مرحلة جديدة مجهولة المصير بعد وقف النار.. الأهالي والجيش على أطلالنكبة القرى
تاريخ النشر: 19th, February 2025 GMT
دخلَ اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل أمس حيز التنفيذ، ومرحلة جديدة مجهولة المصير، بفعل إصرار الجيش الاسرائيلي على تكريس احتلاله بالاحتفاظ بخمسة مرتفعات استراتيجية بين الناقورة وشبعا.
وكتبت" النهار": مشاهد صادمة بعد الانسحاب الإسرائيلي وانتشار الجيش إذا كان الواقع الجنوبي فرض ايقاعه على مجمل المشهد اللبناني أمس في 18 شباط، فإن الحدث الصادم لم يقتصر على تثبيت إسرائيل تمركز جيشها في خمس نقاط حدودية فقط بل أكثر في رؤية ومعاينة الدمار المخيف الذي خلفته الحرب الإسرائيلية على بلدات وقرى الحافة الأمامية.
وكتبت" نداء الوطن": ما بعد 18 شباط 2025، لن يكون على الإطلاق كما قبله، 18 شباط 2025، تاريخ انسحاب إسرائيل من الجنوب، لكنه ليس تاريخ "تحرير" الجنوب على يد "حزب الله"، فالحزب "انسحب" من الجنوب قبل أن تنسحب إسرائيل، والذي حرر هو الدبلوماسية التي يفترض أن تواصل جهودها لسحب إسرائيل من النقاط الخمس التي ما زالت تحتلها.
الانسحاب الإسرائيلي كشف الحجم الهائل للدمار من جراء حرب إسرائيل – "حزب الله"، وهذا الحجم من الدمار هو الذي حدا بالأمين العام لـ "حزب الله" الشيخ نعيم قاسم إلى تحميل الدولة مسؤولية إعادة الإعمار، علماً أنه في خطاب سابق كان وعد بإعمار ما تهدَّم "أحسن وأجمل مما كان"، لكن يبدو أن كلفة إعادة الإعمار هي التي جعلته يتراجع عن وعوده.
وفي السياق، علمت "نداء الوطن" أن التوافق بين رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس المجلس نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلام، ساد في الاجتماع الثلاثي في بعبدا، الرئيس بري أكد اقتناعه بالحل الدبلوماسي وليس العسكري في هذه المرحلة، خصوصاً أنه هو من فاوض على وقف إطلاق النار والهدنة، وقد أخذ ضمانات من "حزب الله" باستمرار التزام المسار الدبلوماسي وترك الدولة تعمل لتحرير التلال وعدم التصعيد.
وكتبت" الاخبار": للمرة الثالثة منذ إعلان وقف إطلاق النار في 26 تشرين الثاني الماضي، عاد الجنوبيون إلى بلداتهم الحدودية بعد تحريرها شبه الشامل. العودة الثالثة كانت ثابتة أمس مع انتهاء مهلة الانسحاب التي مدّدها العدو الإسرائيلي بعد انتهاء مهلة الستين يوماً في 26 كانون الثاني الماضي. انسحبت قوات الاحتلال الإسرائيلي من البلدات الحدودية التي كانت لا تزال محتلة، مع احتفاظها بمساحات في بعضها. بلدات القطاع الشرقي كانت الأكثر احتفالاً. بخلاف العودتين السابقتين، استعادت الوزاني والعديسة وكفركلا أبناءها الذين دخلوا إليها فاتحين وأمضوا طوال اليوم آمنين فيها. فيما دخل بعضهم إليها سابقاً تسلّلاً وتعرضوا لإطلاق النار. أما أهل مركبا وحولا وميس الجبل وبليدا، فقد عادوا للمرة الثالثة على طريق دماء شهداء التحرير والعودة الذين استشهدوا لدى دخولهم إليها عند انتهاء مهلة الستين يوماً. عيترون التي خرجت من أسر الاحتلال قبل نحو أسبوعين بعد انتشار الجيش فيها، انهمكت أمس في تجهيز المقبرة الجماعية لـ 84 شهيداً من أبنائها سقطوا خلال أشهر العدوان الأخيرة ودُفنوا ودائع خارجها. فرحة عيترون بالتحرير نغّصها بقاء قوات الاحتلال في جبل الباط وجل الدير الواقع بينها وبين يارون ومارون الرأس. جيران عيترون، أهل مارون الرأس، عادوا إلى بلدة تغيّرت خريطتها بسبب أعمال الجرف والتفجير التي نفّذتها قوات الاحتلال في الأشهر الثلاثة الأخيرة بعد وقف إطلاق النار. سهل مارون الممتد حتى مستعمرة أفيفيم (بلدة صلحا المحتلة)، كان أشبه بمنطقة عازلة بسبب إجراءات أمنية منعت الأهالي من الاقتراب من السياج الشائك. والإجراءات نفسها فُرضت على سهل يارون ووادي قطمون في خراج رميش. أما في القطاع الغربي الذي استكملت بلداته تحريرها منذ نحو شهر، فلا تزال فيه تلال اللبونة في خراج الناقورة وجبل بلاط بين رامية ومروحين تحت الاحتلال.
ومنذ اليوم، سيبدأ رصد سلوك العدو الإسرائيلي ليس في جنوب الليطاني، وإنما في كل لبنان، بعدما أطبق بشكل كامل منذ وقف إطلاق النار على لبنان جواً وبراً ووضعه تحت حصار وصل إلى حد التحكم بحركة الطيران إلى مطار بيروت بحجة منع نقل أموال إلى حزب الله.
وكتبت" اللواء": الانسحاب الاسرائيلي المفترض ان يكون كاملا اتى منقوصاً واندفع الجيش الى القرى التي اخلاها جيش العدو وهي: يارون، مارون الراس، بليدا، ميس الجبل، حولا، مركبا، العديسة، كفركلا والوزاني، تاركة خلفها حجما كبيراً من الدمار والتخريب غير المبرر للمنشآت والمنازل والبنى التحتية ، فيما أبقت على وجودها في خمس نقاط رئيسية على طول الحدود.ومع دخول الجيش إلى هذه القرى، استمر توافد الأهالي لتفقد منازلهم وأرزاقهم.
وكانت قوات الاحتلال، باشرت الانسحاب ليلا، وبدأ الجيش بالإنتشار في قرى بليدا واطراف ميس الجبل ومركبا. ومنتصف الليل، استكمل الجيش انتشاره في البلدات المحررة، وباشرت فرق من فوجَي الهندسة والأشغال بإزالة السواتر الترابية وفتح الطرقات ومسح الطرق الرئيسية من الذخائر والقذائف غير المنفجرة. كما سيّرت قوات «اليونيفيل» دوريات في تلك القرى، واقامت نقاط عدة إلى جانب الجيش اللبناني.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: وقف إطلاق النار قوات الاحتلال حزب الله
إقرأ أيضاً:
هذا ما تريده إسرائيل من تطويق رفح وضمها للمنطقة العازلة
غزة- لا يشعر الشاب الفلسطيني مهند قشطة -أحد نشطاء مدينة رفح والنازح عنها- أن هناك عودة قريبة للمدينة، بعدما أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي تطويقها وعزلها كليا عن باقي قطاع غزة عبر إنشاء "محور موراغ"، الذي يفصلها عن مدينة خان يونس المجاورة.
وأعلن جيش الاحتلال، السبت الماضي، استكماله فتح "محور موراغ"، وسبق ذلك ما كشفته صحيفة "هآرتس" العبرية، الأربعاء الماضي، أن الجيش يستعد لضم منطقة رفح التي تشكل خمس أراضي القطاع (تقدر مساحته بـ365 كيلو مترا مربعا) "للمنطقة الأمنية العازلة" التي يحظر على الفلسطينيين الوصول إليها.
ويترجم هذا التطور واقع رفح منذ اجتياح الاحتلال لها في 6 مايو/أيار 2024، وإجبار نحو 300 ألف من سكانها وزهاء مليون من النازحين فيها على إخلائها والنزوح عنها. ومنذ ذلك الحين، لم تشهد رفح، صغرى محافظات القطاع الخمس، أي فترات هدوء.
منطقة "حمراء"يقول قشطة للجزيرة نت "حتى خلال وقف إطلاق النار كانت رفح تتعرض لحرب خاصة بها، وظل الاحتلال يسيطر على محور فيلادلفيا مع مصر، ويمنع العودة لأكثر من نصف مساحة المدينة النازفة بالشهداء والجرحى".
وحسب معلومات "هآرتس"، التي أكدتها لاحقا بيانات عسكرية وتصريحات لوزير الجيش الإسرائيلي يسرائيل كاتس، فإن مساحة المنطقة العازلة تبلغ 75 كيلومترا مربعا، وتقع بين محوري فيلادلفيا وموراغ، وتضم رفح والأحياء المجاورة لها.
إعلانوإزاء ذلك انتاب قشطة شعور بالحزن والصدمة، ولكنه لم يتفاجأ بما حل بمدينته، ويقول، "كان الاحتلال يخطط لأمر خبيث تجاه رفح منذ أن تحدى العالم كله واجتاحها عسكريا".
وبعد اندلاع الحرب عقب عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كان لرفح "وضعها الخاص" بوصف قشطة، "ولم تشهد فترة هدوء، ولم يعد إليها سكانها كباقي مناطق القطاع حتى بعد اتفاق وقف إطلاق النار".
كان قشطة مع أسرته الصغيرة المكونة من 6 أفراد ووالديه وأشقائه وأسرهم (35 فردا)، من بين كثيرين نزحوا عن رفح، ولم يعودوا إليها مطلقا، لوقوع مساكنهم -المدمرة كليا- ضمن مناطق يصنفها الاحتلال "حمراء"، متاخمة لمحور فيلادلفيا ويحظر دخولها.
ويقول قشطة "كل رفح الآن حمراء ومحتلة بالكامل، وأخشى أن لا تكون عودتنا إليها قريبة"، ويعتقد أن إسرائيل تريد استخدام احتلالها للمدينة وعزلها "كورقة ضغط" في المفاوضات مع المقاومة.
وإثر إعلان احتلال رفح، زعم الوزير كاتس أن الوصول لهذه المرحلة بمثابة "اللحظة الأخيرة لإزالة حماس، وإطلاق سراح جميع المحتجزين وإنهاء الحرب". وهدد الغزيين بأنه "قريبا تتوسع عمليات الجيش وتتكثف بمعظم قطاع غزة، وستضطرون لإخلاء مناطق القتال".
ويجاهر أن ما يحدث برفح يندرج تحت "خطة تهجير الغزيين طواعية وفق رؤية الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي نعمل على تحقيقها".
وقالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في بيان لها، إن ما يقوم به الاحتلال "لفرض أمر واقع في رفح، وتهجير سكانها قسرا، وضمها للمنطقة العازلة على الحدود مع مصر الشقيقة، يؤكد هدفه بعزل غزة بالكامل عن عمقها العربي".
واعتبرت الحركة أن ما يجري في رفح "تصعيد خطير وحرب إبادة، ومحاولة بائسة لتسجيل إنجاز عسكري بارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية".
ويسمَع يوميا ومن مسافات بعيدة أصوات "انفجارات هائلة" بفعل نسف الاحتلال ما تبقى من منازل شمال رفح والقريبة من "محور موراغ" الممتد من السياج الأمني الإسرائيلي شرق المدينة وحتى ساحل البحر غربا.
إعلانوتقول النازحة الخمسينية أم يوسف مطر للجزيرة نت، إن الاحتلال دمر منزلها بمخيم الشابورة للاجئين خلال الاجتياح الأول للمدينة، ولم تتمكن وأسرتها (10 أفراد)، منذ مايو/أيار 2024 وبفعل خطورة الوضع، من العودة.
وتشاطر مطر الشاب قشطة، مشاعر الحزن والغضب إزاء ما تعرضت له رفح من تدمير ممنهج وواسع، انتهى باحتلالها وعزلها بالكامل عن القطاع.
وتضيف مطر التي تقيم وعائلتها بمدرسة في خان يونس "الاحتلال ينتقم من رفح وكأن له ثأرا معها، ويبدو من أصوات الانفجارات الضخمة التي نسمعها ليلا نهارا أنه لم يبق حجرا على آخر، وتحولت المدينة لأكوام من الركام والأنقاض".
وحتى بدء الاحتلال عمليته العسكرية الأخيرة، مطلع الشهر الجاري، كانت بلدية رفح تقدر نسبة الدمار بها بأكثر من 90%.
ويقول رئيس البلدية الدكتور أحمد الصوفي، للجزيرة نت، "لم تتوقف الحرب يوما على رفح"، ويضيف "حتى خلال المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار واصل الاحتلال جرائم القتل والتدمير، والتي منعت عودة سكانها لأكثر من 60% من مساحتها الإجمالية".
وبفعل هذه الجرائم -يضيف الصوفي- فإن أقل من 30% فقط من سكان المدينة قرروا العودة لها، خلال وقف إطلاق النار، وأقاموا بمنازلهم المتضررة بالنصف الشمالي منها، أو بخيام مترامية ببعض المناطق هناك، حتى أعاد الاحتلال السيطرة عليها وإخلائها بالكامل ثانية وضمها للمنطقة العازلة.
وشدد الصوفي على أن "فرض الوقائع بالقوة لن يصنع شرعية ولن يحقق أمنا مستداما بل يزيد معاناة المدنيين ويزيد من عدم الاستقرار".
وقال إن "رفح تاريخ يمتد لخمسة آلاف عام، وجغرافيا تربط الشرق بالغرب، لقد مر عليها الرومان والفراعنة والآشوريون وكل المستعمرين، وذهب الجميع وبقيت رفح شامخة، بوابة صلاح الدين وطريق النصر، لن تمحوها يد المحتلين".
إعلان لماذا رفح؟من جهته، يضع مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي الدكتور إسماعيل الثوابتة، احتلال رفح وضمها للمنطقة العازلة، في سياق ما يقول للجزيرة نت إنه "مشروع استعماري إحلالي قائم على التهجير القسري وتغيير معالم الجغرافيا والديموغرافيا بقطاع غزة".
كما أن ما يحدث برفح "يكشف بوضوح نوايا الاحتلال لفرض وقائع ميدانية تخدم أجندته التوسعية، ويؤكد مضيه في تنفيذ مخطط فصل قطاع غزة عن عمقه وإبقائه تحت حصار دائم، عبر السيطرة على المنطقة الحدودية الجنوبية بكاملها".
ويشكل ذلك -حسب الثوابتة- تهديدا مباشرا لنحو 300 ألف من سكان رفح، تقطعت بهم السبل، ويضيّق الاحتلال عليهم عبر دفعهم للمجهول، ويتعامل معهم "كأهداف متحركة" ويلاحقهم حتى في الخيام ومراكز الإيواء.
وحسب رأي الثوابتة فإن الاحتلال يعتبر رفح هدفا إستراتيجيا، لموقعها كبوابة حدودية جنوبية للقطاع، وتتمتع برمزية جغرافية وسياسية وإنسانية، ويسعى بالسيطرة عليها لتحقيق عدة أهداف، أبرزها:
خنق قطاع غزة نهائيا من خلال قطع التواصل البري مع العالم الخارجي، بالسيطرة على معبر رفح البري، الوحيد لنحو مليونين و400 ألف فلسطيني. التحكم بحركة الإمدادات والمساعدات الإنسانية عبر معبر كرم أبو سالم التجاري الوحيد، وبالتالي فرض شروطه الميدانية والسياسية على الفلسطينيين والمجتمع الدولي. فرض منطقة عازلة ممتدة على طول حدود القطاع، كخطوة نحو تنفيذ خطة فصل غزة بالكامل، وتكريس واقع التجويع والعزل والتهجير والحصار المستدام. تحقيق "نصر وهمي" أمام جمهوره الداخلي بعد فشله في تحقيق أهدافه المعلنة بالحرب، عبر تصوير السيطرة على رفح كإنجاز عسكري. ما يجري في رفح ليس مجرد تحرك عسكري، بل تنفيذ فعلي "لمخطط تهجيريّ واستيطاني" لكسر إرادة الفلسطينيين وعزيمتهم، وفرض "تسوية قسرية" تحت النار والحصار. إعلان وسيلة للضغطويتفق الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي مصطفى إبراهيم مع الثوابتة في كثير مما ذهب إليه، ويقول للجزيرة نت، إن للتحرك الإسرائيلي الواسع في رفح أبعادا وأهدافا سياسية، مرتبطة بمفاوضات وقف إطلاق النار وصفقة التبادل، وحتى الرؤية من اليوم التالي للحرب.
ولا يستبعد إبراهيم -وهو ابن عائلة لاجئة من قرية "برير" وأقامت في مخيم اللاجئين في رفح منذ عام 1948- أن تعيد إسرائيل ما فعلته برفح بمناطق أخرى وتعزلها لتقليص مساحة القطاع وزيادة الضغط على المدنيين بالقتل والتجويع، في مخطط تهجير لم يعد سرا، وتصرح به مستويات إسرائيلية سياسية وعسكرية رفيعة.