لجريدة عمان:
2025-03-21@01:25:50 GMT

نعم نحن في أسفل الهرم .. لكن ما الخطوة التالية؟

تاريخ النشر: 18th, February 2025 GMT

لم يناقش مقال آنا كراوثامر الناقدة والمنسقة التنفيذية لمركز كوولومبيا للفكر النقدي المعاصر جديدا بخصوص استخدام قضايا العنف الجنسي لتبرير التدخل الغربي فيما يعرف بدول «العالم الثالث». المقال الذي عُنون بـ«كيف يستخدم الغرب العنف الجنسي لتعزيز مصالحه»، الذي نُشر الأسبوع الماضي على مجلة the baffler

مع أن ما حدث يوم السابع من أكتوبر وما تلاه من بروباجندا إعلامية ضخمة قادتها دولة الاحتلال الإسرائيلي وروجت فيها سردية اغتصاب للنساء سُوغَ من خلالها بداية مشروع إبادة للفلسطينيين والفلسطينيات.

قد أعادت هذا الموضوع لمركز النقاشات النسوية في كل مكان، حتى أن أصواتا مريضة خرجت تحاضرنا عن العدالة لكل النساء حتى وإن كن «إسرائيليات» ضد الاغتصاب، في قبول كامل لسردية الاحتلال بأن الاغتصاب قد تم بالفعل، كان منهن كاتبات خليجيات معروفات إحداهن كاتبة بحرينية، تتمشى في كل المحافل الثقافية خلال العام الماضي وتُدعى هنا وهناك دون مساءلة لدورها في تكريس قصة الاحتلال ودورها بالتالي في الإبادة. إلا أن كرواثامر أعادت الإشارة للمقال الذي نشرته نيويورك تايمز بعنوان «صراخ بلا كلمات» وتضمن روايات النساء عن الاعتداءات يوم السابع من أكتوبر، هذا التحقيق الذي تبين لاحقا أن نيويورك تايمز لا تملك أي إثبات عليه، وفشلت الصحيفة في تقديم أي أدلة عند مساءلتها من قبل جهات صحفية وحقوقية أخرى، وكان نتنياهو وآخرون قد استغلوا هذه المزاعم، فيما يُظهر حرص القوى الإمبريالية على استغلال ادعاءات الاغتصاب لتبرير مشاريعها.

أقول: إن الكاتبة لم تأت بجديد خصوصا بعد أطروحات عديدة كان من أبرزها كتاب «هل تحتاج المرأة المسلمة إلى إنقاذ»، لليلى أبو لغد الذي صدر بالإنجليزية سنة 2013 وناقشت فيه الكاتبة باستفاضة مساهمة موضوع تمكين النساء وإنقاذهن في كل من أفغانستان والعراق في البروباجندا الإعلامية التي صنعتها أمريكا قبل الحرب على البلدين. فالغرب استثمر كل ما يتعلق بالنساء بداية من تعليمهن وصولا لقضايا مثل الختان والعنف الجنسي لتبرير التدخل الإمبريالي في هذه الحالة. إلا أن الخلاصة التي وصلت إليها لغد والقادمة من منظور «النسوية ما بعد الاستعمارية» حول فهم وضع النساء وفقا لسياسة ثقافتهن الخاصة وتفاعلهن وفقا لموقعهن داخل هذه الثقافة وعدم الحكم عليهن بمعايير ثقافية من الخارج لم يكن معقولا بالنسبة لي، وقد كتبت مقالا كاملا في جريدة عُمان قبل سنوات عن الكتاب.

وتأتي عدم المعقولية هذه مما يطلق عليه سلافوي جيجك «الابتزاز المزدوج»، والذي يصبح فيه اليسار والنقاد عموما في حالة خوف وتهيب من نقد أي ثقافة أخرى، خصوصا تلك التي تنتمي إلى «العالم الثالث»- مع تحفظي على هذا المفهوم كما هو واضح منذ بداية المقال- خشية أن تُتهم هذه الأصوات الناقدة بأنها استعلائية أو استعمارية تُعلق من موقع المتفوق أخلاقيا بالإضافة لكونها متمركزة حول منظومتها وما تطرحه من معايير ومُثل، للحكم على ثقافة أخرى. الأمر الذي يجعل أي ثقافة تنطوي على قدر من العنف والتمييز الجنسي القائم على النوع، شأنا يخص تلك الثقافة ولا يمكن الإشارة للخطأ فيه. إذ أنني أؤمن بأن هنالك قيما كونية ينبغي أن نحتكم إليها في النظر لأي مظهر ثقافي، أما مصدر القيم الكونية هذه فهو المختلف عليه وما ينبغي أن نتحاور عليه على نحو أوسع شرقا وغربا، فهل يمكن أن يكون إجبار المرأة على الزواج من رجل لا تريده مقبولا باسم اختلاف وخصوصية ثقافة ما؟ أو انعدام حقها في الاختيار مشروعا لأن الثقافة التي تنتمي إليها هذه المرأة تضع مسألة الاختيار في أسفل أولويات هذه المرأة مقارنة بعلاقتها الوثيقة بالعائلة والمجتمع من حولها؟ لا يمكن قبول هذا بالنسبة لي تحت أي مبرر ثقافوي.

انتهكت أجساد الفلسطينيات بطريقة مباشرة وغير مباشرة، ونُشرت مقاطع مصورة لفلسطينيين تعرضوا للاغتصاب إما من الكلاب أو السجانين في السجون الإسرائيلية، إلا أن هذا لم يلقَ رد الفعل نفسه في العالم مقارنة بالسردية التي طرحها الاحتلال في أول أيام عدوانه وبطشه، إن أجسادنا تقع في أسفل التسلسل الهرمي للجسد بالنسبة للغرب، وإن رؤية كرواثامر حول النظر لشروط الخيال الاجتماعي للاغتصاب، من نعتقد أنه يرتكبه وفي حق من يُرتكب وأهمية العِرق والهُوية في النظر لمسائل الاغتصاب الذي يجعل أمريكا وأي دولة غير موثوق بها لتحقيق أي عدالة كانت، لم يعد كافيا، أن التلويح بإعادة موضعة الجسد الفلسطيني أو العربي أو المسلم داخل هذه التسلسل الهرمي لم يعد كافيا ولم يُثمر عن أي شيء بعد سنة ونصف تقريبا من التوحش الإسرائيلي أمريكي.

إننا بحاجة لخطوات فعلية، تُجبر المعتدي على مواجهة جرائمه وتحمل عواقب هذه الجرائم. لقد سئمنا من هذه الفتوحات النظرية التي تبدو «متبصرة» للمرة الأولى حول استغلال الغرب للنساء لتمرير أجندته ومشاريعه التي تتضمن القتل والتهجير. وفي الوقت نفسه نحتاج نحن كنساء عربيات ومسلمات أن نفتح حوارنا الخاص عما يحدث، وأن نحاسب أنفسنا وكل من يسول لنفسه استغلالنا يمينا أو يسارا إما بدعوى تغريبنا أو بدعوى عدم تغريبنا. وينبغي أن نعيد التفكير في دور «النخبة» في حشد الجهود لتمييز مظلوميتنا داخل نظام هذا العالم وعدم الاكتفاء بالإشارة إليه بل الدفع نحو تحقيق العدالة لنا.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

جرائم تكشفها الصدفة.. رسالة بريدية تكشف قبر أسفل منزل

في عالم الجرائم، هناك قضايا تُحَلُّ عبر الأدلة والبراهين، وأخرى تبقى لغزًا محيرًا لسنوات طويلة، لكن هناك نوعًا مختلفًا تمامًا… جرائم لم يكن ليُكشف عنها الستار لولا الصدفة البحتة!

في شهر رمضان المبارك، حيث تتغير إيقاعات الحياة وتمتلئ الأجواء بالتأمل والروحانية، نقدم لكم يوميًا على مدار 30 يومًا سلسلة "جرائم تكشفها الصدفة"، حيث نستعرض أغرب القضايا الحقيقية التي كُشفت بطرق غير متوقعة – من أخطاء الجناة، إلى اكتشافات عرضية قلبت مسار التحقيقات رأسًا على عقب.

انتظرونا كل ليلة مع قصة جديدة، وتفاصيل مثيرة عن جرائم لم يكن ليعرفها أحد لولا لمسة من الحظ أو موقف عابر كشف الحقيقة!

الحلقة العشرون – رسالة بريدية تؤدي إلى كشف جثة تحت منزل

في عام 2018، تلقى رجل يعيش في باريس رسالة غريبة موقعة باسم مجهول، تقول: "هل تعلم أنك تعيش فوق قبر؟".

ظن في البداية أنها مزحة، لكنه قرر إبلاغ الشرطة، التي أجرت تفتيشًا للمنزل.
وبعد الحفر في القبو، اكتُشفت بقايا جثة مدفونة تحت الأرضية، تعود لرجل اختفى قبل 30 عامًا.
بعد التحقيقات، تبيّن أن صاحب المنزل السابق قتل الرجل ودفنه تحت منزله، ثم باعه وانتقل إلى مدينة أخرى.
لكن اللغز الأكبر كان: من أرسل الرسالة؟ حتى اليوم، لم يُعرف من كان وراءها، لكن بفضلها تم كشف جريمة ظلت مدفونة لعقود.

 







مشاركة

مقالات مشابهة

  • بكري: العار مازال يلاحق العالم والقانون الدولي الإنساني بعد الجرائم التي ترتكب في غزة
  • موقع إيطالي: حكم ترامب يكشف أن منطق القوة هو الذي يحكم العالم
  • وزيرة الخارجية الألمانية: ألمانيا تقف إلى جانب الشعب السوري في طريقه نحو السلام، وقد تم اتخاذ الخطوات الأولى لتوحيد البلاد، ومن المفترض تحقيق الخطوات التالية بالمشاركة مع جميع مكونات المجتمع
  • جرائم تكشفها الصدفة.. رسالة بريدية تكشف قبر أسفل منزل
  • جيش إسرائيل يعيد احتلال محور نتساريم.. وكاتس يهدد سكان غزة
  • جيش الاحتلال يعيد احتلال محور نتساريم.. وكاتس يهدد سكان غزة
  • سر طبق رونالدو الذي يستعد به لكأس العالم 2026
  • محمد بن راشد: طيّب الله ثرى زايد الذي ما زال خير بلاده نهراً جارياً يرتوي منه الملايين حول العالم
  • بمناسبة احتفال العالم بالمرأة.. المستشارة هبة منصور لـ«صدى البلد»: محاضرة لـ عائشة راتب غيرت حياتي
  • رئيس الوزراء: الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة هي حرب على الإنسانية