حذرعدد من المختصين من منشورات برامج التواصل الاجتماعي وتقليد التجارب الشخصية الصحية والاجتماعية والنفسية للآخرين المنتشرة عبر هذه البرامج، لما لها من تداعيات وانتكاسات على صحة المرضى وماتسببه من آثار نفسية تؤثر على سلوك ونمط الحياة، ودعوا إلى اللجوء إلى الاستشارين لأخذ المشورة في كل الجوانب الحياتية.

وأوضحوا إلى أن عملية نشرتلك التجارب، غالبا ما تتبعها ردود أفعال مشابهة بحجة أن " التجارب تصنعنا"، مشيرين إلى خطورة اتباع نمط حياتي معين استفاد منه آخرين.

قالت الدكتورة ليلى بنت علي الكلبانية رئيسة قسم التثقيف الصحي بالمديرية العامة للخدمات الصحية بمحافظة الظاهرة: "أصبحنا نرى الكثير من الأفراد يشاركون تجاربهم الشخصية عبر برامج التواصل الاجتماعي وخاصة الصحية منها، ويجدون من يستمعون لهم وللأسف الشديد، مما يؤدي ذلك إلى آثار سلبية، حيث الأغلب لا يدرك أنه عندما يتعلق الأمر بالجوانب الصحية يجب أخذ المشورة من المتخصصين بهذا المجال.

مضاعفات صحية

وكما هو منتشر حاليا نرى بعض نشطاء التواصل الاجتماعي يمتدحون مجموعة من الأدوية أو المكملات الغذائية أو مكونات معينة في بعض المنتجات باعتبار أنها حققت نتائج سحرية، والمتابعون لهم لا يدركون أن هدف تسويق هذه المواد هو العائد المادي الذي سوف يجينه هذا الناشط دون إدراك ما قد تحدثه هذه المواد من أضرار صحية على الآخرين وفق الدكتورة الكلبانية، التي أشارت إلى أن هناك الكثير من الحالات التي تصل إلى المستشفى من المرضى الذين تعرضوا لمضاعفات طويلة وقصيرة المدى نتيجة الاستخدام الغير واعي لهذه المنتجات نتيجة الانصياع للآراء الشخصية لبعض المستخدمين.

وتابعت الكلبانية حديثها قائلة: ليس بالضرورة أن ما يعرض من تجارب وبخاصة الصحية وإن تشابهت الاعراض أن تحقق أثر إيجابي على البقية، وشاهدنا خلال جائحة كوفيد العديد من المنشورات التي تنصح باستخدام الخلطات الطبيعية وترك العلاجات الطبية، وكان لها أثر سلبي كبير على بعض المرضى، حيث وصل بهم الحال إلى دخول المستشفيات لتلقي الرعاية الطبية.

من جهتها، قالت ميساء بنت بطي البلوشية أخصائية نفسية: "يمكن أن تتعارض مخططاتنا وأفعالنا نتيجة عرض الآخرين لتجاربهم الشخصية عبر وسائل التواصل الإجتماعي، وينتج عنه الحاجة الملحة لتغيير بعض الأنماط التي تضر بالصحة النفسية وزيادة الآثار السلبية المترتبة عليها، موضحة أن استخدام تلك المنصات يؤدي إلى إصابة مستخدميها بمزيد من التوتر والقلق، وقد يصل للاكئتاب في حال فشلهم للوصول للنتيجة المتوقعة.

دور محدد

ولفتت البلوشية إلى ضرورة جعل وسائل التواصل الاجتماعي تلعب دورا محددا في حياتنا، ويمكننا تطوير إجراء تشغيلي قياسي يناسب هذا الدور بقواعد محددة حول وقت وكيفية استخدام التطبيق، وتفادي الاطلاع والانصياع لتجارب الآخرين وطرق عالجها التي تناسبهم ولا تناسب صحتك النفسية.

وقالت: إن التأثر بالتجارب الشخصية للآخرين عبر منصات التواصل الاجتماعي يرتبط ارتباطا وثيقا بالاكتئاب والقلق واستغراقهم في التفكير من منظور سلبي، وقد يؤدي إلى انتكاسات نفسية يصعب التعامل معها والشفاء منها، فقد ينصح شخص الآخرين بالابتعاد عن العلاقات الاجتماعية من أجل تفادي المشاكل الأسرية، مما ينتج عنه الشعور بالعزلة والوحدة وانقطاع التواصل الإيجابي بين الأفراد.

وتحدثت البلوشية عن تجربتها مع حالة طالبة مدرسية واجهت انفصاما في الشخصية نتيجة اتباعها لتجربة طرحت في برنامج التواصل الاجتماعي حول "سلبيات العلاقات الاجتماعية" مما أدى إلى انعزالها عن الأصدقاء والعائلة، وتراجع مستواها التحصيلي، إلى جانب كثرة التشتت وعدم الرغبة في الحضور إلى المدرسة.

التقليد الأعمى

من جهته، قال الدكتور سليمان بن ناصر الهميمي أخصائي أول جراحة العظام بمستشفى نزوى المرجعي: تتزايد المخاوف من الانصياع للتجارب الشخصية المتعلقة بالصحة العامة لدى فئة كبيرة من المرضى، حيث أصبح بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي ينشرون مقاطع أو منشورات خاصة لاتباعهم طرقا مختلفة لمشاكلهم الصحية التي استفادوا منها، وحصلوا على نتائج مرضية، مما أدى إلى قيام بعض المرضى بالحذو بهم وتطبيق وسائلهم المتعددة أملا بالشفاء العاجل، موضحا وجود عدد من الحالات التي واجهت مشاكل صحية كبيرة نتيجة التقليد الأعمى، داعيا إلى ضرورة مراعاة الفوارق بين المرضى من ناحية شدة الحالة والاستجابة للعلاج.

وشدد الهميمي على ضرورة رفع الوعي الصحي العام لدى الأفراد، وتجاهل تجارب الآخرين، والرجوع إلى المختصين في أخذ الاستشارة الصحية وتلقي العلاج، مشيرا إلى أن البعض يلجأ لمواقع التواصل الاجتماعي والاطلاع على تجارب الآخرين خوفًا من اللجوء إلى العمليات الجراحية وتدهور الوضع الصحي، كما يتداول بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي استخدامهم لأدوية غير مصرحة من وزارة الصحة مما يؤدي إلى نتائج كارثية على مستخدميها ومضاعفات خطيرة جدا، وقد تصل إلى الوفاة أحيانا.

تجارب فاشلة

وروت سماح العريمية ممرضة ومدربة للإسعافات الأولية والإنعاش أن أحد المرضى تابع عددا من الحسابات التي تروج لحمية (الكيتو) التي تعرض تجارب الآخرين ونجاحها في تحسين صحتهم وحياتهم (على حد وصفهم)، والمريض قد تم تشخيصه بإنسداد ثلاثة شرايين تاجية في القلب وارتفاع الكوليسترول، وأصيب بجلطة قلبية مرتين وتم إنقاذه، وطرحت عليه سؤالا حول نمط حياته الغذائي والعلاج الذي تم وصفه له؟ فكانت الصدمة: وقفت كل الأدوية واتبعت نظام الكيتو، معللا بكلامه "شاهدت الكثير من الأفراد استفادوا وتشجعت لأجرب"، مشيرة إلى أن هناك قصصا كثيرة مشابهة لأفراد يختارون تجربة عدد من العلاجات المختلفة بناء على ما يرونه و يتابعونه في وسائل التواصل الاجتماعي والتي يعرضها عدد من غير المتخصصين في المجال الصحي، ودون استشارة أو حتى متابعة لاحقة لما اختاروا تجربته.

وأوضحت العريمية: يقوم المتلقي باتباع طريقة أو علاج معين شاهده في التواصل الاجتماعي لأسباب متعددة كالثقة العمياء في الفرد الذي نقل تجربته، حيث إنه يعتقد بأنه ذو ثقة وسمعة طيبة في المجتمع، فلا يعقل أن يتكلم دون معرفة، إضافة إلى رخص سعر المادة أو العلاج التي تكون سببا كافيا لاتباع تجارب، كما أن طول مدة علاج بعض الأمراض قد تجعل اليأس يتسلل إلى قلب المريض فيسعى لتجربة علاجات أخرى خارج جدران المؤسسة الصحية، مشيرة إلى أن بعض الأفراد ينساقون خلف العلاجات التقليدية الحاصلة على تقييمات عالية من مستخدميها، دون الاهتمام باستشارة المختصين.

ونبهت على ضرورة جعل قنوات التواصل والاستشارات مفتوحة مع الطاقم الصحي المعالج، حتى وإن رغبت في تجربة طرق أخرى، فيجب استشارة أكثر من متخص، وأن منصات التواصل الاجتماعي ليست مصدرا رئيسيا لهذا النوع من المعلومات ما لم تكن من جهات أو أفراد متخصصين.

ودعت العريمية إلى تفادي نقل تجاربهم الشخصية عبر برامج التواصل الاجتماعي؛ نظرا لنتائجها المدمرة على المقلدين من المتابعين، وضرورة التفكير الواعي وتحمل المسؤولية خاصة فيما يتعلق بمواضيع الصحة الذي قد تؤدي إلى تدهور صحة آخرين.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التواصل الاجتماعی وسائل التواصل إلى أن

إقرأ أيضاً:

مسؤول برئاسة النيابة العامة: جميع المنشورات الرقمية التي لا تتوفر فيها شروط الصحافة تخضع للقانون الجنائي

زنقة 20 | الرباط

أكد حسن فرحان رئيس وحدة قضايا الصحافة برئاسة النيابة العامة، أن القانون حدد بشكل دقيق نطاق ممارسة الصحافة الذي يسدل عليها الحماية القانونية، موضحا في المقابل “بأن جميع المنشورات الرقمية التي لا تتوفر فيها شروط الصحافة الإلكترونية، وفق الشكل الذي حدده قانون الصحافة والنشر، فهي تخرج من مجال تطبيق هذا القانون وتخضع لأحكام القانون الجنائي متى تضمنت تلك المنشورات أفعالا تقع تحت طائلة هذا القانون”.

وأبرز فرحان في حوار خاص مع إذاعة القناة الثانية (دوزيم)، أن “النقاش الذي يثيره البعض بخصوص محاكمة بعض الصحفيين بمقتضى القانون الجنائي ينبغي توضيحه وإبراز تقعيده القانوني”، مردفا حديثه بأن “حرية الصحافة مضمونة بموجب الفصل 28 من الدستور الذي يمنع تقييدها ما عدا ما ينص عليه القانون، لكن ممارسة العمل الصحفي ينبغي أن يتم وفق الضوابط والشروط التي حددها القانون 13. 88 المتعلق بالصحافة والنشر”.

وأوضح المتحدث بأن “العمل القضائي، سواء في محاكم الموضوع أو على مستوى محكمة النقض، دأب على اعتبار أن ما ينشر في مواقع التواصل الاجتماعي والفضاءات المفتوحة يندرج في إطار النشر الشخصي الذي يخضع لأحكام القانون الجنائي كلما تضمن أفعالا مجرمة بمقتضى هذا القانون، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تسري عليه أحكام قانون الصحافة والنشر ما دام لم يستوف الشروط الواردة في هذا القانون”.

وأردف فرحان قوله أن ” حرية التعبير يفسرها بعض مستعملي التواصل الاجتماعي على أنها هي أن تفعل ما يبدو لك! وهنا نرى للأسف أن بعض الحسابات والصفحات أصبحت فضاءً ووسيلة للتشهير بالأشخاص والسب والقذف بأبشع النعوت والأوصاف البذيئة”.

وشدد المتحدث في إطار المقاربة التواصلية التي تنهجها النيابة العامة “أن النقاش بشأن الحدود الفاصلة بين ممارسة الصحافة المطلوبة والمحمية إجرائيا وقانونيا، وبين التعبير في مواقع التواصل الاجتماعي، ليس بالجديد ولا بالراهن، بل توجد فيه سوابق قضائية عديدة في مختلف درجات التقاضي”.

وختم المسؤول ذاته حديثه “بأن التفاعل مع الرأي العام هو جزء من استراتيجية مندمجة اعتمدتها رئاسة النيابة العامة منذ تأسيسها عبر الانفتاح على وسائل الإعلام في كل مناسبة ترى أنه من الواجب توضيح بعض الأمور وإيصال الحقيقة للمواطن، في إطار حقه في الحصول على المعلومة تفاديا للإشاعات والأخبار الزائفة”.

وأكد ، في السياق ذاته ، على “أن موضوع تواصل النيابة العامة أصبح مسألة منظمة بمقتضى القانون، الذي نص على إحداث ناطق باسم النيابة العامة مهمته هي التواصل مع وسائل الإعلام لتنوير الرأي العام”.

مقالات مشابهة

  • وفاة خامنئي تثير الجدل على وسائل التواصل الاجتماعي وسط تكهنات عن حالته الصحية
  • طبيب نفسي: وسائل التواصل الاجتماعي مثل الأكسجين.. ولا بأس بالترند الإيجابي
  • أزمة فيديوهات وسام شعيب.. هل يجب تشديد الرقابة على منصات التواصل الاجتماعي؟
  • مواقع التواصل الاجتماعي وفوضى الشعر!
  • تحركات برلمانية لمواجهة الحسابات الوهمية عبر مواقع التواصل الاجتماعي
  • المغرب..احداث خلية لتتبع ارباح مؤثري التواصل الاجتماعي
  • ضبط متهم بالترويج للسحر والدجل عبر مواقع التواصل الاجتماعي بالإسكندرية
  • وصول قاتل الضابطين السعوديين ‘‘العروصي’’ إلى صنعاء.. والكشف عن الشخصية التي تمكنت من تهريبه
  • أبو العلا يتقدم بطلب إحاطة بشأن تداول "حقن التخسيس" عبر مواقع التواصل الاجتماعي
  • مسؤول برئاسة النيابة العامة: جميع المنشورات الرقمية التي لا تتوفر فيها شروط الصحافة تخضع للقانون الجنائي