نصيحة للزعماء والنشطاء العرب
تاريخ النشر: 18th, February 2025 GMT
الصورة الفلسطينية على الساحة الدولية قوية جدا وهذا ما يرعب ترامب ونتنياهو وكل محاولاتهما لإضعاف الصورة تصطدم بعقبات كبيرة وبقي فقط محاولة استخدام بعض الزعماء والنشطاء ومحاولة اختراع رسائل إعلامية تقبل بطريقة أو بأخرى ما يريده نتنياهو ويدعمه ترامب في ما يسمى اليوم التالي.
وسواء كنتم تحبون المقاومة وحماس وتؤيدونها أم كنتم تكرهونها وتنتقدونها فلا تتهوروا بتبني أي مواقف تشبه موقف ترامب ونتنياهو.
والنصيحة هي ألا تتبنوا رواية تحاول الفصل بين غزة والمقاومة، فقد ثبت للقاصي والداني أن حاضنة المقاومة في غزة صلبة ومنسجمة تماما مع المقاومة وأحيانا ربما أكثر صلابة واستعدادا لتحمل تبعات المواقف في مواجهة ترامب ونتنياهو.
ويخطئ من يظن أن الموقف الذي يعلنه أبو عبيدة لا ينسجم مع حاضنة المقاومة.
عندما قال أبو عبيدة سنؤجل الصفقة إذا لم يلتزم الاحتلال، فمعنى ذلك أن أهل غزة هم خلفه تماما ولن يقبلوا الإفراج عن أسرى الاحتلال ليعودوا إلى بيوتهم وحياتهم بينما يعود الفلسطينيون إلى العراء أو الشارع، حيث يعيش أهلهم بلا مأوى وبلا خيام وبلا وقود ويواجهون تهديد التهجير والتشريد.
تعول غزة أولا على صلابة مقاومتها ثم على استعداد أبنائها لتحمل تبعات قراراتهم وصمودهم وثباتهم على أرضهم.
أمام الزعماء والنشطاء العرب خيار وحيد وهو أن يدافعوا عن غزة بكل قوة ويرفضوا التهجير عمليا من خلال تعزيز صمودها ودعم مقاومتها إن استطاعوا بكل شيء وإن لم يستطيعوا فعليهم أن يسكتوا ولا ينتقدوا مواقفها مهما بدا أنها ” مجنونة أو متهورة “، فقليل من الجنون والتهور يحقق نتائج أفضل بكثير من الخنوع والخوف.
* كاتب فلسطيني
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
تراجع ترامب عن تهديداته.. قوة الردع تُعيد رسمَ المعادلات
فضل فارس
خلال الأيّام الماضية، تصاعدت التهديدات الصادرة عن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بشأن تهجير سكان قطاع غزة، ما أثار جدلًا واسعًا على المستويين الإقليمي والدولي، لكن المثير للاهتمام كان التراجع السريع والمفاجئ عن موقفه المتشدّد، ليعلن لاحقًا أن الولايات المتحدة “ستدعم القرار الذي ستتخذه إسرائيل”، في تحول واضح عن لهجته السابقة، فما الأسباب الحقيقية التي أجبرته على إعادة النظر في قراراته؟
قد يعتقد البعض أن الموقف العربي، سواء الرسمي أَو الشعبي، هو الذي شكَّل ضغطًا على ترامب ودفعه للتراجع، غير أن الواقع يشير إلى أن المواقف َالرسمية العربية، رغم بعض الاعتراضات اللفظية، لم تتجاوز حدودَ الإدانة المعتادة ولم تشكل تهديدًا حقيقيًّا للمصالح الأمريكية في المنطقة، أما على المستوى الشعبي، فقد كان هناك غضبٌ واسع، لكنه ظل في إطار التظاهرات والتنديد دون أن يتحول إلى ضغط سياسي ملموس قادر على تغيير المعادلة.
ما فرض نفسه بقوة على المشهد كان الموقف اليمني، حَيثُ أعلن السيد عبد الملك الحوثي بوضوح أن اليمن لن يقف مكتوف الأيدي إذَا ما تم فرضُ التهجير القسري على الفلسطينيين، هذا التهديد لم يكن مُجَـرّد تصريح عابر، بل جاء في سياق استراتيجية يمنية أثبتت فاعليتها خلال السنوات الأخيرة، من خلال استخدام القوة العسكرية في استهداف المصالح الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة، الرسائل العسكرية اليمنية، سواء عبر استهداف السفن أَو توجيه التهديدات المباشرة، كانت أكثر تأثيرا من بيانات الشجب والإدانة التي تصدر عن العواصم العربية الأُخرى.
تراجع ترامب لم يأتِ من فراغ، بل جاء ضمن سياق إقليمي متغير، حَيثُ فرضت تداعيات عملية “طوفان الأقصى” واقعًا جديدًا على الأرض، المقاومة الفلسطينية، إلى جانب الدعم المباشر من قوى إقليمية مثل حزب الله في لبنان واليمن، نجحت في إرباك الحسابات الأمريكية والإسرائيلية، وجعلت تكلفة أي قرار تعسفي بحق الفلسطينيين مرتفعة للغاية.
هذا التوازن الجديد جعل من الصعب على واشنطن المضي في قراراتها دون أن تواجه تداعيات غير محسوبة.
ومع فشل المخطّطات الأمريكية في فرض الهيمنة بالقوة، تتشكل معادلات جديدة في المنطقة، حَيثُ لم يعد بإمْكَان واشنطن وتل أبيب فرض إرادتهما دون مواجهة ردود فعل غير متوقعة، المقاومة، سواء في، فلسطين أَو لبنان أَو اليمن، باتت تمتلك أوراق ضغط تجعل أي قرار استراتيجي مكلفًا لمن يسعى لفرضه، في ظل هذا الواقع، لم يكن تراجع ترامب مُجَـرّد تبدل في الخطاب السياسي، بل كان اعترافا ضمنيًا بتغير موازين القوى في المنطقة، حَيثُ لم يعد بإمْكَان الولايات المتحدة فرض سياساتها دون أن تواجه مقاومةً حقيقيةً على الأرض.
ما حدث يؤكّـدُ أن لُغةَ القوة هي التي تُسمَعُ في السياسة الدولية، وأن الهيمنة الأمريكية لم تعد مطلقة كما كانت في السابق، التراجع عن قرار تهجير الفلسطينيين لم يكن نتيجة استنكار دبلوماسي، بل جاء بفعل معادلة ردع جديدة، ساهمت فيها قوى المقاومة في المنطقة، وعلى رأسها اليمن، الذي بات لاعبًا رئيسيًّا في رسم ملامح الصراع في الشرق الأوسط.