مؤتمر المحيط الهندي.. جسور التواصل والحوار
تاريخ النشر: 18th, February 2025 GMT
شهدت بلادنا سلطنة عمان مؤخرا المؤتمر الثامن للدول المطلة علي المحيط الهندي وبحضور رسمي من ٦٠ دولة من مختلف القارات ، حيث إن الهدف من المؤتمر هو تواصل الحوار والشراكات خاصة على صعيد التجارة البحرية والأمن البحري والتحديات الكبيرة التي تواجه الملاحة الدولية على ضوء الصراعات والحروب في مناطق النزاع، وكما قال معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية خلال كلمته في افتتاح المؤتمر بأن المحيط الهندي ليس فقط ممرا بحريا ولكنه جسر للتواصل والحوار.
وتعد دول المحيط الهندي وهي رابطة تأسست عام ١٩٩٧ وكانت سلطنة عمان أحد مؤسسي هذه الرابطة من المجموعات الدولية والإقليمية المهمة خاصة وأنها تضم في عضويتها دولا ذات ثقل سكاني واقتصادي وتكنولوجي مثل الهند وأستراليا وجنوب إفريقيا وسنغافورة وعدد من الدول العربية وفي مقدمتها سلطنة عمان التي تطل على بحر العرب والمحيط الهندي من الشرق والجنوب.
وعلى مدى يومين كانت هناك حوارات ونقاشات بين الوفود حول عدد من القضايا الاستراتيجية، خاصة فيما يخص الأمن البحري وانسياب سلاسل الإمداد والتهديدات التي تتعرض لها الملاحة البحرية وقضايا التنسيق بين الدول الأعضاء بما يحقق الأمن والاستقرار في هذا الجزء الحيوي من العالم خاصة وأن المحيط الهندي ، وهو ثالث أكبر المحيطات في العالم، له شهرة تاريخية في مجال التجارة البحرية والتواصل الحضاري والثقافي خاصة بين شبه القارة الهندية والعالم العربي وأيضا القارة الإفريقية. وعلى ضوء ذلك كان المؤتمر من الأهمية فقد تم استعراض تلك التحديات الحقيقية والتي شاهدنا جزءا منها في الصراع البحري في البحر الأحمر نتيجة العدوان الإسرائيلي الغاشم على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وعموم فلسطين.
لقد نجحت الدبلوماسية العمانية في توظيف القوة الناعمة على مدى ٥٥ عاما بإيجاد التفاهم الدولي من خلال أسس واقعية للحوار وحل الخلافات والصراعات بالطرق السلمية ومناصرة القضايا العادلة وفقا للقانون الدولي، ومن هنا فإن مؤتمر الدول الأعضاء في رابطة الدول المطلة على المحيط الهندي مثّل منصة مهمة للحوار والبحث عن قواسم مشتركة لإيجاد حلول للقضايا التي تهم الدول المطلة على المحيط الهندي وأيضا من خلال الشراكات الاقتصادية والتجارية مع دول العالم .
إن حضور عدد من الشخصيات السياسية والاقتصادية والفكرية في المؤتمر أضاف بعدا مهما وحيويا على جلسات ونقاشات المؤتمر، ولعل تنظيم المؤتمر من قبل مؤسسة الهند ووزارة الخارجية أضفى الكثير من التميز، حيث إن عقد المؤتمر الثامن في مسقط أعطى حيوية ليس فقط على صعيد الحوار والنقاش حول مجمل القضايا الحيوية التي تصدرت جدول أعمال المؤتمر ولكن كانت فرصة ثمينة لتلك الشخصيات السياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية أن تشهد الحراك الاقتصادي والاجتماعي والإنساني الذي تشهده بلادنا سلطنة عمان في عصر النهضة المتجددة التي تدخل عامها السادس بثبات بعد تحقيق إنجازات كبيرة ومؤشرات دولية إيجابية خلال فترة زمنية قصيرة.
كما تعرف المشاركون على سلطنة عمان أرضا وإنسانا وعلى دولة ذات حضور وإرث تاريخي عريق يمتد لآلاف السنوات وكان لها امتداد حضاري مع قارات العالم شرقا وغربا، وهذه السمات الحضارية والثقافية أسست لفكر ينطلق من أسس الحوار والتسامح وإقرار السلام والمحبة بين شعوب العالم، وهذه ركيزة أساسية في السياسة الخارجية لسلطنة عمان منذ عصر النهضة الحديثة عام ١٩٧٠ التي قادها السلطان قابوس بن سعيد ـ طيب الله ثراه ـ ويقودها الآن بحكمة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ من خلال الآليات الجديدة لنهضة متجددة شاملة. وعلى ضوء تلك الممكنات كانت هناك فرصة مهمة لتلك الوفود الرسمية ورجال الصحافة والإعلام التعرف على سلطنة عمان من خلال المشاهدة المباشرة ومن خلال الفيلم المميز الذي عرض خلال افتتاح المؤتمر.
إن المؤتمرات الإقليمية والدولية فرصة لتعريف الآخرين بالمقومات السياحية والتراثية وفكر الإنسان العماني من خلال تلك الأحداث الدولية وهي فكرة سياحة المؤتمرات ولا شك أن مركز عمان للمؤتمرات والمعارض يعد مفخرة وطنية يلعب دورا محوريا في استضافة الأحداث والمؤتمرات المحلية والعربية والدولية واكتسب خلال السنوات الماضية سمعة دولية نظرا للإمكانيات الكبيرة التي يقدمها لكل تلك الأحداث الكبيرة.
إن رابطة الدول المطلة على المحيط الهندي أمامها تحديات حقيقية، وما حدث من حوار ونقاش موضوعي بين المجتمعين أوضح ضرورة التعاون والتنسيق خاصة في مجال الأمن البحري وانسياب الملاحة والتجارة البحرية، ولعل مركز الأمن البحري التابع لوزارة الدفاع في بلادنا سلطنة عمان هو نموذج حي على الدور المحوري الذي يقوم به المركز من حماية الأمن البحري للوطن وأيضا مساعدة الدول على صعيد الملاحة والتصدي لقضايا التهريب والإرهاب والكثير من القضايا التي تهم دول المنطقة والعالم.
ومن هنا فإن سلطنة عمان ومن خلال الإطلالة البحرية على عدد من البحار المفتوحة تهتم كثيرا بقضايا الملاحة البحرية وضرورة وجود الممرات البحرية الآمنة بهدف انسياب التجارة ومصالح الدول، وهو الهدف الاستراتيجي للمؤتمر الثامن لدول المحيط الهندي الذي اختتم أعماله مؤخرا في مسقط وفي المحصلة الأخيرة فإن أمن البحار والمحيطات يعد أولوية إستراتيجية للدول حيث إن عدم الاستقرار والحروب والصراعات في المحيطات والبحار سوف يكون لها انعكاسات سلبية على الملاحة البحرية وتعثر سلاسل الإمداد ولعل نموذج البحر الأحمر هو رسالة واضحة حول ضرورة حل القضايا العادلة بالطرق السلمية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وضرورة لجم العدوان الإسرائيلي الغاشم على الشعب الفلسطيني وعلى قرارات الشرعية الدولية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: المحیط الهندی الأمن البحری سلطنة عمان من خلال
إقرأ أيضاً:
عُمان والصين نحو شراكة استراتيجية لتعزيز التنمية والسلام في منطقة المحيط الهندي
◄ المبعوث الصيني: سلطنة عُمان ذات تأثير فريد في الشرق الأوسط ومحور رئيسي في المحيط الهندي
مسقط - الرؤية
رعى معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية، يوم أمس افتتاح أعمال مؤتمر المحيط الهندي (IOC) الثامن، والذي تستضيفه سلطنة عُمان تحت شعار "رحلة نحو آفاق جديدة من الشراكة البحرية"، بحضور عدد من أصحاب المعالي وزراء خارجية الدول المطلة على المحيط الهندي وممثلين من 60 دولة ومنظمة دولية.
وقال تشاي جون المبعوث الخاص وممثل الحكومة الصينية بشأن قضية الشرق الأوسط في المؤتمر الثامن للمحيط الهندي خلال كلمته: إن سلطنة عمان دولة ذات تأثير فريد ومهم في الشرق الأوسط، وخلال 47 عامًا منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين عُمان والصين، حققت العلاقات الثنائية تطورًا كبيرًا، موضحًا أن الصين مستعدة للسعي إلى تعزيز التكامل بين استراتيجيات التنمية، وتوطيد الثقة السياسية المتبادلة، وتعزيز التعاون العملي، وتعميق التبادلات الشعبية، من أجل تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الصين وعمان، وجلب المزيد من الفوائد لشعبينا.
وأكد تشاي جون على أن سلطنة عمان محور رئيسي في منطقة المحيط الهندي،كما إنها دولة بنيت على تقاليدها البحرية، وقد قدمت مساهمات كبيرة في تعزيز التبادلات والتعلم المتبادل بين الدول الآسيوية،حيث ، أبحر أبو عبيد، الملاح العماني قبل أكثر من 1200 عام من صحار على طول سواحل المحيط الهندي، حتى وصل إلى مدينة قوانغتشو الصينية، مسطرًا فصلًا رائعًا في التاريخ. متابعًا انعقاد المؤتمر الثامن للمحيط الهندي في سلطنة عُمان له أهمية كبيرة، وبفضل جهود عُمان ودعم الدول المشاركة سيحقق نجاحًا كبيرًا بلا شك.
وقال ممثل الحكومة الصينية بشأن قضية الشرق الأوسط: إن جمهورية الصين الشعبية دولة مجاورة لمنطقة المحيط الهندي ولديها روابط وثيقة مع المنطقة في مجالات التبادلات الشعبية والتجارة والثقافة، وبتالي يتمتع الجانبان العماني والصيني بصداقة تقليدية منذ العصور القديمة؛ فقد قامت أساطيل تشنغ خه بسبع رحلات بحرية عظيمة، وسافرت إلى جنوب آسيا وشبه الجزيرة العربية وسواحل شرق إفريقيا.
وأضاف المعوث الصيني: "أن المحيط الهندي هو ملتقى القارات والمحيطات الكبرى في العالم، وهو مركز مهم للتبادلات الاقتصادية والتجارية العالمية. كما أنه المنطقة التي تضم أكبر عدد من الدول النامية، وأحد المناطق التي تتمتع بأكبر إمكانات للتنمية. وفي العصر الجديد، طرح الرئيس شي جين بينغ رؤية بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية، وقدم مبادرات مثل مبادرة التنمية العالمية (GDI)، ومبادرة الأمن العالمي (GSI)، ومبادرة الحضارة العالمية (GCI). كما اقترح طريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين ومفهوم مجتمع بحري ذي مستقبل مشترك، ويعتبر المحيط الهندي جزءًا لا غنى عنه في جميع هذه المبادرات".
وأكد تشاي جون على أن الصين على استعداد لتعميق التعاون التنموي مع المنطقة، وبناء مجتمع بحري مشترك بين الصين ودول المحيط الهندي، وتحقيق تنمية عالية الجودة ومستدامة في المنطقة كما يجب أن نبني محيطًا هنديًا يسوده السلام والأمان، خصوصًا في ظل التهديدات التي تواجه المنطقة حاليًا وتتصاعد التوترات الجيوسياسية والمنافسات بين الدول الكبرى. مبيننا أن الصين ملتزمة بتعزيز الأمن البحري الشامل والدائم، وتقديم طاقة إيجابية للمنطقة لتعزيز الأمن الإقليمي؛ حيث ترسل الصين أساطيل بحرية لمرافقة السفن في خليج عدن منذ عام 2008، لضمان المرور البحري الآمن والمفتوح.
وذكرتشاي تتمتع الصين بعلاقات تجارية وثيقة مع دول المحيط الهندي بإعتبارها أكبر سوق استيراد لأكثر من 20 دولة في المنطقة، وأكبر وجهة تصدير لأكثر من 10 دول، كما انضمت عشرات الدول إلى التعاون عالي الجودة في مبادرة الحزام والطريق . مشيرًا إلى أن الصين مستعدة لمشاركة نتائجها وخبراتها في تنمية البحار لتنفيذ مبادرة التنمية العالمية وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين بشكل أفضل. وقد نظمت الصين منتدى منطقة المحيط الهندي حول تنمية الاقتصاد الأزرق ثلاث مرات، ونفذت تعاونًا واسعًا مع الدول في مجالات تشمل السياحة البحرية، ومصايد الأسماك، واستخدام مياه البحر، وإمكانية الوصول إلى الموارد البحرية، والنقل البحري، وحماية النظام البيئي البحري.