نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، مقالا لزميل أول في مشروع العلاقات الأمريكية مع العالم الإسلامي في مركز سياسة الشرق الأوسط بمؤسسة بروكنغز، شادي حميد، قال فيه إنّ: "التعليقات على مقالاته الأخيرة كانت مليئة بجملة مألوفة".

وأوضح حميد، في المقال الذي ترجمته "عربي21" أن الجمل أتت من قبيل: "كيف تجرؤ على انتقاد الديمقراطيين عندما يشكل الرئيس دونالد ترامب تهديدا وجوديا للديمقراطية؟"، في إشارة منه الغضب الملموس، وخاصة على المنصات التي وصفها بـ"ذات الميول اليسارية مثل Bluesky، إذ أثارت بعض الأفكار المجاورة لترامب اتهامات بإضفاء الشرعية على الفاشية".



وتابع المقال: "لكن هذا التفاعل يكشف عن سوء فهم أساسي لرئاسة ترامب ودور التعليق السياسي في هذا العصر المستقطب بشدة"، مبرزا أنّ: "الحقيقة التي تخالف البديهة هي أنه: أكثر انتقادا للديمقراطيين على وجه التحديد لأنه يتوقع منهم المزيد".

وأبرز: "عندما يتجاهل ترامب حقوق الإنسان في الخارج أو يقوّض المعايير الديمقراطية في الداخل، فهو لا يتصرف بنفاق -بل هو بالضبط من ادعى أنه كان دائما الرجل الذي دعا لـ"حظر المسلمين" في عام 2015- وأشاد بالرجال الأقوياء طوال فترة ولايته الأولى، لم يغير فجأة خطوطه في عام 2025".

وذكر أنه: "في مؤتمره الصحفي في الرابع من شباط/ فبراير مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، دعا ترامب إلى التطهير العرقي في غزة. بدا ذلك واضحا بما فيه الكفاية. ولكن بدا من غير الضروري إدانته فقط". بدلا من ذلك، أجرى الكاتب مقابلة مع أبَي شهبندر، وهو مدافع عربي أمريكي عن ترامب رأى تعليقات الرئيس بشأن غزة في ضوء أكثر إيجابية. 

"وجد الكاتب هذا محيرا، لكن هذا بدا سببا إضافيا لسؤاله عن سبب تفكيره كما يعتقد. وبعد ذلك يمكنه ترك الأمر للقراء للتوصل إلى استنتاجاتهم الخاصة" بحسب التقرير نفسه، مردفا: "قال إن هذا يقودنا إلى سؤال أكبر. بقدر ما قد تجعلنا الإدانة الأخلاقية نشعر بالرضا، فماذا تُحقق؟ الواقع أن عددا كافيا من الصحفيين والمعلقين يوثقون بالفعل انتهاكات ترامب للسلطة ويحاسبونه عليها".

وبيّن الكاتب أنه: "كما توضّح تعليقات ترامب على غزة فضلا عن موجة الأوامر التنفيذية العدوانية والمشتبه بها قانونا، فإن ترامب يشكل تهديدا، بما في ذلك لبعض القيم التي يعتز بها أكثر من غيرها. والسؤال ليس من هو الأسوأ ـ هذه الإجابة واضحةـ بل من هو الأفضل؟. ومن الذي لا يزال من الممكن محاسبته على مبادئه المعلنة؟ والإجابة هنا واضحة أيضا: الديمقراطيون. فهم يزعمون أنهم حزب القيم: المنافسة العادلة والحرية والتسامح والتعددية".


وأكمل قائلا: "الديمقراطيين يفشلون باستمرار في تحقيق المثل العليا التي يزعمون أنهم يدافعون عنها. ففي عهد إدارة بايدن، تحدث زعماء الحزب، بما في ذلك الرئيس جو بايدن نفسه، عن القصف "العشوائي" لغزة بينما رفضوا القيام بأي شيء لوقفه".

واسترسل: "بدلا من ذلك قال بايدن، على نحو مخيف: "إننا لن نفعل شيئا سوى حماية إسرائيل". ولكن الأمر لا يقتصر على غزة. لقد دأب الحزب الديمقراطي على الدعوة للتسامح والشمولية في حين عمل على تهميش الديمقراطيين المؤيدين للحياة، واحتقار الناخبين السود والسمر، وتجاهل المحافظين الدينيين".

"رفض صفوف الأميركيين المتزايدة الذين شعروا بأن الحزب أصبح متطرفا للغاية في قضايا مثل الهوية الجنسية. وفيما يتصل بالسياسة، اختار الحزب الذي كان في السابق حزب الطبقة العاملة إعطاء الأولوية لأشياء مثل تخفيف أعباء ديون الكليات، وهو ما يعود بالنفع على الأثرياء بشكل غير متناسب" وفقا للتقرير نفسه.

وتابع: "علّق قائلا إن هذا نفاق. ولكن النفاق له جانب إيجابي. فالمنافق، عندما يدعي أنه يدافع عن قيم معينة ولكنه يفشل في تحقيقها، يقدم خدمة ربما عن غير قصد. وعلى النقيض من الفاعل الساخر المحض، يعترف المنافق على الأقل بوجود معايير أخلاقية، وفي فشله في تلبية هذه المعايير يوضح الفجوة بين المثالية والواقع". 

وأردف: "يوسع المُنظّر السياسي، ديفيد رانسيمان هذه الرؤية في كتابه "النفاق السياسي"، فيزعم أن "المنافقين الذين يتظاهرون بأنهم أفضل مما هم عليه في الواقع يمكن أن يقال عنهم أيضا أنهم أفضل مما قد يكونون عليه، لأنهم على الأقل يتظاهرون بأنهم طيبون".

وأضاف: "ثم قال إن هذه الفجوة، بين ما هو عليه الحزب الديمقراطي وما قد يصبح عليه في المستقبل، تقدّم فرصة لملايين الديمقراطيين، مثل الكاتب، الذين أصبحوا غير راضين عن خيارات الحزب. وينبغي لهم أن يطالبوا بالمزيد ويتوقعوا الأفضل". مبرزا بالقول: "لا يكفي؛ وبالتأكيد لم يكن كافيا يوم الانتخابات، أن يكون الديمقراطيون مجرد حزب مناهض لترامب ويأملون تحقيق الأفضل".

وأكد أنّ: "هذا لا يعني التقليل من المخاطر التي يمثلها ترامب. لكن وصل مؤيدو الحزب الديمقراطي إلى نقطة حيث أصبح انتقاد ترامب الانعكاسي شكلا من أشكال الإشارة إلى الفضيلة، التي تعدّ وسيلة لإظهار الولاء لـ"الجانب الصحيح" من التاريخ دون الانخراط في السؤال الأصعب حول سبب زيادة شعبية ترامب بدلا من تناقصها، بما في ذلك بين الأميركيين الذين تقل أعمارهم عن 30 عاما".


وقال: "ببساطة، فإن الحجة القائلة بأن الكُتاب لا ينبغي لهم أن يوفروا منصة للأفكار السيئة أو غير الأخلاقية غير المقبولة تسيء فهم الواقع السياسي الحالي. فهذه الأفكار موجودة بالفعل في الجو. وهي تشكل قرارات السياسة كل يوم. إن خلق حاجز وقائي حول الأصوات المجاورة لترامب مثل شهبندر أو مايكل بريندان دوغيرتي، الذي أجرى معه الكاتب مقابلة أيضا، لا يجعل أفكارهم تختفي، بل يضمن فقط أننا لن نفهمها حقا أبدا".

وأكد بأن: "الفهم أمر بالغ الأهمية، قائلا: مع مرور أربع سنوات أخرى على حكم ترامب، يتعين علينا أن نتصارع مع حقيقة مفادها أن الملايين من مواطنينا الأميركيين يكرهون الوضع الراهن إلى الحد الذي يجعلهم الآن غير مبالين بتفكيكه".

"لا يتعلق الأمر هنا بإضفاء الشرعية على نهج الحزب الجمهوري القائم على حرق كل شيء في الحكم، بل بمحاولة فهم السبب وراء وصول الأمور إلى هذا الحد. لأن الأمر قد وصل بالفعل إلى هذا الحد. وفقط من خلال مواجهة هذه الحقائق يمكن للديمقراطيين إعادة بناء أنفسهم وإعادة تموضعهم في السنوات القادمة لاستعادة الناخبين الذين فقدوهم" تابع التقرير.

ومضى بالقول: "إنني أستعد لأربع سنوات (إن لم يكن أكثر) من حكم حزب محافظ لم يعد يبدو مهتما بالحفاظ على الأصوات. وبالنسبة للجمهوريين، الذين يخضعون الآن لسيطرة كاملة من رجل كانوا يكرهونه ذات يوم، فإن الفوضى -على ما يبدو- هي الهدف. ولأنني عايرت توقعاتي وفقا لذلك، فقد فقد ترامب القدرة على خذلاني أو حتى صدمتي حقا".


وأشار إلى أنّ: "الناس أصبحوا سريعين للغاية في وصف كل تصريح أو عمل يصدره ترامب بأنه غير مسبوق أو أنه ينهي الديمقراطية". فيما علّق قائلا إنّ: "هذا التضخم الخطابي لا يقلل من قدرتنا على الاستجابة للأزمات الحقيقية فحسب، بل ويؤدي أيضا إلى تنفير أولئك الذين قد يكونون منفتحين على الانتقادات المشروعة لسياسات ترامب".

وختم بالقول إنه: "في عصر حيث يبدو الوعظ للمهتدين أكثر أهمية من المناقشات المدروسة، ربما يكون جعل "طَرفه" غير مرتاح هو المطلوب بالضبط. ففي نهاية المطاف، إذا لم نكن نتحدى الأميركيين للتفكير بشكل مختلف بشأن هذه اللحظة السياسية الغريبة المزعجة، فما الهدف إذن؟".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية ترامب بايدن الحزب الديمقراطي النفاق السياسي الحزب الديمقراطي بايدن ترامب النفاق السياسي المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة بما فی

إقرأ أيضاً:

ما هي برامج الهجرة التي أوقفها ترامب.. تعرف عليها؟

أصدرت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرارًا بوقف مؤقت لجميع طلبات الهجرة التي قدمها مهاجرون من أمريكا اللاتينية وأوكرانيا، والذين سُمح لهم بدخول الولايات المتحدة بموجب برامج معينة أطلقتها إدارة الرئيس السابق جو بايدن.

وجاء القرار، وفقًا لمسؤولين أمريكيين ومذكرة توجيه داخلية نشرتها وسائل الإعلام الأمريكية٬ استجابة لمخاوف تتعلق بالاحتيال والأمن القومي.

وأشارت المذكرة إلى أن تجميد الطلبات "سيظل قائمًا إلى أجل غير مسمى"، بينما تعمل الجهات الحكومية على "تحديد حالات الاحتيال المحتملة، وتعزيز إجراءات التحقق للتخفيف من المخاوف المتعلقة بالأمن القومي والسلامة العامة".

وينطبق هذا التعليق على عدة برامج هجرة أطلقتها إدارة بايدن، والتي سمحت لمئات الآلاف من الأجانب بدخول الولايات المتحدة بشكل قانوني بموجب قانون الهجرة المعروف باسم "الإفراج المشروط"، الذي يمنح الحكومة الأمريكية صلاحية استقبال الأجانب لأسباب إنسانية أو منفعة عامة.


ما هي البرامج المستهدفة؟
يذكر أن إدارة بايدن استخدمت سلطة الإفراج المشروط على نطاق واسع، جزئيًا لتشجيع المهاجرين على استخدام قنوات الهجرة القانونية بدلاً من عبور الحدود الجنوبية بشكل غير قانوني. ومع ذلك، تحركت إدارة ترامب بسرعة لتعليق هذه الجهود، مدعية أنها أساءت استخدام سلطة الإفراج المشروط.

وتشمل البرامج المستهدفة سياسة "الاتحاد من أجل أوكرانيا"، التي وفرت ملاذًا آمنًا للفارين من الحرب مع روسيا، حيث وصل حوالي 240 ألف أوكراني إلى الولايات المتحدة بموجب هذه العملية قبل تولي ترامب منصبه.

بالإضافة إلى ذلك، سمح برنامج الإفراج الإنساني "CHNV" لـ530 ألف شخص من كوبا وهايتي ونيكاراغوا وفنزويلا بدخول البلاد عبر ضمانات من مواطنين أمريكيين.

كما شمل التعليق برنامجًا ثالثًا سمح لبعض الكولومبيين والإكوادوريين ومواطني أمريكا الوسطى والهايتيين والكوبيين، الذين لديهم أقارب أمريكيين، بالقدوم إلى الولايات المتحدة والانتظار حتى تصبح البطاقة الخضراء العائلية متاحة.


وقف تصاريحهم  
نظرًا لأن المهاجرين الذين دخلوا الولايات المتحدة بموجب هذه البرامج حصلوا فقط على تصاريح عمل مؤقتة وحماية من الترحيل – عادة لمدة عامين – فقد تقدم العديد منهم بطلبات للحصول على مزايا هجرة أخرى، مثل "الوضع المحمي المؤقت" للقادمين من دول تعاني أزمات، أو اللجوء، أو البطاقات الخضراء.

 إلا أن التوجيه الداخلي الجديد لدائرة خدمات المواطنة والهجرة الأمريكية يمنع المسؤولين من معالجة أي طلبات مقدمة من هؤلاء المهاجرين، مما يجمد فعليًا قدرتهم على الانتقال إلى وضع قانوني آخر ويجعلهم عرضة للترحيل إذا تم إنهاء وضعهم المشروط.

بررت المذكرة القرار بالقول إن "معلومات الاحتيال ومخاوف السلامة العامة أو الأمن القومي لا يتم الإشارة إليها بشكل صحيح في أنظمة التحكيم التابعة لدائرة خدمات المواطنة والهجرة الأمريكية".

وأشارت إلى أن التحقيقات كشفت عن آلاف طلبات التأشيرة الصينية التي تضمنت "رعاة متسلسلين" أو معلومات عن أفراد متوفين أو عناوين متطابقة، بالإضافة إلى حالات احتيال أخرى. كما أشارت المذكرة إلى أن بعض المهاجرين الذين دخلوا بموجب التأشيرة الوطنية الصينية "لم يخضعوا للتدقيق الكامل".


يأتي هذا القرار في إطار الجهود الأوسع لإدارة ترامب لتشديد سياسات الهجرة، والتي تشمل تعليق برامج الإفراج المشروط التي أطلقتها إدارة بايدن، وسط مخاوف متزايدة من الاحتيال والمخاطر الأمنية.

مقالات مشابهة

  • لماذا ألغي مؤتمر زيلينسكي ومبعوث ترامب؟ وما دلالات ذلك؟
  • دونالد ترامب... الذّات الضجرة التي تتسلى بإحداث الفوضى ومشاغبة الخصوم
  • لماذا وصف البيت الأبيض ترامب بـ«الملك»؟
  • “غزة ليست للبيع”.. أوروبا تنتفض ضد خطة التهجير التي يتبناها ترامب
  • ما هي برامج الهجرة التي أوقفها ترامب.. تعرف عليها؟
  • لماذا اختار نتنياهو ديرمر لقيادة المفاوضات؟
  • ما وراء انقسامات التنظيمات التي تحالفت مع الدعم السريع؟
  • ترامب يمنع ماسك من المشاركة في أي قرار متعلق بالفضاء.. لماذا؟
  • «تنظيف المنزل».. ترامب يطرد المدعين العامين الأمريكيين الذين عينهم بايدن