ذا نيشن: هل تنجو الأوساط الأكاديمية الأمريكية من تجريم المعارضة؟
تاريخ النشر: 18th, February 2025 GMT
نشرت مجلة "ذا نيشن" الأمريكية، تقريرًا، تناولت فيه القلق المتزايد في الأوساط الأكاديمية الأمريكية بشأن تزايد القيود على حرية التعبير والاحتجاج داخل الجامعات، وذلك بعد فصل "ماورا فينكلشتاين" من جامعة موهلبيرغ بسبب دعمها لفلسطين على وسائل التواصل الاجتماعي، رغم حصولها على وظيفة دائمة.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي 21"، إنه: "تم فصل ماورا فينكلشتاين، في أيلول/ سبتمبر، من كلية موهلنبرغ بعد تسع سنوات من التدريس بسبب مشاركتها منشورًا على إنستغرام لدعم فلسطين، حيث اعتُبرت فترة تعيينها الأكاديمي غير كافية لحماية وظيفتها في حالة من هذا النوع".
ونقلت المجلة، عن فينكلشتاين، قولها إنها: "كانت ساذجة عندما تفاجأت"، مضيفة: "هناك أمور لا يمكننا قولها أو الحديث عنها. إذا تحدثنا عن هذه الأمور أو دعمنا طلابنا في تعبيرهم عن هذه القضايا، فقد نتعرض للإيقاف أو الفصل أو نُمنع من دخول الحرم الجامعي، كما حدث في جامعة نيويورك مؤخرًا. أعتقد أن الناس قلقون جدًا بشأن مستقبل الجامعات في الولايات المتحدة".
وأوضح التقرير أنه: "قبل سنة 2024، كانت فينكلشتاين تقول إن الجوانب الإيجابية للأوساط الأكاديمية تفوق مخاوفها، أما الآن، فهي ليست متأكدة من ذلك"، مردفا أن: "الأساتذة يشعرون بخيبة أمل متزايدة في جميع أنحاء أمريكا؛ حيث أظهرت مقابلات مع 60 عضو هيئة تدريس انخفاض الثقة والغضب تجاه السياسات والإداريين بعد الجائحة، مع زيادة البيروقراطية في الجامعات".
وتابع: "أصبحت الإدارات أكثر احتمالًا لمعاقبة الطلاب والأساتذة على الأنشطة الاحتجاجية. وحتى قبل الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين، ارتفعت محاولات فرض العقوبات على الأساتذة من 4 حالات إلى 145 بين سنتي 2004 و2022، وفقًا لمؤسسة الحقوق الفردية والتعبير".
وأشارت المجلة إلى أن: "هذه الظاهرة أطلقت عليها أنيليس أورليك، أستاذة التاريخ في كلية دارتموث، اسم: "تجريم الاعتراض". وقد درست أورليك حركات الاحتجاج الاجتماعي كعالمة تاريخ طوال مسيرتها المهنية التي استمرت 34 سنة في دارتموث".
"في ربيع السنة الماضية، تم دفعها إلى الأرض من قبل الشرطة، الذين تم استدعاؤهم إلى دارتموث من قبل رئيس الجامعة ومجلس الأمناء، واعتُقلت أثناء دعمها لحقوق طلابها في الاحتجاج" بحسب التقرير نفسه.
وأكد أنّ "الشرطة اعتقلت 89 عضوًا في الحرم الجامعي، بينهم أكثر من 60 طالبًا، بتهمة التعدي على الحرم. كان هناك تنظيم طلابي ينظم رحلات المشي والتخيم في برية نيو هامبشير، وقد تم تغطية شعارات الحافلات التي استخدمتها الشرطة لعمليات الاعتقال الجماعي تلك الليلة".
ومضى بالقول: "في الأشهر التالية، انقسم أعضاء هيئة التدريس في دارتموث بشأن التصويت بحجب الثقة عن الرئيس. لكنهم صوتوا لصالح توبيخ الرئيس، وهو أول توبيخ رئاسي في تاريخ دارتموث الذي يزيد عن 250 سنة".
وأوضحت المجلة أن "فرع الجمعية الأمريكية للأساتذة الجامعيين في المدرسة يشن حملة ضد القيود المفروضة على حرية التعبير الأكاديمي، بما في ذلك سياسة تم تنفيذها في 10 كانون الأول/ ديسمبر تمنع الأقسام من إصدار بيانات علنية، حتى على مواقعها الإلكترونية الخاصة".
ويقول أستاذ التاريخ في سوارثمور لأكثر من 30 سنة، تيموثي بورك، إنّ: "التحول نحو المزيد من الأدوار الإدارية المؤسسية وتراجع دور أعضاء هيئة التدريس بدأ منذ عقود. فقبل ذلك، كان أعضاء هيئة التدريس يؤدون العديد من الأدوار التي يديرها الإداريون حاليًا بالتعاون مع الطلاب - مثل القبول أو وضع اللوائح".
وأردف: "لكن منذ ثمانينيات القرن الماضي، بدأ الإداريون المحترفون في وضع اللوائح، حيث بدأوا يتصرفون بمفردهم بعد أن شعر أعضاء هيئة التدريس بأنهم مستبعدون".
إلى ذلك، أفادت المجلة أن الكثيرين داخل الأوساط الأكاديمية يدركون هذه التوترات ويسعون لمعالجتها. فيما يؤكد نائب رئيس سوارثمور للشؤون المالية والإدارية، روبرت غولدبيرغ، أن التواصل بين أعضاء هيئة التدريس والطلاب والإداريين هو عنصر حاسم في تجربة الفنون الليبرالية.
ويقول غولدبيرغ إنّ: "الهبات الجامعية تُدار عبر مديرين خارجيين، ما يعقّد مطالب سحب الاستثمارات وفق حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات". مشددا على: "ضرورة الحفاظ عليها كمصدر دائم لدعم الكلية".
وأوضح أنّ: "الإنفاق منها يخضع لقواعد صارمة، وأن الاستثمار يتم عبر محفظة متنوعة يديرها نحو 100 مدير صناديق" فيما اعتبر أنّ: "مطالب سحب الاستثمارات من إسرائيل التي رفعتها حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات خلال العديد من الاحتجاجات التي شهدتها الكلية خلال السنة الماضية معقدة، بسبب تنويع أصول الكلية التي يشرف عليها مديرو صناديق خارجية".
وقال غولدبيرغ: ”يتعين علينا أيضًا ضمان أن يكون الوقف أصلًا دائمًا، ما يعني أنه يحتاج إلى تقديم الدعم المالي للكلية اليوم وفي المستقبل حتى يتمكن الجيل القادم من الطلاب من جني نفس الفوائد التي يجنيها طلاب اليوم".
وأضافت المجلة أن أرباح الوقف في سوراثمور توفر ما يقرب من نصف الميزانية التشغيلية السنوية، مع توجيه الأغلبية نحو المساعدات المالية الخالية من القروض.
بالإضافة إلى ذلك، يقول غولدبيرج إن تكلفة التعليم السنوي للطالب في الكلية تبلغ 143000 دولار، أي حوالي 60000 دولار أكثر من إجمالي الرسوم الدراسية المدفوعة؛ ويدعم الوقف هذه الفجوة، وهذا هو السبب في أن قوته حاسمة للغاية. ومع ذلك، يعتقد بيرك أن حماية الوقف مبالغ فيها في المؤسسات التعليمية، على حساب قيم أخرى.
وتعتقد فينكلشتاين أن الموارد المالية للكليات -كذلك قيمها وقراراتها- اعتمدت بشكل أكبر على التبرعات الخاصة، وتختلف حصة الكليات من الإيرادات الواردة من التبرعات في جميع أنحاء البلاد اعتماداً على الوضع المالي والوقف، واحتفظت سوارثمور مثلًا بنسبة ثابتة من التبرعات إلى الرسوم الدراسية، حيث تمثل الهدايا حوالي 2 في المئة من الإيرادات.
وتقول: "إن وظيفتي تتلخص في التحقيق في كيفية عمل السلطة وكشف ذلك، وهذا ما كنت أفعله طيلة حياتي المهنية، ولا يوجد واقع يجعلني أتوقف عن القيام بذلك لأن صاحب العمل لا يريد أن ينفر مانحيه، لا أعتقد أنني أستطيع أن أكون معلمًا جديرًا بالثقة إذا لم أقم بتعليم طلابي الأشياء التي يحتاجون إلى معرفتها".
كذلك، يعتقد تود ولفسون، الذي انتُخب رئيسًا للرابطة الوطنية للرابطة الأمريكية لأساتذة الجامعات، أن الوقت قد حان الآن للرد، ويمثل ولفسون ما يقرب من 10,000 عضو من أعضاء هيئة التدريس والموظفين النقابيين في جامعة روتجرز، وقد عمل على حملات طلاب الدراسات العليا أثناء عمله في جامعة بنسلفانيا.
وأشار الموقع إلى أنّ: "ولفسون يريد بناء فروع نقابية إضافية وتجنيد المزيد من الأعضاء، كما يريد أيضًا الفوز بالتزام وطني بتمويل التعليم العالي العام بالكامل، وإنهاء ديون الطلاب، وضمان وظائف آمنة ومضمونة للعمال، والنضال من أجل أن يفهم الناس أهمية التعليم العالي لمستقبل أمريكا".
وتابع التقرير بأنه: "سمع من أعضاء الجامعة عن الرقابة الذاتية التي يفرضها أعضاء الجامعة على أنفسهم خوفًا من القيود المفروضة على الاحتجاجات"، وأشار إلى أن المحرضين اليمينيين يرسمون صورة غير صحيحة للغاية عن التعليم العالي، لذلك يحتاج القطاع للتحدث بالأصالة عن نفسه وتغيير السردية حول سبب أهمية التعليم العالي لمستقبل هذا البلد.
غير أن أستاذ التاريخ في سوارثمور منذ أكثر من 30 سنة، تيموثي بورك، يقول إنه "من الصعب استعادة الثقة بين الإداريين وأعضاء هيئة التدريس مع تقاعد الموظفين وتعيينهم بشكل متكرر، وسيتطلب الأمر أكثر من مجرد سياسات من أعلى إلى أسفل لإعادة البناء، لأن الثقافات التي تعمل بشكل جيد مبنية على علاقات إنسانية معقدة".
بالنسبة لبورك، تتمثل بداية إعادة بناء الثقافة والثقة في مشاركة المزيد من المعلومات حول عملية صنع القرار الإداري مع أعضاء هيئة التدريس؛ بينما تعتقد فنكلشتاين أن شفافية حوكمة أعضاء هيئة التدريس أمر بالغ الأهمية؛ حيث حلّ الإداريون محل أعضاء هيئة التدريس في أدوار الحوكمة وجعلوا توصيات أعضاء هيئة التدريس بدون قيمة.
وتقول فنكلشتاين إن: "الأمل الوحيد الذي راودها مؤخرًا جاء من الاحتجاجات الطلابية، وعلى الرغم من أن الكليات يمكن أن تكون مساحات نخبوية، إلا أنها يمكن أن تكون أيضًا بوتقة للتغيير الاجتماعي والثورة السياسية".
وختمت المجلة بأن أورليك تعتقد أن الوضع يمثل موجة جديدة من المكارثية، وتقول: "طبيعة الاحتجاجات الطلابية لم تتغير، لكن ما تغير هو زيادة العنف والقمع ردًا على الاحتجاجات".
واستطردت بتذكّرها لأعضاء هيئة التدريس الأصغر سنًا وهم كانوا يركضون من سجن ريفي إلى آخر ليلة 1 آيار/ مايو أثناء الاعتقالات لإخراج الطلاب بكفالة، وعقدوا بعد ذلك حلقات تدريس، وقدموا ما وصفته أورليك بـ"كميات هائلة من العمل الفكري والأكاديمي والعاطفي".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية حرية التعبير فلسطين فلسطين حرية التعبير صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة أعضاء هیئة التدریس التعلیم العالی أکثر من
إقرأ أيضاً:
الحكومة الأمريكية تتهم محمود خليل بـإخفاء عمله السابق في الأونروا
اتهمت الحكومة الأمريكية، الطالب محمود خليل، الناشط في حركة التضامن مع فلسطين بجامعة كولومبيا، بإخفاء عمله السابق في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" عند تقديمه طلب تأشيرة الدخول، معتبرة ذلك سببا كافيا لترحيله.
وجاءت هذه الخطوة في سياق الهجوم الذي يمارسه الاحتلال الإسرائيلي وتعليق الحكومة الأمريكية تمويلها للوكالة الأممية بعد اتهام الاحتلال لعدد من موظفيها بالمشاركة في هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وهو ما نفته "أونروا" بالأدلة.
تفاصيل القضية
اعتقلت السلطات الأمريكية خليل في 8 آذار/مارس الجاري٬ وهو يعد أحد أبرز وجوه الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين التي شهدتها جامعة كولومبيا عام 2023، ونقل إلى ولاية لويزيانا تمهيداً لترحيله.
يُنظر إلى القضية كاختبار لحريّة التعبير، حيث يرى مؤيدو خليل أنه مستهدف بسبب مواقفه المناهضة للسياسة الأمريكية تجاه الاحتلال الإسرائيلي غزة، بينما تصر الإدارة الأمريكية على أن وجوده "يهدد المصالح الخارجية للبلاد".
أصدر قاض أمرا بوقف الترحيل ريثما تنظر محكمة اتحادية أخرى في طلب "الإفراج الاحتياطي" المقدم من خليل.
مزاعم الحكومة الأمريكية
واتهمت واشنطن خليل بإخفاء عضويته في منظمتين: "أونروا" حيث عمل كمسؤول سياسي عام 2023، و"مجموعة مقاطعة إسرائيل بجامعة كولومبيا"، بالإضافة إلى عدم إفصاحه عن عمله السابق في السفارة البريطانية ببيروت.
واستندت في اتهاماتها إلى وثيقة 17 آذار/مارس تُفيد بإمكانية ترحيله بسبب "تقديم معلومات ناقصة".
ردود الفعل
وصف المحامي رامي قسوم (المدير المشارك لعيادة "كلير" القانونية) هذه الاتهامات بأنها "واهية وذريعة لمعاقبة خليل على مواقفه المشروعة"، وفقا لتصريحات نقلتها صحيفة نيويورك تايمز.
يُذكر أن خليل دخل الولايات المتحدة بتأشيرة طالب عام 2022، وقدّم طلبا للإقامة الدائمة عام 2024. ولا تزال القضية تثير تساؤلات حول حدود حرية التعبير ومدى شرعية استخدام الإجراءات القانونية ضد الناشطين السياسيين.
وشهدت عدة جامعات أمريكية، من بينها كولومبيا، ونورث وسترن، وبورتلاند الحكومية، وتوين سيتيز في مينيسوتا، وحرم بيركلي بجامعة كاليفورنيا، مظاهرات حاشدة دعماً لفلسطين، بدأت في نيسان/أبريل 2024 وامتدت إلى مختلف أنحاء العالم.
وانطلقت الاحتجاجات من جامعة كولومبيا قبل أن تنتشر إلى أكثر من 50 جامعة أمريكية أخرى، حيث اعتقلت الشرطة أكثر من 3100 شخص، معظمهم من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس، في محاولة لاحتواء المظاهرات.
وتأتي هذه الاحتجاجات في ظل دعم أمريكي واسع للاحتلال الإسرائيلي، الذي يواصل منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 عدوانه على قطاع غزة، ما أسفر عن استشهاد وإصابة أكثر من 163 ألف فلسطيني، غالبيتهم من الأطفال والنساء، إلى جانب فقدان أكثر من 14 ألف شخص تحت الأنقاض.