انقسامي تجمع المهنيين السودانيين وتحالف تقدم، أو ما أشبه الليلة بالبارحة!
تاريخ النشر: 18th, February 2025 GMT
انقسامي تجمع المهنيين السودانيين وتحالف تقدم، أو ما أشبه الليلة بالبارحة!
محمد بدوي
التطورات التي شهدها تحالف القوى السياسية السودانية الذي عرف اختصارا بـ”تقدم” بالانقسام إلى مجموعتين في 10 فبراير 2025، وجاءت خلفية “تقدم” كتحالف يدعو لوقف الحرب في السودان، وكان قد ضم قوام غالب من المشاركين في مناصب دستورية، وتنفيذية إضافة إلى أحد أجنحة تجمع المدنيين السودانيين خلال الفترة الانتقالية التي قطع استمرارها انقلاب 2021 ثم حرب أبريل 2023 بين الجيش والدعم السريع في السودان.
الخلفية التي أعلن بها التحالف أجندته لوقف الحرب، جعلت المجتمع الدولي يراهن عليه كمركز لقراراتها الموجه لطرفي الحرب بإيقافها وإعادة المسار المدني بشكله السابق لانقلاب 2021١، الأمر الذي يطرح سؤالا حول ما دعا للانقسام والتي برزت خلال المواقف ورغبة مجموعة داخل تقدم في تكوين حكومة تنفيذية في مناطق سيطرة الدعم السريع، ويأتي هذا الأمر في ظل استمرار الحرب، وانعكاس تراجع الموقف المساند لجهود وقف الحرب، ومن جانب فإن الحكومة المرتقب إعلانها في تلك المناطق بالضرورة ستعمل تحت مظلة الدعم السريع ولو بالتنسيق نظراً لبعض الأهداف التي تم إعلانها للمضي في تلك الخطوة، لأن مفهوم أي سلطة في ظل استمرار الحرب الحماية لممارسة مهامها، والتي من البديهي ستكون من قبل وتحت إشراف الدعم السريع، الخضوع للهياكل التي أعلنها مسبقاً الدعم السريع في مناطق سيطرته كوكالة الإغاثة التي أعلنها قائد الدعم السريع في أغسطس 2023 كجسم مواز لمفوضية العون الإنساني، الخاضعة لوزارة الرعاية الاجتماعية حسب هياكل الحكم في الوثيقة الدستورية 2019.
أيضا من الأهداف التي أعلنت ضمن مهام الحكومة هي تسهيل وصول المساعدات للمدنيين، الأمر الذي يقود للتساؤل عن الحلول التي يمكن أن تحقق ذلك؟ وأولها الاعتراف بهذه السلطة من المجتمعين الإقليمي والدولي هو المحك وهو أمر في حال الإجابة عليه افتراضاً بالإيجاب يعني الاعتراف الدبلوماسي بالضرورة حتى يتسق الأمر وتوفير وضع قانوني لوكالات الإغاثة والدول التي تقدم مساعدات بالإضافة إلى المنظمات الدولية، هذا التعقيد يقف على أن الأمر سيرتب نتائج سياسية مرتبطة بسيطة مستقلة عن حكومة بورتسودان!
إن مسألة الاعتراف الدولي والإقليمي بالحكومة المرتقبة ينظمها العرف الدستوري، ويأتي في حالة الحكم الذاتي، أو انفصال سلمي عبر استفتاء منصوص عليهما دستوريا أو في وثيقة لاتفاق سلام معترف بها، أو تنفيذ لأحكام وثيقة تاريخية ليست محل نزاع، تمنح لأحد الأقاليم الحق في الحكم الذاتي أو الانفصال بعد فترة زمنية مشار إليها، وهذا يطرح سؤال الوضع في إقليم دارفور ولا سيما الهجوم على الفاشر كآخر عاصمة بولايات دارفور الخمس لا تزال خارج سيطرة قوات الدعم السريع!
لا تثريب أن طبيعة الحرب في السودان مرتبطة بالسلطة والموارد، فكلا الطرفين له أهدافه المرتبطة بالسلطة، وهو ما دعا لقطع الطريق على الفترة الانتقالية، لإخراج المدنيين من معادلة السلطة أو بصيغة أخرى قطع الطريق على التحول المدني الديمقراطي، لذا فإن انقسام تقدم بغض النظر عن الاتفاقات أو الاختلاف معه يعني إضعاف للمكون المدني السلمي ولبعض الأحزاب السودانية، والدولة السودانية لأن ما سينتج عن الممارسة قد يقود إلى واقع مختلف، بما سؤال جوهري مستند على طبيعة الدعم السريع يكشف عن جسم عسكري مع غياب الجسم الحزبي تحت مظلته وإشرافه، فهل موافقته على الحكومة التنفيذية في مناطق سيطرته ستكون بصيغة التحالف مع الأجسام الراغبة في ذلك؟ أم تحول تلك الأجسام إلى جسم سياسي تحت إشرافه؟ يسند ذلك سؤال آخر ما هي المصلحة السياسية لكلا الطرفين سواء الدعم السريع أو المجموعة المعلنة للتحالف معه؟ فقد سبق الدعم السريع المشهد بتكوين إدارات مدنية في مناطق سيطرته، لا زال البعض منها قيد الواقع وأخرى كالنموذج الذي أعلن في ود مدني عاصمة الجزيرة عصفت به تحولات الحرب!
بالنظر إلى الراهن فإن ما يحدث يمثل امتداداً للقضايا التي أغفل معالجتها في حينها، فانقسام تقدم يمثل امتداد لأسباب انقسام تجمع المدنيين السودانيين في وقت سابق عقب سقوط نظام المؤتمر الوطني في 2019، وفشل القوى السياسية والمدنية في التنسيق لوقف الحرب وتكوين جسم وطني مناط به تمثيل الضلع الرئيسي الغائب من المعادلة وهم المدنيين، مع الأخذ في الاعتبار أن الأمر سيكشف عن تأثير على النقابات والأجسام المدنية التي أقحمت في قوائم التحالفات السياسية في خطل ظل مستمراً حول علاقة النقابات والمنظمات المدنية بالسلطة التنفيذية والسياسية.
أخيراً: إعلان حكومة في مناطق سيطرة الدعم السريع تدفع أسئلة و سيناريوهات حول سياق مسار العلاقات التي طرحناها أعلاه؟ ترتب الإجابة عليها إجابات مهمة حول المسؤؤلية السياسية، القانونية حول السجل الحقوقي المرتبط بحماية المدنيين وأوضاعهم فواجب الحماية حالة ملازمة لأي سلطة تعلن مسؤوليتها عن إدارة أو الإشراف على مناطق محددة تحت سيطرتها، هذا إضافة لمسؤولية أي طرف عسكري خارج ذلك من الالتزام بحماية المدنيين، أي بصيغة أخرى أن الجديد أن السلطة المدنية المرتقبة ستكون إضافة للأجسام المناط بها المسؤولية وفقاً للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان اللتان تحكمان حالة الحرب الراهنة في السودان!!!
[email protected]
الوسومالإدارة المدنية الجزيرة الحرب الدعم السريع السودان تجمع المهنيين السودانيين تنسيقية تقدم ثورة ديسمبر محمد بدوي ود مدنيالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الإدارة المدنية الجزيرة الحرب الدعم السريع السودان تجمع المهنيين السودانيين تنسيقية تقدم ثورة ديسمبر محمد بدوي ود مدني الدعم السریع فی السودان فی مناطق
إقرأ أيضاً:
قيادي بالدعم السريع في السودان: فقدنا القصر الرئاسي لكن لم نخسر الحرب
الأناضول/ أقر قيادي بقوات الدعم السريع، الجمعة، بخسارة قواتهم القصر الرئاسي وسط الخرطوم لصالح قوات الجيش السوداني، لكنه اعتبر أن ذلك لا يعني خسارة الحرب، وفي منشور عبر منصة "إكس"، قال مستشار قائد قوات الدعم السريع الباشا طبيق، إن "سقوط القصر الجمهوري لا يعني خُسران الحرب".
وأشار طبيق، إلى أن المعركة حول القصر شهدت ما وصفه بـ"بطولات وتضحيات".
وأضاف أن قوات الدعم السريع أظهرت "بسالة وشجاعة وصمود"، حسب تعبيره.
من جهته، قال المتحدث باسم الدعم السريع، الفاتح قرشي، عبر بيان، إن "المعركة حول القصر الجمهوري لم تنته بعد".
وأضاف قرشي: "قواتنا ما زالت في محيط المنطقة وتقاتل بشجاعة وإصرار لتحرير جميع المواقع"، على حد تعبيره.
تأتي هذه التصريحات بعد إعلان الجيش السوداني، في وقت سابق من اليوم، استعادة السيطرة على القصر الرئاسي والوزارات المجاورة في وسط الخرطوم، للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب مع قوات الدعم السريع قبل نحو عامين.
وتتكون الخرطوم باعتبارها عاصمة السودان من 3 مدن هي الخرطوم (جنوب شرق) وبحري (شمال شرق) وأم درمان (غرب)، وترتبط فيما بينها بجسور على نهري النيل الأزرق والنيل الأبيض.
وبسيطرة الجيش على القصر الرئاسي والوزارات المحيطة به اليوم، يكون معظم وسط الخرطوم تحت سيطرته، باستثناء منطقة المقرن، ومقر الكتيبة الاستراتيجية العسكرية، وجزيرة توتي على النيل الأزرق، فيما تتواجد قوات الدعم السريع جنوبي وشرقي الخرطوم.
كما يسيطر الجيش السوداني على كامل مدينة بحري، ومنطقة شرق النيل، ومدينة أم درمان، باستثناء أجزاء من غربي وجنوبي أم درمان.
يذكر أن الجيش وقوات الدعم السريع يخوضان منذ أبريل/نيسان 2023 صراعا داميا أسفر، وفقا للأمم المتحدة والسلطات المحلية، عن مقتل أكثر من 20 ألف شخص ونزوح ولجوء حوالي 15 مليون آخرين. وبحسب دراسة أجرتها جامعات أمريكية، قد يصل عدد القتلى إلى نحو 130 ألفا.
والخميس، أعلن الجيش، تحقيق تقدم كبير في وسط الخرطوم، بما في ذلك السيطرة على مواقع استراتيجية بالقرب من القصر الرئاسي.
وجاءت هذه التطورات عقب معارك عنيفة في المنطقة بين الجانبين منذ مساء الأربعاء.
في سياق متصل، أفادت وزارة الصحة بولاية الخرطوم، عبر بيان، بأن قوات الدعم السريع واصلت قصف الأحياء السكنية في أم درمان باستخدام الأسلحة الثقيلة مساء الجمعة.
وأوضح البيان، أن القصف استهدف مدنيين في الحارة 4 و11 بحي الثورة والحارة 3 بمنطقة أمبدة، ما أسفر عن مقتل طفلة تبلغ من العمر 9 أعوام، وإصابة 8 آخرين، نقلوا إلى مستشفى النو التعليمي الحكومي لتلقي العلاج.
وفي تطور آخر، قالت شبكة أطباء السودان (نقابية) عبر بيان، إن القصف المدفعي "المتعمد" من قوات الدعم السريع على منازل المواطنين في مدينة الأُبَيّض، عاصمة ولاية شمال كردفان (جنوب) تسبب في مقتل 4 أشخاص وإصابة 11 آخرين.
وأضاف البيان، أن الهجمات المستمرة على المدنيين العزّل "تشكل انتهاكا صارخا للقوانين الدولية والإنسانية".
ولم يصدر عن قوات الدعم السريع أي تعليق على هذه الأحداث حتى الساعة 17:10 ت.غ.
وفي الأسابيع الأخيرة، تسارعت وتيرة تقهقر قوات الدعم السريع في عدة ولايات، منها الخرطوم، الجزيرة، النيل الأبيض، شمال كردفان، سنار، والنيل الأزرق، وسط تقدم مستمر لقوات الجيش.