المدارس المسيحية في الضفة الغربية.. ضحايا جانبية للحرب
تاريخ النشر: 18th, February 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
وجدت مجموعة من المعلمين ومديري المدارس في رام الله وبيت لحم، قسطًا من الراحة خلال مشاركتهم في مؤتمر للمدارس المسيحيّة في الشرق الأوسط، وذلك في العاصمة المصريّة القاهرة.
وعلى الرغم من التحدّيات اللوجستية والإدارية المترتبة على السفر إلى مصر، فقد شكّل هذا التجمّع فرصة للاستراحة من الاضطرابات في أرض الوطن.
تقول سامية علامة، معلمة الرياضيات في مدرسة راهبات القديس يوسف للبنات في بيت لحم: "من الجيّد أن نكون جزءًا من شبكة، وأن نشعر بالدعم". ورغم الإرهاق، تظل قويّة ذهنيًّا، وعازمة على دعم طلابها خلال هذه الأوقات الصعبة. وإلى جانبها، تضيف تينا حزبون، الأستاذة في جامعة بيت لحم: "يتعيّن علينا أن نستمرّ في الابتسام، حتى في خضم الحزن".
لقد أدت الحرب التي اندلعت في 7 أكتوبر 2023 إلى تفاقم الحالة الهشة بالفعل للتعليم الفلسطيني، والذي عانى تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي لمدة 56 عامًا، تشرح الأخت سيلوان، وهي راهبة فرنسيّة تُشرف على التعليم باللغة الفرنسيّة في عشر مدارس لاتينية في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية، "يتطلّب الأمر قدرًا لا يُصدّق من الصبر".
تفتح وتغلق المدارس في الضفة الغربية اعتمادًا على شدة العنف بين عشية وضحاها، مضيفة: "إذا كانت هناك اشتباكات أو توغلات في الليلة السابقة، واعتمادًا على عدد الضحايا، فقد تُجبر المدارس على الإغلاق". كما يمكن لنقاط التفتيش التي أقامتها القوات الإسرائيلية بين عشية وضحاها أيضًا منع الطلاب من الوصول إلى الفصول الدراسيّة. "في يوم ما تكون هناك مدرسة، وفي اليوم التالي لا تكون هناك مدرسة، في بعض الأيام، يغيب الطلاب، وفي أيام أخرى، يكون المعلمون هم السبب".
يوجد حاليًا 22 ألف طالب وطالبة -8 آلاف منهم مسيحيون- مسجلون في 65 مدرسة مسيحيّة في مختلف أنحاء الأراضي الفلسطينية.
قبل الحرب، كانت غزة موطنًا لأربع مدارس مسيحية، اثنتان منها تابعتان لبطريركية القدس للاتين، واحدة منها، مدرسة العائلة المقدّسة، قد دمرت جزئيًا خلال الحرب، وقتل العديد من المعلمين وأولياء الأمور.
تقول الأخت سلوان بهدوء: "بعض طلابنا أيضًا".
على الرغم من وقف إطلاق النار الساري منذ 15 كانون الثاني، لا تزال الحرب جزءًا من الحياة اليوميّة، وبعيدًا عن أضواء وسائل الإعلام، تكثفت الغارات الإسرائيلية وإغلاق الطرق في الضفة الغربية، وشُدّدت القيود العسكرية.
وتابعت الأخت سلوان: "لم تنتهِ الحرب بعد، صحيح أنّه لا تسقط علينا الصواريخ بسبب القبة الحديديّة، لكن لا يزال هناك صوت الانفجارات المستمرة والخوف والقلق".
أثرت عقود من الصراع، والتوغلات المتكررة، والتوسّع الاستيطاني المستمر على الصحة العقلية للطلاب. تقول نائلة رباح، مديرة مدرسة الروم الكاثوليك في رام الله: "إنّنا نواجه وضعًا حرجًا، التدريس لا يقتصر على تقديم الدروس، إنما علينا أيضًا أن نعتني بطلابنا عاطفيًا".
وأكدت بصوت مرهق: "الاكتئاب لا يؤثر فقط على الأطفال وأسرهم، بل يؤثر أيضًا على المعلمين"، وعلى الرغم من ذلك، تظل ملتزمة برفاهية طلابها. موضحة: "هناك الكثير من التناقضات في أذهانهم. في المدرسة، نعلمهم التعبير عن مشاعرهم، والشعور بأننا نستمع إليهم".
ويترّدد كلماتها في أذهان المعلمين في بيت لحم؛ "يسألنا طلابنا، لماذا ندرس إذا لم يكن هناك مستقبل؟" كما يقولون، لكنهم يرفضون الاستسلام، "يتعين علينا التأكد من رغبة هؤلاء الأطفال في البقاء في فلسطين"، فقد أطلقت تينا حزبون برنامجًا للنساء في مجال التكنولوجيا، حيث لا يوفر للشابات الدافع فحسب، بل يوفر لهنّ أيضًا الأدوات اللازمة للاستقلال في وطنهن.
وفق وكالة الأمم المتحدة المعنيّة بالأطفال (اليونيسف)، التحق 782 ألف طفل بالمدارس في الضفة الغربية والقدس الشرقيّة. ومع ذلك، منذ أكتوبر 2023، تقدّر وزارة التربية والتعليم الفلسطينيّة أن ما بين 8٪ و20٪ من المدارس في الأراضي المحتلة أُجبرت على الإغلاق.
في حين أن المناقشات السياسيّة تُمنع رسميًّا من دخول الفصول الدراسية، فإن المعلمين يفسحون المجال للحوار، سواء في المناقشات الجماعية أو المحادثات الفردية، اعتمادًا على احتياجات الطلاب.
تشرح نائلة رباح: "نركز كثيرًا على فهم الآخرين، والتواصل مع الأشخاص الذين يفكرون بشكل مختلف عنا، وقبول الاختلافات"، ومثل جميع المدارس المسيحية في المنطقة، ترحب مدرستها بالأطفال من جميع الأديان.
تضيف الأخت سلوان: "في جميع أنحاء الشرق الأوسط، يتعيّن علينا تعليم اللاعنف؛ كيفية الاستجابة للصراع، وكيفية الحفاظ على الهدوء، وكيفية إيجاد حلول سلمية، وكيفية الاستماع ودعم بعضنا البعض".
وفي بيت لحم، مهد المسيحية ورمز التعايش بين الأديان، تقوم مدرسة القديس يوسف بتعليم 800 فتاة - نصفهن مسلمات، تقول سامية علامة: ببساطة "لا توجد مشاكل، اعتاد المسلمون والمسيحيون هنا على التحدث مع بعضهم البعض".
لا تتواجد المدارس في العزلة؛ فهي أيضًا تشعر بثقل الأزمة الاقتصادية التي أطلقتها الحرب.
في بيت لحم، على سبيل المثال، توقفت رحلات الحج بين عشية وضحاها تقريبًا. ويكافح العديد من الآباء، الذين اعتمدوا على السياحة في معيشتهم، الآن لدفع حتى الرسوم المدرسيّة الضئيلة بالفعل، وهذا الضغط الاقتصادي ينتقل إلى الأطفال والمراهقين.
تقول الأخت سلوان: "لديهم أحلام، لكنهم واقعيون أيضًا، إنهم يرون كم من الأبواب مغلقة أمامهم، وهم يعرفون أنه، بطريقة أو بأخرى، سيتعيّن عليهم إيجاد طريقة للتأقلم مع هذا الواقع".
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: أرض الوطن اكتوبر 2023 الاحتلال العسكري الاوقات الصعبة فی الضفة الغربیة المدارس فی فی بیت لحم
إقرأ أيضاً:
اقتحامات واعتقالات في الضفة الغربية.. وتسجيل حادث دهس في الخليل
بالتزامن مع استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية المكثفة على مدينتي جنين وطولكرم والمخيمات المحيطة بهما شمال الضفة الغربية، وسعت القوات الإسرائيلية من عمليات الاقتحام والمداهمات، مستهدفة مدنا وقرى ومخيمات وشنت حملة اعتقالات واسعة طالت عددا من الفلسطينيين.
وبحسب وسائل إعلام فلسطينية، “ففي مدينة جنين: دخلت العملية العسكرية الإسرائيلي يومها الـ84 على التوالي وسط عمليات تجريف للأراضي وإحراق منازل وتحويل عدد من البيوت إلى نقاط عسكرية، أما في طولكرم: فتواصل القوات الإسرائيلية عمليتها العسكرية لليوم الـ77، وفرض ضغوط شديدة على السكان لإخلاء منازلهم، كما اقتحمت القوات الإسرائيلية مناطق متعددة في الضفة وأطلقت الرصاص الحي ما أدى إلى إصابات بين الشبان في مخيم الحلزون شمال رام الله”.
ووفق المعلومات، “في مدينة رام الله، قالت مصادر محلية “إن قوات الاحتلال اقتحمت مخيم الحلزون اليوم الاثنين، وأصابت شابا بالرصاص الحي في البطن، وآخرين في الركبة، واليد، كما اعتقلت القوات الإسرائيلية شخصا ونجليه، من قرية كفر مالك شرق المدينة واستولت على مركبتهم”.
وفي “مدينة نابلس، اعتقلت القوات الإسرائيلية فجر اليوم الاثنين شابا من مخيم عسكر الجديد شرق المدينة، وذكرت مصادر أمنية أن قوات الاحتلال اقتحمت المخيم وداهمت عدة منازل واعتقلت الشاب من منزله، واعتقلت القوات الإسرائيلية فجر اليوم شابين من بلدة سبسطية شمال غرب نابلس قبل الانسحاب من البلدة”.
وفي “مدينة بيت لحم، أفاد مصدر أمني “بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت شابا من مدينة بيت جالا غرب بيت لحم بعد مداهمة منزل عائلته”، وفي مدينة الخليل، أفادت مصادر محلية “بأن جرافات الجيش الإسرائيلي تنفذ عمليات تجريف في أراض للمواطنين في بلدة البرج جنوب المدينة اليوم الاثنين”.
ووفق ما أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا”، في مدينة سلفيت، “اقتلع مستوطنون نحو 50 شجرة زيتون في بلدة دير بلوط، غرب المدينة”، وقال رئيس بلدية دير بلوط سمير نمر لـ”وفا”، “إن مستعمرين من مستعمرة “ليشم” المقامة على أراضي المواطنين، أقدموا على خلع وتكسير نحو 50 شجرة زيتون في منطقة عراق التوتة شرقي البلدة”.
حادث دهس في الخليل
أعلن الجيش الإسرائيلي، “ن تلقيه بلاغا بشأن وقوع حادث دهس قرب مدينة الخليل في الضفة الغربية، مشيرا إلى أن تفاصيل الحادث لا تزال قيد التحقيق”.
وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأن “الحادث أسفر عن إصابة شخص بجروح طفيفة، فيما لاذت المركبة التي يشتبه بتنفيذها عملية الدهس بالفرار من الموقع”.