محكمة الاستثمار والتجارة.. تعزيز للثقة وجذب لرؤوس الأموال
تاريخ النشر: 18th, February 2025 GMT
رامي بن سالم البوسعيدي
يُشكِّل إنشاء محكمة الاستثمار والتجارة في سلطنة عُمان خطوة محورية في تطوير البيئة القانونية والاقتصادية، ويعكس هذا التوجه رؤية استراتيجية لتعزيز المناخ الاستثماري وتحقيق العدالة الناجزة في القضايا ذات الطابع التجاري.
ويأتي هذا القرار استجابة لمتطلبات السوق الحديثة التي تتسم بتعقيد العلاقات التجارية وتشعبها؛ حيث ستتولى المحكمة النظر في جميع المنازعات التي يكون أحد أطرافها تاجرًا أو تتعلق بالأعمال التجارية أو عقود الاستثمار؛ مما يوفر آلية متخصصة وسريعة لمعالجة النزاعات التجارية بشكل يضمن الاستقرار القانوني والشفافية في التعاملات، ويعد تخصيص جهة قضائية لهذه النوعية من القضايا عاملًا حاسمًا في تقليل الضغط على المحاكم العامة من خلال وجود كادر قضائي متخصص يمتلك الخبرة والكفاءة في التعامل مع القضايا التجارية والاستثمارية على مختلف درجات التقاضي.
ووجود محكمة متخصصة بقضايا الاستثمار يسهم بشكل مباشر في تحسين بيئة الأعمال من خلال توفير إطار قانوني متطور يستجيب لاحتياجات القطاع الخاص والمستثمرين، ويعزز هذا التوجه ثقة المستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء؛ حيث يمثل القضاء المتخصص عاملًا جوهريًا في تقليل المخاطر القانونية المرتبطة بالاستثمار. وتكمن أهمية المحكمة في قدرتها على تسريع الفصل في النزاعات التجارية، ما ينعكس إيجابًا على سرعة تنفيذ العقود وضمان استمرارية المشاريع دون تأخير بسبب التعقيدات الإجرائية، ويعد تسريع البت في القضايا الاقتصادية والتجارية مطلبًا أساسيًا في الأسواق الحديثة، خاصةً مع التوجه العالمي نحو تعزيز مناخ الاستثمار من خلال توفير بيئة قانونية مرنة وقادرة على حماية الحقوق وتطبيق القوانين بشكل فاعل.
وعلى المستوى الكلي، يُسهم إنشاء محكمة الاستثمار والتجارة في تعزيز تنافسية الاقتصاد العُماني ورفع جاذبية السوق للاستثمارات الأجنبية المباشرة؛ إذ إنَّ وجود منظومة قضائية متخصصة يقلل من درجة عدم اليقين القانوني ويمنح المستثمرين مزيدًا من الطمأنينة عند اتخاذ قرارات استثمارية طويلة الأمد، وتتماشى هذه الخطوة مع التوجهات العالمية التي تربط بين فعالية النظام القضائي وقدرته على حماية الحقوق التجارية وبين جذب رؤوس الأموال؛ فالاستثمارات الضخمة تتطلب بيئة قانونية واضحة وشفافة لضمان تنفيذ العقود وحل المنازعات بسرعة وكفاءة، وهو ما تحققه محكمة الاستثمار والتجارة من خلال آليات متطورة تتماشى مع المعايير الدولية في فض النزاعات الاقتصادية.
إضافة أن المحكمة الجديدة تدعم جهود المجلس الأعلى للقضاء في تحسين مؤشرات جاذبية الاستثمار وتعزيز ثقة المستثمرين في النظام القانوني العُماني، ويأتي هذا التطور ضمن استراتيجية أوسع تستهدف تحسين بيئة الأعمال ودعم "رؤية عُمان 2040" التي تُركِّز على تنويع الاقتصاد وتعزيز مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي، ومن المتوقع أن يكون لمحكمة الاستثمار والتجارة دور محوري في تسهيل ممارسة الأعمال من خلال الحد من التأخير في حل النزاعات وتقديم حلول قضائية متخصصة تتسم بالكفاءة والسرعة، كما يعكس هذا التوجه إدراك السلطنة لأهمية توفير بيئة قانونية متطورة قادرة على استقطاب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز النمو الاقتصادي المُستدام.
ولا يقتصر أثر المحكمة على تسريع الفصل في المنازعات فحسب؛ بل يمتد ليشمل خلق بيئة أعمال أكثر استقرارًا وشفافية، مما يُسهم في رفع تصنيف السلطنة في مؤشرات سهولة ممارسة الأعمال؛ حيث إنَّ وجود قضاء متخصص في القضايا التجارية يمنح المستثمرين المحليين والأجانب ضمانات قانونية واضحة ويقلل من التكلفة الزمنية والمالية المرتبطة بالنزاعات الطويلة، كما أن المحكمة توفر آلية قانونية مرنة تتلاءم مع متطلبات العصر وتحديات الاقتصاد الرقمي وأسواق المال؛ ما يعزز موقع السلطنة كمركز إقليمي جاذب للاستثمارات.
وأخيرًا.. نستطيع القول إنَّ إنشاء محكمة الاستثمار والتجارة بمثابة خطوة استراتيجية تُعزِّز من تنافسية الاقتصاد العُماني وتوفر بيئة قانونية مستقرة تدعم جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتأتي ضمن إطار أوسع لتطوير المنظومة القضائية والاقتصادية؛ بما يتوافق مع المعايير الدولية ويعزز من مكانة السلطنة كوجهة استثمارية متميزة في المنطقة، وأن تسريع الفصل في القضايا التجارية وحماية حقوق المستثمرين، يساهمان بشكل مباشر في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، ويعكسان التزام الحكومة بتوفير بيئة أعمال متطورة، تدعم النمو والتنافسية، في ظل التحولات الاقتصادية العالمية.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الفيومي: رقمنة خدمات المستثمرين باقتصادية قناة السويس تعزز جاذبية الاستثمار
أكد الدكتور محمد عطية الفيومي، رئيس غرفة القليوبية، ورئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب، وأمين صندوق الاتحاد العام للغرف التجارية، أن الإطلاق التجريبي لحزمة الخدمات الرقمية الجديدة الخاصة بالشباك الواحد في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس يمثل خطوة متقدمة نحو تحسين مناخ الاستثمار وتسهيل الإجراءات على المستثمرين، مشيرًا إلى أن التحول الرقمي أصبح ضرورة لتعزيز التنافسية وجذب الاستثمارات.
وأوضح الفيومي، أن هذه المنظومة الرقمية تتيح استقبال الطلبات وإصدار التراخيص والمتابعة السنوية للمنشآت، مما يساهم في تقليل التعقيدات الإدارية وتعزيز الشفافية، وتحقيق التكامل بين مختلف الجهات المعنية بالاستثمار. وأضاف أن رقمنة الخدمات تأتي ضمن استراتيجية الدولة لدعم الاستثمار وتعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي وعالمي للخدمات اللوجستية والصناعية.
وأشار الفيومي في تصريحات صحفية له اليوم ، إلى أن التعاون بين الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية (EBRD) يتيح تطبيق أفضل الممارسات الدولية في التحول الرقمي وتطوير البنية التحتية الرقمية، مما يساعد على خلق بيئة أعمال مرنة وجاذبة. وأيضًا، يشمل دعم البنك الأوروبي توفير خدمات استشارية وورش عمل لرفع كفاءة الموظفين، مما يعزز كفاءة منظومة الشباك الواحد ويسهم في تسريع عملية اتخاذ القرار الاستثماري.
ولفت رئيس غرفة القليوبية ، إلى أن إطلاق هذه الخدمات يشمل إصدار التراخيص الدائمة بنظام الإخطار، والمتابعة السنوية للمنشآت، بالإضافة إلى خدمات سيتم طرحها لاحقًا، مثل إصدار تراخيص التشغيل بالنظام المسبق، والتراخيص المؤقتة، وتعديل التراخيص الإدارية والفنية، وإصدار تراخيص البناء، مما يساهم في تيسير إجراءات الاستثمار وتشجيع دخول مشروعات جديدة إلى السوق المصري.
وأضاف أن الشركات العالمية الكبرى بدأت تولي اهتمامًا متزايدًا بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وهو ما يتجلى في استثمارات شركة أجيليتي الكويتية التي خصصت 60 مليون دولار لإنشاء مرافق جمركية ولوجستية حديثة بالمنطقة، مشيرًا إلى أن هذه الاستثمارات تعكس الثقة الكبيرة في مستقبل الاقتصاد المصري، وتؤكد أن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس أصبحت مركزًا محوريًا للتجارة الإقليمية والدولية.
الجدير بالذكر أن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس قطعت شوطًا كبيرًا في تطوير بنيتها التحتية وتحسين خدماتها الرقمية، في إطار رؤية مصر 2030 التي تستهدف تعزيز التحول الرقمي ورفع كفاءة الخدمات الحكومية. كما أن هذه المبادرات تأتي مواكبة للتطورات العالمية في تسهيل إجراءات الاستثمار، مما يجعل المنطقة منصة جاذبة للاستثمارات الكبرى، خاصة في القطاعات الصناعية واللوجستية التي تعتمد بشكل أساسي على سرعة وكفاءة الإجراءات الحكومية.
وفي الختام، أكد الفيومي، أن رقمنة خدمات المستثمرين في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس تعكس التوجه الاستراتيجي للدولة نحو تعزيز بيئة الاستثمار وتوفير حلول مبتكرة لدعم مجتمع الأعمال. وأوضح أن هذه الخطوة ستسهم في تحسين كفاءة العمليات التشغيلية وزيادة جاذبية المنطقة الاقتصادية أمام المستثمرين المحليين والدوليين، مما يدفع عجلة التنمية الاقتصادية ويعزز قدرة مصر التنافسية على خريطة التجارة العالمية. وشدد على ضرورة الاستمرار في تطوير الخدمات الرقمية والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة لضمان تقديم تجربة استثمارية متكاملة تلبي تطلعات المستثمرين وتساهم في تحقيق التنمية المستدامة.