ترمب هائج في مستودع الخزف الأمريكي. من بركاته عمل هجمة قوية ضد الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية. الأوراق أثبتت أنو الوكالة تمول مئات وربما ألاف منظمات المجتمع المدني والصحافة حول العالم.

أتضح أن ٩٠ في المئة من الصحافة الأكرانية تتلقي التمويل من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية. وهذا جعل الفضاء الإعلامي الأكراني ينحاز لوجهة النظر الأمريكية في قضية الحرب ضد روسيا بغض النظر عن تطابقه أو مجافاته لمصلحة الدولة الأكرانية.

ويري كبار العلماء الأمريكان أن الحرب وفرت فرصة لامريكا لإضعاف روسيا علي حساب أكرانيا لذلك عملت علي إطالة أمدها بل وساهمت في إشعالها.

السؤال هو هل تتلقي الصحافة السودانية وصحفييها تمويلا مشابها من جهات خارجية أمريكية أو غير أمريكية؟ وما هي نسبته؟

كتب السودانيون والاجانب الآلاف من الكتب عن تعقيدات ومشاكل السودان واسباب الفشل ولكنهم ذهلوا تماما عن أحد أهم هذه الأسباب: وجود ساسة وكتاب محترفين ياكلون عيشهم من السياسة كقادة عمل عام أو كتاب أو صحفيين.

بالنسبة لهؤلاء، السياسة أكل عيش، لا هي بالواجب الوطني بلا مقابل سوي تلقي النقد والشتيمة ولا هي لتزجية أوقات الفراغ ولا هي بالهواية. ويقول أهل السودان أن المعايش جبارة واكل العيش مر. ومن أجل توفير اللقمة يضطر الغلابة أحيانا لبيع لحمهم في الهوي أو التسول أو السرقة أو تحمل الذل في الداخل والمهاجر.

وفي أوليات حكم البشير أضطر البعض للتظاهر بموالاة النظام وأطالوا الدقون وظهرت دقن سماها الشعب تندرا “من أجل أبنائي”.

ولكن هناك فرق جوهري بين بطل ياكل خرا ويتحمل ذل العمل من أجل أبنائه أو فتاة تبيع نفسها لتعيل أطفال أو كبار في السن وبين سياسي أو كاتب يبيع وطنه بملايين أسره واطفاله. هذا قواد، مجرم فاسد، شديد الفساد فقد أهليته الإنسانية قبل الوطنية.
وفي ذلك خاطب مظفر النواب بائعة هوي في الحانة القديمة وقال:
“نخبك سيدتي ما بعتِ سوى اللحم الفاني.
فالبعضُ يبيعُ اليابس والأخضر
ويدافع عن كل قضايا الكون
ويهربُ من وجه قضيته
سأبولُ عليه وأسكر..”
ليس من المستغرب أن تكون عادة جل (وليس كل) محترفي السياسة والكتابة هو ممارستها من أجل أكل العيش أو علي الأقل تعاطيها بما لا يتعارض مع أكل العيش ويكون ذلك إما بالترويج للباطل باجر أو السكوت عن الحق لحماية الرزق من المخاطر وهذا هو الشيطان الأخرس أو الناطق الإنتقائي. بمعني آخر، لو تعارضت المصلحة الوطنية مع الأجر، يتخذ هؤلاء الموقف السياسي الذي يرضي مصدر رزقه ولتذهب المصلحة الوطنية للجحيم.

لو كنت وكالة مخابرات أو حكومة أجنبية أو حتيدعم سريع تود أن تشتري صحفيين أو ساسة في بلد ما، ماذا تفعل؟ لو دفعت لهم مباشرة ستكون فضيحة لك ولهم. ما العمل؟
الحل بسيط. مرر الكاش عبر منظمة أو أن جي أو – صنعتها أنت أو موجودة أصلا في بلدك أو في بلد ثالث. ومن المهم أن تبدو علي المنظمة الفضيلة ويزينها العفاف وان تكون من إسمها منظمة تعمل من أجل التنمية أو السلام أو الشباب أو المراة أو الديمقراطية. ثم قم توظيف الساسة والكتاب المستهدفين في أعمال وهمية كمستشارين أو موظفين أو باحثين. هكذا تدفع للعملاء من غير أن تحرج نفسك ومن غير أن تحرجهم. وكلو يهون في سبيل الديمقراطية والمدنية وحقوق الإنسان.

معتصم أقرع

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: من أجل

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة تخفض عدد موظفي مكتب الشؤون الإنسانية بسبب التمويل

قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توم فليتشر، لموظفي مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للمنظمة الدولية، إن المكتب سيخفض عددهم بنسبة 20% في وقت يواجه فيه عجزًا قدره 58 مليون دولار، وذلك بعد خفض الولايات المتحدة، وهي أكبر جهة مانحة للمكتب، التمويل الذي تقدمه.

وكتب فليتشر في مذكرة للموظفين أمس الخميس "يعمل لدى مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية حاليًا نحو 2600 موظف في أكثر من 60 دولة. ومن شأن نقص التمويل أن يترتب عليه محاولة إعادة تجميع قوتنا العاملة لنشكل منظمة تضم نحو 2100 موظف في عدد أقل من المواقع".
ويعمل المكتب على حشد المساعدات وتبادل المعلومات ودعم جهود الإغاثة ودعم المحتاجين خلال الأزمات، ويعتمد بصورة كبيرة على الإسهامات الطوعية.
وقال فليتشر: "ظلت الولايات المتحدة وحدها أكبر مانح للمساعدات الإنسانية لعقود، وأكبر مساهم في ميزانية برامج مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية".

ومنذ عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى منصبه في يناير لولاية ثانية، قلصت إدارته مساعدات خارجية بمليارات الدولارات في مراجعة تستهدف ضمان توافق البرامج مع سياسته الخارجية "أمريكا أولًا".
وأعلن  الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الشهر الماضي عن مبادرة جديدة لتحسين الكفاءة وخفض التكاليف مع بلوغ المنظمة الدولية عامها الثمانين هذا العام وسط أزمة مالية.
وقال فليتشر إن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "سيركز مزيدًا من مواردنا على البلدان التي نعمل فيها"، لكنه سيعمل في عدد أقل من الأماكن.
وقال فليتشر: "سيقلص مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية وجودنا وعملياتنا في الكاميرون وكولومبيا وإريتريا والعراق وليبيا ونيجيريا وباكستان وغازي عنتاب في تركيا وزيمبابوي".

وأضاف "كما نعلم جميعًا، فإن هذه العمليات مدفوعة بتخفيضات التمويل التي أعلنتها الدول الأعضاء، وليس بسبب تراجع الاحتياجات".
وتابع "الاحتياجات الإنسانية آخذة في الازدياد، وربما لم تكن أعلى من ذلك في أي وقت مضى، بسبب النزاعات والأزمات المناخية والأمراض وعدم احترام القانون الإنساني الدولي".

مقالات مشابهة

  • من زاوية إلى (بودكاست) ..!!
  • مسار المعركة وتدابير السياسة
  • ما دور الطرق الصوفية في السياسة المصرية؟ وكيف تمكنت الدولة من احتوائها؟
  • المشاط تلتقي مدير الوكالة الفرنسية للتنمية
  • وزيرة التخطيط تبحث مع مدير الوكالة الفرنسية للتنمية مستقبل العلاقات
  • خريف السياسة التجارية الأمريكية
  • سياسات ترمب تقطع التمويل .. قناة الحرة تودع جمهور الشرق الأوسط
  • الرمزية في مفترق طرق السياسة والهوية
  • الأمم المتحدة تخفض عدد موظفي مكتب الشؤون الإنسانية بسبب التمويل
  • الجراد الصحراوي يجتاح جنوب ليبيا مجددا... خطر يهدد المحاصيل ولقمة العيش