#سواليف

#سياسة #ترامب وتفكك #التحالفات: هل آن الأوان للخروج من #العباءة_الأمريكية؟
بقلم : ا د محمد تركي بني سلامة

شهدت السياسة الخارجية الأمريكية في عهد الرئيس دونالد ترامب تحولات جذرية غير مسبوقة، أطاحت بمفاهيم التحالفات التقليدية، وجعلت المصالح الاقتصادية والصفقات التجارية على رأس أولويات البيت الأبيض، حتى ولو كان ذلك على حساب أقرب الحلفاء.

لم يعد الالتزام بالمصالح المشتركة ولا التحالفات التاريخية معيارًا ثابتًا في السياسة الأمريكية، وباتت كل دولة مطالبة بالدفاع عن نفسها، وإعادة ترتيب أولوياتها بما يضمن استقلال قرارها بعيدًا عن الوصاية الأمريكية.

وما يزيد المشهد قتامة أن ترامب لا يتردد في التخلي عن القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، التي طالما تغنت بها الولايات المتحدة، واستخدمتها كأداة ضغط ضد خصومها عندما كان ذلك يخدم مصالحها. ولكن عندما يصبح الالتزام بهذه القيم عقبة أمام تحقيق “عظمة أمريكا” كما يراها ترامب، فإنها ببساطة تُرمى جانبًا بلا تردد. فهو يؤمن بأن جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى هدف يسمو فوق كل المبادئ والشعارات التي رددتها الإدارات الأمريكية السابقة.

مقالات ذات صلة عباس يحيل رئيس “هيئة شؤون الأسرى” إلى التقاعد بعد رفضه إغاء رواتب عائلات الأسرى والشهداء 2025/02/18

إذا كان ترامب اليوم لديه الاستعداد ان يتخلى عن اوكرانيا و يساوم روسيا ويعقد معها الصفقات على حساب الأوروبيين، حلفاء أمريكا التقليديين، فكيف سيكون الحال مع الدول التي لا تملك في نظره سوى ثرواتها النفطية وموقعها الجغرافي؟ إذا كان يتعامل مع أوروبا كشريك تجاري قابل للمساومة، وليس كحليف استراتيجي، وإذا كان لا يتردد في ممارسة الابتزاز السياسي والاقتصادي ضد ألمانيا رغم أن جذوره ألمانية، فكيف سيتعامل مع الدول العربية، التي ينظر إليها الكثير من الساسة الأمريكيين كأدوات لتنفيذ مصالح واشنطن؟

هذا التحول الخطير في السياسة الأمريكية يجب أن يكون جرس إنذار للعالم العربي، فقد آن الأوان للخروج من العباءة الأمريكية والبحث عن مسارات جديدة تحقق المصالح القومية بعيدًا عن التبعية العمياء. لا يمكن للدول العربية أن تستمر في الرهان على تحالفات أثبتت هشاشتها، بل يجب العمل على إعادة بناء النظام الإقليمي العربي، بحيث يكون قادرًا على تحقيق توازن حقيقي في مواجهة الضغوط الخارجية، وإنهاء حالة الضعف والاختراق التي باتت تهدد الأمن القومي العربي ، ورب ضارة نافعة ، فمشروع ترامب في غزة ربما يكون مناسبة تاريخية امام العرب لتحويل التحدي الى فرصة واعادة بناء النظام الاقليمي العربي على اسس جديدة .

الدول الأوروبية اليوم بدات تستفيق من صدمة سياسات ترامب، وتعيد حساباتها بعيدًا عن الوهم بأن الولايات المتحدة ستظل الحامي الأبدي لها. إذا كانت ألمانيا وفرنسا وبريطانيا نفسها تعاني من تقلبات السياسة الأمريكية، فكيف للعالم العربي أن يبقى رهينة لهذه التحولات؟ إن المصالح الوطنية يجب أن تكون فوق أي اعتبارات، والعلاقات الدولية يجب أن تُبنى على أسس جديدة تحترم سيادة الدول وحقوقها، لا أن تقوم على الابتزاز السياسي والاقتصادي.

التجربة أثبتت أن الاعتماد المطلق على أمريكا كان رهانًا خاسرًا. فكم مرة استخدمت واشنطن الدعم العسكري والاقتصادي كأداة ضغط على الدول العربية؟ وكم مرة تغيّرت المواقف الأمريكية بين ليلة وضحاها، لتضع حلفاءها في مأزق حقيقي؟ بل كم مرة تخلّت عن أقرب شركائها عندما اقتضت مصالحها ذلك؟

أكثر من ذلك، لم يعد مفهوم “الديمقراطية” و”حقوق الإنسان” سوى أدوات ضغط تُستخدم ضد الخصوم فقط، بينما يتم التخلي عنها عندما تتعارض مع مصالح الولايات المتحدة. فمنذ وصول ترامب إلى السلطة، لم يتردد في دعم الأنظمة الاستبدادية طالما أنها تضمن له ولبلاده مكاسب اقتصادية أو استراتيجية. بل وصل الأمر إلى حد الإشادة بالديكتاتوريات، ومهاجمة الحلفاء الديمقراطيين، والتقليل من أهمية الحريات العامة، والتعامل مع حقوق الإنسان كترف سياسي لا مكان له في استراتيجيته.

المطلوب اليوم ليس مجرد التحرك الدبلوماسي، بل إعادة صياغة السياسة الخارجية العربية، بما يضمن بناء تحالفات جديدة أكثر توازنًا واستقلالية. فالاعتماد على القوة الذاتية وتعزيز التعاون الإقليمي العربي أصبح ضرورة لا تحتمل التأجيل. إن استمرار الوضع الحالي لن يؤدي إلا إلى مزيد من التبعية والهشاشة، في وقت يتغير فيه العالم بسرعة، وتتغير معه قواعد اللعبة السياسية والاقتصادية.

لقد آن الأوان ليدرك العرب أن المصالح لا تُحمى إلا بالقوة والاستقلالية، لا بالرهان على حليف لا يعرف إلا لغة الصفقات، ولا يتوانى عن بيع أقرب شركائه إذا تطلبت مصالحه ذلك. فماذا ننتظر بعد؟!

كان الله في عوننا…

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سواليف سياسة ترامب التحالفات العباءة الأمريكية آن الأوان إذا کان

إقرأ أيضاً:

ترامب يهاجم زيلينسكي: ديكتاتور يدمر بلاده وعليه التحرك سريعاً قبل فوات الأوان

يمانيون../
شن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هجوماً لاذعاً على نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، واصفاً إياه بـ”الديكتاتور” الذي “قام بعمل فظيع” وأوصل بلاده إلى الدمار، مؤكداً أن عليه التحرك بسرعة “وإلا فلن يتبقى له بلد”.

وفي منشور عبر منصته “تروث سوشال”، اعتبر ترامب أن الولايات المتحدة قادرة وحدها على إنهاء الحرب مع روسيا، مضيفاً أن الحرب “لن تتم تسويتها أبداً دون تدخل مباشر من واشنطن وترامب”.

كما اتهم زيلينسكي بـ”رفض إجراء انتخابات” و”التلاعب ببايدن”، مشيراً إلى أنه كان مجرد “ممثل كوميدي متواضع النجاح” استطاع إقناع واشنطن بإنفاق 350 مليار دولار في “حرب لا يمكن الفوز بها ولم يكن من المفترض أن تبدأ أصلاً”.

ولم يوفر ترامب خصمه السياسي جو بايدن من الانتقادات، متسائلاً عن سبب عدم مطالبته أوروبا بتحمل نصيبها من تكلفة الحرب، قائلاً: “الحرب في أوكرانيا تهم أوروبا أكثر منا، لدينا محيط كبير وجميل يفصل بيننا”.

كما زعم ترامب أن زيلينسكي نفسه اعترف بأن نصف الأموال الأميركية المرسلة إلى أوكرانيا مفقودة، مضيفاً أن بايدن لم يبذل أي جهد لتحقيق السلام، وربما يكون زيلينسكي “يسعى لإبقاء قطار المساعدات مستمراً”.

وتأتي تصريحات ترامب عقب اتهام زيلينسكي له بالوقوع في “فقاعة معلومات مضللة روسية”، وذلك بعد استبعاده من المحادثات الأميركية-الروسية في الرياض، التي وصفها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنها “خطوة لاستعادة الثقة بين موسكو وواشنطن”.

مقالات مشابهة

  • في 4 أسابيع فقط.. ترامب يمحو إرث 80 عاماً من السياسة الأمريكية
  • ترامب يهاجم زيلينسكي: ديكتاتور يدمر بلاده وعليه التحرك سريعاً قبل فوات الأوان
  • خبير: سياسة مصر ثابتة تعمل على حفظ الاستقرار والأمن ووحدة الصف العربي
  • الحُكم الذاتي لكُرد سوريا بانت ملامحه: السياسة والضغوط الأمريكية ستفرض نفسها في النهاية
  • «وسط قلق أوروبي».. ترجيحات بسحب القوات الأمريكية من دول البلطيق
  • هل آن الأوان لأوروبا أن تستعيد بوصلتها ومكانتها في العالم؟!
  • الحُكم الذاتي لكُرد سوريا بانت ملامحه: السياسة والضغوط الأمريكية ستفرض نفسها في النهاية - عاجل
  • بوتين: المحادثات الروسية الأمريكية التي انعقدت في العاصمة السعودية الرياض كانت “إيجابية”.. ويسعدني لقاء ترامب
  • "نيويورك تايمز": تقارب ترامب مع بوتين يعكس أجيالا من السياسة الأمريكية ويُنهي عزلة روسيا