الكرة “السعودية” ودوري المحترفين الأجانب
تاريخ النشر: 18th, February 2025 GMT
تداولت المواقع خبراً مفاده أن الاتحاد السعودي لكرة القدم، ينوي اعلان زيادة عدد المحترفين الأجانب من ثمانية محترفين إلى عشرة لكل فريق في دوري روشن.
إن صح ذلك الخبر، فإنه يعنى أن فرصة اللاعب السعودي، أصبحت للاعب واحد فقط، وغالبا في خط الدفاع، وتحديداً في خانة الظهير. و بذلك لن نستطيع اختيار ٢٥ لاعباً في كامل الجاهزية، للعب في جميع المراكز.
مستوى اللاعبين؟ أم سيتم الاعتماد على أسماء محددة بغض النظر عن مشاركتهم في المباريات، أو حتى مستواهم، كما حدث في بطولة الخليج الأخيرة؟
لقد كان تأثير وجود ثمانية لاعبين أجانب في الدوري، على انخفاض مستوى لاعبي المنتخب في دورة الخليج، وحتى في مباريات تصفيات كأس العالم، واضحاً للجميع.
تفوقت علينا منتخبات لاتملك ولا حتى عشر الإمكانات المتوفرة لمنتخبنا.
خرجنا من كاس الخليج وموقفنا صعب في تصفيات كأس العالم. سنلعب أربع مباريات أسهلها أمام الصين في السعودية. ثم أمام اليابان المتصدر في اليابان، و أمام البحرين في المنامة، وهي التي تفوقت علينا لعباً و نتيجة في آخر مباراة معها في كأس الخليج،
وآخر مباراة مع منتخب استراليا في السعودية.
اتضح للمتابعين، تأثر جميع اللاعبين بسبب عدم مشاركتهم في المباريات.
ولكن اتحاد الكرة يبدو أنه الوحيد الذي يرى أن مستوى اللاعبين السعوديبن تطور، وأنهم استفادوا من وجود الأجانب، ولذلك يتجه إلى زيادة عدد اللاعبين الأجانب.
بل ولم تكتف الأندية بذلك، بل أصبحت تحول لاعبين أجانب للمشاركة في دوري أبطال آسيا فقط، وتضيف لاعباً أجنبياً آخر مكانه في دوري روشن.
وإذا نظرنا إلى لاعبينا، فأغلبهم لديه ضعف بدني، و قليل منهم من يعمل على تطوير نفسه، وتثقيف نفسه كروياً، رغم أن المهارات موجودة.
وأذكر أن الكابتن سعود كريري، مدير الكرة بنادي الهلال حالياً، والذي لعب للاتحاد والهلال والشباب، كان يستعين بمعدّ أجنبي قبل بداية كل موسم، ولكن كم لاعباً يفعل ذلك؟
هناك من يقارن دوري روشن بالكرة الانجليزية، ويقول إن عدد اللاعبين الأجانب هناك، يفوق بكثير عدد أمثالهم من الانجليز في الفرق الانجليزية. و هنا نقول هذه مقارنة غير دقيقة. إن انجلترا لديها أكثر من ٩٢ ناد في أربع درجات للدوري، و لديها أربعون ألف ناد في جميع الدرجات الأخرى. مايعني أن الفرص متاحة للجميع. ثم أن اللاعبين الانجليز، يتدربون في أكاديميات الأندية الانجليزية مع مدربين متميزين منذ سن العاشرة. و بالتالي فإنهم معدُّون على أعلى مستوى للتنافس مع أقرانهم من الدول الأوروبية و اللاتينية. ومن لا يجد مكاناً في الأندية الانجليزية في البريميرليج، أو دوري التشامبيونشيب، فإنه لا يجد صعوبة في أن يتجه إلى الدوريات الأخرى في أوروبا.
نعود للحديث عن المنتخب و المنتخبات السنية. فذا كان أبرز اللاعبين لدينا، لا يستطيعون أن يمثلوا أنديتهم بشكل دائم سوى عدد محدود جدا، فماذا عن اللاعبين الشباب الذين لم ولن يحصلوا على أي فرصة لإظهار قدراتهم و لتطوير أنفسهم؟
السعودية ستقوم بتنظيم بطولة كاس آسيا التاسعة عشر في عام ٢٠٢٧، أي بعد سنتين من الآن، ولا نعرف متى سيبدأ اتحاد الكرة في إعداد المنتخب المشارك في هذه البطولة، خاصة وأن معظم الأسماء التى تمثل المنتخب الآن، ستكون قد اعتزلت اللعب. المنتخبات الآسيوية متقدمة مثل اليابان و كوريا الجنوبية واستراليا، والباقية تتطور بسرعة. والدليل البحرين واندونيسيا وغيرها.
هل تم إعداد خطة لإعداد منتخب لمباريات كاس العالم ٢٠٣٤، أم سنكتفي بالتنظيم؟
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
السعودية دومًا في موقع “المفعول به”
محمد محسن الجوهري
من المضحك المبكي أن تسمع محللين سعوديين أو عربًا مأجورين يقدّمون النظام السعودي على أنه “لاعب أساسي” في المنطقة، وأن لآل سعود حرية القرار والتحكّم بقواعد اللعبة بعيدًا عن التوجيهات الأمريكية. غير أن هذا التصور لا يصمد أمام الواقع، ولا أمام ما يكشفه الساسة الغربيون أنفسهم عن طبيعة علاقة التبعية التي تربط الرياض بواشنطن.
واحدة من أوضح الشهادات على هذه العلاقة جاءت من الرئيس الأمريكي اثناء ولايته السابقة دونالد ترامب، الذي لم يتوانَ عن وصف السعودية بأنها “تُحلب” لصالح أمريكا، بل قالها صراحةً في أكثر من مناسبة. ففي تجمع انتخابي بولاية ميسيسيبي عام 2018، قال: “قلت للملك: نحن نحميكم، وقد لا تبقون في السلطة لأسبوعين دوننا. يجب أن تدفعوا!”
وفي مقابلة أخرى على قناة فوكس نيوز عام 2019، صرّح بوضوح: “نحن نحصل على المليارات من السعودية مقابل حمايتهم، ولا ننسى أننا عقدنا معهم أكبر صفقة سلاح في التاريخ”.
أما الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، فقد وصف السعودية في مقابلة شهيرة مع مجلة The Atlantic عام 2016 بأنها من “الركاب المجّانيين”، الذين يتوقعون من واشنطن أن تخوض الحروب نيابةً عنهم، دون أن يتحملوا أدنى قدر من المسؤولية. وهو تصريح يعبّر عن النظرة الأمريكية الرسمية للسعودية، لا كشريك، بل كأداة وظيفية تُستخدم عند الحاجة.
وفي تسريب شهير من بريد وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، هيلاري كلينتون، نشره موقع “ويكيليكس”، قالت: “الحكومتان السعودية والقطرية تقدمان الدعم المالي واللوجستي السري لداعش وغيرها من الجماعات المتطرفة في المنطقة.”
هذا التصريح لا يترك مجالًا للشك في أن السعودية لم تكن سوى أداة في تنفيذ مشاريع خارجية، تخدم “الفوضى الخلاقة” التي صاغتها الإدارات الأمريكية المتعاقبة لإعادة تشكيل الشرق الأوسط بما يخدم مصالحها.
أما الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، فقد وصف السعودية بأنها “دولة منبوذة” بسبب سجلها في حقوق الإنسان، خصوصًا بعد اغتيال الصحفي جمال خاشقجي. لكنه ما لبث أن تعامل معها بمنطق البراغماتية السياسية حين احتاج إلى النفط، أو عند الإعداد للتطبيع مع “إسرائيل”. وهذا بحد ذاته دليل على أن بقاء السعودية في الساحة الدولية لا يرتبط بشرعيتها أو دورها المستقل، بل بمدى خدمتها للأجندة الغربية.
من جانبه، صرّح مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق، جون بولتون، بأن: “كل تحركات السعودية في اليمن وقطر، وحتى ملفات النفط، تأتي بعد تنسيق مباشر مع البيت الأبيض، أو على الأقل بمباركة منه.”
ومن المفكرين الأمريكيين الذين فضحوا تبعية آل سعود للقرار السياسي الأمريكي، يأتي الفيلسوف والمفكر الكبير نعوم تشومسكي، الذي أكد أن السعودية “تلعب دور خادم المصالح الأمريكية في المنطقة… فهي لا تتحرك إلا بإذن، ولا تسكت إلا بتوجيه.”
إن الحديث عن حرية القرار السعودي، أو عن دور مستقل للسعودية في المنطقة، هو ضرب من الخيال. فالمشهد واضح لكل ذي بصيرة: القرار يُصنع في واشنطن، ويُنقل إلى الرياض للتنفيذ. وما يُمنح لآل سعود من “حرية وهمية” لا يتجاوز حدود ما يخدم المشروع الأمريكي –الصهيوني في الشرق الأوسط.
التاريخ لا يرحم من ارتضى لنفسه أن يكون مفعولًا به في معادلة لا ترحم، ولا مكان فيها إلا لمن يصنع الحدث، لا لمن يُستَخدَم في تنفيذه.
لا يمكن الحديث إذن عن “استقلال القرار السعودي”، في ظل اعتماد النظام اعتمادًا شبه مطلق على الحماية العسكرية الأمريكية، والغطاء السياسي الغربي في كل خطوة يخطوها، من العدوان على اليمن، إلى التطبيع غير المعلن مع الكيان الصهيوني، وهو تنسيق يجري برعاية مباشرة من تل أبيب وواشنطن.
من يقدّم آل سعود كلاعبين مستقلين في المنطقة، إما جاهل بالحقيقة، أو متواطئ في تزويرها. فالمشهد واضح: القرار يُصاغ في واشنطن، ويُنفذ في الرياض. والتاريخ لا يرحم من رضي لنفسه دور التابع في لعبة الأمم.