نيويورك تايمز: ماذا لو أصبحت كندا الولاية الأميركية الـ51؟
تاريخ النشر: 18th, February 2025 GMT
نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقالا لمراسلها في البيت الأبيض بيتر بيكر عبّر فيه عن اعتقاده أن تطلع الرئيس الأميركي دونالد ترامب لضم كندا، لتصبح الولاية رقم 51 لبلاده، يصب في مصلحة الحزب الديمقراطي، الذي يرى أنصاره "الغاضبون" أن الاقتراح ينطوي على "نعمة انتخابية" لهم.
وجاء في المقال أن قليلين في واشنطن يأخذون احتمال ضم جارتهم الشمالية إلى دولتهم على محمل الجد، في حين رفضت كندا الفكرة وأبدت عدم اهتمامها بالانضمام إلى الولايات المتحدة، ويبدو من غير المرجح أن يرسل ترامب الفرقة 82 المحمولة جوا لفرض الأمر.
ولكن إذا كانت الفكرة تروق ترامب، "من منطلق إحساسه بالعظمة واهتمامه بأن يصبح شخصية تاريخية تبني إمبراطورية"، فإنها قد تقوض أيضا فرص حزبه الانتخابية، على حد تعبير بيكر.
ووفقا لدراسات مبكرة لتوجهات الرأي العام وأنماط التصويت، فإن فكرة ترامب لضم كندا من شبه المؤكد أن تكلف الجمهوريين السيطرة على مجلس النواب، وتقلص أغلبيتهم في مجلس الشيوخ، وتجعل من الصعب عليهم الفوز بالبيت الأبيض في الانتخابات المقبلة.
وفي هذا الصدد، قال عضو مجلس النواب السابق ستيف إسرائيل -الذي ترأس لجنة الحملة الديمقراطية في الكونغرس- إن "كندا دولة تميل إلى حد كبير نحو يسار الوسط، وجعلها الولاية الـ51 يعني أصواتا أكثر للديمقراطيين في الكونغرس وفي المجمع الانتخابي، ناهيك عن (ضمان إصدار تشريعات) تقر برنامجا للرعاية الصحية الشاملة ومكافحة تغير المناخ".
ويرى مراسل الصحيفة -في مقاله- أنه لا يبدو من الواضح إذا كان ترامب على دراية بأن ضم كندا قد تكون خطوة انتحارية مدمرة للحزب الجمهوري، لا سيما أنه لم يكن منخرطا في بناء الحزب، ولم يُظهر اهتماما كبيرا بما سيحدث سياسيا بعد مغادرته منصبه.
إعلانوقال الخبير الإستراتيجي الجمهوري دوغلاس هاي قبل مدة: "بالتأكيد إذا حدث ذلك، فسيكون بمنزلة نعمة سياسية للديمقراطيين"، مضيفا أن ترامب يعتمد على إحداث ضجة كبيرة لاستثارة رد فعل.
يهدف للاستفزاز
وفي تقدير بيكر أن ترامب ربما يرمي من حديثه عن ضم كندا إلى استفزاز جيرانه الشماليين، في إطار ضغوطه للحصول منهم على مكاسب تجارية وغيرها من التنازلات.
ويقر المراسل بأن الرئيس الأميركي قد نجح في إثارة حفيظة الكنديين، فقد أخبر رئيس وزرائهم جاستن ترودو مجموعة من قادة الأعمال -في تصريحات مسربة- أنه لا يعد فكرة الضم مزحة، بل "أمرا حقيقيا".
ونقل عن نائب كبير موظفي البيت الأبيض جيمس بلير -عقب اجتماع مع رؤساء حكومات المقاطعات والأقاليم الكندية وعددها 13، الذين توجهوا إلى واشنطن الأسبوع الماضي لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين- قوله إن على المسؤولين الكنديين فهم تصريحات ترامب بمعناها الظاهر.
استقطبت الاهتمامومع ذلك، فإن كاتب المقال يرى أنه مهما كانت فكرة الضم "هزلية ومستبعدة"، بيد أنها استقطبت اهتمام الطبقة السياسية وكانت موضع تجاذب لأطراف الحديث في ردهات الاستقبال في واشنطن.
وإذا انضمت كندا إلى جارتها الجنوبية، فستصبح بمساحتها البالغة 6.11 ملايين كيلومتر مربع، أكبر ولاية أميركية وأكثرها اكتظاظا بالسكان، إذ يناهز عددهم 40 مليون نسمة.
ثم إن كندا ستكون ولاية داعمة للحزب الديمقراطي سياسيا أكثر من كاليفورنيا، فقد قال 64% من الكنديين -في استطلاع للرأي- إنهم كانوا سيصوتون لصالح مرشحة الحزب للرئاسة الأميركية كامالا هاريس، مقابل 21% فقط أيدوا ترامب.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
هل ترامب جاد في ضم كندا؟
عندما زار جاستن ترودو دونالد ترامب في منتجعه بمارالاغو في نوفمبر (تشرين الثاني)، بدا اقتراح الرئيس المنتخب حديثاً بأن تصبح كندا ولاية أمريكية أكثر بقليل من مجرد مزحة، وقال رئيس الوزراء الكندي حينها لشبكة إم إس إن بي سي: "بدأت أقترح أنه ربما يكون هناك تبادل لفيرمونت أو كاليفورنيا. قرر على الفور أن الأمر لم يعد مضحكاً وانتقلنا إلى محادثة مختلفة".
ترامب يتلاعب بترودو ــ إنه مثل ورقة مساومة
وكتب مراسلا صحيفة "فايننشال تايمز" في واشنطن مايلز ماكورميك وفي تورونتو إيليا غريدنيف، "بعد شهر من عودة ترامب إلى البيت الأبيض، اختفى مزاح ترودو في التعامل مع الموضوع".
وخلال الأسبوع الماضي، سُمع ترودو يقول، في حديث غير رسمي التُقط عبر مكبر صوت لم يكن يعلم أنه في وضع التشغيل، إن تهديدات الضم التي يطلقها ترامب "شيء حقيقي"، خصوصاً مع تصاعد حدة الخطاب الأمريكي. وأشار إلى أن لدى ترامب خططاً لاستغلال الثروات المعدنية الكندية.
من جانبه، صعّد ترامب من تصريحاته يوم الخميس، واصفاً ترودو بأنه "حاكم" لكندا، وأضاف: "أعتقد أن كندا ستكون منافساً جاداً للغاية لتصبح ولايتنا رقم 51.. إنهم بحاجة إلى حمايتنا"..
Is Donald Trump serious about annexing Canada? https://t.co/FZjs20Fgbv
— FT World News (@ftworldnews) February 16, 2025 قناعات قويةوقال ستيف بانون، مستشار ترامب السابق، إن الحديث عن ضم كندا ليس مجرد مزاح، بل جزء من رؤية استراتيجية تشمل السيطرة على غرينلاند وقناة بنما لتعزيز النفوذ الأمريكي في القطب الشمالي
وأضاف: "سبق أن قال ترامب إن اللعبة الكبرى الجديدة في القرن الحادي والعشرين هي القطب الشمالي، إنه صراع قوة كبير مع الصين وروسيا".
وحذر إليوت أبرامز، الممثل الخاص السابق لترامب في فنزويلا وإيران، من أن تصريحات ترامب قد تؤدي إلى تقويض العلاقات الأمريكية مع حلفائها، لكنه قال إن لدى الرئيس قناعات قوية بشأن هذه القضية.
يرى محللون وخبراء أن التهديدات تشكل جوهر استراتيجية ترامب، إذ يتعمد الرئيس اتخاذ موقف غريب بشأن قضية ما لجذب الانتباه وتوفير نفوذ في بداية أي مفاوضات.
وقال كيفن مادن، الشريك البارز في مجموعة الاستشارات بينتا والمستشار السابق للمرشح الرئاسي ميت رومني: "إن السخرية من الولاية رقم 51... تضمن أن يهيمن موقفه على العناوين الرئيسية بطريقة تجعل من الصعب على خصومه أو منتقديه أو منافسيه التفاوضيين تحقيق اختراق".
لكن محللين كنديين يرون أن الأمر لا يتعدى كونه "استفزازاً سياسياً" لترودو، الذي يواجه موقفاً سياسياً هشاً قبل مغادرته منصبه في مارس (آذار) المقبل.
كرة ثلج في الجحيمواعترف سياسيون كنديون أن تصريحات ترامب تحولت لمصدر تهديد حقيقي.
وفي كندا، أثارت التصريحات موجة من الوطنية، من حملات دعم المنتجات المحلية إلى إلغاء الرحلات إلى الولايات المتحدة.
أما ترودو، فحاول طمأنة الكنديين قائلًا: "لا فرصة لنجاح هذا المخطط، مثلما لا فرصة لنجاة كرة ثلج في الجحيم".