اعتبرت صحيفة "فاينانشال تايمز" أن سياسة الرسوم الجمركية "المتبادلة" التي يروج لها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ليست سوى غطاء لنهج تجاري تعسفي يفتقر إلى أي قواعد واضحة، مؤكدة أن استخدام هذه التعريفات كأداة ضغط للحصول على تنازلات من الشركاء التجاريين يهدد النظام التجاري متعدد الأطراف ويزيد من حالة الفوضى في العلاقات الاقتصادية الدولية.



وقالت الصحيفة في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن ترامب بدأ أسبوعه الخامس في الرئاسة بالتهديد بحزمة جديدة من التعريفات الجمركية ضد كولومبيا والصين وكندا والمكسيك، وقرر رفع رسوم واردات الصلب والألومنيوم ضمن ما يُعرف بسياسة المعاملة بالمثل.



وحسب الصحيفة، فإن هذه القرارات يمكن أن يُنظر إليها على أنها محاولة جديدة من ترامب للتخلي عن أي التزام بالقواعد الدولية، وقد تزيد من التهديدات على العولمة خاصة في ظل اصطفافه مع روسيا في حربها على أوكرانيا، ما يعني احتمال حدوث فوضى في الخاصرة الشرقية لأوروبا وإضعاف الاتحاد الأوروبي.

خطة مدمرة
ترى الصحيفة أن خطة الرسوم الجمركية التي يحاول ترامب فرضها لا يمكن قراءتها في سياق المعاملة بالمثل، بل هي نزعة تجارية ممزوجة بالنرجسية والنزوة.

فقد تضمن برنامج حملة ترامب الانتخابية خطة لسياسة منطقية إلى حد ما -وإن كانت معقدة ومدمرة بشكل كبير- حيث تقابل الولايات المتحدة التعريفات الجمركية التي يفرضها شركاؤها التجاريون على السلع الأمريكية بتعريفات مماثلة من جانبها.

وهذه الفكرة لها بعض السوابق التاريخية، فهي تشبه إلى حد ما قانون فرانكلين روزفلت للاتفاقيات التجارية المتبادلة سنة 1934، والذي صُمم لإنهاء حقبة سموت-هاولي للتعريفات الجمركية المرتفعة، وقد مهد ذلك القانون الطريق لنظام التجارة متعدد الأطراف في فترة ما بعد الحرب.

لكن خطة ترامب تسير -وفقا للصحيفة- في الاتجاه المعاكس من خلال تدمير القواعد الجمركية في الدولة الأكثر استفادة من نظام التجارة العالمي، فمن المستحيل تطبيق الأمر من الناحية السياسية لأنه يعني إما خفض التعريفات الجمركية الأمريكية للمنتجين الأمريكيين المحميين بشكل صارم، أو أنه سيتم تنفيذه بشكل جزئي وغير عادل، والاحتمال الأخير هو الأرجح.

وأضافت الصحيفة أن خطة التعريفات "المتبادلة" تعني ببساطة الخضوع لما يعتقده ترامب ومساعدوه، فالولايات المتحدة تمنح نفسها أدوات متعددة لفرض ما تشاء من تعريفات جمركية لأي سبب من الأسباب التي يمكن أن تختلقها على أساس قانوني مرن للغاية.

فبالإضافة إلى الرسوم الجمركية التي تم فرضها على الصين، ستفرض الولايات المتحدة الآن رسومًا جمركية بنسبة 25 بالمئة على كندا والمكسيك في 4 آذار/ مارس، وتعريفات شاملة على واردات الصلب والألومنيوم في 12 آذار/ مارس.

أوجه شبه مع الصين
واعتبرت الصحيفة أن هذا النهج يوضح أن الولايات المتحدة بدأت تتبع سياسات تشبه السياسات الصينية بعض الشيء، فقد أصبحت رئاستها مركزية وتميل إلى المحسوبية على نحو متزايد، وباتت سياستها التجارية موجهة نحو التصدير، وتقدم الدعم للصناعات المفضلة من خلال القيود التجارية، كما أنها أصبحت على استعداد لاستخدام التعريفات الجمركية وحظر الواردات كأداة ضغط ضمن سياستها الخارجية.

لكن هناك فرق واحد واضح -حسب الصحيفة-، فالصين تعمل على صقل بيروقراطيتها منذ القرن السادس الميلادي، أما ترامب فيسمح لإيلون ماسك ومجموعة من المخرّبين بالعبث بالبيروقراطية الأمريكية وتدمير قدراتها الإدارية بشكل متعمد.

ما هي الحلول لمواجهة ترامب؟
أشارت الصحيفة إلى أن كل تهديدات ترامب قد لا تفضي إلى شيء يُذكر، فمن بين التعريفات الجمركية التي هدد بها حتى الآن، لم ينفذ سوى تلك المفروضة على الصين، ولا يبدو أن الأسواق المالية تتعامل مع احتمالات حدوث تغير جذري.

لكن الدخول في لعبة "المعاملة بالمثل" ستكون له تداعيات سيئة بلا شك؛ فخفض التعريفات الجمركية لتتناسب مع ما يعادلها في الولايات المتحدة سيدمر أساس النظام التجاري العالمي متعدد الأطراف، ولا يبدو من الحكمة أن تقوم الحكومات بأي تغييرات جذرية في أنظمتها الضريبية على أمل الحصول على تسهيلات من الولايات المتحدة، وفقا للصحيفة.



وأضافت بأن فكرة اتخاذ إجراءات انتقامية بالتنسيق بين عدة دول للوقوف في وجه خطة ترامب قد لا يكون خيًارًا عمليًا نظرًا لاختلاف القدرات الاقتصادية والأنماط التجارية، معتبرة أنه القيام بإجراءات تلحق الضرر بترامب دون إلحاق ضرر فوري باقتصاد الطرف المنتقم هو الخيار الأمثل.

على سبيل المثال، محاولة إطلاق تهديدات انتقامية تنطوي على إجراءات تجارية واستثمارية وتنظيمية، قد يجعل ترامب ومساعديه يحجمون عن إطلاق حرب تجارية عالمية، كما يمكن للشركات الأجنبية أن تخطط للقيام بما فعله الصينيون سابقًا لمواجهة التضييق على صادراتهم للولايات المتحدة، وهو إيجاد طرق تصدير عبر دول وسيطة.


المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد دولي الرسوم الجمركية حرب تجارية امريكا رسوم جمركية حرب تجارية المزيد في اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة التعریفات الجمرکیة الولایات المتحدة الرسوم الجمرکیة الجمرکیة التی

إقرأ أيضاً:

محادثات أوروبية مع إدارة ترامب لتجنب الرسوم الجمركية الباهظة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

اجتمع مفوض التجارة في الاتحاد الأوروبي ماروش شيفتشوفيتش، الثلاثاء، مع كبار مسؤولي التجارة في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في محاولة لتجنب فرض رسوم جمركية أمريكية باهظة على سلع الاتحاد الأوروبي.

ويفترض أن يبدأ فرض الرسوم الجمركية على السلع الأوروبية، الأسبوع المقبل، في الوقت الذي لم تتضح فيه نتائج المحادثات التي أجراها مفوض التجارة الأوروبي، وفق "رويترز".

وقال شيفتشوفيتش إنه أجرى "محادثات جوهرية" مع وزير التجارة هاورد لوتنيك، والممثل التجاري الأمريكي جيميسون جرير، وكبير المستشارين الاقتصاديين للبيت الأبيض كيفن هاسيت.

ولم تُفض جولتان سابقتان من المناقشات مع مسؤولي إدارة ترامب إلى تغيير خطط الرئيس لزيادة الرسوم على الواردات الأمريكية لتتناسب مع تلك التي يفرضها الشركاء التجاريون الرئيسون، ولمواجهة الحواجز التجارية غير الجمركية.

وقال شيفتشوفيتش على منصة إكس: "العمل الجاد مستمر. أولوية الاتحاد الأوروبي هي التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن بدلًا من فرض رسوم جمركية غير مسوغة... نتشارك هدف القوة الصناعية في كلا الجانبين".

وتأتي هذه الاجتماعات في وقت تُعد فيه بعض الدول امتيازات جمركية قبل إعلان ترامب، في الثاني من أبريل/ نيسان، عن خطة الرسوم الجمركية المضادة، وهو اليوم الذي وصفه بأنه "يوم تحرير" الاقتصاد الأمريكي من الممارسات التجارية غير العادلة.

وأفادت "رويترز"، اليوم الثلاثاء، بأن الهند منفتحة على خفض الرسوم الجمركية على أكثر من نصف وارداتها من الولايات المتحدة، والتي تبلغ قيمتها 23 مليار دولار، وذلك في المرحلة الأولى.

وذكر ترامب، الإثنين، أنه قد يمنح "دولًا كثيرة" إعفاءات من الرسوم الجمركية، لكنه لم يقدم أي تفاصيل. كما قال ترامب إن رسومًا جمركية منفصلة على السيارات، والعقاقير، والألمنيوم، ستُفرض "في المستقبل القريب جدًا".

وواجه مسؤولو الاتحاد الأوروبي صعوبة في إقناع ترامب بالتراجع عن حرب تجارية، في وقت يشن فيه هجومًا جمركيًا متعدد الجبهات، من المتوقع أن يُسفر عن إجراءات مضادة شديدة.

وقال شيفتشوفيتش، الأسبوع الماضي، إن المحادثات مع واشنطن لم تحرز تقدمًا يُذكر بعد أن فرض ترامب رسومًا جمركية بنسبة 25 % على واردات الصلب والألمنيوم في وقت سابق من هذا الشهر.

وأضاف أن الاتحاد الأوروبي مستعد لمناقشة خفض الرسوم الجمركية على السيارات على جانبي المحيط الأطلسي، وهذا يتضمن الرسوم الجمركية التي يفرضها الاتحاد الأوروبي بنسبة 10 % على السيارات والرسوم الجمركية التي تفرضها الولايات المتحدة بنسبة 25 % على الشاحنات.

مقالات مشابهة

  • محادثات أوروبية مع إدارة ترامب لتجنب الرسوم الجمركية الباهظة
  • الهند تعتزم خفض الرسوم الجمركية على واردات أميركية بقيمة 23 مليار دولار
  • ارتفاع أسعار الذهب بسبب مخاوف الرسوم الجمركية
  • أسعار الذهب ترتفع مع استمرار حالة عدم اليقين بشأن الرسوم الجمركية الأمريكية
  • النفط يستقر مع تقييم المستثمرين تأثير الرسوم الجمركية
  • رئيس كوريا الجنوبية بالإنابة: نبذل قصارى جهدنا للتغلب على التعريفات الجمركية الأمريكية
  • ترامب يلمح إلى إعفاءات جمركية متبادلة للعديد من الدول
  • خبير أمريكي: هوس ترامب بالرسوم الجمركية خيار خاسر للجميع
  • رعب الرسوم الجمركية.. هل ترتفع أسعار السيارات قريبًا؟
  • موقف جديد من ترامب بشأن فرض الرسوم الجمركية