#النقابات بين #المهننة و #السياسة: متى تنتصر #الكفاءات على #المناكفات؟
د. #بيتي_السقرات / الجامعة الأردنية

في معرض حديث جلالة الملك عبدالله الثاني، أطال الله عمره، عن النقابات المهنية والعمالية، قال:
“وحتى نصل إلى مرحلة من الوعي والرقي العمالي نحترم فيها العمل لذاته وليس لعنوانه، فلا بد أن تضاعف النقابات العمالية من جهدها بالتعاون مع نقابات أصحاب العمل لبناء علاقة تشاركية لتطوير القدرات المهنية للعمال الأردنيين ليكونوا قادرين على اغتنام الفرص التي يوفرها سوق العمل الأردني نتيجة تدفق الاستثمارات نحو بلدنا.

تُعتبر آليات اختيار من يمثل الشعب في دواوين التشريع نصف عملية الانتقاء الصحيحة، ويكملها الانتخابات المهنية التي تُعنى بالإنسان في بيئة عمله، حيث يكون هذا المحيط أكثر صدقًا في تمثيله لهموم العمال، بعيدًا عن أجواء التشريع وتعقيداته. فالنقابات تُعنى بشكل مباشر بالشريحة العاملة، وتسعى لحماية حقوق منتسبيها، وتوفير الخدمات لهم، وحماية المهنة من جميع جوانبها، وتطوير أدوات وأساليب عملها لتواكب التطورات في مؤسسات الدولة، لا سيما في ظل التحديث السياسي والاقتصادي والإداري الذي شرعت به دولتنا، وإقرار قانون الأحزاب والانتخاب.

في انتخابات النقابات، تحدث تحالفات وتجاذبات غير متوقعة بين التيارات المختلفة، أو حتى بين تحالفات التكنوقراط. لكن الهدف الأساسي من وجود النقابات يجب أن يظل حماية أعضائها والاستفادة من خدماتها. فهي تُطلق برامج تدريبية، وتخوض معارك تشريعية بالتعاون مع النواب للخروج بقوانين تمنع التغول على حقوق أعضائها وأي فرد ينتمي إليها.

مقالات ذات صلة التحولات والصراعات الثقافية 2025/02/18

غير أن بعض النقابات القوية تتحول إلى مطمع للتيارات السياسية، مما يبعدها عن هدفها الأساسي المتمثل في خدمة المنتسبين، فتغدو ساحة للصراع السياسي بدلًا من أن تكون أداة للنهوض بالمهنة وأعضائها.

لكن الطامة الكبرى تأتي بعد انتهاء الانتخابات، حين ينقلب بعض الفائزين على وعودهم الانتخابية، ويتبنون مطالب تتناقض مع برامجهم التي قدموها للناخبين. وهذا يعكس عدم نضج القيادات المهنية، إذ لا يزال الطريق طويلًا نحو تحقيق نقابات مهنية ناضجة ومستقلة.

ما نحتاجه اليوم هو “مهننة” النقابات، أي أن تبتعد عن السياسة التي ليست من مهامها، وأن يتحلى من يتولى المسؤولية بالنزاهة، نظافة اليد واللسان، وألا ينساق وراء الشللية التي قد تفتك بأي نقابة أو تجمع مهني.

النقابات المهنية، في العالم أجمع، تمثل قوة كبرى في الدفاع عن حقوق العمال أو أصحاب المصالح الاستثمارية. لذا، علينا الوقوف في وجه تسييس النقابات، ومحاربة الفساد داخلها، ومنع تسلل غير الأكفاء إلى مواقع القيادة، لا سيما أولئك الذين ينجحون بدافع المناكفة لا الكفاءة.

متى ستتولى قيادة النقابات شخصيات وطنية صادقة، غير إقصائية، ومهنية محترفة، ترفع من شأن المنتسبين والمهنة؟ متى سنشهد قيادات تعتبر نفسها جنودًا في خدمة الوطن والمهنة ومنتسبي النقابات؟

نأمل أن يتولى شؤون النقابات المهنية أشخاص يتمتعون بحس عالٍ من المسؤولية تجاه القضايا الوطنية، وقضايا نقاباتهم، ويسعون لتقديم الأفضل للجميع بعيدًا عن الأنانية والتخندق في تحالفات ذات أطر ضيقة، وعلى رأسها النزعات المناطقية البغيضة. فالنقابات للجميع، لا شرقية ولا غربية، لا شمالية ولا جنوبية، بل وطنية شاملة، لأن هموم النقابيين وآمالهم وطموحاتهم واحدة على امتداد مساحة وطننا الغالي.

وندائي موجه للهيئات العامة: احذروا مثيري الفتن الذين لا همَّ لهم إلا مصالحهم الخاصة ومناكفاتهم الفارغة، وقيل وقال!

وطننا، كما المنطقة برمتها، يمر بمرحلة مفصلية تحتاج إلى قيادات من طراز رفيع. لم نشهد مشاركة فاعلة للنقابات في الظروف التي مرت بها المملكة خلال الفترة الماضية، بل كانت مشاركات خجولة لا تكاد تُذكر. وفي هذا الصدد، أناشد زميلاتي النقابيات، اللاتي يشكلن ما يقرب من ٦٠٪ من منتسبي النقابات، للمشاركة الفاعلة.

وهنا أتساءل: كم نحتاج من وقت لوصول سيدة إلى سدة العمل النقابي؟ فقد أثبتت المرأة الأردنية تفوقها في الحياة البرلمانية ومجالس المحافظات، فلماذا لا تكون شريكة فاعلة في قيادة النقابات أيضًا؟

أنقذوا النقابات بفرز القادة الحقيقيين! النقابات للجميع والجميع للوطن

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: السياسة الكفاءات المناكفات

إقرأ أيضاً:

خبير أمريكي: هوس ترامب بالرسوم الجمركية خيار خاسر للجميع

في مقال نُشر اليوم الإثنين في صحيفة "الغارديان" البريطانية، يُقدّم الصحفي الأمريكي ستيفن غرينهاوس تحليلاً مفصلاً لسياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المتعلقة بالرسوم الجمركية، موضحًا أن هذه السياسات لا تعدو كونها "استراتيجية خاسرة للجميع". يعتبر غرينهاوس أن ترامب، الذي يصف الرسوم الجمركية بأنها "أعظم اختراع على الإطلاق"، يبدو وكأنه يتخذ قراراته التجارية بناءً على أهوائه الشخصية، وليس استراتيجيات مدروسة بعناية.

1 ـ تأثير الرسوم الجمركية على الاقتصاد الأمريكي:

غرينهاوس يشير إلى أن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب، والتي تشمل منتجات متنوعة من الصين إلى الاتحاد الأوروبي وكندا، ليست متسقة أو محددة بل فوضوية ومتقلبة. ففي بعض الأحيان يتم فرض الرسوم، ثم تُعلق، ثم تُفرض مجددًا، مما يخلق حالة من عدم اليقين في الأسواق. وهذه الفوضى التجارية، بحسب غرينهاوس، تُلحق الضرر بالاقتصاد الأمريكي بشكل عام.

2 ـ الرسوم الجمركية وتأثيرها على الطبقات الأقل دخلاً:

أحد أكبر الآثار السلبية التي يسلط غرينهاوس الضوء عليها هو التأثير المباشر للرسوم الجمركية على الأسر الأمريكية الأقل ثراءً. فمع ارتفاع الأسعار نتيجة فرض الرسوم، تُعاني هذه الأسر بشكل أكبر، حيث أنها تنفق جزءًا أكبر من دخلها على السلع المستوردة مثل الملابس والمنتجات الإلكترونية. بينما كان ترامب قد وعد في حملته الانتخابية بخفض الأسعار، فإن الرسوم الجمركية تتسبب في عكس ذلك تمامًا، مما يؤدي إلى زيادة تكلفة المعيشة.

3 ـ التأثير على صناعة التصنيع الأمريكية:

فيما يتعلق بالصناعة الأمريكية، يرى غرينهاوس أن ترامب يروج لفرض الرسوم الجمركية باعتبارها طريقة لإعادة التصنيع إلى الولايات المتحدة، لكنه يتجاهل حقيقة أن استقرار الاقتصاد والسياسة هو ما يشجع الشركات على الاستثمار في بناء مصانع جديدة. بدلاً من ذلك، فإن القرارات التجارية غير المتوقعة والمتقلبة تُثير خوف الشركات الأمريكية من ضخ استثمارات ضخمة في مشروعات طويلة الأمد. كما أن ترامب يُهدد بالتصعيد ضد الصناعات المستقبلية مثل صناعة السيارات الكهربائية والطاقة المتجددة، الأمر الذي يعرقل انتقال الاقتصاد الأمريكي نحو المستقبل الصناعي.

4 ـ التأثير على النمو الاقتصادي:

يُؤكد غرينهاوس أن الرسوم الجمركية تُقوض النمو الاقتصادي الأمريكي بشكل كبير. يشير إلى أن الرسوم تعطل سلاسل التوريد، مما يؤدي إلى تعطيل الإنتاج في المصانع وتراجع الاستثمارات في المعدات الجديدة. هذه العوامل تضعف الاقتصاد بشكل عام. كما أن المخاوف من ارتفاع الأسعار بفعل الرسوم الجمركية أدت إلى تراجع ثقة المستهلكين، مما قد يُسهم في انخفاض الإنفاق الاستهلاكي، وهو المحرك الرئيسي للاقتصاد الأمريكي.




5 ـ الخسائر الناتجة عن الرسوم الجمركية:

غرينهاوس يعرض تفاصيل دقيقة حول خسائر الرسوم الجمركية. فقد أظهرت دراسة أجراها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا والبنك الدولي وجامعة هارفارد أن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب لم تؤدِّ إلى زيادة في معدلات التوظيف كما كان يُروج لها، بل تسببت في خلق عدد قليل من الوظائف في بعض القطاعات بينما تسببت في فقدان وظائف أخرى بسبب تعطل سلاسل التوريد. علاوة على ذلك، يرى غرينهاوس أن الأضرار التي سببتها هذه الرسوم تفوق المكاسب المحتملة، مشيرًا إلى أن الرسوم الجمركية قد تسببت في تراجع أسواق الأسهم الأمريكية بمقدار 4 تريليونات دولار.

6 ـ التأثير على العلاقات الدولية وحلفاء أمريكا:

كما يلفت غرينهاوس إلى التأثير السلبي للرسوم الجمركية على العلاقات التجارية الدولية، حيث أضرّت الرسوم بكندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي، مما زاد من توتر العلاقات مع أقرب حلفاء أمريكا. بالإضافة إلى ذلك، يرى غرينهاوس أن تصعيد ترامب في استخدام الرسوم الجمركية يُعزز من النفور الدولي تجاه الولايات المتحدة، ويُهدد بتدمير التحالفات التي كانت أساسية في الحفاظ على السلام والازدهار بعد الحرب العالمية الثانية.

7 ـ التهديدات المستقبلية للاقتصاد:

في ختام المقال، يستعرض غرينهاوس السيناريوهات المستقبلية المحتملة التي قد تنتج عن استمرار ترامب في فرض رسوم جمركية عشوائية. في حال استمرار هذه السياسات، قد يؤدي ذلك إلى تراجع النمو الاقتصادي الأمريكي بشكل أكبر، كما قد يرفع التضخم بنسب كبيرة، مما يؤثر على القدرة الشرائية للمواطنين الأمريكيين. ويقارن غرينهاوس ذلك بحالة "إلمر فاد"، الشخصية الكرتونية التي كانت تُطلق النار بشكل عشوائي لتصيب نفسها بدلًا من هدفها، مما يراه غرينهاوس تنبؤًا بما قد يحدث في حالة استمرار هذه السياسات الحمائية.

في النهاية، يخلص غرينهاوس إلى أن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب لن تحقق الأهداف التي روج لها، بل ستسبب ضررًا أكبر للولايات المتحدة والعالم. فقد تسببت هذه السياسات في خسائر مالية هائلة وأضرّت بالعلاقات التجارية الدولية، بينما كان من الممكن اتخاذ إجراءات أكثر استدامة لدعم الاقتصاد الأمريكي دون دفعه إلى الركود.

المصدر: ستيفن غرينهاوس، "الغارديان"، 24 مارس 2025.

https://www.theguardian.com/commentisfree/2025/mar/24/trumps-tariff-obsession


مقالات مشابهة

  • «الدبيبة» يناقش تنظيم «سوق العمل» والصعوبات التي تواجهه
  • اضطرابات التجارة والسياسة الخارجية الأمريكية تعزز استقرار الذهب فوق 3000 دولار
  • شيرين عبد الوهاب تنتصر على “روتانا”
  • حكم قضائي نهائي.. شيرين تنتصر على روتانا
  • “وزير الموارد البشرية” يعلن إطلاق النسخة السابعة من المؤتمر الدولي للسلامة والصحة المهنية
  • مصطفى كامل: معاش نقابة المهن الموسيقية من أعلى المعاشات بين النقابات
  • رامي عياش: الفنان ملك للجميع.. والتحزب والطائفية خطر يهدد لبنان
  • خبير أمريكي: هوس ترامب بالرسوم الجمركية خيار خاسر للجميع
  • الجابر: «أدنوك» ملتزمة بالاستثمار في تنمية وتمكين الكفاءات الوطنية
  • "العمل" تطلع على تدريب طلبة "الكلية المهنية" بالخابورة