أوروبا في مواجهة الواقع.. واشنطن تحولت إلى خصم
تاريخ النشر: 19th, February 2025 GMT
على مدى سنوات، راود القادة الأوروبيين هاجس تقليل الاعتماد على الولايات المتحدة، التي بدت منشغلة بقضايا أخرى. لكن في اجتماع طارئ بباريس، الاثنين، لم يعد الأمر مجرد قلق، بل واقع فرض نفسه، حيث بدأت واشنطن تتصرف كخصم أكثر منها كحليف.
من السابق لأوانه الحديث عن حقبة ما بعد أمريكا في القارة
وكتب مارك لاندلير في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتفاوض مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تسوية سلمية في أوكرانيا، من دون دعوة الأوكرانيين أو الأوروبيين للمشاركة، أجبرت القادة الأوروبيين على مواجهة سلسلة من الخيارات الصعبة والمكلفة.
وحالياً، فإن احتمال قيام بريطانيا وفرنسا وألمانيا ودول أخرى بنشر عشرات الآلاف من القوات في أوكرانيا لحفظ السلام، مطروح على الطاولة، فيما تؤكد الحكومات الأوروبية حاجتها لزيادة كبيرة في موازناتها العسكرية.
????????Munich ’25 was a wake-up call. The US is no longer a reliable partner for Europe.
Hegseth betrayed Ukraine????????, suggesting it should cede land and drop NATO
VP Vance declared that Russia isn’t Europe’s main threat.
????Europe must act. And Georgia is the battlefield where we start pic.twitter.com/NtOVAiLgYQ
وقال الأستاذ الفخري لدراسات الحرب في كلية كينغز كوليدج بلندن لورانس فريدمان: "الجميع متحمسون في الوقت الحاضر، وهذا أمر مفهوم...الأمر الواضح هو أنه مهما حدث، سيتعين على أوروبا أن تكثف جهودها".
وبينما لا يزال الدعم الشعبي لأوكرانيا قوياً في أنحاء أوروبا، فإن إلزام القوات بمهام يحتمل أن تكون خطرة على الأراضي الأوكرانية، قد يتحول سريعاً إلى عبء سياسي.
وتختلف التقديرات في شأن حجم قوة حفظ السلام، ولكن بموجب أي سيناريو، ستكون هذه المهمة مكلفة جداً على الموازنات الأوروبية.
أما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي طرح للمرة الأولى فكرة إنشاء قوة لحفظ السلام العام الماضي، أصبح ضعيفاً سياسياً منذ خسارة حزبه الانتخابات برلمانية المبكرة في الصيف الماضي.
وقد لا تتمكن ألمانيا من تشكيل حكومة ائتلافية جديدة لأسابيع بعد الانتخابات التي ستجري في 23 فبراير (شباط).
والاثنين، رفض مستشارها أولاف شولتس الحديث عن قوات حفظ السلام، ووصفها بأنها "سابقة لأوانها تماماً" و"غير مناسبة إطلاقاً".
I hope Europe realises how we no longer have the ally we once did in the United States. This is the most blatant evidence of a seismic geopolitical realignment we have so far. Attacking Europe, coddling Russia.
For the UK, the focus must now be working towards CANZUK. https://t.co/eXKJvEfd9F
أما رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الذي لن يضطر إلى مواجهة الناخبين لمدة أربع سنوات، فقال إن بريطانيا منفتحة على "إرسال قوات إذا لزم الأمر".
لكن مسؤولين عسكريين سابقين قالوا إنه بعد سنوات من تخفيض الموازنة، فإن الجيش البريطاني ليس مجهزاً لقيادة مهمة واسعة النطاق وطويلة الأمد في أوكرانيا.
وصرح القائد السابق للجيش البريطاني ريتشارد دانات للبي بي سي: "بصراحة، ليست لدينا العدد ولا العدة".
وقدر أنه سيتعين على بريطانيا تقديم نحو 40 ألف جندي لقوة قوامها 100 ألف جندي.
ويرى بعض القادة الأوروبيين، أن من السابق لأوانه الحديث عن حقبة ما بعد أمريكا في القارة.
وحذر شولتس ورئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك، الزعماء من مغبة تقويض التحالف عبر الأطلسي، مهما بلغت التوترات الحالية.
ومن الناحية العملية، فإن إرسال قوة لحفظ السلام سيكون أمراً صعباً من دون دعم لوجستي من الولايات المتحدة.
ويقول المحللون إن الضمانات الأمنية الأمريكية كانت حاسمة لجعل الأمر مقبولاً سياسياً في العواصم الأوروبية.
المظاة الأمنيةوقال فريدمان إنه يعتقد أن كبار المسؤولين في إدارة ترامب مثل وزير الخارجية ماركو روبيو ومستشار الأمن القومي مايكل والتز، قد فهموا تلك الحقائق وليسوا عازمين على سحب المظلة الأمنية الأمريكية من أوروبا.
وفي مؤتمر ميونيخ للأمن نهاية الأسبوع الماضي، تفاقم القلق عندما لم يستطع رئيس المؤتمر كريستوف هيوسجن، حبس دموعه وهو يلقي خطابه الختامي.
ولم تكن معاناته ناجمة عن الأخبار المفاجئة المتعلقة بالمكالمة الهاتفية التي أجراها ترامب مع بوتين، ولا بسبب رفض وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث، ضم أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي، بل كان ذلك رداً على الخطاب اللاذع الذي ألقاه نائب الرئيس الأمريكي جي. دي. فانس في المؤتمر، والذي حض فيه الأوروبيين على التوقف عن نبذ أحزاب اليمين المتطرف، واتهمهم بقمع حرية التعبير.
ويشبه البعض ما يحدث الآن، بالنهج الذي اتبعه ترامب في دبلوماسيته النووية مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، خلال فترة ولايته الأولى.
وفي لقاء كيم بسنغافورة، قدم ترامب تنازلاً قيماً وهو عدم إجراء المزيد من التدريبات العسكرية بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، من دون الحصول على مقابل، وتلاشت المفاوضات، ولم تتخلَ كوريا الشمالية عن ترسانتها النووية إلى الآن.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: آيدكس ونافدكس رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية ترامب بوتين أوكرانيا كير ستارمر روبيو هيغسيث فانس الحرب الأوكرانية ترامب بوتين الاتحاد الأوروبي أوروبا كير ستارمر ماركو روبيو هيغسيث فانس
إقرأ أيضاً:
أوروبا في مواجهة تحديات جديدة: هل تعود إلى السباق النووي لبناء الردع العسكري؟
إن بناء رادع نووي من الصفر ليس بالأمر اليسير، ولكن مع اتساع الهوّة بين الولايات المتحدة وأوروبا، بدأ هذا الموضوع يطفو على السطح من جديد.
في وقت سابق من هذا الشهر، دعا رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك أمام البرلمان البولندي إلى ضرورة سعي بلاده للحصول على أحدث القدرات العسكرية، بما في ذلك الأسلحة النووية والأسلحة الحديثة غير التقليدية. وقال: "هذا سباق جاد – سباق من أجل الأمن، وليس من أجل الحرب".
جاءت تصريحات توسك في وقت حساس، حيث تشير إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى تراجع دور الولايات المتحدة في حماية أوروبا، ما أثار مخاوف من احتمالية انتشار الأسلحة النووية في القارة، وهو ما يتناقض مع عقود من السياسة الأوروبية التي كانت ترتكز على إلغاء التسلح النووي في المنطقة.
ومع استمرار التساؤلات حول التزام الولايات المتحدة بدورها كضامن للأمن النووي في أوروبا، تقوم الصين بتوسيع ترسانتها النووية، بينما تواصل روسيا، التي تمتلك أكبر مخزون من الرؤوس النووية الحربية في العالم، تهديداتها باستخدام أسلحتها النووية لتحذير حلف الناتو والاتحاد الأوروبي من التورط العسكري المباشر في أوكرانيا.
وتثير هذه التحولات أسئلة مهمة حول مستقبل الرادع النووي في أوروبا: كيف يمكن للقارة الحفاظ على قدرة ردع فعالة؟ وهل يمكن أن تنضم دول أوروبية أخرى إلى النادي النووي؟
التحديات التقنية لبناء القدرات النوويةرغم أن بعض الدول الأوروبية تمتلك العناصر الأساسية لتطوير قدرات نووية مستقلة، يعتقد الخبراء أن الفرص ضئيلة لانضمام دول أخرى إلى النادي النووي في الوقت الحالي. وتشير التقديرات إلى أن التحديات التقنية ستشكل عقبة كبيرة أمام أي محاولة لامتلاك أسلحة نووية في القارة.
يقول فابيان رينيه هوفمان، الباحث في مشروع أوسلو النووي، إن الدول الأوروبية التي تسعى لتطوير أسلحة نووية ستواجه تحديات تقنية هائلة. ويوضح هوفمان لـ"يورونيوز" بالقول: "حتى لو كانت إحدى الدول الأوروبية في حلف شمال الأطلسي حريصة على تطوير أسلحتها النووية الخاصة بها، فإنها ستجد نفسها في بداية الطريق".
ويضيف هوفمان أن المشكلة الرئيسية تكمن في نقص البنية التحتية النووية المدنية اللازمة لدعم برنامج التسلح النووي. على سبيل المثال، لا تمتلك دول مثل فنلندا والسويد مفاعلات قادرة على إنتاج البلوتونيوم، المكون الأساسي لصنع الأسلحة النووية. وحتى لو رغبت هذه الدول في إطلاق برنامج نووي، فإن بنيتها التحتية الحالية لا تكفي لتحقيق ذلك في المستقبل القريب. وأشار هوفمان إلى أنه "لن يتمكنوا من القيام بذلك ببنيتهم التحتية الحالية، على الأقل على المدى القصير".
رغم ذلك، اعترف هوفمان بوجود استثناء قد يكون مثار جدل، وهوألمانيا. على الرغم من أن برلين لا تمتلك بنية تحتية نووية مدنية كبيرة، إلا أنها لا تزال تمتلك مخزونًا كبيرًا من اليورانيوم عالي التخصيب لأغراض البحث. ومن الناحية النظرية، يمكن إعادة استخدام هذا المخزون في بعض الجهود لإنتاج مواد انشطارية صالحة للاستخدام في الأسلحة. لكن هذا المخزون سيكفي فقط لإنتاج ما بين 5 إلى 15 رأسًا نوويًا، وهو ما لا يكفي لتطوير رادع نووي قوي.
ما هي التوجهات المستقبلية للقوى النووية الأوروبية؟بينما تواجه المملكة المتحدة وفرنسا قرارات مصيرية بشأنمستقبلهما النووي، يظل الرادع النووي البريطاني في وضع غير مستقر. فأسطول الغواصات النووية البريطاني أصبح متقادمًا ومن المقرر استبداله قريبًا، في حين أن الأسلحة النووية البريطانية تُخزن في قاعدة أمريكية، مما يعني أن الرادع البريطاني يعتمد بشكل غير عادي على مشاركة دولة أخرى.
أما الرادع النووي الفرنسي، فيتمتع بمزيد من الاستقلالية مقارنة بنظيره البريطاني، حيث يمتد إلى خيارات أخرى قد تسمح بنقل الأسلحة النووية إلى مواقع أخرى في أوروبا. ولكن هذه الخطوة، كما يوضح هوفمان، ليست بسيطة كما قد تبدو، حيثُ أنه: "يجب بناء بنية تحتية في الدول المضيفة، وخاصة المخابئ"، مشيرًا إلى أن نشر الأسلحة النووية الفرنسية في ألمانيا لن يكون ذا فائدة كبيرة، بل يجب نشرها في دول المواجهة المباشرة مع روسيا، مثل بولندا.
وفي ضوء هذه التطورات، بدأت وارسو في التعبير عن رغبتها في نشر رؤوس نووية أمريكية على أراضيها، مما يطرح تساؤلات حول المستقبل المحتمل للرادع النووي في أوروبا.
Relatedماذا تحمل عودة ترامب إلى البيت الأبيض لإيران وبرنامجها النووي؟غياب المظلة الأمريكية... هل يكفي الردع النووي الفرنسي لحماية أوروبا؟ماكرون يعزز الردع النووي بـ40 رافال وتحديث قاعدة جوية بـ1.5 مليار يورو بسبب تهديدات واشنطن وحلفائها.. كيم جونغ أون يتوعد بتوسيع البرنامج النووي لكوريا الشماليةبولندا والعودة إلى الخيار النوويبعد نهاية الحرب الباردة وزوال حلف وارسو، تخلت معظم دول أوروبا، بما في ذلك بولندا، عن الأسلحة النووية السوفيتية التي كانت متمركزة على أراضيها. منذ ذلك الحين، التزمت بولندا بعدد منالاتفاقيات الدولية التي تهدف إلى الحد من انتشار الأسلحة النووية، مثل معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية ومعاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية. ومع ذلك، في حال قررت وارسو أو أي دولة أوروبية أخرى تطوير أسلحة نووية خاصة بها، فإن ذلك سيمثل تحولاً جذرياً في سياسة استمرت لثلاثة عقود.
ويظل نظام منع الانتشار النووي العالمي يركز على تقليص برامج الأسلحة النووية في دول مثل كوريا الشمالية، ومراقبة عمليات التخصيب المستخدم في تصنيع الأسلحة النووية في إيران، بالإضافة إلى التحكم في تدفقات المواد النووية الحساسة مثل اليورانيوم والبلوتونيوم.
ورغم أن احتمال تطوير دولة أوروبية لأسلحة نووية كان محلّ شك، فإن أي محاولة لذلك لن تتم دون مراقبة دقيقة. كما يشير فابيان رينيه هوفمان: "لن تتمكن أي دولة أوروبية غير حائزة للأسلحة النووية من الانتشار سراً". ويرى أن "البنية التحتية النووية في أوروبا تخضع لضمانات صارمة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ما يعني أن أي تحولات في هذا المجال ستتم ملاحظتها بسهولة".
في ظل هذه الضوابط، يواجه المراقبون تحديات جديدة بسبب التقنيات الحديثة التي قد تسهل انتشار الأسلحة النووية بطرق غير قانونية.
ما يثير القلق بشكل خاص في الوقت الحالي هو التصنيع المضاف، أو الطباعة ثلاثية الأبعاد. فقد حذر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأمريكي من أن هذه التقنيات قد تساهم في "خلق مسارات متقلبة للقدرات والأسلحة النووية"، حيث قد ينجح الطامحون في الانتشار النوويمن التهرب من التدقيق المعتاد من خلال طباعة مكونات يصعب استيرادها بشكل مباشر.
حتى الآن، ركزت الجهود الدولية ف هذا المجال على جعل الأمر صعبًا قدر الإمكان على أي دولة "مارقة" لتطوير سلاح نووي. لكن مع ظهور تقنيات مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد والذكاء الاصطناعي، قد يتعين على العالم إعادة النظر في وسائل منع الانتشار التي تعتمد عليها الدول لمنعها من تطوير أسلحة نووية بشكل غير مشروع.
ويبرز في هذا السياق مثال تاريخي مهم. في منتصف القرن العشرين، بدأ نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا في اختبار أجهزة نووية، وأنتج في النهاية ستة رؤوس حربية يمكن تركيبها على صواريخ باليستية عابرة للقارات. الأهم من ذلك، أن البلاد استخدمت عملية فصل دائمة لتخصيب اليورانيوم المستخدم في صنع الأسلحة النووية، وهي عملية كثيفة الطاقة لكنها رخيصة نسبيًا. ويخشى بعض الخبراء من أن هذه الطريقة قد تُستخدم اليوم لتخصيب كمية صغيرة من اليورانيوم الانشطاري.
اليوم، تعتبر جنوب أفريقيا الدولة الوحيدة في التاريخ التي طورت أسلحة نووية ثم تخلت عنها، مع انتهاء نظام الفصل العنصري والحرب الباردة. لكن جهودها في تطوير أسلحة نووية بتكلفة منخفضة تشهد على حقيقة أن الدولة المصممة على بناء رادع نووي يمكنها نظريًا العثور على طرق لتنفيذ ذلك داخل حدودها، حتى في ظل التدقيق الدولي المكثف.
أما بالنسبة لسؤال ما إذا كانت أي من الدول الأوروبية ستتخذ خطوة مماثلة، وتدخل في نادي الدول النووية مثل كوريا الشمالية، فهو أمر مفتوح للنقاش. لكن في النهاية، قد يكون سلوك الولايات المتحدة وروسيا في المستقبل القريب العامل الحاسم في تحديد مسار الانتشار النووي في أوروبا.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية ترامب يكشف عن طائرة "اف47" المقاتلة من الجيل السادس خامنئي يرد على ترامب: التهديدات الأمريكية ضد إيران لن تجدي ولن تحقق أي نتائج مكالمة بوتين وترامب تشعل الجدل: هل تلوح فرصة للسلام أم استمرار للأزمة؟ جنوب أفريقياروسيابولنداأسلحة نوويةحلف شمال الأطلسي- الناتو