مسارات الانتقام الأمريكي الصهيوني من جبهات المقاومة تواجهُ نهايات مسدودة
تاريخ النشر: 18th, February 2025 GMT
يمانيون../
برعاية من الولايات المتحدة، كالعادة، يحاولُ العدوّ الصهيوني تعويضَ الهزيمة التأريخية المذلة التي تعرض لها أمام جبهات المقاومة في غزة والمنطقة، والقفز على مفاعيل تلك الهزيمة، من خلال مسارات تصعيد مباشرة وغير مباشرة ضد كُـلّ جبهة، حَيثُ يسعى لتهيئة وضع سياسي إقليمي يضغط على المقاومة الفلسطينية للقبول بمخطّطات عدوانية تحقّق الأهداف التي عجز الاحتلال عن تحقيقها بالحرب، بالتوازي مع محاولة إشعال الأوضاع داخليًّا في كُـلٍّ من لبنان واليمن للانتقام من حزب الله وصنعاء عن طريق أدوات محلية بالتوازي مع إبقاء مسارات للعدوان العسكري المباشر، ويبدو أن العاملَ المشترك في كُـلّ مسارات التصعيد هذه هو الأنظمة والسلطات العميلة، سواء تلك التي تمت صناعتها خلال عقود، أَو التي تم تفريخها حديثًا.
في فلسطين، يحاول العدوّ الهروب من مفاعيل هزيمته المدوية وفشله الفاضح في تحقيق أهدافه، من خلال مخطّطات تهدف لإلغاء مكاسب انتصار المقاومة وصمود الشعب الفلسطيني في غزة، مثل مخطّط التهجير الذي تبنَّته الولايات المتحدة بشكل واضح إلى حَــدِّ البجاحة، لكن الوسيلة التي يبدو أن العدوَّ يعول عليها كَثيرًا لتنفيذ هذا المخطّط، هي الأنظمة العميلة في المنطقة، والتي برغم رفضِها الإيجابي للمخطّط، فَــإنَّ مواقفها لا تزال تنطوي على فجوات خطيرة تتيح للأمريكيين والصهاينة تنفيذ مؤامرات فرعية ضمن إطار المخطّط الرئيسي، مثل توسيع نطاق مسار التطبيع، وتفعيل ضغوط وأوراق ابتزاز عربية ضد المقاومة الفلسطينية لتقديم تنازلات خطيرة فيما يتعلق بإدارة قطاع غزة.
وبالرغم من خطورة هذا التصعيد الذي يهدف بوضوح إلى تعويض الفشل في تحقيق أهداف عدوان الإبادة الجماعية، فَــإنَّ موقف المقاومة الفلسطينية المسنود شعبيًّا بالكامل في غزة، ومواقف جبهات الإسناد، وفي مقدمتها اليمن، تشكل عائقًا رئيسيًّا يصعب على العدوّ وأدواته وشركاءه تجاوزه؛ لأَنَّه هذه المواقف تجعل الإقدام على تنفيذ مؤامرات العدوّ مخاطرة بانفجار كبير يصعب السيطرة عليه، وقد أثبتت معركة “طوفان الأقصى” بشكل عملي أن العدوّ وحلفاءَه وأدواته غير قادرين على احتواء مثل هذا الانفجار؛ ولذا لجأ العدوّ بعد الحرب إلى أساليب التصعيد ذات الغطاء السياسي.
بالمثل، يحاولُ العدوُّ في لبنان القفزَ على مفاعيل هزيمته الواضحة أمام حزب الله، باتّجاه مساراتِ تصعيد مباشرة وغير مباشرة ترعاها الولايات المتحدة بشكل مباشر ومعلَن؛ مِن أجلِ خلق واقع سياسي وجيوسياسي جديد هدفُه الرئيسيُّ هو “حصارُ” المقاومة الإسلامية وجعلها تعيش في حالة من العزلة يعتبر العدوّ أنها ستلغي مفاعيلَ انتصارها عليه.
من مسارات التصعيد غير المباشرة هذه، العمل على تقليص المشاركة السياسية لحزب الله في لبنان وحصار بيئة المقاومة، وهو المسعى الذي فشل في إقصاءِ حزب الله من التشكيل الحكومي الجديد، لكنه نجح في الضغط على الرئاسة ورئاسة الحكومة في لبنانَ لتنفيذ قرار “إسرائيلي” بمنع الرحلات الجوية القادمة من إيران إلى البلاد، وهو قرار يفتح بابًا لوصاية صهيونية خطيرة يريد العدوّ أن يجعلها مِظلة سياسية لحصار المقاومة وبيئتها عن طريق السلطة اللبنانية بالشكل الذي يساعده على تقليص مفاعيل انتصار حزب الله، وكذلك على فتح المزيد من الثغرات الداخلية لاستهداف الحزب على كُـلّ المستويات.
وقد ترافق هذا التوجّـه مع مسارٍ تصعيدي آخر، قام فيه العدوّ بتحريك العصابات المسلحة التابعة للنظام الجديد في سوريا، للاعتداء على المناطق اللبنانية الحدودية، وهو مسار جمع بين التصعيد المباشر وغير المباشر، حَيثُ شارك طيران العدوّ الصهيوني في إسناد تلك العصابات خلال المواجهات مع العشائر اللبنانية، الأمر الذي كشفَ عن مخطّط واضح لتفعيل السلطة الجديدة في سوريا (والتي رافقها الدعمُ الإسرائيلي منذ لحظات تكوينها الأولى حتى سيطرتها على الحكم) كذراعٍ عسكرية لاستهداف الحزب بالتوازي مع محاصرته وقطع خطوط إمدَاده.
وبالتوازي مع المسارَين السابقين، لا زال العدوّ يحاول تقويضَ مكاسب الانتصار اللبناني في معركة الجنوب، من خلال رفض الانسحاب من بعض المناطق الحدودية، وشن غاراتٍ بطائرات بدون طيار، وهو مسعى يعتمد فيه أَيْـضًا على تقاعس الجيش اللبناني عن تنفيذ دوره في اتّفاق وقف إطلاق النار، حَيثُ لا يزال الجيش يمتنعُ عن الانتشار في تلك المناطق ومساعدة النازحين على العودة إلى منازلهم.
ومن خلال تكامل هذه المسارات الثلاثة يبدو بوضوح أن العدوّ يحاول الالتفافَ على انتصار المقاومة الإسلامية في لبنان سياسيًّا وأمنيًّا وعسكريًّا؛ مِن أجلِ تجميد مفاعيل هذا الانتصار، وإبقاء حزب الله في حالة دفاعية مرهقة ضد الداخل والخارج، بالشكل الذي يسهّل استهدافه سواء في ظل سقف التصعيد القائم أَو من خلال تصعيد جديد ترعاه الإدارة الأمريكية.
لكن ما لا يجب تجاهله في تقييم الوضع في لبنان هو أن حزب الله ليس غريبًا على مواجهة تحديات الداخل والخارج معًا، وأن حالة “الضعف” التي يحاول العدوّ أن يحشر المقاومة اللبنانية فيها إعلاميًّا وسياسيًّا منذ استشهاد قادة حزب الله ليست حقيقية، فقد استطاعت المقاومة أن تتعافى بعد استشهاد القادة أثناء ظروف شبهِ مستحيلة وحقّقت الانتصار الذي لا زالت تملك وسائله وأدواته والقدرة على تحقيقه مجدّدًا مهما كانت الظروف، كما أن حاجة العدوّ إلى إضعافِ حزب الله لن تتحقّق بسقف التصعيد الحالي، ولجوؤه إلى رفع ذلك السقف سيؤدي إلى انفجارٍ يعرف جيِّدًا أن نتائجه ستكون عكسية، كما أثبتت المعركة العسكرية الأخيرة، خُصُوصًا في ظل القرار الثابتِ لجبهة الإسناد اليمنية بالتدخل لمواجهة أي تصعيد ضد لبنان.
وفي اليمن، يطبّق العدوّ ورعاتُه نفسَ الاستراتيجية، من خلال محاولة فتح مسارات تصعيد انتقامية مباشرة وغير مباشرة تلغي مكاسب الانتصار الكبير لجبهة الإسناد اليمنية خلال طوفان الأقصى، وقد جاء قرار التصنيف الجديد الذي اتخذته إدارة ترامب كمِظلة للمسارات الانتقامية، حَيثُ تسعى الولايات المتحدة من خلال ذلك القرار إلى التحشيد محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا ضد صنعاء، من خلال تحريك المرتزِقة ودول تحالف العدوان عسكريًّا واقتصاديًّا وإعلاميًّا وسياسيًّا لإشعال الجبهات ومضاعفة المعاناة الإنسانية للشعب اليمني والانقلاب على تفاهمات خفض التصعيد أَو تجميدها نهائيًّا، بالتوازي مع استمرار التحريض الدولي تحت مظلة التصنيف وَأَيْـضًا تحت عناوين الانتقام لهزيمة البحرية الأمريكية والغرب في البحر الأحمر.
لكن التعقيدات التي تواجهها جبهة العدوّ في اليمن تبدو أكثرَ صعوبة من غيرها؛ بفعل معادلات الردع الكبرى التي ثبتتها القيادة اليمنية خلال المراحل الماضية، سواء تلك التي تجبر السعوديّين والإماراتيين على الابتعاد عن التصعيد العسكري ضد اليمن، أَو تلك التي ألحقت هزيمةً تاريخية غير مسبوقة بالبحرية الأمريكية وأثبتت عدم جدوى استراتيجياتها وأدواتها المتطورة في مواجهة اليمن، وهي معادلات عجز العدوّ الإسرائيلي أَيْـضًا عن مواجهتها أَو الحد من تأثيراتها.
وفيما تعول كُـلّ هذه الأطراف على التحَرّك خلفَ واجهة المرتزِقة فَــإنَّ مساحة هذا التحَرّك تبدو ضيقةً للغاية؛ بسَببِ المخاوف من الارتدادات المباشرة، حَيثُ سيظل هذا التحَرّك محكومًا بالحاجة إلى تجنُّب الانفجار الكبير الذي تعلم كُـلّ أطراف جبهة العدوّ، بحكم التجربة، أنها لا تستطيع تحمُّل تأثيراته، وأن اليمن بالمقابل قادرٌ على الانتصار فيه بشكل حاسم.
ووفقًا لكل ما سبق يمكن القول إلى التحَرّكاتِ الانتقامية من جانب العدوّ الصهيوني والولايات المتحدة بالاشتراك مع الأدوات الإقليمية للانتقام من جبهات المقاومة، تواجهُ في سقفها الحالي نهايات مسدودة، وتواجه مخاطر الانفجار الكبير في حال رفع ذلك السقف، وهو انفجارٌ أثبتت معركة طوفان الأقصى أن المقاومة هي من ستنفرد بمكاسبِه على كُـلّ المستويات.
المسيرة
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الولایات المتحدة بالتوازی مع حزب الله فی لبنان التح ر ک من خلال
إقرأ أيضاً:
ذمار.. 32 مسيرة حاشدة نصرة لغزة وتنديداً بجرائم العدوان الأمريكي
الثورة نت | أمين النهمي شهدت مديريات محافظة ذمار، اليوم، 32 مسيرة جماهيرية حاشدة، نصرة لغزة، وتنديداً بجرائم العدوان الأمريكي على بلادنا، تحت شعار “جهاد وثبات واستبسال.. لن نترك غزة”. وردد المشاركون في المسيرات التي أقيمت في الساحة المركزية بمدينة ذمار، ومدينة معبر بمديرية جهران، ومدينة ضوران، ومناطق حدقة وعاثين، والوعري بمديرية ضوران، ومدينة الشرق، ومخلاف بني أسعد، ومركز جبل الشرق، والقارة والشرقي بمديرية جبل الشرق، وساحات سوق الأحد وسوق مشرافة، والكمب بوصاب السافل، وساحات مناطق الدن، ويحضر بمخلاف الجبجب وعزلة الاثلوث بمخلاف نقذ، ومغربة أصعر بمخلاف كبود، بوصاب العالي، ومركز مديرية عتمة، والميدان، وسوق الثلوث، والمقرانة، والربيعة، بمديرية عتمة، ومركز مديرية المنار، ومخلاف المنار، والمعينة، والصافية بوادي كريفة، وبني سلامة بمديرية المنار، وساحتي زراجة وجبل الصهيد بمديرية، الحداء، وساحتي زُبيد وذخرة بمديرية عنس، وساحة حصمان بمغرب عنس، الشعارات المعبرة عن الغضب والاستنكار لتصعيد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. وأكدوا، الاستمرار في الثبات والصمود في مواجهة العدوان الأمريكي المساند للعدو الصهيوني الذي يرتكب جرائم حرب بحق الأشقاء في غزة. وجددوا التأكيد على الموقف الثابت والمبدئي والإيماني والإنساني والأخلاقي المساند للشعب الفلسطيني المظلوم والذي لن يتزعزع مهما أوغل العدو الأمريكي في إجرامه. وأعلن بيان صادر عن المسيرات الثبات على نهج الجهاد في سبيل الله دون تراجع أو تخاذل.. مجددين العهد بعدم خذلان غزة وترك أهلها وحيدين تطبيقا للشعار الذي أطلقه قائد الثورة “لستم وحدكم”. وأشار إلى أن العدوان الأمريكي الذي يسعى لمنع الشعب اليمني من الوقوف مع إخوانه في غزة لن يثنيه عن هذا الموقف مهما ارتكب من جرائم، مؤكداً أنه وكما لم يستطع أن يفعل ذلك خلال السنوات الماضية الطويلة التي شن فيها مئات الآلاف من الغارات، لن يستطيع أن يثنيه الآن حتى لو شن أكثر منها ولو جلب وجمع كل شياطين الجن والإنس ضده لأن كيد الشيطان كان ضعيفا. وأكد البيان أن استمرار العدوان الأمريكي وجرائمه لن يزيد أبناء الشعب اليمني إلا ثباتًا ويقينًا بأنهم على الحق وأن العدوان على الباطل. وخاطب الأعداء الأمريكان والصهاينة : “بأن عدوانكم فاشل سواء في غزة أو ضد اليمن، ففي غزة لم تستعيدوا أسيراً واحداً ولم تقضوا على المقاومة، وفي اليمن لم تمرروا سفينة واحدة ولم توقفوا عملياتنا، وهذا ليس لأن أسلحتكم ضعيفة ولا لأن أسلحتنا أقوى بل لأننا على الحق، ولأنكم على الباطل، ولأننا نتولى الله، بينما أنتم تتولون الشيطان، وهذا سبب قوتنا مع ضعف إمكاناتنا، وسبب ضعفكم مع ضخامة إمكاناتكم”. وأكد أن حربهم أيضا فاشلة وتتبخر في السماء أمام وعي شعبنا وثقته المطلقة بالله وتصديقه لوعوده، ومعرفته بأن تخويف الشيطان وحربه الإعلامية لن تؤثر إلا في قلوب أوليائه. ودعا البيان إلى تفعيل كل قدرات وطاقات الشعب اليمني لدعم الشعب الفلسطيني والدفاع عن الوطن أمام العدوان الأمريكي، ومن ذلك التعبئة العامة والتوجه إلى ميادين التدريب والتأهيل، وكذا الإنفاق في سبيل الله، وتفعيل حرب المقاطعة الاقتصادية، وتفعيل معركة الإعلام والثقافة والتوعية ومواجهة هجمات العدو الإعلامية والنفسية والثقافية. كما دعا الأجهزة الأمنية والقضائية إلى التعامل بكل حزم وتطبيق أقسى العقوبات بحق كل من تسول له نفسه العمل لخدمة العدو الصهيوني أو الأمريكي ضد غزة وضد اليمن دون تهاون. وحث بيان المسيرة الجميع دون استثناء بالتحرك وبذل الجهود في مختلف المجالات، متوكلين على الله، ومعتمدين عليه، وواثقين به لإفشال العدو أكثر، وإسناد غزة أكثر، مستمدين العون من الله عز وجل.