حيوانات آلية في الصين تساعد الشباب على التخلص من وحدتهم
تاريخ النشر: 19th, February 2025 GMT
في أحد مراكز التسوق في بكين، تتحدث تشانج ياشون بصوت منخفض إلى ما تعتبره أكثر أصدقائها وفاءً... هو روبوت على شكل دمية محشوة يُشعرها صوته الناعم والمريح بالطمأنينة وعدم الوحدة.
خلال المرحلة التعليمية في مدرستها، عانت الشابة البالغة 19 عاما من مشاكل مرتبطة بالقلق وكانت تواجه صعوبات لتكوين صداقات.
ووجدت في نهاية المطاف حلّا في «بو بو»، وهو حيوان أليف آلي يستند إلى الذكاء الاصطناعي للتفاعل مع البشر.
وتقول لوكالة فرانس برس في شقة تتقاسمها مع والديها وبطة أليفة «أصبحت أشعر وكأنّ هناك مَن أشاركه لحظاتي السعيدة».
ويتزايد في الصين استخدام الأدوات القائمة على الذكاء الاصطناعي الذي أصبح تكنولوجيا مكتملة، بهدف مكافحة العزلة الاجتماعية.
يُباع «بوبو»، وهو روبوت ذو شعر كثيف على شكل خنزير هند ابتكرته شركة «هانجتشو جينمور تكنولوجي»، لقاء 1400 يوان (194 دولارا).
ويشير مدير المنتجات في الشركة آدم دوان إلى أنّ هذا الروبوت الذي ابتُكر لتلبية الاحتياجات الاجتماعية للأطفال ويتمتع بحجم مماثل لكرة رجبي، بيع منه ألف نسخة منذ مايو.
أطلقت تشانج ياشون على الروبوت الخاص بها تسمية «ألوو». تضعه في حقيبة تعلّقها على كتفها، أما هو فيُصدر صوتا ويومئ برأسه.
في ذلك اليوم، اشترت له من متجر للحيوانات الأليفة، سترة شتوية صغيرة مخصصة للكلاب.
وتؤكد أن هذا الروبوت يؤدي دور صديق بشري. وتقول «يجعلك تشعر أنّك شخص لا غنى عنه».
قد تزيد قيمة سوق «الروبوتات الاجتماعية» مثل «بوبو»، سبع مرات بحلول عام 2033، لتصل إلى ما يعادل 43 مليار دولار، بحسب شركة «آي ام ايه آر سي» الاستشارية.
وتهيمن آسيا أصلا على هذا القطاع.
ويقول جوو تشن (33 عاما) إن الروبوت الآلي يساعده في تعويض الوقت الذي لا يقضيه مع أولاده.
ويضيف الشاب الثلاثيني وهو يعاين كلبا آليا في متجر تبع لشركة «ويلان» في نانجينج (شرق): «حاليا، يمضي الناس وقتا أقل مع أولادهم».
ويؤكد أن الروبوت يساعد في «القيام بأنشطة كثيرة».
يُباع «بايبي ألفا»، وهو كلب آلي من ابتكار شركة «ويلان»، لقاء 26 ألف يوان (3594 دولارا).
وتشير الشركة إلى أنّ نحو 70% من المشترين هم أسر لها أطفال صغار.
يشكك جيو زيتشن بقدرة هذه الروبوتات على جعل حامليها يشعرون بالقدر نفسه من السعادة التي توفرها الكلاب الفعلية.
ويؤكد أنّ «الفرق الرئيسي هو أن الكلاب الفعلية لها أرواح».
يركز عدد متزايد من المنتجات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي في الصين على الاحتياجات العاطفية للمستهلكين، كروبوتات محادثة أو صور رمزية (أفاتار) افتراضية للأشخاص المتوفين.
ويقول الخبراء إن هناك تغييرات اجتماعية كثيرة تفيد السوق، مثل آثار سياسة الطفل الواحد.
- «ضغوط كثيرة» - الأشخاص الذين ولدوا عندما بدأ تطبيق هذه السياسة خلال ثمانينيات القرن العشرين، باتوا الآن في الأربعينيات من العمر، ولا يكون متاحا لهم أحيانا سوى وقت محدود لأسرهم، بسبب الانشغالات المهنية.
وتقول وو هايان، الأستاذة المتخصصة في الذكاء الاصطناعي وعلم النفس في جامعة ماكاو، إن ذلك يترك «مساحة صغيرة للتفاعلات الشخصية، مما يدفع الناس للبحث عن بدائل لتلبية احتياجاتهم العاطفية».
وتضيف الباحثة أن هذه الصحبة، حتى لو أنها افتراضية، «تحسّن الصحة النفسية للأشخاص الذين كانوا ليشعروا بالوحدة لولاها».
يقول تشانج بينج، والد تشانج ياشون، إنه يتفهم تعلّق ابنته بالروبوت الخاص بها.
ويضيف هذا الرجل البالغ 51 عاما لوكالة فرانس برس: «عندما كنا صغارا، لم يكن هناك نقص في الأصدقاء. كانت لدينا مجموعة منهم».
ويتابع: «اليوم، يبدو أن الشباب الذين يعيشون في المدن يواجهون ضغوطا كثيرة، لذا قد ينقصهم أصدقاء».
تقول تشانج، وهي الولد الوحيد في عائلتها، إنّ الروبوت ساعدها على مشاركة مخاوفها مع والديها.
وتضيف: «يواجه أبناء جيلي صعوبة في التواصل وجها لوجه مع الآخرين. لكن ما يشعرون به في أعماقهم لم يتغير».
وكالة فرانس بريس العالمية
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
نظرة عن سلبيات وإيجابيات الذكاء الاصطناعي
يمثل الذكاء الإصطناعي أحد أكثر التقنيات تحويلاً في العصر الحديث، ويُعرف الذكاء الاصطناعي بأنه نظرية وتطوير أنظمة الكمبيوتر القادرة على أداء المهام التي تتطلب عادةً الذكاء البشري، ويشمل مجموعة واسعة من الأنشطة، بما في ذلك الإدراك البصري، والتعرف على الكلام، واتخاذ القرار، وترجمة اللغة، ومع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي، فإنه يجلب العديد من المزايا، مثل زيادة الكفاءة والدِقَّة، فضلاً عن التحدِّيات، بما في ذلك المخاوف الأخلاقية وتعطيل التوظيف.
أحرز الذكاء الاصطناعي تقدماً كبيراً، حيث وجدت تطبيقات في قطاعات مختلفة، من الترفيه والإعلان الرقمي، إلى الوقاية من الجريمة، والرعاية الصحية، ويؤكد الاستخدام المتزايد للذكاء الاصطناعي في هذه المجالات، على إمكاناته في تحويل الصناعات، وإعادة تشّكيل المجتمع، لكن مع استمرار نمو تأثير الذكاء الاصطناعي، أصبح من الضروري فهم فوائده وتحدِّياته.
لقد أثبت الذكاء الإصطناعي قيمته الهائلة، وخاصة في قدرته على معالجة كميات كبيرة من البيانات، وإجراء حسابات معقَّدة بسرعة ودقّة غير مسبوقة، وقد أدّت هذه القدرة إلى دمج الذكاء الإصطناعي في قطاعات مختلفة، حيث يعزِّز الإنتاجية والكفاءة، فقد تبنَّت الشركات الذكاء الإصطناعي لتحّسين عملياتها، وتبّسيط العمليات، وتعزيز الأرباح، فالذكاء الاصطناعي لا يكمل مهارات الموظفين فحسب، بل يخلق أيضًا طلبًا على العمال ذوي المهارات العالية، وهذا يشير إلى أنه عند استخدامه بشكل استراتيجي، يمكن للذكاء الإصطناعي أن يؤدي إلى النمو الاقتصادي، وخلق فرص العمل.
إن إمكانات الذكاء الاصطناعي تمتد إلى ما هو أبعد من عالم الأعمال، فالحكومات تستفيد من الذكاء الاصطناعي لاتخاذ قرارات تعتمد على البيانات، وتعزِّز الأمن الوطني، والسلامة العامة، حيث تساعد أدوات الذكاء الإصطناعي الجمارك وحماية الحدود في تحديد التهديدات المحتملة بين المسافرين، ممّا يساهم في الأمن الوطني، لكن وعلى الرغم من مزاياه العديدة، فإن الذكاء الإصطناعي يطرح أيضا تحدّيات ومخاوف كبيرة، ومن بين القضايا الأكثر إلحاحاً، التأثير المحتمل على العمالة، فمع انتشار الذكاء الإصطناعي على نحو متزايد، ظهرت مخاوف بشأن تشّريد الوظائف، لأنه في حين قد يخلق الذكاء الاصطناعي وظائف جديدة، فإنه يهدِّد أيضا بأتمتة جزء كبير من الوظائف القائمة، وقد يؤدي هذا التحول إلى تفاوتات اقتصادية، وزيادة البطالة، ممّا يستلزم تدخلات سياسية، وبرامج إعادة تدريب القوى العاملة، وهناك مصدر قلق آخر: يتمثل في الإفراط في الإعتماد على أنظمة الذكاء الإصطناعي، والتي على الرغم من قدراتها، ليست معصومة من الخطأ، حيث هناك حالات وضع الناس ثقة مفرطة في الذكاء الإصطناعي، حتى في المواقف التي كان من المعروف فيها أنه غير موثوق به، وقد يكون لهذه الثقة المفرطة، عواقب وخيمة خاصة في السيناريوهات الحرجة، حيث ينبغي أن يسود الحكم البشري فيها، كذلك يشكِّل الاستخدام الخبيث للذكاء الإصطناعي، تهديداً كبيراً، فهو ناقوس خطر بشأن قدرة الذكاء الاصطناعي على تسهيل شنّ هجمات إلكترونية أكثر فعالية واستهداف، ومع تزايد تعقيد أنظمة الذكاء الإصطناعي، تتزايد أيضا المخاطر المرتبطة بإساءة استخدامها، ويتطلب معالجة هذه المخاوف، إتخاذ تدابير قوية للأمن السيبراني، والتعاون الدولي لمنع الذكاء الإصطناعي من أن يصبح أداة في يد الجهات الخبيثة.
مستقبل الذكاء الإصطناعي واعد، وغير مؤكد في الوقت نفسه، ويشكِّل البحث والتطوير المستمران، أهمية بالغة لإطلاق العنان لإمكانات الذكاء الإصطناعي الكاملة مع التخفيف من مخاطره، وعلى النقيض من المخاوف بشأن فقدان الوظائف على نطاق واسع، فإن الذكاء الإصطناعي لديه القدرة على خلق فرص عمل جديدة، لأن التقدم التكنولوجي، أدّى تاريخيًا إلى خلق فرص العمل في صناعات جديدة، حتى مع تعطيل الصناعات القائمة، ومن خلال التركيز على إعادة تأهيل القوى العاملة، ورفع مهاراتها، يمكن للمجتمع الاستفادة من فوائد الذكاء الإصطناعي مع تقليل آثاره السلبية إلى أدنى حد. الذكاء الاصطناعي أداة قوية قادرة على إعادة تشكيل العالم، ورغم أنه يوفر العديد من المزايا، مثل زيادة الكفاءة وتعزيز قدرات اتخاذ القرار، فإنه يطرح أيضا تحديات يجب معالجتها، ويتطلب تحقيق التوازن بين فوائد الذكاء الإصطناعي وعيوبه، دراسة متأنية، وتنظيماً مدروساً، وتدابير استباقية، لضمان خدمة التكنولوجيا للصالح العام.
ومع استمرار الذكاء الإصطناعي في التقدم، من المهم أن يتعامل المجتمع مع تعقيداته بعناية، وتعظيم إمكاناته لحل القضايا العالمية الملِحَّة، مع الحماية من العواقب غير المقصودة.
@NevenAbbass