الرياض

تحظى منطقة الدرعية بقيمة سياسية تراكمية منذ نشأة المملكة حتى وقتنا الراهن.

وتعود أهمية الدرعية بفعل دورها المحوري في التاريخ السياسي للبلاد، إذ سجلت صحائف التاريخ منذ توطيد أركان البلاد تأثيرها المتعاظم.

واحتضن قصر الدرعية أخيراً في العاصمة الرياض المباحثات الروسية – الأميركية، بشأن إنهاء الحرب في أوكرانيا، وذلك تأكيدا على الاهتمام برمزية عاصمة الدولة الأولى الحضارية التاريخية.

ويعد قصر الدرعية مقراً رئيسياً جرت العادة أن يستضيف القمم الخليجية والاجتماعات رفيعة المستوى، إذ أُنشى القصر في عهد العاهل الراحل الملك فهد بن عبد العزيز – رحمه الله.

وافتُتح القصر الذي يقع في شمال غرب الرياض في نوفمبر من العام 1999، حيث يضم مقرات ضيافة ملكية ومجلس استقبال ملكي، وقاعة كبرى للمؤتمرات، ومكاتب إدارية، وعددًا من الصالات والقاعات.

واحتضنت قاعات قصر الدرعية اجتماعات القمم الخليجية كافة المنعقدة في الرياض، فيما تعد الدورة الـ 20 لمجلس التعاون الخليجي أول قمة استضافها القصر في العام ذاته.

وشكلت الدرعية نقطة انطلاق للدولة السعودية وعاصمتها السياسية، عبر تاريخها الممتد، لتتجه أنظار العالم في الساعات المقبلة على نتائج اجتماعات قصر الدرعية الذي يلتئم فيه الروس والأمريكان لحل أزمة حرب كبرى.
ولم تكن الدرعية بقيمتها التاريخية وقصورها الشامخة حاضنة لبدايات المملكة وتنظيم الأوضاع مع القبائل المحيطة بالدرعية فحسب، بل مركزاً سياسي يبرع في ابتكار الحلول، وبذلك كله تؤسس اليوم منصة وساطة لتقريب وجهات النظر، فحياد السعودية جعلها وسيطاً موثوقاً للأطراف الدولية، ما جعل البلدان يقران بأن الرياض ” المكان المناسب”.

المصدر: صحيفة صدى

كلمات دلالية: قصر الدرعية مباحثات قصر الدرعیة

إقرأ أيضاً:

سور الصين العظيم.. أسطورة التاريخ

 

 

فيصل السعدي

بينما أخطو خطواتي وأصعد السلم تلو الآخر في سور الصين العظيم، أشعرُ وكأنني أعود إلى نقطة البداية، التفتُ مرارًا لأتأكد من مدى صعودي، وكأنني أبحث عن إجابة لسؤال يتردد في داخلي: كيف استطاعوا؟ كيف لجهد البشر أن يُشيِّد سورًا يمتد لأكثر من 21 ألف كيلومتر، من مواد بسيطة لا تتجاوز الطوب والخشب؟! كيف تمكنت عزيمة الصينيين من أن تصنع أسطورة خالدة، أصبحت رمزًا للصمود والقوة في وجه الزمن؟

ظل شعور غريب يراودني أثناء مسيري، وكأن خيالي أوصلني إلى رؤية سور يمتد من بكين إلى مسقط؛ بل أطول من ذلك بأربع مرات. هذا السور الذي لم يكن مجرد بناء عملاق؛ بل كان درعًا حصينًا حمى الممالك والأسر الحاكمة في الصين من غزوات الشمال على مرِّ القرون. بدأ بناؤه منذ القرن السابع قبل الميلاد، واستمر عبر العصور، ليُصبح أطول وأقوى نظام دفاعي شيده الإنسان في التاريخ.


 

بناءٌ عجزت ظروف الأزمان أن تُثني من شموخه، ليُبرهن مدى إصرار وقوة مئات آلاف من الجنود والبُناة الذين لم يدركوا أنهم صنعوا رمزًا وفخرًا للصين. وما أن أضع قدمي على حجارة السور، حتى أشعر بأنني أعود إلى حقبة بعيدة من الزمن. أُلامسُ الطوب، وأتأمل النقوش، وأتجول بين أبراج المُراقبة التي كانت يومًا مراكز لحراسة الحدود. وكأنني أسمع أصوات الحروب وصيحات الجنود الذين دافعوا بشجاعة عن وطنهم. هذه المشاهد ليست مجرد خيال؛ بل هي ما جسدته العديد من الأساطير والأفلام التي تحكي عن هذا السور الأعظم.

الصينيون يقولون إن جزء "جيورانغ" هو أجمل أجزاء السور في بكين؛ حيث يمتاز بجمال طبيعته الساحرة؛ إذ إن هناك ثماني بوابات تتيح الوصول إلى السور في بكين، ما يعكس امتداد السور كأجزاء متفرقة، وليس كجدار متصل.

تحيط بالسور العظيم مياه وافرة ومساحات خضراء شاسعة، تمتد إلى أبعد ما تصله العين، ما يجعل المشهد يبدو كلوحة فنية فريدة. ولعل هذا الجمال الطبيعي كان أحد الأسباب المهمة لبناء السور؛ حيث صُمم لحماية الأراضي الزراعية الخصبة من الغزاة.

عند النظر إلى التفاصيل الدقيقة للسور، يمكنك أن تُدرك الحكمة وراء تصميمه. الفتحات الصغيرة والنوافذ التي تنتشر على طول الجدار لم تكن مجرد إضافات عشوائية؛ بل أدّت دورًا حيويًا في مواجهة الأعداء. تعرجات الجدار، التي تبدو وكأنها تناغم بين البناء والطبيعة، أظهرت عبقرية الصينيين في استغلال التضاريس الصعبة لصالحهم.

في زيارتي الأخيرة للسور، كنت بصحبة حقيبة مليئة بالمأكولات الخفيفة، ولكن هذه المرة، كانت زيارتي تحمل طابعًا مختلفًا؛ فقد تزامنت مع أيام شهر رمضان المبارك. صعدتُ إلى أعلى قمة سُمح لي وقت الزيارة بالوصول إليها، متأملًا عظمة ما صنعه الإنسان بإرادة لا تعرف الكلل. قررتُ أن أتحلى بالصبر، فلا أكون أقل عزيمة من أولئك البُناة الذين شيدوا هذا السور تحت ظروف قاسية، لتحيا ذكراهم في كل حجر وطوبة.

سور الصين العظيم ليس مجرد بناء حجري؛ بل هو أسطورة حيَّة تروي قصة الإصرار والعزيمة. إنه رمز للصمود الذي تغلَّب على الزمن، وظل شامخًا في وجه كل التحديات. ولا ريب أنَّ زيارة هذا الصرح العظيم تتجاوز تجربة سياحية؛ لأنها رحلة معرفية وتأملية في أعماق التاريخ، ودرس في قوة الإنسان عندما يجتمع الإصرار مع الإبداع.

مقالات مشابهة

  • روسيا تعين مفاوضين لمحادثات جديدة مع أميركا بشأن أوكرانيا
  • قصة الدرعية: كيف فاجأ ولي العهد المصممين وغير مسار المشروع؟ .. فيديو
  • أثناء رحلة تدريبية.. تحطم مروحية ومقتل طاقمها شمال روسيا
  • سور الصين العظيم.. أسطورة التاريخ
  • جولد بيليون: الذهب يكسر جميع القمم التاريخية بـ 3045 دولارًا
  • تجدد التوترات الجيوسياسية يدفع الذهب لكسر جميع القمم التاريخية بـ 3045 دولارًا
  • تعزيز مكانة المملكة واستقطاب الشركات العالمية.. 4 مليارات استثمار «سال اللوجستية» في الرياض
  • وزارة الخارجية تُعرب عن إدانة المملكة واستنكارها للهجوم الذي استهدف موكب رئيس جمهورية الصومال الفيدرالية
  • المملكة تتجة للعالمية.. افتتاح معهد إيطالي للأزياء بخبرة 85 عامًا في الرياض
  • بعمر 23 عاماً.. أصغر متقاعد في تاريخ روسيا