اجتماعي تاريخي.. الصين تتحصن بالقطاع الخاص لمواجهة العقوبات الأمريكية
تاريخ النشر: 18th, February 2025 GMT
استضاف الرئيس الصيني شي جين بينج اجتماعًا استثنائيًا في قطاع التكنولوجيا، شهد حضور كبار الشخصيات في صناعة التكنولوجيا، في ظل مواجهة العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على العديد من الشركات الصينية.
ويواجه قطاع التكنولوجيا في الصين موجة من الضغوط بسبب العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة على شركات مثل "هواوي" و"زد تي إي"، وغيرها من الشركات الصينية التي تعمل في مجال التكنولوجيا والاتصالات.
وأكد الرئيس الصيني شي جين بينج خلال الاجتماع أن الحكومة الصينية تلتزم بدعم القطاع الخاص وتعزيز الابتكار، مشيرًا إلى أن الصين بحاجة إلى هذه الشركات لتعزيز التنمية التكنولوجية والاقتصادية.
وأضاف أن الاجتماع يمثل خطوة نحو تعزيز ثقة رجال الأعمال في الاقتصاد الصيني، مشددًا على أهمية توفير بيئة مواتية للنمو والابتكار. كما عبر عن تقديره للجهود التي تبذلها الشركات الخاصة في دعم الاقتصاد الوطني، قائلاً: "نحتاج إلى دعمكم لتعزيز الابتكار والتكنولوجيا، ونحن ملتزمون بدعمكم في هذه المرحلة الحساسة."
وحضر الاجتماع عدد من أبرز الشخصيات في قطاع التكنولوجيا، من بينهم جاك ما، مؤسس شركة "علي بابا"، وأعضاء من شركات كبرى مثل "BYD" لصناعة السيارات الكهربائية، "CATL" لتصنيع البطاريات، "Tencent" و"Xiaomi".
كما حضر ليانج وين فينج، مؤسس شركة DeepSeek، الناشئة التي أثبتت قدرتها على تقديم خدمات الذكاء الاصطناعي بأسعار منخفضة مقارنة بالشركات الأمريكية.
وشهد الاجتماع غياب بعض الأسماء الكبيرة مثل "بايت دانس" (الشركة الأم لتطبيق تيك توك) و"بايدو"، وهو ما يثير تساؤلات حول تأثير العقوبات على الشركات الكبرى في الصين.
اعتبر المحللون الاجتماع خطوة إيجابية من الحكومة الصينية بعد سنوات من توجيه اهتمامها للقطاع الحكومي على حساب القطاع الخاص.
وقال رئيس مركز أبحاث التجارة الإلكترونية "هايتون" لي تشنج دونج، ، في تصريحاته بعد الاجتماع: "وجود جاك ما في مقدمة الحضور يعني أن الحكومة تقدر وتدعم الأعمال التجارية الخاصة".
وأضاف أن شركات الإنترنت كانت دائمًا في صدارة النشاط الاقتصادي، وأن الإجراءات التنظيمية السابقة كانت بمثابة ضغط على هذه الشركات، مما دفعها للتركيز على العمل الحكومي. لكنه أشار إلى أن الحكومة الصينية الآن تعود لتؤكد دعمها للقطاع الخاص، مما سيخلق توازنًا جديدًا بين القطاعين العام والخاص.
وأكد العديد من المحللين أن هذا الاجتماع ليس مجرد دعوة لخفض الضرائب أو تحسين التشريعات، بل هو بمثابة رسالة سياسية تؤكد أن الحكومة الصينية ترى في القطاع الخاص، وخاصة في مجال التكنولوجيا، محركًا رئيسيًا للنمو الاقتصادي في المستقبل.
في هذا السياق، قال أستاذ التمويل في جامعة "تسينجهوا" تشانج شياويان: "الحكومة ترغب في إرسال رسالة واضحة للقطاع الخاص مفادها: نحن بحاجة إليكم لدفع عجلة الابتكار والاستهلاك التكنولوجي. نريد أن نكون معكم في هذه المرحلة الصعبة." وأضاف أن هذه الخطوة تعكس رغبة الحكومة في بث الثقة في الشركات الصينية وتشجيعها على مواصلة الابتكار.
القطاع الخاص في مواجهة العقوبات الأمريكية
تواجه العديد من الشركات الصينية التحديات الناتجة عن العقوبات الأمريكية، سواء في مجالات التكنولوجيا أو الاتصالات، وعلى رأس تلك الشركات تأتي "هواوي"، التي تعرضت لقيود صارمة على استيراد قطع غيارها الأساسية من الشركات الأمريكية، مما أثر بشكل مباشر على عملياتها.
تعتبر شركات مثل "علي بابا" و"Tencent" من اللاعبين الرئيسيين في السوق الصينية، إلا أن العقوبات المفروضة على الشركات مثل "هواوي" و"زد تي إي" ساهمت في تحفيز الحكومة للبحث عن حلول لدعم القطاع الخاص في مواجهة هذه الضغوط.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد دولي الصيني الرئيس الصيني القطاع الخاص امريكا الصين القطاع الخاص الرئيس الصيني المزيد في اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحکومة الصینیة الشرکات الصینیة القطاع الخاص من الشرکات أن الحکومة
إقرأ أيضاً:
التعاون المربح للطرفين هو المسار الصحيح للعلاقات الاقتصادية والتجارية الصينية الأمريكية
التعاون المربح للطرفين هو المسار الصحيح للعلاقات الاقتصادية والتجارية الصينية الأمريكية
بقلم ليانغ سوو لي
في 9 أبريل الجاري، أصدرت الصين كتابًا أبيض بعنوان “موقف الصين بشأن بعض القضايا المتعلقة بالعلاقات الاقتصادية والتجارية بين الصين والولايات المتحدة”، كشف فيه من خلال بيانات مفصلة وتحليل منهجي عن طبيعة العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين والتحديات الواقعية التي تواجهها.
وقد جاء هذا الكتاب في وقت أعلنت فيه الولايات المتحدة مؤخرًا عن فرض ما يُسمى بـ”الرسوم الجمركية المتبادلة” على جميع شركائها التجاريين، بما في ذلك الصين. لذا، لا يُعدّ الكتاب الأبيض ردًا صارمًا على السياسات الأحادية الأمريكية فحسب، بل يمثل أيضًا دعوة إلى إعادة توجيه النظام الاقتصادي والتجاري العالمي إلى مساره العقلاني، ويعكس التزام الصين الراسخ بمبدأ التعاون المربح للطرفين.
أكد الكتاب الأبيض أن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الصين والولايات المتحدة تقوم بطبيعتها على النفع المتبادل والمصالح المشتركة. فعلى مدى 46 عامًا من إقامة العلاقات الدبلوماسية، ارتفع حجم التجارة الثنائية من أقل من 2.5 مليار دولار أمريكي في عام 1979 إلى نحو 688.3 مليار دولار في عام 2024، بينما تجاوزت الاستثمارات المتبادلة بين البلدين 260 مليار دولار. لم يكن هذا النمو وليد الصدفة، بل نتج عن التكامل العميق في الهيكل الاقتصادي للبلدين، وهو تكامل لا يقتصر على تجارة السلع، بل يشمل أيضًا مجالات الخدمات والاستثمار.
وتجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة تحقق فائضًا كبيرًا في تجارة الخدمات مع الصين، حيث بلغ هذا الفائض في عام 2023 وحده نحو 26.57 مليار دولار أمريكي، أي ما يعادل 9.5% من إجمالي فائضها العالمي في هذا القطاع. وهذه الأرقام تثبت بوضوح أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين ليست علاقة صفرية، بل علاقة تكاملية قائمة على المصالح المتبادلة.
ومع ذلك، فإن السياسات الأحادية التي انتهجتها الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة بدأت تقوّض هذا التوازن. فقد كشف الكتاب الأبيض أنه منذ بداية الاحتكاكات التجارية في عام 2018، فرضت الولايات المتحدة رسومًا جمركية على صادرات صينية تفوق قيمتها 500 مليار دولار أمريكي، واستمرت في تنفيذ سياسات تستهدف تطويق الصين واحتوائها، بل وتزايدت حدّة هذه السياسات مؤخرًا. وهذا النهج الذي يتنافى مع قواعد اقتصاد السوق لا يمكن إلا أن يؤدي إلى نتائج عكسية.
وبحسب تقديرات “مختبر الميزانية” في جامعة ييل، فإن تطبيق الرسوم الجمركية المتبادلة، إلى جانب ردود الفعل المضادة من الدول الأخرى، قد يؤدي إلى ارتفاع مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي في الولايات المتحدة بنسبة 2.1%. وتُقدَّر الخسائر المتوسطة للأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط والمرتفع بنحو 1300 و2100 و5400 دولار أمريكي على التوالي، ما يعني أن هذه الأسر ستكون في نهاية المطاف هي من يدفع ثمن تلك الرسوم.
ولم تقتصر تداعيات القرارات الأحادية الأمريكية على العلاقات الثنائية فحسب، بل امتد تأثيرها إلى النظام التجاري العالمي برمّته، مما يهدد مسيرة التعافي الاقتصادي العالمي. فقد حذّرت نجوزي أوكونجو إيويالا، المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية، من أن رفع الولايات المتحدة لرسومها الجمركية قد يؤدي إلى انخفاض حجم التجارة السلعية العالمية بنسبة تصل إلى 1% في عام 2025، أي أقل بنحو 4 نقاط مئوية من التوقعات السابقة.
في مواجهة هذا التصعيد، أظهرت الصين ضبطًا للنفس ورؤية عقلانية، ولم تتخلَّ عن موقفها الرافض للحرب التجارية. وأوضح الكتاب الأبيض أن الصين ستواصل توسيع انفتاحها بالتزامن مع اتخاذ تدابير مضادة قوية لحماية مصالحها الوطنية. ففي عام 2024، بلغ إجمالي الواردات الصينية 18.4 تريليون يوان (دولار أمريكي)، مما حافظ على مكانتها كثاني أكبر سوق استيرادية في العالم للسنة السادسة عشرة على التوالي. كما تجاوزت قيمة الصفقات الموقعة في الدورات الست لمعرض الصين الدولي للاستيراد 500 مليار دولار أمريكي. وراء هذه الأرقام، تكمن حالة اليقين التي توفرها الصين للعالم من خلال الانفتاح المؤسسي، في تناقض صارخ مع الحواجز الجمركية التي تقيمها الولايات المتحدة.
إن العلاقات الاقتصادية الصينية الأمريكية ليست مجرد قضية ثنائية، بل عاملًا حاسمًا يؤثر في سلاسل التوريد العالمية وقواعد التجارة الدولية والاستقرار الاقتصادي العالمي. وفي مواجهة الخلافات، قدّم الكتاب الأبيض حلولًا واقعية وواضحة: إلغاء الإجراءات الأحادية، واستئناف الحوار المتكافئ، وتعزيز الإطار المتعدد الأطراف. وقد وجد هذا الموقف صدى واسعًا لدى المجتمع الدولي، حيث عبّرت العديد من الاقتصادات مثل الآسيان والاتحاد الأوروبي عن معارضتها الصريحة للممارسات الأمريكية التي تزعزع استقرار سلاسل الإمداد العالمية.
إن الصين والولايات المتحدة، كأكبر دولة نامية وأكبر دولة متقدمة في العالم، تتحملان مسؤولية كبيرة تجاه المجتمع الدولي. فإذا تعاونتا، سيستفيد العالم بأسره، وإذا تصادمتا، فسيكون الجميع خاسرًا. وإصدار الصين لهذا الكتاب الأبيض لا يمثّل تقييمًا عقلانيًا للعلاقات الثنائية فحسب، بل يعكس أيضًا رؤية أعمق لمستقبل الاقتصاد العالمي. فالواقع يؤكد أن أي محاولات لتشويه النظام الدولي تحت شعار “أمريكا أولًا” لن تفضي إلا إلى نتائج كارثية، بما في ذلك على من يتبنّاها. فقط من خلال التمسك بالتعددية وتعزيز التعاون الرابح للطرفين يمكن فتح آفاق جديدة للتنمية المستدامة والشاملة للاقتصاد العالمي.
إن مستقبل العلاقات الاقتصادية الصينية الأمريكية مرهون بقدرة الطرفين على اتخاذ القرار الصائب. أما الصين، فقد أعلنت موقفها بوضوح: التعاون لا يزال هو الخيار الأفضل.
إعلامية صينية
الوسومأمريكا الاقتصاد الصين العلاقات ليانغ سوو لي