فيما كانت كلّ الأنظار متّجهة إلى القرى الحدودية جنوبيّ لبنان، مع بدء العدّ العكسي لاستحقاق الانسحاب الإسرائيلي المفترض منها، تنفيذًا لاتفاق وقف إطلاق النار الممدَّد، فاجأت إسرائيل الجميع في الداخل والخارج بخرق "فاقع" للاتفاق، يُضاف إلى سلسلة الخروقات اليومية، وذلك من خلال الغارة الجوية التي نفذتها على مدينة صيدا جنوبي لبنان، الواقعة أساسًا شمالي الليطاني، والتي تبيّن أنّها استهدفت المسؤول العسكري في حركة حماس محمد شاهين.


 
صحيح أنّ الإسرائيليّين حاولوا "تحييد" جبهة لبنان عن هذه الجريمة المتجدّدة، من خلال وضعها في خانة العمليات الجارية في الضفة الغربية، بزعم أنّ المسؤول القسّامي المُستهدَف كان ناشطًا على هذا الخطّ، إلا أنّ "توقيت" العملية، التي أعادت إلى الواجهة، مسلسل "الاغتيالات"، التي كانت بداياتها للمفارقة من الضاحية مع اغتيال المسؤول الفلسطيني صالح العاروري، لم يبدُ "بريئًا"، وقد تزامن مع اليوم الأخير لاتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل.
 
وإذا كان الجيش الإسرائيلي استبق بهذه العملية إعلانه عن نيّته البقاء في خمس نقاط، أو مواقع استراتيجية في جنوب لبنان، ولو بأعداد صغيرة، فإنّه أثار جدلاً واسعًا في الداخل، عن الأهداف التي توخّاها من عمليته المتجددة، وعن الرسائل التي تنطوي عليها في مكانٍ ما، فهل أرادت إسرائيل "التنبيه" إلى جاهزيتها للعودة إلى "تكتيكات" الحرب والقتال، وهل يعني ذلك "استباحة" الساحة اللبنانية، في أيّ وقت، حتى في مرحلة ما بعد الانسحاب الإسرائيلي؟
 
إسرائيل تكرّس "حرية الحركة"؟
 
يقول العارفون إنّ عملية الاغتيال الإسرائيلية التي استهدفت القيادي في حركة حماس محمد شاهين انطوت على جملة من الرسائل، التي أراد الإسرائيليون توجيهها في الشكل والمضمون، أولها قد يكون موجَّهًا إلى حركة حماس، على وقع تطورات الأيام الأخيرة التي كادت تطيح باتفاق وقف إطلاق النار، مفادها أنّ "الحرب" معها لم تنتهِ فصولاً بعد، وأنّ قياديّيها كافة ليسوا بمنأى عن الاستهداف، في غزة والضفة ولبنان، وربما في ساحات أخرى أيضًا.
 
لكن، على أهمية الاستهداف الإسرائيلي لحركة حماس، لا يمكن قراءة عملية الاغتيال الإسرائيلية بعيدًا عن الساحة اللبنانية، خصوصًا لجهة توقيتها في اليوم الأخير من اتفاق وقف إطلاق النار، ولجهة موقعها خارج نطاق ما يُعرف بـ"جنوب الليطاني"، وكأنّ إسرائيل أرادت القول مجدّدًا إنّها تحتفظ بما سمّاه رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو عند إبرام الاتفاق، بـ"حرية الحركة"، مع ما يعنيه ذلك من رفض العودة إلى مرحلة "ما قبل" ما سُمّيت بـ"حرب الإسناد" بالمُطلَق.
 
بهذا المعنى، يشدّد العارفون على أنّ إسرائيل تعمّدت القيام بهذا الخرق في اليوم الأخير من اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان، واستهداف شخصيّة فلسطينيّة من كتائب القسام تحديدًا، لتوجيه رسالة مزدوجة لكل من "حزب الله" وحركة حماس، مفادها بأنّ الانتقال إلى المرحلة الثانية، لا يعني أنّ الأمور يمكن أن تعود إلى ما كانت عليه في السابق، وبالتالي أنّ إسرائيل ستبقي على تأهّبها ويقظتها وجاهزيتها، لمنع أيّ محاولة للهجوم على مستوطناتها مستقبلاً.
 
ردّ على خطاب الشيخ قاسم؟!
 
صحيح أنّ الغارة الإسرائيلية المباغتة على مدينة صيدا جنوبي لبنان جاءت في اليوم الأخير لاتفاق وقف إطلاق النار، لكنّها جاءت أيضًا قبل ساعات من الإعلان عن نيّتها البقاء في خمس نقاط "استراتيجية" في الجنوب، من أجل "ضمان" تنفيذ الاتفاق كما تقول، وبعد ساعات أيضًا من خطاب الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم، الذي أعلن فيه أنّ المقاومة ستتعامل مع بقاء الجيش الإسرائيلي في أيّ نقطة في جنوب لبنان بوصفه "محتلاً".
 
بهذا المعنى، ثمّة من يعتبر أنّ الغارة الإسرائيلية على صيدا قد تحمل بين طيّاتها "ردًا ضمنيًا" من جانب المسؤولين الإسرائيليين على كلام الأمين العام لـ"حزب الله"، فإذا كان الأخير أوحى في كلامه بإمكانية العودة لتكتيكات مرحلة ما قبل العام 2000، فإنّ إسرائيل أرادت القول إنها مستعدة بدورها للعودة إلى مرحلة الحرب والقتال، وإنّها لا تزال تمسك بالكثير من "أوراق القوة" بيدها، بما في ذلك سلاح الاغتيالات الذي تستطيع تفعيله في أيّ لحظة.
 
ويرى العارفون أنّ إسرائيل تسعى من خلال ذلك، على الأرجح، إلى "تمرير" نيّتها البقاء في بعض النقاط في جنوب لبنان، وبالتالي استمرار احتلالها لجزء من الأرض اللبنانية، ولو كان عبارة عن تلال أو أودية، من باب "الترهيب" بالعودة إلى الحرب، التي لا مصلحة لـ"حزب الله" ولا للدولة اللبنانية بها، على الرغم من أنّ ذلك يشكّل خرقًا لاتفاق وقف إطلاق النار، الذي ينصّ على انسحاب كامل ونهائي للقوات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية.
 
بين عملية الاغتيال الإسرائيلية في صيدا، والموقف الإسرائيلي المُعلَن من اتفاق وقف إطلاق النار، ثمّة من يرى أنّ رسائل إسرائيل "الحربية" وصلت، لتبقى علامات الاستفهام مفتوحة حول كيفية "الردّ" عليها، ولو أنّ الأرجحية تبقى للموقف "الوطني الموحّد" الذي عبّر عنه رئيس الجمهورية جوزاف عون، وقوامه ربما تفعيل الاتصالات السياسية، من أجل حسم الأمور بالدبلوماسية، وإنهاء الاحتلال، ومعه ما سُمّي بـ"حرية الحركة"!
المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: عملیة الاغتیال الإسرائیلیة لاتفاق وقف إطلاق النار الیوم الأخیر حزب الله

إقرأ أيضاً:

تصعيد مستمر.. الجيش الإسرائيلي يعلن بدء عملية برية في شمال قطاع غزة

أعلن الجيش الإسرائيلي، الخميس، عن بدء عملية برية عند محور الساحل في منطقة بيت لاهيا شمالي قطاع غزة. وقال في بيان إن قواته، هاجمت مع الشاباك "بنى تحتية إرهابية ونقاط إطلاق قذائف مضادة للدروع تابعة لحماس في المنطقة".

اعلان

وأصدر أفيخاي أدرعي، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، على منصة "إكس"، تحذيرًا لسكان القطاع يطالبهم فيه بعدم التنقل من محور نتساريم، المعروف أيضًا بمحور صلاح الدين، وقال إن الطريق الوحيد المسموح للعبور من الشمال إلى الجنوب والعكس، هو طريق الرشيد (البحر).

المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرًا لسكان غزة

وكانت تل أبيب، قد أعلنت، أمس الأربعاء، أنها أغلقت محور نتساريم، الذي يفصل شمال القطاع عن جنوبه، وذلك بعد شروعها في "عملية برية محدودة" وسط وجنوب قطاع غزة.

وأشارت الدولة العبرية إلى أن هدفها من العملية هو "توسيع منطقة التأمين وخلق منطقة عازلة تفصل ما بين شمال القطاع وجنوبه".

وفي وقت لاحق من يوم الخميس، أعلنت كتائب القسام، الذراع العسكري لحماس، عن استهدافها تل أبيب بصواريخ من نوع "M90" وقالت إن ذلك يأتي "كرد على المجازر بحق المدنيين"

وكانت الحركة قد نددت بالتوغل الإسرائيلي، ووصفته بأنه "خرق خطير لاتفاق وقف إطلاق النار"، وحملت الحكومة الإسرائيلية وقياداتها "تداعياته".

كما شددت على "تمسكها بالاتفاق" ودعت الوسطاء إلى تحمّل مسؤولياتهم في التصدي للخروقات وإلزام الدولة العبرية بالتراجع عنها.

Relatedما هي أهداف نتنياهو من استئناف الحرب على غزة وإلى أين تتجه المنطقة؟حرب غزة تتجدد... مئات القتلى الفلسطينيين وصاروخ يمني يستهدف قاعدة نيفاتيم الإسرائيليةغارة جوية إسرائيلية تدمر سجناً في غزة وتوقع العشرات من القتلى

وفي وقت سابق، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن عملية "إخلاء سكان قطاع غزة" ستبدأ في وقت قريب.

من جهتها، قالت هيئة البث الإسرائيلية إن العملية البرية الإسرائيلية جاءت بعد مغادرة القوات الأجنبية التي كانت تتولى التفتيش على ممر صلاح الدين مواقعها. وزعمت أن ترك الموقع الاستراتيجي خاليًا كان يعني "عدم وجود قيود على مرور الأشخاص والمسلحين والصواريخ".

في المقابل، قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إن تل أبيب كانت تهدف من إغلاق المحور، للمرة الأولى منذ بداية وقف إطلاق النار، إلى "الضغط على حماس، في حين أن الحركة نحو الجنوب لا تزال مفتوحة".

وتواصل إسرائيل تصعيدها في قطاع غزة، حيث أسفرت الغارات الأخيرة عن مقتل وإصابة أكثر من ألف فلسطيني، حسب وزارة الصحة الفلسطينية.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد أكد أن العمليات العسكرية في قطاع غزة ستستمر حتى تحقيق الأهداف المقررة، مشددًا على أن أي مفاوضات بشأن الرهائن ستتم "تحت النار". وفي بيان مصوّر عبر منصة "إكس"، أشار نتنياهو إلى أن ما يجري في غزة "ليس إلا البداية".

وتواجه الحكومة الإسرائيلية في حربها ضغوطات متزايدة، حيث عبرت عائلات الرهائن المحتجزين لدى حماس عن رفضها لاستئناف الحرب، ونظمت احتجاجات واسعة أمام مقرّ الحكومة.

وقد أصدر منتدى عائلات الرهائن، الخميس، بيانًا غاضبًا اتهم فيه رئيس الوزراء نتنياهو بتعريض حياة ذويهم للخطر، وذلك بعدما طالبت العائلات بعقد اجتماع عاجل مع نتنياهو والكابينت، ولم تتلق ردًا.

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية سلسلة غارات جوية مكثفة تستهدف مواقع تابعة للحوثيين في العاصمة اليمنية صنعاء أكسيوس: في رسالته لخامنئي ترامب يحدد مهلة شهرين لاتفاق نووي جديد غزة تنزف من جديد: 85 قتيلا على الأقل في غارات إسرائيلية مكثفة على القطاع والقسام تستهدف تل أبيب غزةحركة حماسحروبدونالد ترامبوقف إطلاق الناربنيامين نتنياهواعلاناخترنا لكيعرض الآنNext غزة تنزف من جديد: 85 قتيلا على الأقل في غارات إسرائيلية مكثفة على القطاع والقسام تستهدف تل أبيب يعرض الآنNext ألمانيا تعيد فتح سفارتها في دمشق وسط تحسن حذر في العلاقات مع الزعماء الإسلاميين يعرض الآنNext إيران تلغي "شرطة الآداب": استجابة شعبية أم مناورة سياسية أمام الضغوط الخارجية؟ يعرض الآنNext ما هي أهداف نتنياهو من استئناف الحرب على غزة وإلى أين تتجه المنطقة؟ يعرض الآنNext من ميامي إلى هايتي... ترحيل عشرات المهاجرين قسرًا إلى بلد أنهكته الفوضى والفقر اعلانالاكثر قراءةعاجل. وزارة دفاع كوريا الجنوبية: طائرة حربية روسية دخلت منطقة دفاعنا الجوي دون إشعار مسبق إدارة ترامب تنشر دفعة جديدة من أرشيف اغتيال الرئيس جون إف كينيدي صاروخ باليستي حوثي في سماء تل أبيب وحالات هلع وتدافع في صفوف السكان وأخيرا... عودة رائدي الفضاء بوتش ويلمور وسوني ويليامز إلى كوكب الأرض بعد 9 أشهر مظاهرات عارمة احتجاجا على اعتقال رئيس بلدية إسطنبول الخصمِ اللدود لأردوغان اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومدونالد ترامبحركة حماسإسرائيلروسيافولوديمير زيلينسكيغزةالاتحاد الأوروبيأوروباوقف إطلاق الناربنيامين نتنياهوإتفاقية سلامواشنطنالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025

مقالات مشابهة

  • من أورتاغوس.. هذا مضمون الرسالة التي وصلت إلى الرئاسات الثلاث
  • تصعيد مستمر.. الجيش الإسرائيلي يعلن بدء عملية برية في شمال قطاع غزة
  • أستاذ علوم سياسية: نتنياهو لم يكن جادًا في اتفاق غزة.. وعودة الحرب كانت متوقعة
  • أستاذ علوم سياسية: نتنياهو لم يكن جادًا باتفاق غزة وعودة الحرب متوقعة
  • الجيش الإسرائيلي يشن «عملية برية محدودة» في غزة
  • ماذا قالت حماس عن بدء إسرائيل عملية برية في غزة؟
  • هآرتس: إسرائيل وليست حماس هي التي خرقت اتفاق وقف إطلاق النار
  • حماس تدعو إلى حصار السفارات الإسرائيلية والأمريكية بالعالم
  • الغارات الإسرائيلية تكشف هشاشة وقف إطلاق النار في لبنان
  • إدانات بمجلس الأمن لخرق الاحتلال وقف إطلاق النار.. دعوات لتطبيق الاتفاق