صراع في الكواليس.. لماذا تأخر قانون الحشد الشعبي عشر سنوات؟
تاريخ النشر: 18th, February 2025 GMT
18 فبراير، 2025
بغداد/المسلة: تسارعت التحركات السياسية والبرلمانية بشأن قانوني الحشد الشعبي، وسط تجاذبات عميقة حول آليات إقرارهما ومدى تأثيرهما على الهيكلية العسكرية والتنظيمية للقوات التي لعبت دوراً محورياً في الأمن العراقي خلال العقد الأخير.
القانون الأساس، الذي يفترض أن ينظم شؤون الحشد بشكل شامل، لا يزال يواجه عراقيل، حيث أُدرج في جدول الأعمال ثم رُفع لاحقاً دون تصويت، ما أثار تساؤلات عن دوافع التأجيل المستمر.
في المقابل، جرى تمرير قانون الخدمة والتقاعد في مجلس الوزراء وإرساله إلى البرلمان، رغم أن القاعدة التشريعية تقتضي عدم التصويت على أي قانون فرعي قبل إقرار القانون الأساس، وهو ما اعتُبر “خطأً جسيماً” في تراتبية التشريعات.
وأكد قائد فرقة العباس القتالية، ميثم الزيدي، أن النقاشات الدائرة حول قانون الخدمة والتقاعد تشوبها مغالطات، إذ لا يشكل تهديداً لخروج القيادات الكبرى من الخدمة، بل يقتصر تأثيره على بعض الأمراء، فيما يبقى غالبية الضباط والمنتسبين في مواقعهم بحكم ارتباطهم السابق بالمؤسسات الأمنية والعسكرية الأخرى.
الزيدي أشار إلى أن المشكلة ليست تنظيمية، بل سياسية بامتياز، حيث لم يُشرَّع للحشد قانون واضح منذ أكثر من عشر سنوات، وكلما اقتربت لحظة الحسم التشريعي، ظهرت عوائق تحول دون تمريره. كما أكد أن “المظلومية” التي يعانيها الحشد في الجوانب اللوجستية والتسليحية تتطلب تدخلاً عاجلاً من الجهات المعنية لإنصاف المنتسبين، وخاصة في قضايا التعويضات لعوائل الشهداء والجرحى.
من جانبه، كشف عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، علي البنداوي، أن القانون قارب على الاكتمال، إذ لم يتبقَ سوى نقطة واحدة لحسمه، بعد أن خضع لـ78 تعديلاً جوهرياً لمعالجة الثغرات وضمان إنصاف المنتسبين.
التعديلات الأخيرة تضمنت تكييف أعمار القادة والمنتسبين، ووضع سقف زمني لإحالة القادة إلى التقاعد مع استثناءات مشروطة بقرار من القائد العام للقوات المسلحة، لضمان عدم الإخلال بالتوازن القيادي داخل المنظومة. كما أكد أن القانون يضمن رواتب وامتيازات محسنة للمجاهدين، إلى جانب إجراءات لدعم عوائل الشهداء عبر تخصيص نسبة من مقاعد الحج والعمرة لهم، في خطوة تهدف إلى تعويض تضحياتهم.
المتابعون يرون أن أزمة القانونين تعكس تعقيدات العلاقة بين الحشد الشعبي والمنظومة السياسية، إذ يُنظر إلى الحشد من زاويتين متباينتين: الأولى تعتبره ضرورة أمنية لحماية العراق من التهديدات المستمرة، بينما ترى الثانية أن الحاجة تفرض دمجه تدريجياً في المؤسسات الأمنية الرسمية لضمان عدم تحوله إلى كيان مستقل. هذه الجدلية تؤخر حسم الملفات التشريعية الخاصة بالحشد، وتفتح الباب أمام توترات مستمرة بين القوى الداعمة له وتلك التي تسعى إلى إعادة هيكلة دوره بشكل يتماشى مع السياقات المؤسسية للدولة.
التحليل السياسي يشير إلى أن مسار التشريع لن يكون سهلاً، إذ ستفرض التعديلات المقترحة معركة جديدة داخل البرلمان، حيث تتباين المواقف بين الكتل السياسية بشأن تأثير القانون على المشهد الأمني والعسكري.
و يرى البعض أن استمرار الحشد كقوة مستقلة نسبياً قد يؤدي إلى تعقيد العلاقة بين القوى العسكرية الرسمية، فيما يحذر آخرون من أن تقليص صلاحيات الحشد قد ينعكس سلباً على الأمن القومي، خاصة في ظل التهديدات المستمرة.
التوقيت الحرج لمناقشة القانونين يثير أسئلة أخرى عن مدى تأثيره على استقرار الحشد الشعبي نفسه، خاصة مع الحديث عن تقاعد نحو 400 شخصية قيادية خلال السنوات الثلاث المقبلة. هذا التغيير قد يعيد تشكيل هرم القيادة داخل الهيئة، ما يفرض تحديات في مسألة الإحلال والتعويض داخل المنظومة.
ومع استمرار التأجيل، يبقى الحشد أمام اختبار صعب بين المطالبات بترسيخ دوره الأمني والمخاوف من تداعيات التشريعات غير المدروسة على مستقبله.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: الحشد الشعبی
إقرأ أيضاً:
جدلية تقاعد الحشد.. لا اتفاق نهائي على تمرير القانون الخلافي
بغداد اليوم - بغداد
أكد النائب عن الاطار التنسيقي علي البنداوي، اليوم الثلاثاء (18 شباط 2025)، عدم وجود اتفاق نهائي على تمرير قانون الخدمة والتقاعد للحشد الشعبي في مجلس النواب.
وقال البنداوي، لـ"بغداد اليوم"، إن "جلسات مجلس النواب معطلة بسبب عدم ادراج قانون الخدمة والتقاعد للحشد الشعبي للتصويت"، مرجحا، "بقاء الجلسات معطلة الى حين ادراج هذا القانون خلال جلسات الأسبوع المقبل.
وبيّن، أنه "حتى الساعة لا يوجد أي اتفاق نهائي على تمرير قانون الخدمة والتقاعد للحشد الشعبي، والاجتماعات بشأن القانون وفقراته مازالت مستمرة والاختلافات لم تحل، ولهذا نحتاج مزيد من الوقت لحين الاتفاق النهائي ويمكن تمرير خلال الأسبوع المقبل".
من ناحيته، أكد النائب عن الإطار التنسيقي، عارف الحمامي، أمس الاثنين (17 شباط 2025)، أن نجاح عقد جلسة مجلس النواب مرهون بإدراج وتمرير قانون الحشد الشعبي.
وقال الحمامي لـ"بغداد اليوم"، إن "الأغلبية البرلمانية ما زالت ترفض حضور جلسات مجلس النواب دون إدراج قانون الحشد الشعبي والتصويت عليه"، مشيرًا إلى أن "عدم إدراجه يعني أن جلسة اليوم لن تُعقد كما حدث مع جلسة أمس بسبب مقاطعة النواب".
وأضاف الحمامي أن "تمرير هذا القانون يحظى بدعم أغلبية النواب ومن كتل سياسية مختلفة"، مشددًا على أنه "لا يوجد أي مبرر لتعطيل أو عرقلة تمرير هذا القانون، نظرًا لأهميته".
وأكد النائب أن "الكتل الداعمة للقانون تسعى لتمريره خلال جلسة اليوم، وفي حال عدم إدراجه والتصويت عليه، فلن تُعقد الجلسة وسيستمر النواب في المقاطعة".
وأخفق مجلس النواب غير مرة في عقد جلساته وسط تصاعد الخلافات السياسية وتزايد موجات المقاطعة من قبل النواب، ما يعكس تعقيدات المشهد التشريعي وتأثيره على القوانين المنتظرة.