جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-13@09:39:01 GMT

حكاية هوية تتجدد لتعانق المجد

تاريخ النشر: 18th, February 2025 GMT

حكاية هوية تتجدد لتعانق المجد

 

 

 

شهد بنت محمد القطيطية

 

منذ طفولتي، تشبعتُ بحب هذه الأرض، أرض الجبال الراسخة والبحر المتلاطم بلونه اللازوردي، ولم يكن ارتباطي بها مجرد مكان عشت فيه؛ بل هوية تسري في دمي، وكنت أجري في الشوارع، ألعب بين النخيل، وأستنشق عَبير التراب بعد المطر. كبرت وأنا أحمل في داخلي وعًدًا غير معلن: هذه الأرض تسكننا كما نسكنها، وهويتنا ليست مجرد تاريخ نقرأه؛ بل حياة نعيشها ونرويها جيلاً بعد جيل.

لم يكن العُماني يومًا مجرد اسم في كتب التاريخ؛ بل هو أسطورة حية ترُوى عبر الأجيال. في طفولتي، كانت جدتي هي مرشدتي إلى تاريخنا. كل حكاية كانت تأخذني إلى زمن بعيد؛ حيث رجال كأشجار اللبان العتيقة، صامدون أمام البحر والأمواج العاتية، ونساء كالنخيل الممتد في الأرض، ثابتات وجذورهن تغذي تاريخنا. تلك الحكايات لم تكن مجرد كلمات؛ بل كانت جزءًا من هويتنا، تعلمنا أن التاريخ ليس شيئاً بعيًدًا؛ بل هو شيء نعيشه في تفاصيلنا اليومية ونحمله في داخلنا. 

 يمكن رؤية بصمة عُمان واضحة في كل تفاصيل حياتنا.. في القهوة التي تقُدَّم في المجالس، في الزخارف المطرزة على ملابسنا، في رائحة اللبان التي تعبق في الأسواق، وحتى في النخيل التي تمتد جذورها في الأرض كما تمتد هويتنا في قلوبنا. ليست هذه مجرد عادات وتقاليد؛ بل هي انعكاس لهويتنا التي تتجسد في سلوكنا، ملابسنا، وأطعمتنا، وتشكل جزءًا أصيلًا من قصصنا التي ننقلها من جيل إلى جيل.

ومع تغير الزمن، لم تتوقف الحكايات؛ بل وجدت طرقًا جديدة للرواية. اليوم، أرى أبناء جيلي يحملون هذه القصص إلى الإنترنت، يشاركون صور أجدادهم، يكتبون عن الماضي بحب، ويعيدون إحياء التراث العُماني بطرق حديثة. لم يعد الماضي مجرد ذكرى في الكتب؛ بل أصبح محتوى رقميًا يُنشر في منصات التواصل، يتفاعل معه الناس، ويتناقلونه ليبقى حاضرًا في وجداننا. التكنولوجيا لم تضعف ارتباطنا بالهوية؛ بل أعطتنا أدوات جديدة للحفاظ عليها ونقلها للأجيال القادمة. 

مع تطور التقنيات، قد تتغير أساليب روايتنا لقصصنا، لكن جوهر الهوية العُمانية سيبقى. ربما في المستقبل سنروي قصصنا عبر تقنيات الواقع الافتراضي أو الذكاء الاصطناعي، لكن السؤال الحقيقي هو: هل ستؤثر هذه التطورات على ارتباطنا بأرضنا وقيمنا؟ أعتقد أن العُماني سيجد دائمًا طريقته في الحفاظ على هويته، تمامًا كما فعل أسلافه عندما انتقلوا من الحكايات الشفهية إلى التدوين، ومن الرسائل الورقية إلى المحتوى الرقمي.

 جدتي كانت تردد دائمًا: "اللي يعرف أصله ما يضيع حتى في غربته". لم أفهم معنى هذه العبارة تمامًا عندما كنت صغيرة، لكنني اليوم أدركُ كل كلمة فيها. الهوية ليست شيئاً نمتلكه؛ بل شيء نحياه، نتمسك به، ونجدده مع الزمن. عُمان ليست مجرد وطن، إنها جزء منا، نروي قصصها بطرق مختلفة، لكنها دائمًا تعيش فينا، تتجدد معنا، وتبقى نابضة في قلوبنا.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

قرقاش: عقدة «الإخوان» تجاه الإمارات ليست سوى عقدة التطرف أمام التسامح

متابعات: «الخليج»


أكد الدكتور أنور قرقاش المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة، الأحد، أن عقدة الإخوان تجاه الإمارات ليست سوى عقدة التطرف أمام التسامح.
وقال قرقاش في تدوينة عبر منصة «إكس»: عقدة الإخوان تجاه الإمارات ليست سوى عقدة التطرف أمام التسامح، والأيديولوجيا أمام التنمية، والعجز أمام الإنجاز، والفشل أمام النجاح.
وتابع: قرن من الشعارات لم ينتج إلا الخراب، وما تبقى منهم صدى إعلامي ضعيف وساخط.
وأضاف: المشاريع الناجحة تقاس قيمتها بازدهار المجتمعات وخدمة الشعوب.

مقالات مشابهة

  • العمر مجرد رقم .. رونالدو يعانق المجد بإنجاز جديد
  • قرقاش: عقدة «الإخوان» تجاه الإمارات ليست سوى عقدة التطرف أمام التسامح
  • الأب بنيامين صلاح: أحد الشعانين مشهد ملحمي يفيض بالرجاء والمحبة
  • جستينه: مشكلة الهلال ليست في جيسوس
  • عُمان وهولندا .. شراكة تتجدد في زمن التحولات الكبرى
  • دعاء الأيام البيض وفضل صيامها.. نافذة إيمانية تتجدد كل شهر
  • صلاح الجمل يكشف حكاية 25 جنيها تسلمها من الشيخ الحصري
  • فيصل افرام من غادير: سنعيد حكاية العشق مع البلديّة
  • حكاية محمود أبو عمشة.. اختطف الاحتلال روحه وبكاه أطباء مصر بحرقة
  • أخفت هوية العريس .. البلوجر عبير الصغير تعلن خطوبتها