بغداد اليوم - بغداد

يواجه العراق تحديات معقدة تتعلق بتفكيك سلاح الفصائل المسلحة، وهي قضية تتداخل فيها الأبعاد الداخلية والإقليمية والدولية. وتسعى الحكومة العراقية إلى تحقيق سيادة الدولة وضبط الأمن، بينما تواجه ضغوطًا دولية متزايدة تدعو إلى نزع سلاح هذه الفصائل. في هذا السياق، تتعدد الآراء والتصريحات من المسؤولين والخبراء حول سبل التعامل مع هذا الملف الشائك.


زيادة الضغوط

إن الضغوط الخارجية تتباين بين أطراف تدعو إلى إنهاء ظاهرة الفصائل المسلحة وأخرى ترى فيها ورقة ضغط إقليمية ضرورية. أما داخلياً، فالوضع أكثر تعقيداً بسبب التداخل بين هذه الفصائل وبين المشهد السياسي، حيث تمتلك العديد منها تمثيلاً في البرلمان ولها امتدادات في الأجهزة الأمنية الرسمية، مما يزيد من تعقيد ملف حلّها أو إدماجها ضمن المؤسسات الحكومية.

وقد أكد المختص في الشؤون السياسية والأمنية محمد علي الحكيم لـ"بغداد اليوم"، أن الحكومة العراقية لم تتوصل حتى الآن إلى أي حلول مع الفصائل المسلحة بشأن نزع سلاحها، مشيرًا إلى وجود رغبة دولية بخصوص هذا الملف. وأوضح الحكيم أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يواجه صعوبات في التعامل مع هذا التحدي، مما قد يؤدي إلى إخفاق حكومته في حسم مصير سلاح الفصائل، الأمر الذي قد يدفع إسرائيل إلى تنفيذ ضربات جوية ضد مواقعها، خاصة وأن واشنطن لا تمارس ضغوطًا كافية على إسرائيل لمنع مثل هذه الهجمات.


محاولات حكومية 

ملف الفصائل المسلحة في العراق يعود إلى فترة ما بعد 2003، حيث نشأت العديد من الجماعات المسلحة تحت مسميات مختلفة، بعضها انخرط لاحقًا في الحشد الشعبي، بينما بقيت أخرى مستقلة. على مدار السنوات الماضية، كانت هناك محاولات حكومية لإدماج هذه الفصائل ضمن المؤسسات الأمنية الرسمية، إلا أن هذه الجهود واجهت مقاومة قوية بسبب تداخل المصالح الإقليمية والدولية، فضلًا عن الارتباطات الأيديولوجية لبعض الفصائل مع قوى خارجية مثل إيران.

ويرى المختصون في الشؤون السياسية والأمنية أن الحكومة العراقية لم تتمكن حتى اللحظة من تحقيق أي تقدم ملموس في هذا الملف. هذه الفصائل، التي تشكلت في مراحل سابقة تحت عناوين "الدفاع عن الأمن الوطني ومحاربة الإرهاب"، أصبحت اليوم جزءاً من المعادلة السياسية والعسكرية في البلاد، ما يعقد مسألة تفكيكها. فبينما تصر بعض القوى الدولية على ضرورة نزع سلاح هذه الفصائل كجزء من جهود استقرار العراق وإبعاده عن تداعيات العقوبات الدولية، تواجه الحكومة صعوبات حقيقية في اتخاذ مثل هذا القرار دون أن يترتب عليه تصعيد داخلي قد يهدد استقرار البلاد.

اعتراف حكومي بصعوبة "الحل"

في 16 كانون الأول الماضي، صرح وزير الخارجية فؤاد حسين بأن الحكومة العراقية تواجه تحديات كبيرة في إقناع الفصائل المسلحة "غير المنضبطة" بالتخلي عن سلاحها، مؤكدًا أن هذه المسألة أصبحت أكثر تعقيدًا مع تصاعد التوترات الإقليمية. كما أوضح مستشار رئيس الوزراء السابق، إبراهيم الصميدعي، أن هناك ضغوطًا دولية متزايدة على الحكومة العراقية لضبط السلاح المنفلت خارج إطار الدولة، مشيرًا إلى أن المجتمع الدولي يرى في تفكيك هذه الفصائل خطوة ضرورية لتحقيق الاستقرار في العراق وضمان سيادته.


ارادات متعددة تفرض نفسها

تكمن صعوبة تفكيك الفصائل المسلحة في العراق في عدة عوامل رئيسية، منها نفوذ هذه الفصائل سياسيًا وعسكريًا، وارتباط بعضها بإيران، فضلًا عن الدور الذي تلعبه في التوازنات الداخلية. أي محاولة لنزع سلاحها دون وجود توافق داخلي ودعم دولي يمكن أن تؤدي إلى صدامات داخلية قد تزعزع استقرار العراق أكثر.

بالإضافة إلى ذلك، فإن التدخلات الخارجية تزيد من تعقيد هذا الملف. فإسرائيل تراقب تحركات الفصائل عن كثب، وسبق أن شنت هجمات على مواقعها داخل العراق. في حال استمر التصعيد الإقليمي، قد يجد العراق نفسه في قلب معركة لا يرغب في خوضها.

وإن أي تصعيد عسكري قد يفتح الباب أمام تعقيدات أكبر في المشهد العراقي، وقد يعيد البلاد إلى دوامة صراع غير محسوب العواقب، لا سيما إذا تكررت الضربات العسكرية الإسرائيلية ضد الفصائل المسلحة. دخول هذه الفصائل على خط النزاع سابقا في لبنان وغزة يضيف بُعداً إقليمياً يزيد من تعقيد الموقف، حيث أصبحت هذه الفصائل ليست مجرد قضية عراقية داخلية، بل عنصراً في معادلات الأمن الإقليمي. إذا لم تنجح الحكومة في احتواء الموقف بطريقة متوازنة، فقد تجد نفسها في مواجهة خيارات صعبة، إما القبول بالضغوط الدولية، مما قد يؤدي إلى مواجهة داخلية مع الفصائل، أو الاستمرار في إدارة الملف بحذر دون حلول جذرية، وهو ما قد يزيد من احتمالات الصدام العسكري مع أطراف إقليمية أخرى.


كيف يتحقق "التوازن لدقيق"؟

في هذا الإطار، دعت بعض القوى السياسية إلى ضرورة دمج الفصائل المسلحة في المؤسسات الأمنية الرسمية كحل وسط يضمن سيادة الدولة ويحقق الاستقرار. إلا أن هذا المقترح يواجه عقبات عدة، أبرزها رفض بعض الفصائل التخلي عن استقلاليتها، بالإضافة إلى المخاوف من تأثير ذلك على توازن القوى داخل العراق.

يظل ملف تفكيك سلاح الفصائل المسلحة في العراق من أكثر القضايا تعقيدًا وحساسية. تتطلب معالجته توازنًا دقيقًا بين الضغوط الدولية والمصالح الوطنية، مع مراعاة التعقيدات الإقليمية المحيطة. حتى الآن، لم تظهر أي بوادر لحل قريب، مما يجعل هذا الملف مفتوحًا على سيناريوهات متعددة، قد يكون بعضها مكلفًا على الصعيدين الأمني والسياسي.


المصدر: بغداد اليوم+ وكالات

المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: الفصائل المسلحة فی الحکومة العراقیة هذه الفصائل هذا الملف فی العراق الفصائل ا

إقرأ أيضاً:

مدبولي: مصر تولي الملف الأفريقي أهمية قصوى.. واستثمارات كويتية مرتقبة

 أكد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، أن مصر تولي للملف الأفريقي أهمية شديدة، وأن مصر حريصة على استقرار الأوضاع في جميع الدول.

وأضاف الدكتور مصطفى مدبولي، خلال اجتماع الحكومة الأسبوعي، أن هناك مشاورات مع الجانب الكويتي من أجل تنفيذ مشروعات، فالفترة المقبلة سيكون هناك استثمارات كويتية بمصر، وذلك بعد حل مشكلات المستثمرين.

وأشار إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي، عقد اجتماع من أجل توحيد الرسوب التي توضع بخصوص الضرائب، لآن ذلك يؤثر على المستثمرين.

ترأس اليوم الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، الاجتماع الأسبوعي للحكومة، بمقرها في العاصمة الإدارية الجديدة؛ وذلك لمناقشة عدد من الملفات والموضوعات.

واستهل مدبولي الاجتماع، بتقديم خالص التهاني القلبية لـ الرئيس عبدالفتاح السيسي، وجميع عمال مصر؛ بمناسبة الاحتفال بعيد العمال.

وأكد أن هذا الاحتفال يأتي كل عام لنعرب عن تقديرنا لكل السواعد المصرية التي تسهم بفاعلية كبيرة في تحقيق نهضة تنموية للبلاد، في مختلف القطاعات والمجالات، سعيا لبناء مستقبل أفضل لوطننا العزيز ولشعبنا العظيم، وتوفير حياة كريمة لكل المصريين.

واستعرض رئيس مجلس الوزراء ملخص النشاطات والفعاليات التي قام بها الرئيس خلال الأيام الماضية، وذلك في إطار المساعي والجهود الحثيثة التي يبذلها الرئيس؛ من أجل الدفاع عن قضايا الوطن، وتهدئة الأوضاع في المنطقة، مشيرا في هذا الصدد إلى لقاء رئيس الجمهورية والفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني.

وقال الدكتور مصطفى مدبولي: الدولة المصرية تقف دوما بجانب أشقائها وهو ما أكده الرئيس خلال اللقاء، حيث اتفق الجانبان على ضرورة تكثيف الجهود لتوفير الدعم والمساعدة اللازمين للسودانيين المقيمين في مناطق الحرب.

كما أشار رئيس مجلس الوزراء لاستقبال الرئيس رئيس البرلمان المجري، وتناول الجهود المصرية الرامية إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بالإضافة للقائه بالحاكم العام لكومنولث أستراليا في زيارتها الأولى لمصر، التي تتزامن مع الاحتفال بمرور 75 عاماً على تدشين العلاقات بين البلدين.

ولفت إلى أن اللقاء شهد تأكيدًا مشتركًا على أهمية تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، والفرص الواعدة المتاحة للاستثمار في مصر، والتي يمكن للشركات الأسترالية الاستفادة منها.

وعقب ذلك، تطرق الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، لمشاركته نيابة عن رئيس الجمهورية، في الجلسة الافتتاحية للقمة غير العادية للدول المساهمة بقوات في بعثة الاتحاد الأفريقي للدعم والاستقرار في الصومال، التي عقدت مؤخرا في مدينة عنتيبي بأوغندا.

وأشار إلى تأكيده خلال القمة أن الدولة المصرية أعربت عن دعمها الثابت والواضح للرؤية التي وضعها الرئيس الصومالي لإقامة دولة موحدة ومزدهرة، كما أن مصر كانت وستظل ملتزمة جنبا إلى جنب مع المجتمع الدولي تجاه دعم جمهورية الصومال الفيدرالية الشقيقة.

وتطرق رئيس الوزراء للزيارة الميدانية التي قام بها أمس بصحبته نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية، وزير الصناعة والنقل، وعدد من الوزراء والمسئولين، لمشروعات جهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة.

وأكد أهمية هذه الزيارة للمشروعات التي ينفذها الجهاز بهدف توفير منتجات زراعية ذات جودة عالية بأسعار مناسبة للمواطنين، وتحقيق الأمن الغذائي من السلع الاستراتيجية، وتصدير الفائض للخارج، مشيدا بما شاهده من تطور وبما لمسه من جهود كبيرة مبذولة لإنشاء وتشغيل المشروعات القومية القائم عليها جهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة، التي تسهم في تنمية موارد الدولة.

وخلال اجتماع المجلس، استعرضت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أهم التوجهات الاقتصادية وأجندة السياسات الدولية في ضوء اجتماعات الربيع للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، مشيرة في ضوء ذلك إلى اتجاهات نمو الاقتصاد العالمي طبقا لصندوق النقد الدولي، وتوقعات الصندوق والبنك الدولي لنمو الاقتصاد المصري.

وفي هذا الإطار، لفتت الوزيرة إلى تزايد حدة التوترات التجارية وحالة عدم اليقين والتي أدت إلى قيام صندوق النقد الدوليّ بخفض إضافي في توقعات النمو العالميّ، مع خسائر محتملة أكبر في حال استمرار التصعيد، مما يزيد من المخاطر المحيطة بالتعافي الاقتصادي العالمي، وذلك مقارنة بتوقعات شهر يناير 2025.

أما فيما يتعلق بتوقعات نمو الاقتصاد المصري، فأشارت الدكتورة رانيا المشاط إلى أن مصر شهدت مراجعة إيجابية لتوقعات نموها لعامي 2025 و2026، حيث تعكس هذه التطورات الإيجابية التقدم في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي طبقا للصندوق.

من جانبه، وخلال الاجتماع، أشار وزير المالية إلى أنه التقى، على هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين، واجتماعات مجموعة العشرين بواشنطن، عددا من نظرائه بمجموعة العشرين وممثلي كبرى المؤسسات الاقتصادية والمالية والبنوك الدولية، حيث تم التباحث حول الأوضاع الراهنة لهيكل الاقتصاد العالمي، وتأثيرها على تدفقات الاستثمار والتجارة وجهود التنمية بالبلدان النامية والأفريقية.

في غضون ذلك، استعرض "كجوك" مُخرجات اللقاءات التي أجراها على مدار الأيام الماضية مع عدد كبير من المستثمرين، مشيرًا إلى أنه لمس خلال هذه اللقاءات نظرة متفائلة وجيدة للغاية تجاه السوق المصرية بين مختلف فئات المستثمرين؛ نظرًا لتحسن الأوضاع والمؤشرات الاقتصادية، وقدرة الاقتصاد المصري على مواجهة التحديات.

طباعة شارك مصطفى مدبولي مجلس الوزراء مدبولي الحكومة

مقالات مشابهة

  • فرنسا تنفي انعقاد اجتماع حول الملف النووي الإيراني وتلوّح بإعادة فرض العقوبات
  • الرئيس عون: سننقل لبنان إلى مكان آخر ولا خيار سوى القنوات الديبلوماسية لوقف الهجمات الاسرائيلية والدولة تحمي حزب الله
  • محمود فوزي يكشف كواليس إعداد قانون الإجراءات الجنائية
  • الجيش السوداني لرويترز: السودان كشف تورُّط الإمارات الإجرامي وضلوعها في قتل السودانيين بدعمها ورعاية المليشيا.. والآن تحاول ذر الرماد في العيون وتختلق التهم الباطلة
  • السوداني يؤكد استعداد الحكومة لتقديم التسهيلات والدعم لعمل شركة بيكر هيوز بالعراق
  • السلع المدعمة تملأ المنافذ في مايو | والدولة تواصل الضخ دون توقف.. تفاصيل
  • فترة حرجة تمر على فلذة كبدي.. كيف أخلص إبني من عقدة الإختبارات
  • نتنياهو يمثُل أمام المحكمة للمرة الـ27 بتهم فساد
  • للمرة الـ27.. نتنياهو يمثُل أمام المحكمة المركزية في تل أبيب
  • مدبولي: مصر تولي الملف الأفريقي أهمية قصوى.. واستثمارات كويتية مرتقبة