الغزاويون لا يشبهون أحداً.. حتى تُضرب الأمثال!
تاريخ النشر: 18th, February 2025 GMT
فور نطق الرئيس الأميركي دونالد ترامب بكفره تجاه غزة، ودعوته دول الجوار لاستقبال أهلها، تجنّد الكثير من الكتّاب والمحللين الإسرائيليين وغيرهم للثناء على هذا الكفر، وأشادوا بعبقرية صاحبه، حتى وصل بالبعض إلى اعتبار خطة ترامب هي الطريق الأقصر لإحلال السلام في المنطقة من جهة، ولنيله جائزة “نوبل للسلام” الطامح إليها من جهة ثانية.
وتستغرب الأوساط الإسرائيلية رفض مصر والأردن لاستقبال أهالي غزة، وتصف تصرّفهما بغير المنطقي “في ضوء القانون الدولي، الذي يُلزم الدول قبول اللاجئين الفارّين من الحروب، بمن في ذلك لاجئو غزة”. وهذا الرفض بالمناسبة لا يتعلّق بضرورة الإبقاء على أهالي غزة في ديارهم وحسب، إنما الأمر يتعلّق بأمنهما القومي ومستقبل الحكم فيهما حتى. ولا سيما الأردن الذي رسمت له الصهيونية منذ نشأتها الأولى لأن يكون البلد البديل للفلسطينيين. بل أكثر من ذلك، قال الأسبوع الماضي، وزير الأمن القومي الإسرائيلي المستقيل، إيتمار بن غفير، “الأردن جزء من دولة إسرائيل الكبرى”.
باختصار، مسألة تهجير الغزاويين بالنسبة لمصر والأردن تعني لهما معركة “حياة أو موت”، وبالتالي، الأمر أبعد بكثير من حرمانهما للمساعدات الأميركية غير السخيّة.
ضربوا أمثالاً كثيرة عن التهجير أو الترحيل (الترانسفير)، ووضعوها في سياق الأعمال المفيدة للبشرية، والتي أنقذت شعوباً متعددة عبر التاريخ الحديث على الأقل. ونال أصحابها أرفع الجوائز الدولية، ومنها نوبل للسلام. لكن غاب عن بال هؤلاء بأنّ أهالي غزة ليسوا الهنود الحمر، الذين أقرّ الكونغرس بتهجيرهم عام 1830 ليحلّ مكانهم أصحاب البشرة البيضاء. وأنّ أهالي غزة ليسوا اليونانيين الذين رُحِّلوا من تركيا، ولا المسلمين الذين رُحِّلوا مقابلهم، من اليونان عام 1923.
لا يقارن الغزاويون بـ 2,5 مليون شخص، جرى ترحيلهم من صربيا، وكرواتيا والبوسنة وكوسوفو، ليحلّ السلام بعد تكدّس جبال من الجماجم هناك في يوغوسلافيا السابقة.
ولا تنطبق عليهم اتفاقية بوتسدام (1945) التي أقرّت طرد ما لا يقلّ عن 13 مليون ألماني من تشيكوسلوفاكيا وبولندا والبلقان. ومُنحت الجوائز والتكريمات لمهندسي تلك الاتفاقية، ونستون تشرشل فرانكلين وروزفلت وجوزف ستالين. ولا تنطبق على غزة أيضاً، “اتفاقيات فيتنام” التي قضت بترحيل أربعة ملايين شخص من فيتنام ولاوس وكمبوديا.
وكان اللافت أكثر، قياس العقول المتحجّرة والمتطرّفة غير المبني على أيّ قواعد منطقية، والتي وصل بها الأمر بأن تُشبّه حالة أبناء غزة بعتاة المستوطنين الـ(7000) الذين “رُحِّلوا” من سيناء المحتلة (1967-1978)، إلى فلسطين المحتلة. ووجدت تلك العقول أوجه شبه أيضاً، بين خطة الانفصال التي نفّذها أريئيل شارون عام 2005، والتي تضمّنت ترحيل 8000 مستوطن من غزة و600 من الضفة الغربية، مع خطة ترامب المزمع تنفيذها.
الترحيل (الترانسفير) هو ممارسة شائعة لإنهاء النزاعات الدموية التي لا نهاية لها. لكن ينطبق الترحيل على المحتل أو المستوطن وليس على أصحاب الأرض. حلّ النزاعات يقوم عادة على إعادة الوضع عمّا كان عليه قبلها.
فليس من المنطقي حلّ مسألة ضيق مساحة “إسرائيل” التي تشغل بال رئيس بلاد “العم سام”، أو بالأحرى، مسألة الديموغرافيا في فلسطين على حساب أصحاب الأرض، بحجة أنه لا يجوز حشر 15 مليون يهودي وفلسطيني بين البحر ونهر الأردن، في الوقت الذي تحيط تلك المنطقة آلاف الهكتارات من الصحاري الخالية من السكان، سواء لجهة الشرق في الأردن، أو لناحية الغرب، في سيناء التي تكبر غزة بـ 167 ضعفاً. وعدد سكان هذه المنطقة هو ثلث عدد سكان غزة أو جنوب “إيلات”، في المملكة العربية السعودية التي تتعدّى فيها مساحة الربع الخالي الـ 650 ألف كيلومتر مربّع. وقد أشار إليها رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو بدعوته المملكة إلى توطين أهالي غزة على أراضيها.
كلّ ما يسوّقه العدو وأنصاره في هذا العالم، يخفي حقيقة رئيسة في الصراع العربي الإسرائيلي، أو الأصح، بعد أن بات السواد الأعظم من العرب في مكان آخر من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بأنّ الإسرائيليين استجلبوا من أربع رياح الأرض، بعد أن ضاق العالم الغربي بعجرفتهم وسلوكهم المغاير لكلّ البشر، فوجد ضالته على حساب الفلسطينيين.
كان الحري بكلّ المنشغلين بأمن الإسرائيليين وسلامتهم، أن يُعيدوا هؤلاء المحتلين من حيث أتوا، فمن لم تطقهم بلدانهم الأصلية، بطبيعة الحال لم ولن تتقبّلهم أرض الغير مهما طال الزمن وشريط التضحيات.
يستغرب كثيرون صمود الغزيّين وتشبّثهم في أرضهم، وتقديم أنفسهم أضاحي على مذبح فلسطين. 15 شهراً لم تحط من إرادتهم وعزيمتهم على الصمود، يبدو أنه يفوت هؤلاء بأنّ فلسطين ليست جغرافيا أو ملكية عقارية وحسب، إنما فلسطين هوية عميقة مستمدّة من عمق التاريخ، ولا ينطبق ارتباط الفلسطينيين بها على ارتباط أيّ شعب بأرضه في هذا العالم، وإلا لِمَ ظلت قضيتهم حيّة إلى أيامنا هذه، بل أمست أكثر حضوراً وتأثيراً بعد عملية “طوفان الأقصى”. ولا يعني أنّ الفلسطيني يقوى على البقاء 15 سنة في العراء، إذا ما استمرّت الولايات المتحدة و”إسرائيل” في عرقلة عملية الإعمار. لا يمكننا أن نطلب منه المستحيل، الذي اقترب منه كثيراً في مواجهة الإبادة الجماعية والتدمير الممنهج.
وعليه، المطلوب من العرب أن لا يكتفوا بالاجتماعات وإصدار البيانات المندّدة والمستنكرة، لا بدّ من أفعال على الأرض، تسعى إلى تحريك العالم بدوله ومؤسساته الأممية والدولية والإقليمية، لتجنّب “البركان الترامبي” الذي سيبقى متوقّداً طوال السنوات الأربع المقبلة. مدة زمنية طويلة جداً رغم قصرها قياساً بعمر الزمن، ولا سيما مع “مجنون البيت الأبيض” حيث إنّ كلّ تصرّفاته كانت دراماتيكية وكارثية من خارج الصندوق.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
المقاومة تكشف تفاصيل مقتل الأسرى الذين سلمت جثثهم لإسرائيل
تؤكد المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة أنه كان يفترض أن تعود الأسيرة الإسرائيلية شيري بيباس وطفلاها كفير وأرئيل أحياء لكن قوات الاحتلال قتلتهم خلال حربها على قطاع غزة، ليتم تسليمهم اليوم الخميس جثثا في توابيت.
وأُسر ياردن بيباس خلال عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ونقل مع زوجته شيري وطفليها كفير وأرئيل إلى غزة.
ونقل مراسل الجزيرة في غزة عن مصدر في كتائب المجاهدين قوله إن شيري بيباس كانت تعمل بمكتب قائد المنطقة الجنوبية في فرقة غزة ومتدربة في الوحدة 1200.
وقال المتحدث إنه تم تأمين شيري بيباس في بيت محصن رفقة ابنيها مع توفير الاحتياجات اللازمة لهم، ولكن قوات الاحتلال استهدفت المنزل بصاروخ من طائرات "إف 16" مما أدى لتدمير المنزل بشكل كامل وتسويته بالأرض.
حماس تتهم نتنياهوونشرت حماس بيانا قالت فيه إنها حاولت الحفاظ على حياة الأسرى بكل الطرق متهمة الاحتلال بالتعامل بوحشية مع هذه العائلات الإسرائيلية.
ووجهت رسالة لعائلات بيباس وليفشتس (الأسير الرابع)، قالت فيها إنها كانت تأمل في عودتهم أحياء، بيد أن حكومتهم فضلت قتلهم وقتل 17 ألف طفل فلسطيني معهم.
وأكدت الحركة أنها حافظت على حرمة جثث هؤلاء القتلى بينما لم تحترمهم حكومتهم أحياء وقتلتهم هم وآسريهم. وقالت إن المجرم بنيامين نتنياهو يتباكى على قتلاه لكي يتنصل من مسؤولية قتلهم.
إعلانوهذه هي الدفعة الأولى من الجثث التي تسلمها المقاومة للجانب الإسرائيلي ضمن المرحلة الأولى من عملية التبادل المنصوص عليها في اتفاق وقف إطلاق النار.
كانوا أحياء في أول الحرب
ووفقا لمراسل الجزيرة في فلسطين إلياس كرام، فقد كانت هناك صور تؤكد أن عائلة بيباس كانت على قيد الحياة في أول الحرب.
وسلمت المقاومة اليوم الخميس جثث عائلة بيباس، ومعها جثة الأسير عوديد ليفشتس الذي كان يبلغ من العمر 85 عاما عند أسره على يد حركة الجهاد الإسلامي، وفق صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية.
وجرت مراسم تسليم جثث الأسرى الأربعة في منطقة بني سهيلا بمدينة خان يونس جنوبي القطاع، وبطريقة قالت حركة حماس إنها تعكس احترامها لحرمة الموتى حيث خلت العملية من أي مظاهر احتفالية.
وقام أحد قادة وحدة الظل المكلفة بحماية الأسرى بتسليم الجثث لمسؤولي الصليب الأحمر ضمن بروتوكول قالت حماس إنه احترم حرمة الأسرى الموتى.
وتم وضع الجثث الأربع في توابيت سوداء حمل كل منها صورة وبيانات صاحبه، وقد تم وضع هذه التوابيت على منصة حملت صورة تظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي بينامين نتنياهو كمصاص دماء. وحملت اللافتة عبارة كتب فيها أن "المجرم نتنياهو وجيشه قتلوا هؤلاء الأسرى بصواريخهم النازية".
وبعد التوقيع على إجراءات التسلم، حمل مقاتلون ينتمون لفصائل فلسطينية مختلفة توابيت الأسرى التي تمت تغطيتها بقماش أبيض قبل وضعها داخل سيارات الصليب الأحمر.
قتلوا بنيران جيشهموستنقل الجثث بعد مراسيم تشييع مهيبة -حسب كرام- إلى معهد الطب الشرعي في أبو كبير جنوب تل أبيب، وستخضع لتشخيص يستغرق ساعات وقد يمتد إلى يوم أو أكثر وذلك حسب حالة الجثث، حيث سيجري الأطباء عدة فحوصات على الجثث تتضمن اختبار الحمض النووي والتصوير بالأشعة الطبقية وصورة أشعة للأسنان.
ومن المتوقع أن يلعب تقرير الطب الشرعي الإسرائيلي، الذي سيحدد الجهة المسؤولة عن مقتل هؤلاء الأسرى، دورا مهما في موقف الإسرائيليين من نتنياهو.
إعلانوتمتلك سلطة الاحتلال سجلا صحيا لكافة الإسرائيليين الذين أسروا خلال عملية طوفان الأقصى، مما يعني أنها ستكون قادرة على تحديد سبب الوفاة بشكل دقيق، كما يقول كرام.
وتقع المسؤولية الأخلاقية في استعادة الأسرى أحياء على عاتق الحكومة وهي أمور يقول كرام إن الشارع الإسرائيلي لا يغفر في مثلها، وخصوصا اليمين المتطرف.
وقال كرام إنه جمع معلومات تفيد بأن إسرائيل قتلت 23 أسيرا على الأقل في عمليات نفذتها قوات كوماندوز إسرائيلية بينهم 3 خلال محاولة اغتيال القيادي بالمقاومة أحمد الغندور.
وقتلت إسرائيل 3 آخرين في حي الشجاعية شمالي القطاع، بسبب تقديرات استخبارية خاطئة أفادت بعدم وجودهم في المنطقة التي يقول كرام إنهم تركوا فيها كثيرا من الأدلة على وجودهم.
وقتل 6 أسرى في غارة جوية إسرائيلية وقعت في أغسطس/آب من العام الماضي وقد اعترف الجيش بمسؤوليته عن مقتلهم، في حين قتل 6 آخرون داخل أحد أنفاق خان يونس، وقال الجيش إنهم لقوا حتفهم قبل وصول قواته للمكان.