طهران- بعد أكثر من عام على تطبيع العلاقات بين طهران والخرطوم، بدأ وزير الخارجية السوداني علي يوسف زيارة رسمية إلى طهران، والتقى أمس الاثنين كلا من نظيره الإيراني عباس عراقجي ورئيس البرلمان محمد باقر قاليباف وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي علي أكبر أحمديان، على أن يلتقي اليوم الثلاثاء الرئيس مسعود بزشكيان.

ونقلت وكالة أنباء "إرنا" الرسمية، أن عراقجي بحث مع الضيف السوداني أهم القضايا الثنائية والإقليمية والدولية، مؤكدة أن الوزيرين وقعا اتفاقية إلغاء التأشيرات بين البلدين لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية والخدمية، إلى جانب توقيع مذكرة تفاهم لتأسيس لجنة سياسية مشتركة.

وتعتبر زيارة يوسف لطهران هي الثالثة من نوعها منذ الإعلان عن استئناف العلاقات بين البلدين بصورة رسمية في أكتوبر/تشرين الأول 2023، إذ سبق أن شارك سلفه حسين عوض في احتفال تنصيب بزشكيان رئيسا لإيران الصيف الماضي، كما زار وزير الخارجية السوداني الأسبق علي الصادق طهران في فبراير/شباط 2024.

ظروف دقيقة

وتأتي زيارة وزير الخارجية السوداني لطهران بعد أقل من أسبوع من زيارته موسكو والاتفاق على منح روسيا قاعدة بحرية على ساحل البحر الأحمر، وسط تساؤلات بشأن المصالح التي ترغب كل من طهران والخرطوم بتحقيقها على طاولة المباحثات المتواصلة في طهران.

إعلان

وذكّر الباحث السياسي مصدق مصدق بور بزيارة رسمية قام بها وزير المالية السوداني جبريل إبراهيم في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي لطهران، ورأى أن زيارة المسؤولين السودانيين لطهران وموسكو تأتي في سياق توجه الخرطوم إلى حلفائها التقليديين، مؤكدا أن لدى إيران والسودان مصالح مشتركة تحثهما على تعزيز العلاقات بينهما.

وقال مصدق بور للجزيرة نت إن زيارة يوسف لطهران تأتي في توقيت مهم للغاية وعلى وقع تطورات دقيقة قد تسهم نتائجها في تقارب أكثر بين طهران والخرطوم، مستبعدا "عودة علاقاتهما المعقدة هذه المرة إلى ما كانت عليه قبيل قطيعة 2016".

وبرأي الباحث الإيراني، فإن "الخرطوم لم تجن شيئا جراء توددها للمحور الصهيوأميركي خلال السنوات القليلة الماضية"، موضحا أن الجانبين "يعقدان الأمل على تقارب توجهاتهما حيال سلوك كل من كيان الاحتلال والولايات المتحدة في المنطقة".

ملفات تعاون

وبعد تجربة طهران في تقديم الدعم لبعض الحركات الإسلامية والأيديولوجية إبان النظام السابق في السودان -والكلام لمصدق بور- فإنها تركز هذه المرة على الاقتصاد والمصالح الجيوسياسية بدلا من الأيديولوجيا، مستدركا أن ذلك لا يعني إخراج طهران الملفات الإسلامية والإقليمية من سياساتها.

وتابع المتحدث نفسه، أن حكومة الخرطوم تطمح إلى الحصول على دعم عسكري ودبلوماسي إيراني من بوابة التعاون الاقتصادي، مضيفا أنه على وقع تطورات الصراع في السودان ودعم بعض الدول الإقليمية لقوات الدعم السريع فإن الخرطوم تهدف من وراء تقاربها مع طهران لتحقيق توازن إقليمي جديد.

وإثر خسارة الجمهورية الإسلامية نفوذها العسكري في الشرق الأوسط جراء تداعيات العدوان الإسرائيلي الأخير على كل من غزة ولبنان وكذلك سقوط نظام بشار الأسد، يرى مصدق بور في السودان موطئ قدم محتملا لبلاده على شواطئ البحر الأحمر وعلى مقربة من مضيق باب المندب حيث حلفاؤها الحوثيون دشنوا صفحة جديدة من الصراع ضد المحور الإسرائيلي الغربي.

إعلان

وحث الباحث الإيراني سلطات بلاده على اتخاذ سياسة وسطية في السودان على غرار حليفتها روسيا التي تدعم قوات الدعم السريع من خلال مجموعة "فاغنر" من جهة وتتفق مع الخرطوم على بناء قاعدة بحرية على ساحل البحر الأحمر من جهة أخرى، مضيفا أنه من شأن هذه السياسة الوسطية ضمان المصالح الإيرانية هناك.

خشية أميركية

وفي حين يذهب مراقبون في إيران إلى أنه من حق بلادهم الاتفاق مع الجانب السوداني على بناء ميناء تجاري أو قاعدة بحرية مقابل مده بالسلاح والعتاد، يعتقد الباحث السياسي صالح حائري قزويني، أنه لا حاجة لبلاده -التي تمتلك سفنا بحرية ضخمة تستخدمها كقواعد متحركة في المياه الإقليمية وأعالي البحار- إلى قواعد عسكرية في السودان.

وفي حديثه للجزيرة نت، يرى قزويني أن بلاده كانت ميالة إلى الجيش السوداني منذ بدايات صراعه مع قوات الدعم السريع، كون الجيش يمثل السلطة الشرعية التي خلفت النظام السابق، ولا يمكن أن تكون طهران على مسافة متساوية من أطراف الصراع في هذا البلد.

وخلص إلى أن طهران والخرطوم تنفيان بشكل قاطع تقدم الجمهورية الإسلامية بطلب إقامة قاعدة عسكرية في السودان مقابل إرسال سفينة حربية لدعم الجيش، معتبرا التسريبات الإعلامية بشأن توجه إيران لإيجاد موطئ قدم على شواطئ البحر الأحمر تثير مخاوف واشطن وتل أبيب.

الفرقاطة الروسية "أدميرال غريغور روفيتش" أثناء رسوها بميناء بورتسودان (الجزيرة) موقع إستراتيجي

وفي السياق، يقرأ أسامة الشيخ، وهو صحفي سوداني يقيم في طهران، زيارة وزير خارجية بلاده لإيران في سياق إعادة صياغة الخرطوم سياساتها الخارجية وتحالفاتها لتعزيز سلطة الجيش، وذلك بعد أن باءت جميع محاولاتها بالتقرب من محيطها العربي بالفشل وتلقيها ضربات من بعض الدول التي عولت عليها في بادئ الأمر، على حد تعبيره.

وفي حديثه للجزيرة نت، يشير الشيخ إلى زيارة وفد بلاده مؤخرا لروسيا واتفاقهما على منح موسكو قاعدة بحرية على ساحل البحر الأحمر، موضحا أن السودان يشرف على ممر مائي مهم، إذ يتمتع بساحل بطول 800 كيلومتر يجعل من موقعه أهمية جيو إستراتيجية تطمح القوى الغربية وبعض الدول العربية للسيطرة عليه.

إعلان

وبسبب استنزاف طاقات السودان جراء الحرب الأهلية، كان لا بد للخرطوم من عقد تحالفات جديدة مع كل من روسيا وإيران لدعم الجيش من جهة والتحضير لليوم التالي للصراع من جهة أخرى، حسب الصحفي السوداني.

وبرأي الشيخ، فإن بلاده فقدت الأمل بالقوى الغربية رغم الوعود البراقة التي أطلقتها من أجل رفع العقوبات عنها والمساهمة في إعادة إعمارها، مما دفعها للتوجه إلى القوى الشرقية وحلفائها السابقين، بمن فيهم إيران، لمواجهة التحديات والأطماع الماثلة أمام الخرطوم.

وخلص إلى أن التقارير التي تحذر من حضور عسكري إيراني على الأراضي السودانية موجهة من قوى إقليمية وغربية ترى في أي تقارب بين طهران والخرطوم خطرا على مصالحها، مستدركا أن السودان دولة مستقلة يعقد تحالفاته وفق مصالحه الوطنية ولن يرضخ للإملاءات الأجنبية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات البحر الأحمر قاعدة بحریة فی السودان من جهة

إقرأ أيضاً:

بهلوانات بورتسودان !!

manazzeer@yahoo.com

* بينما يصارع السودانيون من اجل الحياة تحت الدانات والبراميل المتفجرة والدمار والخراب والنزوح والمجاعة وانهيار الدولة، يخرج علينا وزير التعليم العالي بحكومة بورتسودان غير الشرعية، محمد حسن دهب، بقرار أقل ما يوصف به أنه عبثي ومثير للسخرية، يأمر فيه الجامعات السودانية بإغلاق مراكزها بالخارج والعودة للعمل من داخل السودان، وكأن السودان يعيش في رغد من الأمن والسلام والخدمات والرفاهية !

* أي سودان يقصده الوزير؟ هل يقصد الخرطوم التي صارت كومة من الركام؟ أم الجزيرة التي تئن تحت وطأة الفوضى؟ أم الولايات الغربية التي تحترق بنيران حرب أهلية وعنصرية قذرة تهدد بتمزيق ما تبقى من الوطن، ام الشمالية ونهر النيل التي تتهددها وتقصفها المسيرات كل يوم ؟!

* هل يعلم الوزير، أم يتعامى، أن الخرطوم دُمرت تدميراً شبه كامل؟ المستشفيات، الجامعات، المدارس، محطات الكهرباء والمياه.. كلها صارت أطلالاً تبكيها الرياح، بينما ينتشر السلاح في الشوارع وايدي المجرمين والارهابيبن كالوباء، ويسكن الخوف في كل مكان ؟!

* الى اين يعود الطلاب يا سيادة الوزير الحصيف ؟ إلى مدن الأشباح أم إلى مخيمات النزوح؟ أم إلى المنازل التي سرقت ونهبت ودمرت حتى الأساس؟!
ومن أين سيأتي المواطنون بالمال لإعادة بناء بيوتهم؟ من بنوك الخرطوم المنهوبة أم خزائن الدولة الفارغة التي تشكو قلة الفئران ما عدا الجرذ الكبير الذي يحتكرها ويسيطر عليها منذ اتفاق جوبا المشئوم؟!

* كيف يعود الطلاب والأساتذة إلى جامعات لا وجود لها إلا في ذاكرة الخرائط، وحتى الخرائط لم يعد لها وجود، وهى مجرد أطلال جامعات تحتاج إلى سنوات وسنوات لإعادة تشييدها وتأهيلها من جديد لو توفر المال (ولن يتوفر مع استمرار الحرب ووجود الجرذ الكبير )!

* يحدثك مهرج التعليم العالي وآمروه عن العودة إلى "الولايات الآمنة".. أى أمن هذا الذي تتحدثون عنه وقد قُصفت قاعدة وادي سيدنا العسكرية في قلب أم درمان قبل أيام قليلة، لتثبت أن الحرب التي يروج الكيزان وبلابستهم لموتها، لا تزال في قمة اشتعالها، ويمكنها أن تنتشر في أي لحظة الى كل بقاع السودان، أم أن الوزير يريد تحويل الطلاب والأساتذة إلى وقود حرب جديدة؟!

* هل أصبح التعليم عندكم لعبة سياسية سخيفة، تدفعون بها البسطاء والنازحين واللاجئين إلى أتون الموت والجوع والقهر باسم الكرامة والوطنية الزائفة و"سمعة التعليم العالي"؟!

* وأي سمعة بقيت لتعليمكم أيها السادة، وأنتم تديرون وزاراتكم من فنادق بورتسودان بينما ملايين السودانيين يقتلون ويتضورون جوعاً أو يفرون بأرواحهم عبر الحدود؟!

* عن اى تعليم تتحدثون وجامعات الخرطوم وجوبا والجزيرة وسنار والنيلين والقضارف ونيالا وغيرها تحولت إلى ثكنات عسكرية او ملاجئ او مقابر تحت الركام؟!

* عن أي طلاب تتحدثون، وقد نزح 16 مليون سوداني من ديارهم، ولجأ أكثر من 3 ملايين إلى دول الجوار مثل مصر وتشاد ويوغندا وإثيوبيا وجنوب السودان؟!

* عن أي مستقبل تهذون و25 مليون سوداني مهددون بالمجاعة بينما أنتم منشغلون بإصدار القرارات العبثية من مكاتبكم المكيفة؟!

* ابحثوا ايها المجرمون عن حل لإيقاف الحرب وعودة السلام، بدلا عن ارغام الطلاب والمواطنين على العودة الى الجحيم والموت بالمسيرات والبراميل المتفجرة وقطع الرقاب والجوع والاوبئة والخوف ..!

* ولكنكم لا تفهمون، ولن تفهموا .. لأن كل ما يهمكم هو تثبيت كراسيكم فوق جماجم المواطنين ليتبختر فوقها زعيط ومعيط ونطاط الحيط وزعيم الجرذان وبهلوانات بورتسودان وود الحلمان ..!  

مقالات مشابهة

  • كيفية فتح حساب بنك الخرطوم أونلاين بدون زيارة الفرع.. تحميل رابط استمارة
  • الوزير الشيباني: تمثل هذه الزيارة محطة مهمة في مسار استعادة سوريا لمكانتها الإقليمية والدولية، وتعبيراً واضحاً عن إرادة السوريين في إيصال صوتهم والتفاعل الإيجابي مع العالم، على قاعدة الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة
  • وزير الخارجية يهنئ نظيره السوداني بمناسبة توليه مهام منصبه الجديد
  • مصر: اتصال هاتفى بين وزير الخارجية والهجرة ووزير خارجية السودان الجديد
  • هاتفيا.. وزير الخارجية والهجرة يهنئ وزير خارجية السودان الجديد ويبحث العلاقات الثنائية
  • ماذا وراء زيارة وزير خارجية العراق المفاجئة إلى واشنطن؟
  • الحرب في السودان .. خسائر بمليارات الدولارات
  • زيارة بزشكيان لأذربيجان.. هل تعود المياه إلى مجاريها بين طهران وباكو؟
  • بهلوانات بورتسودان !!
  • البرهان في القاهرة… دلالة الزيارة ومآلاتها والرسائل التي تعكسها