محمد زناتي في حواره لـ«البوابة نيوز»: «إنهم يزرعون البيض».. نص يرصد عبثية الوجود وصراع الإنسان مع اللاعقلانية.. اختيار العصفوري لكتابة المقدمة يعكس قيمة المشروع.. اللغة لعبت دورا في تشكيل الشخصيات
تاريخ النشر: 18th, February 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
شارك الكاتب المسرحي محمد زناتي هذا العام بنصين مسرحيين بمعرض القاهرة الدولي للكتاب 2025، الأول يحمل عنوان: «إنهم يزرعون البيض» الصادر حديثا عن الهيئة العامة لقصور الثقافة ضمن سلسلة نصوص مسرحية، والذي تدور أحداثه في إطار عبثى حول ثلاث شخصيات يتم اتهامهم بأنهم سيارات، وطوال المسرحية يحاولون أن يثبتوا أنهم بشر، فهل سينجحون في إثبات ذلك في عالم يصر على زراعة البيض.
والثاني بعنوان: «أمادو» الصادر من المركز القومى لثقافة الطفل، تستلهم الأسطورة الأفريقية لتعيد صياغتها من جديد حتى تناسب تفكير الطفل المعاصر وبشكل فني يبتعد تمامًا عن المباشرة، ويعتمد على الخيال لتؤكد على أهمية دور العائلة والاتحاد وحب التعلم والقراءة والاعتماد على النفس والتسامح، فلكي نواجه الشر لا بد أن نتعلم الحب.
واختار المؤلف اسم «أمادو» هذا الاسم الأكثر شهرة في أفريقيا، والذي يعني «محمد»، فبطل القصة «أمادو» ابن قبلية الماساي وهم مجموعة قومية نيلية وشبه رُحَّل يتمركزون في كينيا وشمال تنزانيا، فأنهم من بين أفضل الجماعات العرقية الأفريقية المعروفة، الذي يخرج في رحلة بحثًا عن حقه الضائع بعد أن طردته القبيلة وأخذ أخوته ميراثه دون وجه حق.
أنها مغامرة مسرحية جديدة تدخل القارئ في عالم أسطوري مملوء بالعديد من الدلالات المثيرة التي تحترم عقلية الطفل.
التقت «البوابة نيوز» المسرحي محمد زناتي للتعرف على الفكرة الرئيسية لنص «إنهم يزرعون البيض»، وبناء الأحداث، والدلالة الرمزية لعنوان النص، وكيفية إسهام اللغة في الشخصيات وأدوارها، وسبب اختيار المخرج سمير العصفوري لكتابة مقدمة المسرحية، إلى نص الحوار..
ما هي الفكرة الرئيسية التي يعالجها النص المسرحي «إنهم يزرعون البيض»؟
هذا النص ينتمي إلى ما يمكن أن نسميه مسرح العبث او اللامعقول، ويتميز هذا النوع المسرحي بأنه نتاج ظروف سياسية وعالمية كبرى أدت بالمفكرين والفنانين إلى إعادة التفكير في الثوابت، وخاصة بعد الحرب العالمية الأولى والثانية واثارها المدمرة للإنسان، ولهذا قد ظهر هذا الاتجاه كأتجاه ساعيا إلى التجديد والتخلص من الحضارة الآلية الجديدة، محاولا وضع تفسير جديد للإنسان المعاصر لانقاذه من تفسخ الأنظمة والقوانين، التي تضيف أعباء غير منطقية على حياته لدرجة أنها في بعض الأحيان تجعله يتخلص من إنسانيته حتى يتكمن من مجارة الحياة، ومعظم كتابه قد يشتركون في محاولاتهم الدائمة للكشف عن أزمات الإنسان الوجودية، وهذا النص يعرض لشخصيات قد تم اتهامه بانهم سيارات قد عملت مخالفات جسيمة وهم طوال أحداث المسرحية يحاولون اثبات أنهم بشر وليسوا سيارات.
كيف تم بناء الأحداث للنص؟
- الأحداث تبدأ في عالم غرائبي دون تحديد لزمان أو مكان واقعي لمجموعة من الناس يقفون تحت مظلة وخلفهم بنزينة معلقاً عليها لافتات وصور لمرشح في الإنتخابات رمز السيارة، والجو غائم، ويتساقط الثلج، ثم أمطار شديدة، ثم رياح وأصوات برق ورعد وزلزال شديد، ثم حمم بركانية ومن خلال هذه المقدمة الغرائبية التي تستلهم عالم نجيب محفوظ في تحت المظلة، يبدأ توافد الشخصيات والقبض عليهم وباقي الأحداث تدور داخل المحكمة الآلية التي تتهم الشخصيات بأنهم سيارات مخالفة وهم يحاولون اثبات إنسانيتهم دون جدوى.
هل تتبع النص الحبكة التقليدية "بداية، تصاعد، ذروة، نهاية"؟
- الحبكة في دراما اللامعقول لا تعتمد على التسلسل المنطقي بداية، تصاعد، ذروة، نهاية، كما يحدث في الدراما التقليدية، إنما تقوم على تحطيم الرؤية المنطقية التي تقوم على العقلانية والواقعية، حيث تحول التسلسل المنطقي للأحداث على أجزاء ربما لا يوجد رابط بينها وأن كانت التجربة المسرحية بطبيعتها تصنع منطقها الخاص وحبكتها الخاصة اللامعقولة، ففي مسرحية «إنهم يزرعون البيض»، كيف تثبت هذه الشخصيات أنهم بشر وليسوا سيارات.
لماذا تم اختيار «إنهم يزرعون البيض» عنوانا لهذا النص المسرحي؟
- إنهم يزرعون البيض مجرد تعبير عن عبثية الفعل، فلا أحد يزرع البيض، ولكن في ظل هذا العالم المجنون الذي لا يستطيع التفرقة بين السيارة والإنسان أن كل ما يحدث يعبر عن هذه الجملة إنهم حقا يزرعون البيض، بالإضافة لأني اؤمن تماما أن كل نص إنما هو تداخل بين النصوص (Intertexte)، ففيه تحضر نصوص أخرى في مستويات متنوعة وتحت أشكال قابلة نسبيا لأن تتذكر، نصوص الثقافة السابقة ونصوص الثقافة المحيطة، فكل نص هو نسيج جديد من الشواهد المتطورة كما يقول رولان بارت، ومن ثم فقد يكون هذا العنوان نتيجة تأثري بعنوانين المسرح العبثي.
ما هي الدلالة الرمزية لهذا العنوان؟
- اترك إجابة هذا السؤال للقارئ، فان هدفي من الكتابة عموما أن أجعل القارئ يثبر غور العلامات ثم يفسرها، ويأولها ويستوعبها ويتعمق في معانيها ودلالاتها كيفما يشاء، فلو قلت لك ما أريد أن أقول فلماذا اكتب اذن؟ وإجابتي هذه ستكون مجهضة للذة الاكتشاف عند القارئ الآن وللمشاهد فيما بعد.
ماذا عن المدة المستغرقة للانتهاء من هذا النص؟
- هذا النص انتهيت من كتابته عام 1994 وظل حبيس ادراجي، وفكر صديقي المخرج رضا حسنين في تقديمه على مسرح الهناجر عام 2000 تقربيا، ولكن لم يرحب به بسبب طبيعته المغايرة او هكذا أظن وكنت قد نسيته تماما، لكن منذ ثلاث أعوام ذكرني به المخرج رضا حسنين ولم يكن معي نسخة منه، فأحضر لي نسخته فأعدت كتابته، ولذا لا يمكن تحديد المدة المستغرقة لكتابته فيها ما بين 1994 و2022.
لماذا تم اختيار المخرج القدير سمير العصفوري تحديدا لكتابة مقدمة النص؟
- تجمعني معه أفكار ومشاريع مشتركة بيني وبينه، ومن وجهة نظري العصفوري صاحب المشروع الأهم في تاريخ المسرح المصري بالأخص والعربي بشكل عام، وشرف كبير لي ولأي كاتب مسرحي أن يقترن اسمه باسم العصفوري.
ما الدور الذي تلعبه الشخصية الرئيسية في تطور الأحداث؟
- الشخصية الرئيسية تصارع عالم لا يعترف بإنسانيتها، وتحاول أن تثبت أنها ليست سيارة.
هل النص مناسب للزمن الذي كتب فيه ويصلح لعصرنا الحالي؟
ـ أعتقد أن القضايا الوجودية مناسبة لكل عصر ولكل زمان.
ما نوع اللغة المستخدمة في النص؟
- من حيث الكلمات فهي اللغة العامية، أما اللغة فهي لغة مسرحية عبثية تكتسب شفرتها ودلالتها من سياق النص وثغراته.
كيف تسهم اللغة في إبراز شخصية كل دور؟
- اللغة تعد عنصرا حيويا في بناء المسرحية بشكل عام وتشكيل تجرِبة القراءة لدى الجمهور، لأنها تحدد الجو العام الذي يحيط بالمسرحية وتوجه القارئ نحو فهم أعمق للشخصيات وتطوراتها وأزماتها عندما يتم استخدام اللغة بشكل فعّال، تنكشف جوانب متعددة من اللذة، والإثارة والتشويق والتعاطف، وأؤكد لك اللغة ليست مجرد كلمات لنقل المعلومات، بل هي أدوات فنية مرتبطة بكافة عناصر العرض المسرحي حتى يتمكن القارئ من فهم إنهم يزرعون البيض.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: محمد زناتي إنهم يزرعون البيض الهيئة العامة لقصور الثقافة سمير العصفوري هذا النص
إقرأ أيضاً:
شادي أبو ريدة لـ«البوابة نيوز»: الدراسات النقدية مقياس راصد لحركة التشكيل المصري
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكد الفنان الدكتور شادي أبو ريدة، ضرورة الدراسات النقدية وأهميتها كمقياس راصد لحركة التشكيل المصري، موضحًا أنها تهدف إلى تحديد المستويات الفكرية والجمالية والتقنية والفنية لمبدعي مصر، وأماكن تموضوعهم وتحركاتهم النشطة أو الخاملة داخل فضاءات الحركة الفنية التشكيلية العالمية، وكذلك موقفهم من التعامل والتعاطي مع قضايا الهُوية والأصالة من جانب والعولمة والمعاصرة من جانب آخر.
وقال "أبو ريدة" في تصريحات خاصة لـ«البوابة نيوز»، إن قرار عودة الدراسات النقدية المصاحبة للمعرض العام هذا العام، كتقليد كان متبعًا في العديد من الدورات السابقة هو قرار سديد.
وأضاف: "منذ انطلاق دورته الأولى في الخامس من شهر مايو عام ١٩٦٩م، كان للمعرض العام خصوصية وميزة نسبية ميزته عن سائر فعاليات عرض الفنون التشكيلية في مصر، حيث يعد ملخصًا سنويًا للحراك الفني المصري، وثمارًا من أزكى ثماره، وخلاصة للوعي الفكري والجمالي والإبداعي لعدد كبير من أهم فناني مصر".
وتابع: "ومن يرغب في الحصول على تلك الثمار واقتنائها، أو الاستمتاع بمشاهدتها، دون الحاجة لمتابعة الغرس والإثمار أو الثمار غير الناضجة أو التالفة، فمقصده الطبيعي والمنطقي هو قاعات المعرض العام. لذا، فمن الواجب والضروري المحافظة على تلك الخصوصية والميزة النسبية بكل جهد وإخلاص، من قبل المختصين بهذا الشأن والقائمين عليه والداعمين له".
يشار إلى أنه تم اختيار الفنان الدكتور شادي أبو ريدة، ضمن نخبة من النقاد والكتاب والفنانين المتخصصين فى النقد التشكيلى، للمشاركة فى دراسة نقدية حول الاعمال الفنية المشاركة فى المعرض العام فى دورته الخامسة والأربعين 2025، تحت شعار (من الدهشة إلى الفن).