أستاذ قانون دولي: إسرائيل تسعى للهروب من العدالة بتجريم توثيق جرائم حربها
تاريخ النشر: 18th, February 2025 GMT
تسعى الحكومة الإسرائيلية، لتمرير مشروعي قانون يهدفان إلى منع توثيق وكشف جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل، ويفرض أحدهما عقوبة السجن على من ينقل معلومات حول ذلك إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، فيما يقضي مشروع القانون الآخر بأن المحكمة العليا ليست ملزمة بالنظر في التماسات تقدمها منظمات حقوقية تتلقى تبرعات من دول أجنبية.
وتعليقا على ذلك، أكد الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي أن ذلك يأتي في خطوة تكشف عن محاولات الاحتلال الإسرائيلي التهرب من المساءلة الدولية، حيث يسعى الكيان للدفع بمشروعي قانون يهدفان إلى تجريم توثيق جرائم الحرب الإسرائيلية من قبل الجنود والضباط، إضافة إلى حظر إرسال الأدلة إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وشد أستاذ القانون الدولي، في تصريحات خاصة لـ “صدى البلد”، أن هذه المحاولات ليست مجرد إجراءات قانونية محلية، بل تمثل نهجًا استراتيجيًا ممنهجًا يهدف إلى تعزيز سياسة الإفلات من العقاب، وتحصين القادة السياسيين والعسكريين من الملاحقة الجنائية الدولية.
وأضاف الدكتور أيمن سلامة، أن هذه التشريعات - في حال إقرارها - تشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي الجنائي، إذ إنها تتعارض مع المبادئ الأساسية للمساءلة والعدالة الدولية، وتتناقض مع الالتزامات الواقعة على الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف لعام 1949، التي تلزم جميع الدول بالتحقيق في انتهاكات خطيرة واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد مرتكبيها.
الإفلات من العقاب: نهج إسرائيلي ممنهجوأشار إلى أن إسرائيل كرست منذ احتلالها للأراضي الفلسطينية سياسة التهرب من المسؤولية الدولية، حيث تعتمد على منظومة قانونية داخلية تحمي جنودها وقادتها من أي مساءلة جنائية، معتمدة على آليات تحقيق عسكرية صورية تفتقر إلى الاستقلالية والشفافية. وإن محاولات حظر توثيق جرائم الحرب تعكس خوف الاحتلال من توثيق انتهاكاته، وتؤكد أن الأدلة التي يتم جمعها تشكل خطرًا قانونيًا حقيقيًا على القادة العسكريين والسياسيين أمام المحاكم الدولية.
وهذه المحاولات لا تتفق بل تنتهك مع ما ورد في الكتاب العسكري الإسرائيلي لعام 2006 بشأن جرائم الحرب، الذي تضمن توجيهات ملزمة بحظ ارتكاب جرائم الحرب.
المسؤولية الجنائية الفردية والدوليةوشدد إنه وفقًا لقواعد القانون الدولي، تتحمل إسرائيل المسؤولية الدولية المدنية عن انتهاكاتها، إضافة إلى المسؤولية الجنائية الفردية للقادة العسكريين والسياسيين الذين يصدرون الأوامر غير القانونية، وللجنود المنفذين لهذه الجرائم. ويعزز نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية هذه المسؤولية، إذ يؤكد على عدم سقوط الجرائم الدولية بالتقادم، وعلى إمكانية محاسبة الأفراد المتورطين في جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الإبادة الجماعية.
كما أن محاولات منع توثيق الجرائم أو عرقلة تقديم الأدلة للمحاكم الدولية يمكن أن تشكل بحد ذاتها جريمة بموجب القانون الدولي، حيث تعد محاولات التستر على الجرائم أو عرقلة العدالة انتهاكًا للمادة 70 من نظام روما الأساسي، التي تجرّم أي أفعال تهدف إلى التأثير على الأدلة أو الشهود أو إجراءات التقاضي أمام المحكمة الجنائية الدولية.
الخاتمة: المحاسبة قادمة رغم محاولات التستر
واختتم أستاذ القانون الدولي، إنه على الرغم من المحاولات الإسرائيلية المستمرة لعرقلة العدالة، فإن التوثيق المستمر للجرائم والانتهاكات يشكل عنصرًا أساسيًا في ملاحقة الجناة، وستبقى الجرائم المرتكبة قيد الملاحقة الدولية مهما طال الزمن. وإن إفلات مرتكبي جرائم الحرب من العقاب ليس قدرًا محتومًا، بل معركة قانونية يجب أن تستمر حتى تتحقق العدالة، وحتى يتم تقديم المسؤولين عن هذه الانتهاكات إلى المحاكم المختصة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: المحكمة الجنائية الدولية الحكومة الإسرائيلية القانون الدولي الإنساني جرائم الحرب الإسرائيلية القانون الدولي الجنائي الاحتلال الإسرائيلي الأراضي الفلسطينية المزيد الجنائیة الدولیة القانون الدولی جرائم الحرب
إقرأ أيضاً:
مؤتمر القانون الدولي يناقش أخلاقيات الحرب وحقوق الإنسان في ضوء الفقه الإسلامي
ـ البحوث سلطت الضوء على المبادئ الإسلامية في التعامل مع المدنيين خلال النزاعات المسلحة
يختتم غدًا المؤتمر الدولي الثالث "القانون الدولي الإنساني في ضوء الفقه الإسلامي" الذي نظمته كلية العلوم الشرعية على مدار ثلاثة أيام، وتواصلت أعمال المؤتمر بجلسات علمية تضمنت عرض ومناقشة عدد من البحوث التي تناولت موضوعات متعددة تتعلق بالحروب والنزاعات المسلحة وحقوق الإنسان، وذلك بحضور عدد من الأكاديميين والباحثين المتخصصين.
في الجلسة الأولى التي ترأسها الأستاذ الدكتور عبد القادر النفاتي قدم الدكتور إبراهيم بن يوسف الأغبري بحثًا حول "قيم الحروب عند الإباضية من خلال دعوة أبي حمزة الشاري في الحجاز"، استعرض فيها المبادئ الأخلاقية التي أرساها الإسلام في إدارة الحروب، ومدى الالتزام بها،كما تناول دور الإمام أبي حمزة الشاري القيادي ودوره الدعوي باستخدام المنهج التاريخي والوصفي والتحليلي لاستخلاص القيم التي اتبعها في مواجهاته العسكرية.
من جانبه قدم الدكتور سعيد بن سليمان الوائلي بحثًا عن "معاملة الأسرى في كتب التفسير الإباضي"، تناول المبادئ الإسلامية في التعامل مع الأسرى أثناء النزاعات المسلحة، مستندًا إلى النصوص القرآنية وتفسيراتها في الفكر الإباضي، كما أشار إلى الجهود التي بذلها الفقهاء في وضع إطار نظري لهذا الجانب، مع مقارنة ذلك بما ورد في المؤلفات الفقهية والسياسية، مؤكدًا على التقدم الذي أحرزه الإسلام في هذا المجال.
واستعرض الدكتور طالب بن علي السعدي في بحثه "حقوق الإنسان وقت الحروب والنزاعات المسلحة في عهد أئمة عمان مقارنة بالقانون الدولي الإنساني" نماذج تاريخية من تعامل الأئمة مع المدنيين والأسرى، مع الإشارة إلى اتفاقية جنيف لعام 1949 ومدى توافق مبادئ الإسلام مع تلك الاتفاقيات، مؤكدًا على القيم الإنسانية التي اتبعها حكام عمان في تلك الفترات.
ومن الهند قدم سيد أزهر حسين الندوي بحثًا عن "جهود الإمام الصلت بن مالك في وضع القواعد المنظمة للنزاعات المسلحة"، استعرض شخصية الإمام الصلت بن مالك الخروصي ودوره في حماية المدنيين والتعامل مع الأعداء والمخالفين للعهود من منظور إنساني، كما تناول تأثير وثيقة الإمام في تحقيق السلم الاجتماعي، مقارنة بالقوانين الدولية الحديثة.
وناقش الباحث سلطان بن خلفان الهادي"القانون الدولي الإنساني في ضوء العقيدة الإسلامية"، حيث تطرق إلى مبادئ التعامل في النزاعات المسلحة وفقًا للفقه الإسلامي، مع التركيز على حقوق المحاربين وغير المحاربين كما استعرض كيفية استنباط علماء الإباضية للأسس الشرعية التي تنظم هذا المجال، وتطرق إلى المسائل العقدية المتعلقة بالقانون الدولي الإنساني.
حماية المدنيين
وفي جلسة برئاسة الدكتور أحمد بن سعيد الرمحي، ناقش الدكتور عبد الحق الكواني موضوع "السلم في الفقه الإسلامي وتجلياته مقارنة بالقانون الإنساني الدولي"، وأكد الباحث في دراسته أن الإسلام يعتبر الحرب حالة استثنائية وليست الأصل في التعامل بين البشر، مشيرًا إلى المبادئ التي وضعها الفقه الإسلامي لحماية المدنيين أثناء الحروب، مشيرا إلى تقدم الإسلام في وضع هذه القواعد قبل ظهور القانون الدولي الإنساني الحديث.
وقدم الدكتور خالد عبد الجابر الصليبي دراسة مقارنة بين القانون الدولي الإنساني وتطبيقاته في النزاعات المسلحة، حيث استعرض أوجه التشابه والاختلاف بين القانون الدولي وأحكام الفقه الإسلامي، مشيرا إلى أن الشريعة الإسلامية تتفوق من حيث شموليتها واتساع نطاقها، حيث تنظم جميع جوانب حقوق الإنسان في السلم والحرب، على عكس القوانين الوضعية التي تقتصر على بعض الجوانب فقط.
كما قدم الدكتور عمرو محمد غانم أبو العلا ورقة بحثية حول "جرائم الإبادة الجماعية في الفقه الإسلامي والقانون الجنائي الدولي"، ناقشت الإشكالية المتعلقة بجرائم الحرب والإبادة الجماعية، ومدى قدرة القوانين المعاصرة على ردع مرتكبي هذه الجرائم، كما أجرت مقارنة بين ذلك وأحكام الفقه الإسلامي التي شددت على منع الظلم وصيانة حقوق الضعفاء.
حماية البيئة
في الجلسة الثالثة استعرض الباحث محمد بن أفلح الخليلي القواعد والضوابط التي تنظم النزاعات المسلحة وفقًا لكتاب "النور الوقاد" للشيخ محمد بن سالم الرقيشي، حيث تناول الأسس الفقهية المستنبطة من الكتاب، موضحًا القواعد الفقهية الكبرى التي تحكم النزاعات المسلحة، مع تطبيقها على الواقع المعاصر.
كما ناقش الباحث المختار بن سليمان الشعيلي الحماية التشريعية لضحايا الحرب، مع التركيز على فئة كبار السن، وقارن الباحث بين الفقه الإباضي والقانون الدولي الإنساني في مدى توفير الحماية لهذه الفئة خلال النزاعات المسلحة، واستعرض التطبيقات الفعلية لهذه التشريعات في الحروب الحديثة، خاصة في ظل العدوان المستمر على قطاع غزة.
أما الباحثان صهيب عباس عودة الكبيسي ويونس عبد الهادي خليل الفياض، فقد قدما ورقة علمية تناولت رؤية قانون النزاعات المسلحة الدولية والفقه الإسلامي حول السلم الدولي، وشددا على ضرورة تعزيز القوانين التي تحد من انتشار الحروب وتقليل إنتاج الأسلحة المدمرة، كما أبرزت الورقة دور الشريعة الإسلامية في ترسيخ ثقافة السلم ومنع الفتن، استنادًا إلى المبادئ القرآنية والنبوية التي تدعو إلى الإصلاح وفض النزاعات بالطرق السلمية.
وتناول الدكتور صلاح الدين فرج قضية حماية البيئة خلال النزاعات المسلحة، حيث سلط الضوء على الانتهاكات البيئية التي يتعرض لها قطاع غزة جراء الاحتلال الإسرائيلي، وناقش مدى فعالية القانون الدولي الإنساني في التصدي لهذه الانتهاكات، مع إبراز تفوق الفقه الإسلامي في وضع منظومة متكاملة لحماية البيئة أثناء الحروب.
كما قدم الدكتور السعداوي سعيد عبد الجليل منصور بحثًا حول التفرقة بين المقاتلين وغير المقاتلين في السنة النبوية، موضحًا كيف أرست التعاليم النبوية مبادئ حماية المدنيين خلال الحروب، التي تتقاطع مع العديد من النقاط في القوانين الدولية الإنسانية، وأكدت الورقة أن السنة النبوية سبقت القانون الدولي في تقرير هذه المبادئ التي تمنع الاعتداء على غير المحاربين.
كما قدمت الباحثة جليلة بنت محمد الداودي دراسة تحليلية حول حماية المدنيين أثناء الحروب والنزاعات المسلحة، حيث تناولت مفهوم "أنسنة الحرب" الذي يتبناه القانون الدولي الإنساني، وعقدت مقارنة بين أحكام الفقه الإسلامي والقانون الدولي فيما يتعلق بحماية المدنيين والأعيان المدنية ومنع الجرائم ضد الإنسانية.
كما ناقشت الباحثة مريم محمد نجيب عليوة حقوق ضحايا النزاعات المسلحة من منظور الشريعة الإسلامية والقانون الدولي الإنساني، مستعرضةً الضمانات التي تكفلها الشريعة الإسلامية للأسرى والقتلى وذويهم، مؤكدةً أن الإسلام شدد على حفظ كرامة الإنسان حتى بعد وفاته.
ولم تغب قضية حماية الأطفال أثناء النزاعات المسلحة عن المؤتمر، حيث قدمت الباحثة فاطمة محمد حاجي دراسة موسعة حول التشريعات الإسلامية والدولية التي تضمن حقوق الأطفال خلال الحروب، وأشارت إلى الانتهاكات الخطيرة التي يتعرض لها الأطفال في العديد من النزاعات المعاصرة، موضحةً الآليات التي توفرها الشريعة الإسلامية والقانون الدولي الإنساني لحماية هذه الفئة الضعيفة.
حماية الأعيان المدنية
كما شهدت الجلسة الثانية مناقشات موسعة حول القضايا القانونية والإنسانية المتعلقة بالقانون الدولي الإنساني والفقه الإسلامي، وقدمت الجلسة التي ترأسها الدكتور خالد سعيد تفوشيت مجموعة من الأوراق البحثية التي تناولت موضوعات حساسة تعكس التحديات القانونية والإنسانية في النزاعات المسلحة.
وقدم الباحث محمد بن هلال الرواحي دراسة بعنوان "الأسلحة المحرمة دوليًا بين الفقه الإسلامي والقانون الدولي الإنساني". استعرض خلالها التطور المستمر للأسلحة ذات القدرات التدميرية العالية، التي لا تقتصر آثارها على البشر فقط، بل تمتد إلى البيئة والمحيط الحيوي، وأكد الباحث على أهمية تناول هذا الموضوع من منظور الفقه الإسلامي والقانون الدولي الإنساني، في ظل التهديدات المستمرة التي قد تؤدي إلى كوارث إنسانية بسبب قرارات غير حكيمة من صانعي الحروب.
كما ناقش الباحثان الدكتور صلاح الدين بوجلال وشافية بوغابة موضوع "الإخلال بمبدأ العناية الواجبة كأساس للمسؤولية الدولية عن انتهاكات الشركات العسكرية والأمنية الخاصة للقانون الدولي"، وأشار البحث إلى تزايد تدخل الشركات العسكرية والأمنية الخاصة في النزاعات المسلحة، مما يثير تساؤلات حول مسؤولية الدول عن انتهاكات هذه الشركات للقانون الدولي الإنساني، وقد أبرز الباحثان أهمية التزام الدول ببذل العناية الواجبة للحد من هذه الانتهاكات، مؤكدين على الحاجة إلى آليات قانونية واضحة لمساءلة الشركات وضمان امتثالها للمعايير الإنسانية.
وأكد الدكتور إسماعيل محمد شندي في دراسته "ضمانات حماية الأعيان المدنية العامة في زمن الحرب والمسؤولية المترتبة على استهدافها" الحاجة إلى حماية الأعيان المدنية التي أصبحت أكثر إلحاحًا في ظل النزاعات المسلحة المتزايدة، مشيرا إلى تفوق الفقه الإسلامي في هذا المجال، حيث سبق القانون الدولي الإنساني في وضع مبادئ واضحة لحماية الأعيان المدنية، ومع ذلك، أشار إلى أن التطبيق العملي لهذه المبادئ لا يزال يواجه تحديات كبيرة.
أما الدكتور شاه جنيد أحمد هاشمي، فقد تناول في بحثه "إتلاف الأموال والثروات في الحرب بين الفقه الإسلامي والقانون الإنساني الدولي" تأثير الحروب على الممتلكات العامة والخاصة، وأن التدمير المتعمد للأموال يمثل مشكلة إنسانية وقانونية تتطلب معالجة شاملة، وسلط البحث الضوء على الفوارق بين الفقه الإسلامي والقانون الدولي في التعامل مع هذه القضية، وطرح تساؤلات حول مدى إمكانية تحقيق تكامل بينهما لضبط هذه الظاهرة.
حماية الأطفال والنساء
وترأس الدكتور إبراهيم بن يوسف الأغبري الجلسة التي شهدت مداخلات مهمة حول حماية ضحايا النزاعات المسلحة، حيث قدم الباحث محمد بن إبراهيم اليلو قراءة معمقة في قرارات مجمع الفقه الإسلامي الدولي المتعلقة بحماية ضحايا النزاعات، وأكد الباحث على دور الاجتهاد الفقهي في وضع قواعد إنسانية تضبط سلوك المتحاربين، مع دحض الادعاءات التي توجه للفقه الإسلامي باتهامات الإرهاب والتطرف.
كما قدمت الباحثة الدكتورة مروى زوينخي دراسة بعنوان "حماية المدنيين في الفقه الإسلامي والقانون الدولي الإنساني"، حيث أشارت إلى أن الحروب الحديثة غالبًا ما يتحمل المدنيون الأبرياء عبئها الأكبر، ودعت الباحثة إلى دراسة القواعد القانونية والشرعية التي تضمن حماية هؤلاء المدنيين، مع تسليط الضوء على التوافق بين الفقه الإسلامي والقانون الدولي الإنساني في هذا المجال. كما تناولت التحديات التي تواجه تطبيق هذه القواعد في الواقع.
وتناول الباحث أحمد بن عبدالله بن حمود العبدلي في دراسته "حماية ضحايا النزاعات المسلحة في الفقه الإسلامي والقانون الدولي الإنساني"، مشكلة تعرُّض الفئات غير المقاتلة مثل النساء والأطفال وكبار السن للانتهاكات أثناء الحروب.
وأكد العبدلي على ضرورة تعزيز آليات الحماية القانونية لهذه الفئات، مطالبًا الدول بتفعيل اتفاقيات تضمن حقوقهم في أوقات النزاع.
كما قدمت الدكتورة لوابدية جيهان مداخلة حول "حماية النساء والأطفال في الفقه الإسلامي والقانون الدولي الإنساني أثناء النزاعات المسلحة"، مشددة على أن هذه الفئات هي الأكثر تضررًا خلال الحروب، حيث تتعرض للقتل والتهجير والاستغلال، وأوضحت جيهان أن الفقه الإسلامي يضع قواعد صارمة لحماية المدنيين تتقاطع مع الاتفاقيات الدولية، غير أن التحدي الأكبر يكمن في التطبيق الفعلي لهذه القواعد في النزاعات المعاصرة.
حماية الممتلكات الثقافية
في الجلسة الثالثة تم التطرق إلى قضايا إنسانية وقانونية معاصرة، حيث بدأت أولى الأوراق البحثية بعنوان "حماية البيئة أثناء النزاعات المسلحة على ضوء القانون الدولي الإنساني والشريعة الإسلامية"، وهو بحث مشترك بين محمد بن سعيد الرزيقي والدكتور أحمد بن يحيى الكندي تناول "الأثر المدمر للنزاعات المسلحة على البيئة" حيث يتسبب استخدام الأسلحة الكيميائية والبيولوجية في دمار واسع للموارد الطبيعية، كما استعرض الباحثان القواعد الإسلامية والدولية التي تهدف إلى حماية البيئة أثناء الحروب.
وفيما يتعلق بحماية الممتلكات الثقافية، قدم الباحث عمر عبد الله الكروش دراسة بعنوان "مبدأ حماية الأعيان الثقافية أثناء النزاعات المسلحة بين الشريعة والقانون الدولي". تطرقت إلى ضرورة الحفاظ على الممتلكات الثقافية باعتبارها إرثًا إنسانيًا مشتركًا، موضحًا المبادئ الإسلامية والدولية المتعلقة بهذا الموضوع، مؤكدًا على أهمية تفعيل آليات الحماية خلال النزاعات.
أما الدكتور أحمد علي لقم فقد تناول في دراسته "المسؤولية الدولية عن تدمير الكيان الصهيوني للممتلكات الثقافية ومكونات الهوية في قطاع غزة"، حيث ركز البحث على تحليل مدى التزام القانون الدولي الإنساني بحماية الممتلكات الثقافية، لاسيما في ظل الحرب الأخيرة على غزة، كما استعرض الباحث الأدوات القانونية التي يمكن استخدامها لمحاسبة الجهات المسؤولة عن التدمير الممنهج.
وقدمت الدكتورة هناء حسن شمة بحثًا عن "الحق في الإنترنت خلال النزاعات المسلحة"، حيث أوضحت أهمية الإنترنت في توثيق الانتهاكات الإنسانية وتسريع عمليات الإغاثة، كما أشارت إلى الحاجة إلى تعزيز الحماية القانونية للبنية الأساسية الرقمية خلال الحروب.
وتناولت جلسة ترأسها الدكتور إسماعيل بن صالح الأغبري قضايا حقوق الإنسان في ظل النزاعات المسلحة. حيث استعرض الدكتور عبد الملك أحمد السيد شتيوي دراسة حول "حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وحمايتهم أثناء الحروب بين الفقه الإسلامي والقانون الدولي الإنساني"، مؤكدًا على ضرورة توفير حماية خاصة لهذه الفئة التي تتأثر بشكل كبير خلال النزاعات.
كما قدم الدكتور حسن القصاب ورقة بحثية بعنوان "حماية الأعيان الدينية زمن الحرب في الفقه الإسلامي وفي القانون الدولي الإنساني"، مشيرًا إلى الفروق بين التشريعات الإسلامية والدولية في هذا المجال، ومدى تأثيرها على حماية المقدسات الدينية أثناء الحروب.
وناقشت دراسة مشتركة بين الدكتور عبد الرحيم بن سيف القصابي، وأسعد بن راشد الريامي، والدكتور محمد السعيد القزعة موضوع "حماية دور العبادة أثناء الحروب"، حيث أشار البحث إلى تزايد الانتهاكات التي تتعرض لها دور العبادة، داعيًا إلى اتخاذ تدابير أكثر فاعلية لحمايتها.
كما تناولت الجلسة الثالثة قضايا الأمن الغذائي والحماية الطبية خلال النزاعات المسلحة، حيث قدم كل من الدكتور محمد بن عبدالله الجهوري وفجر علي القصار من الكويت بحثًا حول "الحق في الأمن الغذائي خلال النزاعات المسلحة" استعرضا فيه الضوابط القانونية والدينية التي تضمن عدم حرمان المدنيين من الغذاء أثناء الحروب.
وناقشت الباحثة حنان بنت حميد السيابية "الحماية الطبية في ظل النزاعات المسلحة بين الشريعة الإسلامية والقانون الإنساني الدولي"، حيث أكدت أهمية توفير الحماية للمرضى والعاملين في المجال الطبي والمنشآت الصحية أثناء النزاعات.
واختتمت الجلسات ببحث قدمه محمد بن عامر الشعيلي حول "إتلاف الأموال في النزاعات المسلحة بين المسلمين والكافرين"، حيث تناول الموقف الفقهي والقانوني من إتلاف الأصول العسكرية والمدنية خلال الحروب.