراتيجية الدولة لتمكين المواطنين من الحصول على رعاية صحية متكاملة، مشيرًا إلى أن الشراكة مع جوستاف روسيه دليل على ثقة المؤسسات الدولية في منظومة الصحة المصرية.
وأكد الدكتور حسام عبدالغفار، المتحدث الرسمي للوزارة، أن المركز سيكون الأول من نوعه في إفريقيا والشرق الأوسط، ويوفر خدمة عالمية بالمجان لغالبية الحالات.
كما أعرب الدكتور أحمد سامح فريد، وزير الصحة الأسبق، عن تقديره لهذا التعاون، مشيدًا برؤية القيادة السياسية في تعزيز الاستثمار الصحي المتوازن بين الجودة والإنسانية.
وفى النهاية ، يمثل مركز "جوستاف روسيه الدولي – مصر" نموذجًا رائدًا في تقديم خدمة صحية متقدمة، تستند إلى شراكة عالمية، لكنها تضع المريض المصري غير القادر في قلب أولوياتها.
إنه مشروع لا يهدف للربح، بل يُجسد كيف يمكن للطب أن يحقق أعلى درجات التقدم، دون أن يتخلى عن دوره الإنساني.