د. وليد عبد الحي يرسم خارطة طريق مستقبل ترامب والإنعكاسات على الشرق الأوسط
تاريخ النشر: 19th, February 2025 GMT
رسم أستاذ العلوم السياسيّة الدكتور وليد عبد الحي، ملامح المرحلة المستقبليّة لحكم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وإنعكاساتها على منطقة الشرق الأوسط.
وقال الأستاذ الدكتور عبد الحي في محاضرة له عقدها معهد الشرق الأوسط للإعلام والدراسات السياسية لمناقشة السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط خلال فترتي حكم دونالد ترامب وتأثيرها على المنطقة، إنّ السياسة الأمريكية لا تتغير جذريًا بتغير الرئيس، بل تحكمها المؤسسات العميقة التي تضمن استقرار التوجهات الأمريكية على الصعيدين الداخلي والخارجي، مشيرًا إلى أن الفارق بين الجمهوريين والديمقراطيين في القرارات الاستراتيجية يكاد يكون معدومًا، وهو ما تؤكده الإحصاءات التاريخية بشأن الحروب، التحالفات، والعلاقات الدولية.
وأوضح الدكتور عبد الحي أن تغيير الرؤساء في الولايات المتحدة لا يؤدي بالضرورة إلى تغييرات جذرية في السياسة الخارجية، مشيرًا إلى أن البيانات التاريخية منذ عام 1875 تظهر استقرارًا في النهج السياسي بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، سواء في قرارات الحرب، دعم إسرائيل، أو فرض العقوبات الاقتصادية.
كما تطرقت الندوة إلى دور اللوبيات المؤثرة في السياسة الأمريكية، موضحًا أن مصلحة الولايات المتحدة تتلاقى مع مصلحة اللوبي الاسرائيلي، حيث يسعى كلاهما لضمان عدم توحيد المنطقة العربية. ورغم أن اليهود يشكلون نسبة ضئيلة من الناخبين الأمريكيين (أقل من 2%)، إلا أن تأثيرهم يتعاظم عبر تواجدهم في المؤسسات السياسية والإعلامية والاقتصادية، مما يمنحهم نفوذًا يفوق وزنهم العددي.
تناول الدكتور عبد الحي أيضًا شخصية ترامب، مستندًا إلى دراسة أعدها 35 بروفيسورًا أمريكيًا في علم النفس، واصفين إياه بأنه شخص غير متوقع التصرفات (Unpredictable)، مما يزيد من احتمالات تعرضه للعزل أو الاغتيال، وفقًا للإحصائيات التاريخية لمحاولات اغتيال الرؤساء الأمريكيين. كما أشار إلى ارتباطاته السابقة مع روسيا، والتي كانت محور تحقيقات موسعة داخل الولايات المتحدة.
فيما يخص الشرق الأوسط، أوضح الدكتور عبد الحي أن المنطقة تعاني من الهشاشة السياسية، حيث تحتل الدول العربية مراكز متأخرة عالميًا في الاستقرار السياسي ومعدلات الفساد، مما يجعلها ساحة سهلة للتدخلات الأجنبية. كما لفت إلى أن الإنفاق العسكري العربي مرتفع جدًا، حيث تفوق ميزانية الدفاع السعودية وحدها ميزانيات تركيا، إيران، إسرائيل، مصر، والجزائر مجتمعين، وهو ما يعكس غياب الرشد السياسي في اتخاذ القرارات الاستراتيجية.
كما أشار إلى أن الولايات المتحدة تتعامل مع المنطقة بمنطق الفرصة الاستثمارية، وليس وفقًا لمعايير حقوق الإنسان أو دعم الاستقرار، مستدلًا بتصريحات ترامب حول غزة، التي اعتبرها غير صالحة للسكن دون الإشارة إلى أن إسرائيل هي من دمرتها.
الندوة شهدت تفاعلًا واسعًا من الحضور، حيث طُرحت تساؤلات حول كيفية صعود ترامب للسلطة رغم شخصيته غير المتزنة، وعن العلاقة بين القمم العربية المتعددة والأجندات السياسية الإقليمية، إضافة إلى دور الإعلام في تشكيل صورة القادة السياسيين في الغرب.
وفي ختام الندوة، أكد الدكتور عبد الحي أن الولايات المتحدة لا تحكمها العواطف أو الولاءات، بل تحكمها المصالح والاستراتيجيات طويلة المدى، وأن أي رهانات على تغير السياسات الأمريكية بتغير الرئيس هي رهانات غير واقعية.
وكالة عمون الإخبارية
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الدکتور عبد الحی الشرق الأوسط إلى أن
إقرأ أيضاً:
اليمين المتطرف والعبث في الشرق الأوسط.. وفرض سياسية البلطجة
إن ما نشاهده الآن عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وما تنقله القنوات الفضائية المختلفة حول العالم وما بثته من دمار هائل في كل شبر من أرض غزة وما حولها، والتي أصبحت ركاما، لا زرع فيها ولا ماء، يجعلنا نقف إجلالا وتقديرا ودعما ومساندة لهذا الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني بعد أن صبر وتحمل ما لا يتحمله شعب في العالم بل روى تراب أرضه بدمائه فداء لها ودفاعا عنها متمسكا بالاستمرار في الدفاع عنها حتى التحرير.
الشعب الفلسطيني يصحح التاريخ
هذا يجعلنا حقيقة نطالب بمحاكمة كل من شارك وساهم في تزوير التاريخ وشوّه صورة وسمعة الشعب الفلسطيني وأنه هو من باع أرضه وفرط فيها، هؤلاء يجب أن يحاكموا بتهمة الغباء السياسي، وإشاعة الأخبار الكاذبة وتضليل الرأي العام، كما يجب أن يحاكموا بتهمة الخيانة العظمى، وأيضا بتهمة تزوير التاريخ لشعب عاش يكافح ويدافع عن أرضه لأكثر من 70 عاما وما زال.
إن هذا التضليل المتعمد والتزوير الممنهج كانت له آثاره السلبية على طريق النضال والتحرير مما ساهم بشكل أو بآخر في عزلة الشعب الفلسطيني لسنوات، ولسان حال هؤلاء يقول هم يستحقون، فهم من باعوا وفرطوا.
اليوم يصحح لنا الشعب الفلسطيني وغزة العزة كذب وافتراء وتضليل هؤلاء ويكتبون التاريخ بدمائهم الزكية لنا وللعالم ويصححون الصورة الذهنية ويؤكدون بصمودهم حقيقة الصراع، وأنهم أصحاب الأرض، وأصحاب التاريخ، ولا مكان للمحتل.
اليوم يصحح لنا الشعب الفلسطيني وغزة العزة كذب وافتراء وتضليل هؤلاء ويكتبون التاريخ بدمائهم الزكية لنا وللعالم ويصححون الصورة الذهنية ويؤكدون بصمودهم حقيقة الصراع، وأنهم أصحاب الأرض، وأصحاب التاريخ، ولا مكان للمحتل
الطوفان العظيم
إن من بشريات طوفان الأقصى والتفاف الشعب الفلسطيني حول المقاومة ومساندتها ودعمها بأرواحهم ودمائهم سوف يفشل كل مخططات المجتمع الدولي تحت أي مسمى، سواء بالتهجير أو التقسيم، أو بالمراوغة أو بالوعود الكاذبة أو بالكلام المعسول.
لقد رأينا عجبا من عالم أحول يكيل بمكيالين في التعامل مع القضية الفلسطينية وجدناه يتعامل معها بعنصرية شديدة بل ويتآمر عليها ليل نهار رغم عدالة القضية ونزاهتها، وهي وحدها تملك الحق الثابت والأصيل التي تتمتع به تاريخيا، إن أصحاب الحق أصحاب الأرض بثباتهم وصمودهم سوف يكشفون ويثبتون لأحرار العالم كذب المجتمع الدولي المتكرر دائما في المحافل الدولية ببسط العدالة، ودعم الشعوب للحصول على حقوقهم المشروعة في بناء أوطانهم وبسط السيادة عليها كي تتمتع بالاستقلال كباقي دول العالم.
أمنيات صهيونية عقب الطوفان
إن هذه الدعوات والتصريحات المتكررة من ترامب وحلفائه هدفها الأول والأخير تصفية القضية الفلسطينية لصالح الكيان الصهيوني، وما صرح به ترامب مؤخرا هي وعود قطعها على نفسه لإنقاذ نتنياهو وحكومته من المساءلة وترميم، فشل نتنياهو الذريع في إدارة الحرب التي لم يحقق أيا من أهدافها المعلنة، وهو السبب الذي أصاب كل مؤسسات الكيان الصهيوني بالتصدع.
إن ممارسة البلطجة من قبل ترامب بتصفية القضية سوف تفشلها المقاومة وأيضا صمود الشعب الفلسطيني، وكذلك المساندة الشعبية من كل شعوب العالم الحر.
إن هذه التصريحات ما هي إلا وهْم، هي والعدم سواء، ولا تحقق للشعب الفلسطيني إقامة دولته المستقلة، بل هي وعود ترامب التي قطعها على نفسه لخدمة اللوبي الصهيوني واليمين المتطرف في إسرائيل.
إن ما حدث في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر ٢٠٢٣ على أرض فلسطين هي معجزة بكل ما تحمله الكلمة من معنى؛ معجزة في التخطيط، معجزة في التدريب معجزة السرية، معجزة وتوفيق في اختيار التوقيت، إن هذا الحدث هو حقا بمثابة الطوفان الذي قلب العالم "من ساسه إلى راسه" كما يقولون.
بعد الوصول إلى وقف إطلاق النار وإبرام صفقة التبادل أصيب الداخل الإسرائيلي بزلزال من مشاهد تبادل الأسرى وظهور عناصر حماس بعتادهم ومركباتهم، وهم يرتدون الزي العسكري حاملين الأسلحة الإسرائيلية التي اغتنموها خلال الحرب؛ في رسالة مفادها "الأرض لنا"، وكذلك التفاف الشعب حولهم في رسالة أخرى معناها التحرير طريقنا، ليسقطوا معها كل المؤامرات التي تحاك بالقضية الفلسطينية في الظلام.
وبعد أيام من التبادل وعودة النازحين الي بيوتهم لما نصت عليه الاتفاقية شاهدنا طوفانا من البشر يعودون إلى منازلهم المدمرة أملا في التعمير والعيش، في تحد ورفض قاطع لكل دعوات التهجير والإصرار على البقاء على أرضهم، حاملين بعض أمتعتهم فوق رؤوسهم مرددين "نتنياهو وينه.. كسرنا عينه"، ومع كل مرحلة من مراحل التحرير يثبت الشعب الفلسطيني أنه أكثر شعوب العالم دفاعا عن أرضه ومقدساته.
إن الحول السياسي الذي تمارسه أمريكا ضد مستقبل الشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة يتبلور في تصريح ترامب بضرورة تهجير الشعب الفلسطيني بين مصر والأردن، أو إلى بعض دول العالم والذي يتفق مع سياسة ورؤية اليمين المتطرف في إسرائيل في نظرته للقضية الفلسطينية بضرورة تصفيتها.
يدعو إليه ترامب هو بمثابة التطهير العرقي للشعب الفلسطيني، وتصفية القضية الفلسطينية لصالح إسرائيل، كما أن هذه الدعوة تمثل خطرا شديدا على الأمن القومي المصري والأردني، بل إنها سوف تجعل منطقة الشرق الأوسط على صفيح ساخن وعدم استقرار
إن ما يدعو إليه ترامب هو بمثابة التطهير العرقي للشعب الفلسطيني، وتصفية القضية الفلسطينية لصالح إسرائيل، كما أن هذه الدعوة تمثل خطرا شديدا على الأمن القومي المصري والأردني، بل إنها سوف تجعل منطقة الشرق الأوسط على صفيح ساخن وعدم استقرار. إن السياسة التي يتبعها ترامب في الشرق الأوسط من أول يوم مارس فيه مهامه الجديدة كرئيس لأمريكا؛ هي سياسة البلطجة الممنهجة التي يعتمد من خلالها على نهب ثروات المنطقة، وفرض سياسة الترهيب من أجل تبني وتنفيذ رؤيته وتطلعاته علي حساب صاحب الأرض والتاريخ.
إن السياسة التي يتعامل بها ترامب مع حكامنا هي سياسية الترهيب، هذا ما لاحظناه في التعامل مع الملك عبد الله، ملك الأردن، وهو يستمع إليه في مشهد غير برتوكولي على الإطلاق ولا يليق باستقبال حاكم عربي.
إن سياسة الرئيس الأمريكي ترامب ونظرته للشرق الأوسط سياسة خبيثة مبنية على الابتزاز، وتوسيع رقعة الكيان الصهيوني، وسيطرت الكيان الصهيوني علي منطقة الشرق الأوسط أملا في نزع سلاح المقاومة، وإعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل بمزيد من العربدة بعد حصولها على الأسلحة والقنابل الفتاكة من أمريكا الأمر الذي يجعل مستقبل المنطقة على صفيح ساخن.
إن سياسة التهديد والترهيب الذي يمارسها ترامب في منطقة الشرق الأوسط جعلت حكام المنطقة في أزمة كبيرة، وتأكد بما لا يدع مجالا للشك أن استقلالية دولنا العربية ما هي إلا وهم لا يمت للحقيقة بصلة.
ويبقى في النهاية الحديث عن تنفيذ عملية التهجير تظل أمنية تدور في رؤوس الصهاينة وحلفائهم، لم ولن تتحقق لهم بصمود الشعب الفلسطيني صاحب الأرض والتاريخ.