تباينت آراء خبيرين في الشؤون الأوروبية والأميركية بشأن مدى نجاح تشكيل أوروبا قوة ردع في أوكرانيا، في ظل تبني إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أسلوب التفاوض المباشر مع روسيا لإنهاء الحرب في أوكرانيا.

وترى إدارة ترامب تشكيل قوة عسكرية أوروبية "طرحا متهورا"، وتنظر إليه نظرة متشائمة، حسب الكاتب الصحفي المختص بالشأن الأميركي محمد المنشاوي، بسبب إمكانية اندلاع مواجهة عسكرية بين روسيا وحلف شمال الأطلسي (الناتو).

ووفق حديث المنشاوي لبرنامج "مسار الأحداث"، فإن النزاع قد يصبح نوويا في حال مقتل جنود أوروبيين في أوكرانيا.

وأدرك ترامب -وفق المتحدث- أن العقوبات الأميركية الأوروبية لم تغير الموقف الروسي، ولم تسرّع من هزيمة موسكو على الأرض، "لذلك يتبع أسلوب التفاوض المباشر".

وكانت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية قد أفادت بأن قادة أوروبيين يبحثون نشر قوات في أوكرانيا، ويسعون للحصول على ضمانات من إدارة ترامب بشأن تقديم دعم عسكري محتمل لهذه القوات.

ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة، أن واشنطن تسعى للحصول على إجابات بشأن حجم القوات والمعدات التي يمكن أن توفرها الدول الأوروبية لدعم أوكرانيا، في حين أكد مسؤولون أوروبيون للصحيفة أن فريق ترامب لم يستبعد دعم قوة أوروبية، لكنه طلب توضيحا حول نوع المساندة التي قد تحتاجها.

إعلان

من جانبه، يرى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جنيف حسني عبيدي فكرة الانتشار العسكري الأوروبي في أوكرانيا ليست بالجديدة، وذلك بهدف "خلق حالة توفر لكييف أسبقية في حال التفاوض لا تضعها في موقع الضعيف على طاولة المفاوضات".

وأعرب عبيدي عن قناعته بأن عدم وجود القوة الأوروبية المقترحة على خطوط التماس يعني أنها "غير هجومية"، لكنه أقر في الوقت نفسه بحاجة أوروبا إلى قوة للحفاظ على وقف إطلاق النار ومكاسب أوكرانيا التي حصلت عليها.

وشدد على أنه لا يمكن لأوروبا أن تنفذ قواتها خطة أميركية وإنما "خطة أميركية أوروبية مشتركة"، لافتا إلى أن الدول الأوروبية اعتادت على عدم تغير السياسة الخارجية الأميركية مع تغير الرؤساء، ولكن في عهد ترامب تغير ذلك جذريا.

وأبدى عبيدي دهشته من تخلي الرئيس الأميركي عن أوراق تفاوضية مهمة مثل انضمام أوكرانيا لحلف الناتو وشبه جزيرة القرم، معربا عن قناعته بأن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي سيدافع عن الموقف الأوروبي.

ووفق صحيفة واشنطن بوست، تشمل الطلبات الأوروبية لواشنطن بشأن القوات دعما استخباراتيا أميركيا، ومراقبة جوية، وقدرات استطلاعية، إلى جانب احتمالية توفير غطاء جوي أو مساعدة في الدفاعات الجوية لحماية القوة المنتشرة.

وتركز الخطط الأوروبية على نشر قوة "ردع" قد يصل قوامها بين 25 إلى 30 ألف جندي، من دون تمركزهم على خط المواجهة، وفق الصحيفة التي ذكرت أن فرنسا تستطيع تخصيص نحو 10 آلاف جندي، في حين لا تزال بعض الدول الأوروبية أكثر تحفظا بسبب محدودية مواردها العسكرية.

ترامب وروسيا وأوروبا

ولا تمثل روسيا خطرا على الولايات المتحدة حسب ترامب ودائرته المقربة، يقول المنشاوي، في وقت يرى فيه سيد البيت الأبيض أوروبا عبئا على أميركا، خاصة أن الإدارة الأميركية السابقة فشلت في وقف الزحف الروسي شرقي أوكرانيا.

إعلان

في المقابل، يقول عبيدي إن روسيا تحاول منذ 3 سنوات السيطرة على منطقة دونباس، ولكن -رغم تقدمها- لم تغير كثيرا في ميزان القوى، وهو ما كانت تعول عليه أوروبا خاصة استنزاف القوات الروسية.

وبشأن مستقبل العلاقات الأوروبية الأميركية، يقول المنشاوي إن دائرة ترامب من خارج المؤسسات التقليدية وتفكر بشعار "أميركا أولا"، ولا تكترث بالمؤسسات القائمة وتعتمد على الولاء الكامل، مقرا بمخاطر هذه الإدارة على العلاقات مع القارة العجوز.

وأشار إلى أن ترامب يحب القادة الذين يشبهون أيديولوجيته، وأن نائبه تحدث عن "أوروبا أولا"، إضافة إلى المواقف الحادة للملياردير الأميركي إيلون ماسك -المقرب من ترامب- من أوروبا بسبب التضييق على أعماله هناك.

بدوره، أقر عبيدي بوجود تحول في العلاقات الأوروبية الأميركية الإستراتيجية، واصفا التدخل الأميركي في أوروبا بالكارثي وتداعياته سلبية على صعيد التعددية بالقارة العجوز، وخاصة الأحزاب التي لديها مواقف يمينية من المهاجرين، مع تأكيده أن المؤسسات ستكون أكبر ضحية لهذا التحول.

تأتي هذه التطورات بالتزامن مع اجتماع نحو 10 من قادة دول الاتحاد الأوروبي والناتو في باريس لمناقشة التحديات الأمنية والإستراتيجية التي تواجه الأمن الأوروبي ومستقبل أوكرانيا، في ظل قلق أوروبي من أي اتفاق محتمل بين ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين بشأن أوكرانيا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات فی أوکرانیا

إقرأ أيضاً:

“غزة ليست للبيع”.. أوروبا تنتفض ضد خطة التهجير التي يتبناها ترامب

20 فبراير، 2025

بغداد/المسلة: أثار إعلان دونالد ترامب عن خطته لتهجير سكان غزة قسرًا ردود فعل أوروبية غاضبة، حيث اعتبرها العديد من القادة فضيحة وانتهاكًا صارخًا للقانون الدولي. ورغم أن الخطة لم تتجاوز مرحلة الاقتراح، فإنها وُجهت بإدانة واسعة من العواصم الأوروبية، التي رأت فيها تطهيرًا عرقيًا غير مقبول وخطوة تزيد من تفاقم الأزمة بدلاً من حلها.

المستشار الألماني أولاف شولتس وصف تصريحات ترامب بأنها “فضيحة وتعبير فظيع حقًا”، مؤكدًا أن “تهجير السكان أمر غير مقبول ومخالف للقانون الدولي”.

أما وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، فصرّحت بأن “غزة، مثل الضفة الغربية والقدس الشرقية، أرض فلسطينية”، مشددة على أن أي محاولة لطرد سكانها ستؤدي إلى المزيد من الكراهية والمعاناة.

في بريطانيا، أعرب رئيس الوزراء كير ستارمر عن معارضته الصريحة للخطة، مؤكدًا في جلسة برلمانية أن “أهل غزة يجب أن يعودوا إلى ديارهم، ويُسمح لهم بإعادة البناء”، مشيرًا إلى أن دعم هذه العملية هو السبيل الوحيد لتحقيق حل الدولتين. كما شدد على ضرورة الحفاظ على وقف إطلاق النار في القطاع، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية.

إسبانيا، من جهتها، ردّت بحزم على المقترح الأميركي، إذ أكد رئيس الوزراء بيدرو سانشيز أن بلاده “لن تسمح بتهجير الفلسطينيين”، معتبرًا أن “احترام القانون الدولي في غزة واجب كما هو في أي مكان آخر”. بينما شدد وزير الخارجية الإسباني على أن “غزة جزء من الدولة الفلسطينية المستقبلية”.

وفي فرنسا، رفض الرئيس إيمانويل ماكرون خطة ترامب، معتبرًا أن “غزة ليست أرضًا فارغة بل يسكنها مليونا شخص، ولا يمكن ببساطة طردهم منها”، مضيفًا أن “الحل ليس في عمليات عقارية، بل عبر مقاربة سياسية”. كما أصدرت وزارة الخارجية الفرنسية بيانًا أدانت فيه الخطة، مؤكدة أنها تشكل “خطورة على الاستقرار وانتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي”.

أما سلوفينيا، فقد وصفت وزيرة خارجيتها تانيا فايون تصريحات ترامب بأنها تعكس “جهلًا عميقًا بالتاريخ الفلسطيني”، بينما أكدت الحكومة الإيطالية أنها تدعم حل الدولتين، معربة عن استعدادها لإرسال قوات لحفظ الاستقرار في القطاع.

ورغم الرفض الأوروبي الواسع، كان هناك استثناء واحد، حيث رحب زعيم اليمين المتطرف الهولندي خيرت فيلدرز بالخطة، داعيًا إلى ترحيل الفلسطينيين إلى الأردن. غير أن الحكومة الهولندية أكدت أن موقفه لا يمثلها، مجددة دعمها لحل الدولتين.

الرفض الشعبي للخطة كان قويًا أيضًا، إذ شهدت عواصم أوروبية مثل لندن وبرلين ودبلن وستوكهولم وأوسلو مظاهرات حاشدة، شارك فيها آلاف المتظاهرين رافعين شعارات مثل “لا للتطهير العرقي” و”غزة ليست للبيع”. كما عبرت الصحافة الأوروبية عن استنكارها، حيث وصفت مقالات عدة المقترح بأنه “مضي بأقصى سرعة نحو التطهير العرقي”، محذرة من أن ترامب يقوض ما تبقى من القانون الدولي.

 

 

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

مقالات مشابهة

  • “غزة ليست للبيع”.. أوروبا تنتفض ضد خطة التهجير التي يتبناها ترامب
  • بعد انقلاب ترامب..ماكرون يحشد قادة 19 دولة أوروبية من أجل أوكرانيا
  • تحذيرات فانس في ميونيخ.. هل أصبحت أمريكا تهديداً للديمقراطية الأوروبية؟
  • ترامب: لن اعترض على نشر قوات حفظ سلام أوروبية في أوكرانيا
  • ترامب يؤيد نشر قوات أوروبية في أوكرانيا
  • ماذا قال ترامب عن محادثات الرياض بين أمريكا وروسيا.. ونشر قوات حفظ سلام أوروبية في أوكرانيا؟
  • بدء المحادثات الروسية الأميركية بالرياض لإنهاء الحرب في أوكرانيا
  • زيلينسكي يطالب بقوة حفظ سلام أوروبية في أوكرانيا
  • قبل قمة باريس.. المستشار الألماني يدعو إلى الوحدة الأوروبية