منشورات التواصل الاجتماعي.. انتكاسات صحية وآثار نفسية
تاريخ النشر: 22nd, August 2023 GMT
حذرعدد من المختصين من منشورات برامج التواصل الاجتماعي وتقليد التجارب الشخصية الصحية والاجتماعية والنفسية للآخرين المنتشرة عبر هذه البرامج، لما لها من تداعيات وانتكاسات على صحة المرضى وماتسببه من آثار نفسية تؤثر على سلوك ونمط الحياة، ودعوا إلى اللجوء إلى الاستشارين لأخذ المشورة في كل الجوانب الحياتية.
وأوضحوا إلى أن عملية نشرتلك التجارب، غالبا ما تتبعها ردود أفعال مشابهة بحجة أن " التجارب تصنعنا"، مشيرين إلى خطورة اتباع نمط حياتي معين استفاد منه آخرين.
قالت الدكتورة ليلى بنت علي الكلبانية رئيسة قسم التثقيف الصحي بالمديرية العامة للخدمات الصحية بمحافظة الظاهرة: "أصبحنا نرى الكثير من الأفراد يشاركون تجاربهم الشخصية عبر برامج التواصل الاجتماعي وخاصة الصحية منها، ويجدون من يستمعون لهم وللأسف الشديد، مما يؤدي ذلك إلى آثار سلبية، حيث الأغلب لا يدرك أنه عندما يتعلق الأمر بالجوانب الصحية يجب أخذ المشورة من المتخصصين بهذا المجال.
مضاعفات صحية
وكما هو منتشر حاليا نرى بعض نشطاء التواصل الاجتماعي يمتدحون مجموعة من الأدوية أو المكملات الغذائية أو مكونات معينة في بعض المنتجات باعتبار أنها حققت نتائج سحرية، والمتابعون لهم لا يدركون أن هدف تسويق هذه المواد هو العائد المادي الذي سوف يجينه هذا الناشط دون إدراك ما قد تحدثه هذه المواد من أضرار صحية على الآخرين وفق الدكتورة الكلبانية، التي أشارت إلى أن هناك الكثير من الحالات التي تصل إلى المستشفى من المرضى الذين تعرضوا لمضاعفات طويلة وقصيرة المدى نتيجة الاستخدام الغير واعي لهذه المنتجات نتيجة الانصياع للآراء الشخصية لبعض المستخدمين.
وتابعت الكلبانية حديثها قائلة: ليس بالضرورة أن ما يعرض من تجارب وبخاصة الصحية وإن تشابهت الاعراض أن تحقق أثر إيجابي على البقية، وشاهدنا خلال جائحة كوفيد العديد من المنشورات التي تنصح باستخدام الخلطات الطبيعية وترك العلاجات الطبية، وكان لها أثر سلبي كبير على بعض المرضى، حيث وصل بهم الحال إلى دخول المستشفيات لتلقي الرعاية الطبية.
من جهتها، قالت ميساء بنت بطي البلوشية أخصائية نفسية: "يمكن أن تتعارض مخططاتنا وأفعالنا نتيجة عرض الآخرين لتجاربهم الشخصية عبر وسائل التواصل الإجتماعي، وينتج عنه الحاجة الملحة لتغيير بعض الأنماط التي تضر بالصحة النفسية وزيادة الآثار السلبية المترتبة عليها، موضحة أن استخدام تلك المنصات يؤدي إلى إصابة مستخدميها بمزيد من التوتر والقلق، وقد يصل للاكئتاب في حال فشلهم للوصول للنتيجة المتوقعة.
دور محدد
ولفتت البلوشية إلى ضرورة جعل وسائل التواصل الاجتماعي تلعب دورا محددا في حياتنا، ويمكننا تطوير إجراء تشغيلي قياسي يناسب هذا الدور بقواعد محددة حول وقت وكيفية استخدام التطبيق، وتفادي الاطلاع والانصياع لتجارب الآخرين وطرق عالجها التي تناسبهم ولا تناسب صحتك النفسية.
وقالت: إن التأثر بالتجارب الشخصية للآخرين عبر منصات التواصل الاجتماعي يرتبط ارتباطا وثيقا بالاكتئاب والقلق واستغراقهم في التفكير من منظور سلبي، وقد يؤدي إلى انتكاسات نفسية يصعب التعامل معها والشفاء منها، فقد ينصح شخص الآخرين بالابتعاد عن العلاقات الاجتماعية من أجل تفادي المشاكل الأسرية، مما ينتج عنه الشعور بالعزلة والوحدة وانقطاع التواصل الإيجابي بين الأفراد.
وتحدثت البلوشية عن تجربتها مع حالة طالبة مدرسية واجهت انفصاما في الشخصية نتيجة اتباعها لتجربة طرحت في برنامج التواصل الاجتماعي حول "سلبيات العلاقات الاجتماعية" مما أدى إلى انعزالها عن الأصدقاء والعائلة، وتراجع مستواها التحصيلي، إلى جانب كثرة التشتت وعدم الرغبة في الحضور إلى المدرسة.
التقليد الأعمى
من جهته، قال الدكتور سليمان بن ناصر الهميمي أخصائي أول جراحة العظام بمستشفى نزوى المرجعي: تتزايد المخاوف من الانصياع للتجارب الشخصية المتعلقة بالصحة العامة لدى فئة كبيرة من المرضى، حيث أصبح بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي ينشرون مقاطع أو منشورات خاصة لاتباعهم طرقا مختلفة لمشاكلهم الصحية التي استفادوا منها، وحصلوا على نتائج مرضية، مما أدى إلى قيام بعض المرضى بالحذو بهم وتطبيق وسائلهم المتعددة أملا بالشفاء العاجل، موضحا وجود عدد من الحالات التي واجهت مشاكل صحية كبيرة نتيجة التقليد الأعمى، داعيا إلى ضرورة مراعاة الفوارق بين المرضى من ناحية شدة الحالة والاستجابة للعلاج.
وشدد الهميمي على ضرورة رفع الوعي الصحي العام لدى الأفراد، وتجاهل تجارب الآخرين، والرجوع إلى المختصين في أخذ الاستشارة الصحية وتلقي العلاج، مشيرا إلى أن البعض يلجأ لمواقع التواصل الاجتماعي والاطلاع على تجارب الآخرين خوفًا من اللجوء إلى العمليات الجراحية وتدهور الوضع الصحي، كما يتداول بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي استخدامهم لأدوية غير مصرحة من وزارة الصحة مما يؤدي إلى نتائج كارثية على مستخدميها ومضاعفات خطيرة جدا، وقد تصل إلى الوفاة أحيانا.
تجارب فاشلة
وروت سماح العريمية ممرضة ومدربة للإسعافات الأولية والإنعاش أن أحد المرضى تابع عددا من الحسابات التي تروج لحمية (الكيتو) التي تعرض تجارب الآخرين ونجاحها في تحسين صحتهم وحياتهم (على حد وصفهم)، والمريض قد تم تشخيصه بإنسداد ثلاثة شرايين تاجية في القلب وارتفاع الكوليسترول، وأصيب بجلطة قلبية مرتين وتم إنقاذه، وطرحت عليه سؤالا حول نمط حياته الغذائي والعلاج الذي تم وصفه له؟ فكانت الصدمة: وقفت كل الأدوية واتبعت نظام الكيتو، معللا بكلامه "شاهدت الكثير من الأفراد استفادوا وتشجعت لأجرب"، مشيرة إلى أن هناك قصصا كثيرة مشابهة لأفراد يختارون تجربة عدد من العلاجات المختلفة بناء على ما يرونه و يتابعونه في وسائل التواصل الاجتماعي والتي يعرضها عدد من غير المتخصصين في المجال الصحي، ودون استشارة أو حتى متابعة لاحقة لما اختاروا تجربته.
وأوضحت العريمية: يقوم المتلقي باتباع طريقة أو علاج معين شاهده في التواصل الاجتماعي لأسباب متعددة كالثقة العمياء في الفرد الذي نقل تجربته، حيث إنه يعتقد بأنه ذو ثقة وسمعة طيبة في المجتمع، فلا يعقل أن يتكلم دون معرفة، إضافة إلى رخص سعر المادة أو العلاج التي تكون سببا كافيا لاتباع تجارب، كما أن طول مدة علاج بعض الأمراض قد تجعل اليأس يتسلل إلى قلب المريض فيسعى لتجربة علاجات أخرى خارج جدران المؤسسة الصحية، مشيرة إلى أن بعض الأفراد ينساقون خلف العلاجات التقليدية الحاصلة على تقييمات عالية من مستخدميها، دون الاهتمام باستشارة المختصين.
ونبهت على ضرورة جعل قنوات التواصل والاستشارات مفتوحة مع الطاقم الصحي المعالج، حتى وإن رغبت في تجربة طرق أخرى، فيجب استشارة أكثر من متخص، وأن منصات التواصل الاجتماعي ليست مصدرا رئيسيا لهذا النوع من المعلومات ما لم تكن من جهات أو أفراد متخصصين.
ودعت العريمية إلى تفادي نقل تجاربهم الشخصية عبر برامج التواصل الاجتماعي؛ نظرا لنتائجها المدمرة على المقلدين من المتابعين، وضرورة التفكير الواعي وتحمل المسؤولية خاصة فيما يتعلق بمواضيع الصحة الذي قد تؤدي إلى تدهور صحة آخرين.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: التواصل الاجتماعی وسائل التواصل إلى أن
إقرأ أيضاً:
السنباطي: نحذر من استغلال الأطفال بهدف التربح على منصات التواصل الاجتماعي
أعلن المجلس القومي للطفولة والأمومة، إبلاغ مكتب حماية الطفل بمكتب النائب العام في واقعة ظهور طفل على منصات التواصل الاجتماعي بمشروب كحولي ومواد مخدرة.
بحث الفرص الاستثمارية في القطاع الصحي مع وفد مجموعة "أثينا الطبية"واشارت الدكتورة سحر السنباطي" الى ان الإدارة العامة لنجدة الطفل رصدت الفيديو على احدى مواقع التواصل الاجتماعي، وتم على الفور اتخاذ الاجراءات القانونية، لافتة الى ان ظهور الطفل بهذا الشكل المسيء يشكل خطراً على تنشئة الأطفال، مستنكرة مما وصل إليه بعض الآباء والأمهات من استغلال الأطفال بهدف تحقيق شهرة واسعة من خلال المزيد من المتابعات و المشاهدات أو حصد مكاسب مالية، دون أن يضعوا اعتبارا للأضرار التي تلحق بالأطفال.
ووجهت "السنباطي"، الشكر لمكتب حماية الطفل بمكتب المستشار النائب العام علي ما يقوم به من استجابة فورية لحماية الأطفال وانقاذهم من كل خطر أو عنف أو إهمال أو إساءة معاملة وبما يراعي مصلحتهم الفضلي.
ومن جانبه أشار صبرى عثمان "مدير عام الادارة العامة لنجدة الطفل" الى أن المجلس القومي للطفولة والأمومة يتخذ إجراءات عاجلة في مثل هذه الوقائع، التي تمثل تعريض طفل للخطر واستغلالاً تجاريا ؛ والمعاقب عليها وفق حكم المادة ٩٦ من قانون الطفل، فيما تضمنته من أنه يعد الطفل معرضاً للخطر إذا وجد فى حالة تهدد سلامة التنشئة الواجب توافرها له ، ومنها إذا تعرض أمنه أو أخلاقه أو صحته أو حياته للخطر.
واضاف ان المادة ٢٩١ من قانون العقوبات حظرت من المساس بحق الطفل في الحماية من الاتجار به أو الاستغلال الجنسي أو التجاري أو الاقتصادي ؛ وتصل عقوبتها الي السجن المشدد مدة لا تقل عن خمس سنوات وغرامة لا تقل عن خمسون الف جنيه ولا تجاوز مائتي الف جنيه كما عاقب القانون رقم ٦٤ لسنة ٢٠١٠ بشأن مكافحة الاتجار في البشر كل من ارتكب جريمة الاتجار بالبشر - بالتعامل بأي صورة في شخص طبيعي بقصد استغلاله أيا كانت صوره، وتصل عقوبتها الي السجن المؤبد والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة الف جنيه .
ويناشد المجلس القومي للطفولة والامومة، بضرورة الابلاغ عن مثل هذه الحالات من خلال خط نجدة الطفل ١٦٠٠٠ والذي يعمل على مدار ٢٤ ساعة طوال أيام الأسبوع، أو عبر تطبيق الواتس آب على الرقم ٠١١٠٢١٢١٦٠٠.