المعادلة المفخخة: غزة بلا حماس لـإعمار بلا تهجير
تاريخ النشر: 18th, February 2025 GMT
قمتان عربيتان على مبعدة أسبوع واحد؛ مصغرة في الرياض وطارئة في القاهرة. فيها، ستُطبخ المبادرة العربية لغزة وما بعد الحرب عليها، فيما المنتظر من الثانية المصادقة على "البديل العربي لخطة ترامب"، وإكسابه شرعية الإجماع العربي.
لسنا من المعوّلين على "ترياق" القمم والعمل العربي المشترك، ولا نحن ممن ينتظرون بفارغ الصبر، وقائع المؤتمر الصحفي الختامي المخصص لإعلان القرارات والنتائج.
لدينا تجربة مريرة ومديدة من العمل العربي "اللامشترك"، والنظام الرسمي العربي يقول شيئًا بـ"الجملة"، ويذهب إلى نقيضه بـ"المفرق"، والدول الأعضاء في أقدم منتظم إقليمي على الإطلاق: الجامعة العربية، لا تجد نفسها ملزمة بما يصدر عنه من مواقف وقرارات إجماع، بل ولا حتى لمراجعة نصوصها ومضامينها.
نعوّل أكثر على لقاء الرياض، حيث ستلتئم دول "فاعلة" ومؤثرة في مختلف أزمات الإقليم، ومن بينها غزة والمشهد الفلسطيني برمته، ومن بين المشاركين فيها، دول أخذت النار تقترب من ثيابها، فالولايات المتحدة وإسرائيل اللتان فرغتا مؤخرًا من إلحاق أكبر ضربة إستراتيجية لما كان يعرف بـ"محور المقاومة"، تستديران اليوم، لإلحاق ضربة في الصميم لمعسكر الاعتدال الذي ضم ويضم، حلفاء وشركاء، وأطرافًا أبرمت معاهدات سلام، وتلكم واحدة من مفارقات التاريخ.
إعلاننعوّل على قمة الرياض، لأن البحث اليوم تخطى التضامن مع الفلسطينيين وإسنادهم، إلى "الدفاع عن الذات"، عن أمن دول عربية واستقرارها؛ هويتها وكيانها، مكانتها وهيبتها.
في معركة إسناد الفلسطينيين ومقاومتهم، يمكن قول الكثير عن التردد والعجز والتقصير، وربما تواطؤ البعض، أما في معركة "الدفاع عن الذات"، فعلينا أن نرى كيف يمكن للأداء السياسي والدبلوماسي العربي أن يكون.. نفترض أنه سيكون أكثر فاعلية وحزمًا، بيد أننا لسنا على بيّنة من الحدود التي سيصل إليها.
ننظر بارتياح لمواقف مصر، والأردن، والسعودية، الدول المستهدفة بالتهجير واستقبال موجات المهجرين قسرًا عن ديارهم في غزة، كما ننظر بارتياح لمواقف معظم الدول العربية من مخطط التهجير الذي أطل برأسه الأسود من البيت الأبيض.. ونقول بعض الدول العربية، وليس جميعها، بعد أن صدر ما يشي باستعداد بعضها للتساوق مع خطة ترامب، وبعد أن اكتفت دول أخرى بإصدار مواقف لفظية، من باب "لزوم ما لا يلزم".
على أننا لا نعرف حتى الآن، التفاصيل الكاملة للمبادرة العربية المضادة، التي وُعِدَ ترامب بأنه سيتسلمها في قادمات القمم العربية- الأميركية.. مع أن جوهرها يمكن اختزاله بعبارة واحدة: إعادة إعمار غزة بلا تهجير أهلها وأصحابها الأصليين واللاجئين إليها بعد النكبة الأولى.
بهذا المعنى، ننظر بارتياح للموقف العربي، فآخر ما يحتاجه الغزّيون بخاصة والفلسطينيون بعامة، هو "نكبة جديدة"، والنكبة كما أعاد الفلسطينيون تعريفها، ليست فقط في ضياع الأرض، وإنما في تهجير أصحابها أساسًا.
والأصل، أن العرب ليسوا بحاجة لإطلاق مبادرة جديدة، فعناصر الحل لأزمة غزة في سياقها الفلسطيني الأوسع والأشمل، متوفرة منذ زمن، وجذر الإخفاق العربي في ترجمة هذا الحل ونقله إلى حيز التنفيذ، إنما يكمن في إحجام النظام العربي عن استخدام ما بحوزته من أوراق ضغط وقوة. المعرفة بالحل وطرقه متوفرة، لكن "الناقص"، هو الإرادة الجَمْعية لنقله إلى حيز التنفيذ، فهل ستتوفر هذه المرَّة؟
إعلانيأتيك "متفذلك" فيقول: إن ترامب يقدم عرضًا، ومن الطبيعي أن ترد عليه بعرض مقابل.. حسنًا فعلها الرئيس الأميركي، قدم عرضًا يستبطن "جريمة حرب".
والتهجير القسري بكل القوانين والأعراف الوضعية والسماوية، هو جريمة حرب.. هل المطلوب من العرب أن يدخلوا في المناقصة، ويبدؤوا رحلة البحث عن "مشتركات"، لتلطيف "الجريمة" على قاعدة اللهم لا أسألك ردّ القضاء بل اللطف فيه؟
أيًا يكن من أمر، فإننا نؤثر النظر إلى "نصف الكأس الملآن"، وهو "الإعمار من دون تهجير"، وسنترك النظر إلى النصف الفارغة، حين تخرج الخطة العربية إلى العلن، ونعرف أين ستلتقي مع ترامب وأين ستفترق عنه، ونتعرف على الكيفية التي سيرد بها ترامب على العرض العربي المضاد، فما من "صفقة" يجري إتمامها، بعرض واحدٍ، وعرض آخر مقابل، بل بسلسلة من العروض المتبادلة، يختبر فيها الطرف الأقوى، قدرته على "تخفيض الثمن"، فمن سيكون الطرف الأقوى في هذه اللعبة؟
في ظني، وليس كل الظن إثمًا، أن معادلة "إعمار بلا تهجير"، لا تعكس سوى نصف الكأس الممتلئة للرد العربي، أما نصفها الفارغ فربما تلخصه العبارة التالية: لا إعمار بوجود حماس، ومقاومة عمومًا. تلكم نقطة البدء في التفاوض، أو ربما يعتقد بعضنا كذلك، وتلكم هي "الضريبة" التي يتعين دفعها مقدمًا، "فتح عداد"، للدخول في بازار المقايضات والمساومات وفقًا لقواعد "فن الصفقة – The Art of the Deal".
نقول ذلك، وفي الخلفية حقيقة مرة: لا أحد يريد أن ينسب للمقاومة فضلًا، أو يعترف بمنجز، أو يمنحها "بريستيج" الإغاثة والإيواء وإعادة الإعمار، فتلكم أسلحة الحرب المضّاءة في فصلها الجديد، ولن يتخلوا عنها من دون ثمن كبير.
نقول ذلك، وفي الخلفية أيضًا، وعيد ترامب بـ"الجحيم" لحماس وغزة، وغريزة الثأر والانتقام التي توجه القرار الإسرائيلي وتشكله.. نقول ذلك وفي الخلفية أيضًا، شبح الكارثة الإنسانية الذي أناخ على أهل غزة، وسيف التهجير المُصلت على رقاب أهليها.
إعلان من داخل الصندوق لا من خارج العقلفي وصفه لخطة ترامب التهجيرية، رأى توماس فريدمان، أنها خطة من خارج العقل، وليست من خارج الصندوق. وهذا صحيح تمامًا، على أننا معشر العرب، لسنا بحاجة هذه المرة للتفكير من خارج الصندوق، بل من داخله، وداخل الصندوق يقول ما يلي:
على العرب الرسميين، ممارسة أقصى الضغوط على السلطة والمنظمة والرئاسة، لتشريع أبوابها لمشاركة "الكل الفلسطيني" وبناء مرجعية قيادية موحدة للشعب الفلسطيني، كل الشعب الفلسطيني.
وأكاد أجزم، أنهم إن فعلوا ذلك، فسيجدون تجاوبًا عظيمًا، وربما غير مشروط، من لدن قوى المقاومة وفصائلها. لكن ربّ سائل يسأل هنا: وهل يريد العرب الرسميون، – معظمهم على الأقل- أمرًا كهذا؟ وبمن يستقوي فريق رام الله وهو يُوصد كل أبواب الحوار والمصالحة والوحدة، ألا يستقوي بتعنت عواصم عربية في دعم مواقفه المتعنتة أصلًا؟
لسنا بحاجة لكل هذا الجدل بشأن "اليوم التالي"، وبيدنا – فلسطينيين وعربًا- أن نغلق هذا الباب في وجه أبشع السيناريوهات وأشدها خطورة، وإن كان ثمة حاجة لإلقاء اللائمة على أحد، فالملوم هنا، هو القيادة الفلسطينية أولًا، لأنها أدارت الظهر لنداءات الوحدة والوفاق، والدول العربية تاليًا، لأنها لم توظف ثقلها الكبير لتذليل تعنت رام الله، بل على النقيض من ذلك، إذ عمل بعضها على تشجيعه وتصليبه.
حماس قالت، وصرّحت وألمحت، إلى أنها ليست بصدد معاودة حكم غزة، ولكنها في المقابل، تشدد على أن غزة لن تحكم من دونها، فما بالكم والبعض يفكر بحكم غزة وإدارتها، على جثة حماس وأنقاض المقاومة. تلكم وصفة للخراب، وتوطئة لجولات جديدة من الحرب والمواجهة، فإن كان ولا بد من ذلك، فلتكن المواجهة مع الدبابة الإسرائيلية، وليس مع أي دبابة يمكن أن تحلّ محلها.
أنت تستطيع أن تطلب من الطرف الفلسطيني الذي صمد وقاوم لخمسة عشر شهرًا، وقدم طوفانًا من الشهداء والتضحيات، أن يبدي قدرًا أعلى من المرونة، وأن يقدم المزيد من التنازلات غير المرغوبة، أقله لرفع البلاء والابتلاء عن أهل غزة. بيد أنك لا تستطيع، دون المقامرة بتعميق الجرح وإطالة أمد التعافي، الطلب من هذا الفريق، أن يطلق النار على رأسه، وأن يمارس انتحارًا جماعيًا، كرمى لعيون ساكن البيت الأبيض، وبذريعة تقديم "عرض مقابل مقنع"!
إعلانعلى أية حال، ومن مدخل "براغماتي"، عملي محض، ننصح القمتين، في الرياض والقاهرة، البحث عن حلول تمتلك أقدامًا تسير عليها، حتى لا تظل مُقعَدَة، عاجزة عن التقدم خطوة للأمام، كما كان عليه حال الكثير من المبادرات العربية، وأن يَبنوا على "مرونة المقاومة" التي قبلت بحكومة وفاق من خارج الفصائل، وقبلت بـ"الإسناد المجتمعي" كما تضمنته المبادرة المصرية، وألا يفكروا للحظة واحدة بالتساوق مع ما يريده اليمين الشعبوي في البيت الأبيض، واليمين الفاشي في "الكرياة".
نعوّل على فهم القاهرة الخاص لثنايا ودهاليز غزة والمشهد الفلسطيني برمته، نعوّل على قناعة مصر، بأن فتح الباب أمام مشاريع إحراج حماس وإخراجها، سينعكس وبالًا على أمن غزة وسيناء ومصر بعامة.
نعوّل على إدراك توصلت إليه القاهرة بالطريقة الصعبة؛ بأن حماس في غزة، هي صمام للأمن القومي المصري، حتى وهي تشكل تهديدًا للأمن الإسرائيلي. فأمن مصر ليس من أمن إسرائيل، بل وأجزم، بأن التهديد الأخطر للأمن القومي المصري، هو ذاك الكامن في "نظرية الأمن الإسرائيلية"، بما يعني أن أهل غزة، ومقاومتها، إنما يشكلون خطًا دفاعيًا متقدمًا عن أمن سيناء والسويس والوادي.
ونعوّل على "الصدمة" التي استحدثها سيد البيت الأبيض، لحسابات دول عربية أخرى مجاورة وحساسياتها.. نعوّل على حقيقة أن المسألة اليوم، خرجت عن فكرة التضامن والإسناد للفلسطينيين، على ما اعتورها من نواقص وثقوب سوداء، لتصبح شأنًا مندرجًا في صميم أمن وسيادة واستقرار دول عربية وازنة، فهل ينتقل العرب في ختام قمتي الرياض والقاهرة، إلى موقع الفاعل بعد أن ظلوا لسنوات طويلة في موقع المفعول به؟
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات البیت الأبیض نعو ل على من خارج
إقرأ أيضاً:
WP: معاناة غزة تفاقمت في أول مئة يوم من حكم ترامب
وعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالسلام بعد أكثر من عام من الحرب المدمرة في قطاع غزة، واتهم حركة حماس بالمسؤولية عن الكارثة التي حلت بالقطاع، ووضع خطة خيالية للسيطرة على غزة وتهجير سكانها، وإعادة بنائها كوجهة سياحية فاخرة.
وجاء في مقال نشرته صحيفة "واشنطن بوست" للصحفي إيشان ثارور أنه بعد أكثر من مئة يوم من ولاية ترامب الثانية، يبدو أنه فقد اهتمامه بغزة، وانهار وقف إطلاق النار الهش في أوائل آذار/ مارس، ولم يفعل ترامب الكثير لإنقاذه مع تحول تركيز البيت الأبيض على دبلوماسيته الإقليمية نحو إيران.
وأوضح المقال أن "الغارات الجوية والقصف الإسرائيلي استؤنف، مما أسفر عن مقتل عدد لا يحصى من المدنيين، ولا تلوح في الأفق أي صفقات عقارية مربحة للعقارات المطلة على الواجهة البحرية في غزة".
وأضاف أنه "بدلا من ذلك، ما هو قائم الآن هو حصار شامل. لمدة 60 يوما، منعت السلطات الإسرائيلية دخول المساعدات الإنسانية والسلع التجارية إلى القطاع. وقد ترك هذا سكان قطاع غزة المحاصرين أصلا في مأزق أشد بؤسا".
وصرح برنامج الغذاء العالمي هذا الأسبوع بأن مستودعاته فارغة، وأن المخابز ومطاعم الحساء تُقنن مخزونها الأخير، بينما يؤكد خبراء الأمم المتحدة أن معدلات سوء التغذية آخذة في الارتفاع، وأن احتمال حدوث مجاعة شاملة أصبح الآن واقعا ملموسا.
في مقابلات مع مراسلي "واشنطن بوست"، وصف سكان غزة محنتهم بأنها الأصعب خلال "هذا الصراع الوحشي الذي اندلع بعد هجمات حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وقد أدت الحملة الإسرائيلية التي تلت ذلك إلى تدمير معظم البنية التحتية المدنية في غزة، ونزوح أكثر من 90 بالمئة من سكانها، ومقتل أكثر من 50,000 شخصا".
وقال هارون الخطيب، 29 عاما، لـ للصحيفة: "الوضع الآن هو الأصعب بكثير من فترات الحرب السابقة"، واصفا كيف فقدت عائلته مخزون الطعام الذي جمعوه خلال الهدنة القصيرة عندما اضطروا إلى الفرار دون ممتلكاتهم في مواجهة تقدم للجيش الإسرائيلي.
بينما أكد محمد مرتجى، 25 عاما: "نقضي أيامنا بين البحث عن الماء والطعام وشحن البطاريات حتى نتمكن من الرؤية ليلا، وانتظار الموت"، حيث يعيش في مدينة غزة مع حوالي 40 من أقاربه ويأكل مرة واحدة في اليوم على الأكثر.
ونزح جزء كبير من سكان غزة عدة مرات، وكل رحلة تترك المدنيين في ظروف أكثر خطورة.
يصر المسؤولون الإسرائيليون على "عدم وجود نقص في المساعدات ويبررون قرارهم بوقف نقل البضائع بمزاعم خالية إلى حد كبير من الأدلة بأن حماس ضالعة في تحويل واسع النطاق للمساعدات".
والخميس، أدان توم فليتشر، كبير مسؤولي الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، "العقاب الجماعي القاسي" الذي تفرضه "إسرائيل" على سكان غزة، قائلا إن السلطات الإسرائيلية كانت "صريحة للغاية" بشأن حجب المساعدات للضغط على حماس.
قال فليتشر في بيان: "إلى السلطات الإسرائيلية، ومن لا يزال بإمكانه إقناعها، نقول مجددا: ارفعوا هذا الحصار الوحشي. دعوا العاملين في المجال الإنساني ينقذوا الأرواح"، مشيرا إلى أن "القانون الدولي لا لبس فيه" بشأن التزامات إسرائيل كقوة احتلال في غزة.
وبدلا من ذلك، يبدو أن "إسرائيل" تعزز سيطرتها على القطاع، وقد شرح مراسلو الصحيفة بالتفصيل كيف أعلنت القوات الإسرائيلية، خلال الأسابيع الستة الماضية، أن حوالي 70 بالمئة من القطاع إما "منطقة حمراء" عسكرية أو قيد الإخلاء، كما وسعت المناطق "الأمنية" أو العازلة في أجزاء مختلفة، لا سيما على طول الحدود مع مصر.
وكتبت ميريام بيرغر وجوليا ليدور من صحيفة "واشنطن بوست": "بينما يقول قادة إسرائيل إن هذه الخطوات ضرورية للأمن وللضغط على حماس لإعادة الأسرى الإسرائيليين الذين تحتجزهم، أشار بعض المسؤولين الإسرائيليين أيضا إلى أن التغييرات الإقليمية قد تنذر باحتلال ممتد لغزة قد يستمر لأشهر أو أكثر".
وفي مواجهة الإدانة الدولية والقلق الداخلي، أوضح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وائتلافه اليميني أنه لن يكون هناك أي هدنة للفلسطينيين في غزة حتى تتحقق الأهداف العسكرية الإسرائيلية. وقال نتنياهو في خطاب ألقاه يوم الخميس: "إن إطلاق سراح الأسرى هدف بالغ الأهمية، لكن لدينا هدفا أسمى في هذه الحرب - النصر على أعدائنا".
وكان بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية اليميني المتطرف في البلاد، أكثر صراحة. ففي تصريحات أدلى بها هذا الأسبوع، أشار إلى مشروع جيوسياسي أوسع نطاقا قيد التنفيذ، حيث ستواصل إسرائيل قصف بقايا جماعة حزب الله المسلحة في لبنان والتحريض على تقسيم سوريا، حيث شنت القوات الإسرائيلية عشرات الغارات في الأيام الأخيرة. كما قال إن الحملة الإسرائيلية لن تنتهي إلا بعد "تطهير غزة من حماس وخروج مئات الآلاف من سكانها إلى دول أخرى".
ويذكر أن ترامب سيتوجه إلى السعودية هذا الشهر في رحلة وصفها بأنها مقدمة لاتفاقيات سلام. في مقابلات أُجريت معه مؤخرا، ألمح إلى أن الرياض قريبة من إبرام صفقة على غرار اتفاقيات إبراهيم، وهي اتفاقيات التطبيع التي توسط فيها ترامب في ولايته الأولى بين "إسرائيل" ومجموعة من غالدول العربية. لكن المسؤولين السعوديين ترددوا في تطبيع العلاقات مع إسرائيل في غياب تقدم سياسي يُذكر فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
في جلسات استماع في محكمة العدل الدولية هذا الأسبوع، انتقد مندوب السعودية لدى المحكمة العليا للأمم المتحدة وحشية "إسرائيل" لتقييدها المساعدات الإنسانية. كما قال محمد سعود الناصر، المندوب السعودي، إن تصرفات إسرائيل تهدف إلى "إحداث تطهير عرقي في قطاع غزة، وتشريد أو قتل السكان الفلسطينيين لإفساح المجال لإسرائيل للاستيطان وضم المنطقة".
لكن المداولات في لاهاي لم يكن لها تأثير صارم على إسرائيل، حيث وصف العديد من المحللين والسياسيين الأمم المتحدة بأنها مؤسسة متحيزة ضد الدولة اليهودية. حتى إن جلعاد إردان، السفير الإسرائيلي السابق لدى الأمم المتحدة، دعا الولايات المتحدة إلى المساعدة في تسريع زوالها بوقف تمويلها. وقال إردان في مؤتمر عقد نهاية الأسبوع الماضي: "يجب على إسرائيل قيادة حملة عالمية لقطع التمويل عن الأمم المتحدة تماما، ولتفكيكها بالكامل".