جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-03@08:46:10 GMT

هل اليهود أحفاد القردة والخنازير؟!

تاريخ النشر: 18th, February 2025 GMT

هل اليهود أحفاد القردة والخنازير؟!

 

 

بدر بن خميس الظفري

 

في ظل تصاعد الأحداث في فلسطين، ومع استمرار المعركة التي أُطلق عليها "طوفان الأقصى"، يتجدد الجدل حول طبيعة الخطاب الديني المستخدم في توصيف الصراع، ومدى تأثيره على الرواية الإعلامية للقضية الفلسطينية. بينما تحاول المقاومة الفلسطينية مقاومة الاحتلال الإسرائيلي عسكريًا، تجد نفسها أيضًا في مواجهة إعلامية؛ إذ يُستغلّ كل تصريح وكل عبارة في حرب الدعاية المتبادلة.

ومن بين العبارات التي تثير الجدل وتتكرر في بعض الأوساط، يأتي القول بأن اليهود " أحفاد القردة والخنازير"، أو وصفهم بأنهم "إخوان القردة والخنازير"، وهي عبارات تستدعي نقاشًا جادًا حول مدى صحتها دينيًا، ومدى تأثيرها على الرأي العام العالمي في دعم القضية الفلسطينية.

القرآن الكريم تحدث عن مسخ بعض بني إسرائيل إلى قردة وخنازير نتيجة تجاوزهم لأوامر الله، خاصة في قصة اعتدائهم على حرمة السبت، كما في قوله تعالى: "وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ٱلَّذِينَ ٱعْتَدَوا۟ مِنكُمْ فِى ٱلسَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا۟ قِرَدَةً خَاسِٔينَ" (البقرة: 65)، وقوله: "فَلَمَّا عَتَوا۟ عَن مَّا نُهُوا۟ عَنهُ قُلنَا لَهُم كُونُوا۟ قِرَدَةً خَاسِٔينَ" (الأعراف: 166). ومع ذلك، فإن السؤال الأهم ليس حول وقوع المسخ كعقوبة إلهية، فهذه حقيقة لا جدال فيها، بل حول استمرارية هذا النسخ وتأثيره على الأجيال اللاحقة.

وهناك رواية منسوبة إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم توضح هذه المسألة بشكل قاطع، يقول فيها: "إن الله لم يهلك قومًا أو يمسخ قومًا فيجعل لهم نسلًا ولا عاقبة، وإن القردة والخنازير كانوا قبل ذلك". هذا الحديث يحسم الجدل تمامًا، إذ يؤكد أن الممسوخين لم يكن لهم نسل، وبالتالي فإن أي ادعاء بأن اليهود اليوم هم "أحفاد القردة والخنازير" هو قول لا يستند إلى أساس ديني صحيح، بل يتناقض مع الحديث النبوي الصريح.

أما وصف اليهود بأنهم "إخوان القردة والخنازير"، فهو تعبير ورد على لسان السيدة عائشة رضي الله عنها عندما دخل بعض اليهود على النبي ﷺ وقالوا له "السّام عليكم"، أي الدعاء عليه بالموت بدلًا من السلام، ففهمت مقصدهم وردّت بغضب قائلة: "عليك السام والغضب يا إخوان القردة والخنازير". لكن اللافت في هذه الحادثة أن النبي ﷺ لم يُقرّها على هذا التعبير، بل قال لها: "مه يا عائشة، إن الله رفيق يحب الرفق"، وبيّن لها أنه اكتفى برد التحية عليهم بنفس طريقتهم دون الدخول في جدل أو سباب. هذا الموقف يعكس بوضوح نهج النبي ﷺ في التعامل حتى مع من أساء إليه، وهو نهج قائم على الحكمة وضبط الانفعالات، وليس على الخطاب العاطفي المتشنج.

لم يكن النبي ﷺ سبّابًا أو لعّانًا، بل كان نموذجًا للأخلاق حتى في أصعب المواقف. فقد وصفه الله تعالى بقوله: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾، كما أنه نهى عن الفحش في القول، قائلاً: "ليس المؤمن بالطعّان، ولا اللعّان، ولا الفاحش، ولا البذيء". ولم يكن منهجه قائمًا على إثارة العداوات من خلال الألفاظ، بل على إدارة الصراع بحكمة وعدل، حتى مع أعدائه، فعندما جاءه رجل يهودي يطالبه بدين عليه بغلظة، فغضب الصحابة، قال النبي ﷺ: "دعوه، فإن لصاحب الحق مقالًا". هذه المواقف ترسم صورة واضحة عن أسلوبه في التعامل، وتؤكد أن الإسلام ليس دين الكراهية العشوائية، بل دين العدل والإنصاف، حتى مع المخالفين.

وفي ظل ما يحدث اليوم من عدوان إسرائيلي على غزة، وفي خضم التغطية الإعلامية العالمية للأحداث، تبرز أهمية إدارة الخطاب الإسلامي بطريقة ذكية ومدروسة، بحيث يخدم القضية الفلسطينية ولا يسيء إليها.

تحاول إسرائيل، التي تدير حربًا إعلامية متوازية مع الحرب العسكرية، تصوير الصراع على أنه حرب دينية بين المسلمين واليهود، مستغلة أي تصريحات أو شعارات غير دقيقة لصالحها في تقديم نفسها كضحية. وعندما تستعملُ مصطلحات مثل "أحفاد القردة والخنازير"، فإن ذلك يمنح الاحتلال فرصة ذهبية لتوجيه الأنظار بعيدًا عن جرائمه ضد الفلسطينيين، والتركيز بدلًا من ذلك على ما يُقدَّم باعتباره "خطاب كراهية دينية". هنا، يفقد الفلسطينيون بعض الدعم الدولي، وتتحول القضية في الإعلام الغربي إلى "مسألة عداء ديني"، بدلًا من كونها قضية شعب يقاوم الاحتلال.

إن المقاومة الفلسطينية، التي تخوض اليوم واحدة من أعنف معاركها ضد الاحتلال، تدرك أن النضال ليس فقط بالسلاح، بل بالكلمة أيضًا، وهذا ما بدا واضحًا في تعاملها مع الأسرى الإسرائيليين الذين وقعوا في قبضتها خلال "طوفان الأقصى". وعلى عكس الصورة النمطية التي يروجها الإعلام الإسرائيلي عن المقاومة، أظهرت تقارير إعلامية ومقاطع مرئيّة أن المقاومة التزمت بحسن معاملة الأسرى الإسرائيليين، وحافظت على حياتهم رغم الظروف الصعبة والقصف المستمر، في مشهد يناقض تمامًا ما تفعله إسرائيل بأسرى الفلسطينيين، الذين يتعرضون للتعذيب وسوء المعاملة في سجون الاحتلال.

هذا السلوك لم يكن مجرد تصرف عفوي، بقدر ما كان رسالة إعلامية قوية للعالم، مفادها أن الفلسطينيين لا يقاتلون بدافع الحقد أو الكراهية العرقية، بل يقاتلون لأجل حريتهم وكرامتهم. هذه المشاهد صنعت حالة من الجدل داخل إسرائيل نفسها، حيث تساءل بعض الإسرائيليين: كيف يعاملنا الفلسطينيون بهذه الرحمة بينما نقتلهم بلا رحمة؟

إن الحرب الحديثة لا تقتصر على الميدان العسكري؛ بل تشمل أيضًا ساحة الإعلام والرأي العام العالمي، والمقاومة التي تدير معركتها بحكمة، لا تكتفي بإطلاق الصواريخ؛ بل تسعى أيضًا إلى إيصال رسائل سياسية وأخلاقية، تؤكد من خلالها أنها تقاتل من أجل الحرية، لا من أجل الانتقام العشوائي. وإذا كانت إسرائيل تعتمد على سلاح الدعاية لتحويل نفسها إلى "ضحية"، فإن أفضل رد عليها ليس الانجرار إلى خطاب قد يُستخدم ضد المقاومة، بل تقديم نموذج أخلاقي، كما فعل النبي ﷺ عندما قال لأهل مكة بعد فتحها: "اذهبوا فأنتم الطلقاء"، رغم أنهم كانوا قد آذوه وأخرجوه من بلده.

إذن، المعركة اليوم ليست فقط معركة صواريخ، بل معركة كلمات وصور ومقاطع فيديو، ومن يديرها بذكاء هو من سيكسبها. القضية الفلسطينية ليست ضد اليهود كديانة؛ بل ضد الاحتلال كمشروع استعماري، وهذا ما يجب أن يكون واضحًا في كل خطاب يصدر عن المقاومة، وكل من يؤيدها.

ومن أراد أن يكون نصيرًا حقيقيًا لفلسطين، فعليه أن يدرك أن الخطاب الإسلامي ليس مجرد شعارات عاطفية؛ بل استراتيجية محسوبة، تمامًا كما أن العمليات العسكرية ليست تحركات عشوائية، بل تخطيط دقيق.

وإذا أدركنا ذلك، فهمنا أن معركة التحرير لا تدور فقط في ميادين القتال؛ بل في ساحات الإعلام والسياسة أيضًا، ومن يفوز في هذه المعركة، هو من يعرف كيف يستخدم سلاح الكلمة بقدر إتقانه لاستخدام البندقية.

 

 

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

لماذا أحرق هتلر اليهود ؟

بقلم : فراس الغضبان الحمداني ..

يعد اليهود عبر تاريخ وجودهم مصدر قلق للمجتمعات البشرية وهم يتسمون بالبخل وعدم الرغبة في الإندماج ويميلون إلى العزلة والشعور بالتفوق الديني بوصفهم أتباع أول ديانة سماوية بالرغم من ثبوت فكرة أن اليهودية ليست ديناً بل مجموعة من الرسائل والتشريعات التي نزلت على كليم الله موسى والذي عاش بينهم وهو يعاني لسبب غدرهم وتمردهم وعدم رضاهم عن شيء وربما يعود ذلك إلى العرق وليس إلى الدين فمجموعة الأبناء الذين إجتمعوا في أسرة نبي الله يعقوب كانوا يمارسون الغيرة والحسد والتآمر وقد غدروا بأخيهم الأصغر يوسف ورموه في بئر عميقة في الصحراء وكذبوا على أبيهم بإدعاء إن ذئباً أكل يوسف في حين كانوا في غفلة عنه وكانوا يلهون في مكان ولم يشعروا بما حصل إلى آخر الحكاية المعروفة والتي جرى التفصيل فيها في سورة يوسف وهي من أشهر سور الكتاب المجيد .
الثاني من تشرين الثاني من كل عام يمثل الذكرى المئوية لأخطر تصريح في العصر الحديث ، تصريح آرثر بلفور المؤلف من 67 كلمة ، والذي تم بموجبه إعلان تعهد من قبل حكومة بريطانيا بإنشاء وطن قومي ليهود العالم على أرض أفريقية وبعدها استقر الأمر على أرص فلسطينية ، والذي نعيش آثاره الإستعمارية الإحتلالية إلى يومنا هذا ، وما نتج عنه من تهويد للأرض وتهجير للسكان العرب الأصليين الذين تحولوا بفعل هذا التصريح إلى لاجئين لم تحل قضيتهم حتى يومنا هذا .
لكن التاريخ يحمل بين طياته خفايا المشروع الصهيوني الإستعماري لفلسطين منذ ما قبل بلفور بأزمان مضت ، فقبل تصريح بلفور الشهير ، كانت هناك تصاريح بلفورية كما سماها المفكر عبد الوهاب المسيري في موسوعته اليهود واليهودية والصهيونية .
بالرجوع إلى دفتي التاريخ نجد أن بلفور كان آخر من أعطى تصريحاً وتعهداً بإقامة الوطن اليهودي المزعوم ، فقبل بلفور بسنوات صدر تصريح مشابه لتصريح بلفور من وزير داخلية روسيا القيصرية أشار فيه بوضوح إلى وجوب مساعدة اليهود بإقامة وطن قومي يجمعهم ، كان هذا التصريح قد صدر في عام 1903 وجاء فيه : تستطيع الصهيونية أن تعتمد على دعم مادي ومعنوي من روسيا .
في واحدة من أكبر الحوادث التي مرت على اليهود كانت الأولى في فلسطين عندما غزاها الملك البابلي نبوخذ نصر وورد في كتب التاريخ إنه في التاسع من شهر آب/ أغسطس حسب التقويم اليهودي بأسم “تيشا بآف” ويحظى بمكانة مهمة في الوجدان اليهودي الجمعي لموافقته ذكرى تدمير هيكل سليمان على يد العاهل البابلي نبوخذ نصر سنة 587 ق . م ، كما أنه يوافق ذكرى إحراق الهيكل الثاني على يد القائد الروماني تيطس سنة 70 م . يُظهر اليهود الحزن والحداد في هذا اليوم كما يمارسون فيه بعض الطقوس التعبدية الخاصة مثل الصوم وتلاوة المراثي الواردة في كل من التناخ والتلمود .

يمكن القول إن تخريب الهيكل قد مرّ بعدد من الوقائع والأحداث المهمة عبر العصور حيث شهدت تلك الأحداث على وقوع الإشتباك بين الديني والسياسي من جهة ، كما ألقت بظلالها على تاريخ فلسطين والشرق الأدنى القديم من جهة أخرى ، بينما تتحدث الروايات التاريخية عن المحرقة اليهودية في أربعينيات القرن الماضي عندما إندلعت الحرب العالمية الثانية ، فالمحرقة اليهودية أو الهولوكوست هي الإبادة الجماعية التي قضت على ملايين اليهود فترة الحرب العالمية الثانية (1939- 1945) بسبب هويتهم العرقية والدينية على يد الحاكم الألماني أودلف هتلر الذي كان يستهدف اليهود بشكل رئيسي بسبب كراهيتهم لكل الشعوب وأولهم الشعب الألماني ، لذا فجميع قتلى المحرقة كان من اليهود وتشير الأرقام الخارقة والكبيرة لعدد الذين قتلهم هتلر حرقاً .
اليوم وبغض النظر عن سلوك اليهود المنحرف فليس مقبولاً ممارسة العمل الإجرامي ضد العزل من النساء والأطفال وكبار السن كما يفعل نتنياهو اليوم في الشعب الفلسطيني فكيف يريد اليهود التعاطف معهم وهم يتفرجون اليوم على أبنائهم وهم يقتلون المسلمين في غزة ومدن أخرى ويدمرون مدناً كاملة بوحشية لا مثيل لها بالتاريخ . Fialhmdany19572021@gam

فراس الغضبان الحمداني

مقالات مشابهة

  • أذكار المساء كما ورد عن النبي.. رددها واغتنم ثوابها
  • فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة
  • سنن ليلة الجمعة الثابتة .. 8 أمور أوصى بها النبي
  • لماذا أحرق هتلر اليهود ؟
  • حماس تدين الموقف الأمريكي تجاه الأونروا
  • في عيد العمال.. كيف حث سيدنا النبي على إعطاء حقوقهم؟
  • سويسرا تحظر حركة المقاومة الفلسطينية حمـ.ـاس
  • دلّنا عليها النبي.. 4 أعمال عظيمة ثوابها وأجرها مثل الحج والعمرة
  • عـــزالدين القسام رمـــز للثورة والجهاد
  • أذكار المساء مكتوبة كما كان النبي يرددها.. لا تفوت أجرها