الحصاحيصا.. هشاشة أمنية ونقص في الغذاء والدواء والنقود
تاريخ النشر: 17th, February 2025 GMT
لازالت الحصاحيصا بولاية الجزيرة تعاني من نقص في الخدمات الصحية وشح السيولة النقدية والدواء، علاوة على هشاشة أمنية، حتى بعد سيطرة الجيش السوداني على المدينة.
الحصاحيصا: التغيير
في مدينة الحصاحيصا الواقعة في ولاية الجزيرة- وسط السودان والتي سيطر عليها الجيش السوداني والفصائل المتحالفة معه مؤخراً بعد انسحاب قوات الدعم السريع شمالاً نحو العاصمة، يتنادى الشباب عبر مبادرات مجتمعية لنظافة المدينة ومرافقها الخدمية وسوقها الموحش الذي هجره غالبية رواده بعد النهب والتخريب الذي طاله على يد مجموعات إجرامية استفادت من الفراغ الأمني الذي أحدثه انسحاب القوات الحكومية من المدينة بعد زحف قوات الدعم السريع نحوها.
ومع تدرج الأمان النسبي بعد عودة القوات الحكومية للمدينة مجدداً تصاعدت الآمال بعودة الحياة إلى طبيعتها على الرغم من الأهوال التي شهدتها المنطقة والدمار الذي طال كل شئ.
ولكنها آمال تبدو عريضة في مواجهة تحديات جمّة ليس أقلها نقص الغذاء والدواء والرعاية الصحية وشُح السيولة النقدية وغياب جُل الخدمات الأساسية بالإضافة إلى النهب الواسع الذي مارسته قوات الدعم السريع والذي طال الأسواق والمنازل والمقار الحكومية والمؤسسات التعليمية والمركبات والمحاصيل والبضائع والأموال وأدى إلى إفقار معظم شرائح المجتمع ناهيك عن قتل العشرات وتشريد الآلاف من المواطنين.
وشهدت الأسابيع الثلاثة الأخيرة لوجود الدعم السريع في مدينة الحصاحيصا وأريافها القريبة وضعاً قاسيا، علاوةً على 14 شهراً كانت هي الأسوأ على الاطلاق من حيث الإفقار والإرهاب والإنتهاكات وتدمير البنى التحتية.
وفرضت قوات الدعم السريع قُبَيل خروجها وبعد دخول الجيش لمدينة “ود مدني” نوعاً من الحصار الاقتصادي على مواطني الحصاحيصا عن طريق تجفيف تجمعات شبكات الانترنت والتي تُعَد الوسيلة الوحيدة لاستقبال التحويلات البنكية.
سجن كبيركما قامت قوات الدعم السريع بالاعتداء على كل من حاول الخروج باحثاً عن لقمة عيشه.
وتعرض كثير من المواطنين للخطف والضرب والنهب، وفي بعض الحالات للقتل مما تسبب في حالة من الرعب أدت لاعتكاف أغلب المواطنين في منازلهم من دون مال أو عمل لتتحول المدينة إلى سجن كبير.
ومع تطاول المدة وتناقص الغذاء أضحى السجن مقبرة يموت قاطنوها جوعاً وببطء.
ولم تكتف قوات الدعم السريع بذلك بل داهمت المواطنين داخل بيوتهم بيتاً وراء آخر مستخدمة كل وسائل الإذلال والتنكيل والتعذيب بغرض النهب.
الحصاحيصا الخدمات والمبادراتوتنطلق المبادرات المجتمعية الشبابية بمدينة الحصاحيصا في محاولة لملء الفراغ الكبير الذي تركه عجز السلطات المحلية في كل المناحي.
ففي قطاع الكهرباء على سبيل المثال يبدو عجز السُلطات واضحاً من خلال تباطؤ الشركة المسؤولة عن نقل وتوزيع الكهرباء في إصلاح الدمار الذي أحدثته مليشيات الدعم السريع قُبَيل خروجها بنهبها وتخريبها للكيبلات الرئيسية وبسرقتها لزيوت وأعمدة نحاس المحولات في أغلب مناطق المدينة بالإضافة إلى الأضرار التي خلّفها القصف الجوي لطيران الجيش في ظل غياب تام لأي تصريح رسمي من السُلطات يوضح حجم الضرر أو نوع الجهود المبذولة لمعالجته.
وفي قطاع المياه فشلت كل الجهود المبذولة لتشغيل الآبار في ظل غياب الكهرباء بعد أن نُهِبت أيضاً البدائل المتمثلة في ألواح الطاقة الشمسية ومولدات الديزل.
وهو ما يهدر يومياً الكثير من الجهد والوقت في جلب المياه الصالحة للشرب من مناطق بعيدة عن مناطق سكن المواطنين في ظل شُح المركبات والاعتماد على عربات الكارو و”الدرداقات”.
هشاشة أمنيةوالحال كذلك، لايزال الوضع الأمني في المدينة بالغ الهشاشة وتتخلّله بعض التفلّتات في ظل اتهامات بتورط عناصر ترتدي الزي الرسمي للقوات الحكومية.
ومع تعطّش سكان المدينة للأمان تبدو الخطط الأمنية غير واضحة المعالم ويعتريها الكثير من التخبّط من خلال ملاحظة السلوك المُرتَبِك للفرق الميدانية المعنية بمداهمة وتفتيش البيوت بحثاً عن المطلوبين والمسروقات.
ولا زال عدد كبير من الذين تورطوا في انتهاكات وجرائم ضد المواطنين طلقاء وبعيدون تماماً عن يد العدالة.
ويدور حديث في مجالس المدينة عن أن بعض المطلوبين قد حازوا على نوع من الحصانة تحت غطاء الانتساب المسبق للاستخبارات العسكرية التابعة للقوات الحكومية أو للفصائل المتحالفة معها.
وتبدو قوات الشرطة غارقة حتى النخاع في بحر من البلاغات والإجراءات الطويلة. فيما تتوافد نحو الحصاحيصا أعداد من الراجلين الباحثين بين أزقة المدينة وشوارعها عمّا فقدوه من سيارات وأثاثات منزلية وبهائم وغيرها، قادمين من الأرياف القريبة في مشهد يومي حزين ومتكرر.
ملعقة سكر لكل مواطنوبالرغم من دخول السلع الضرورية للمدينة وسهولة حركة المواطنين بعد خروج الدعم السريع ودخول الجيش إلا أن الشُح الكبير في السيولة النقدية حال دون حصول أغلب المواطنين على حاجاتهم من الضروريات من غذاء ودواء.
واكتفت السُلطات المحلية بتوزيع كميات قليلة من دقيق الذرة “الفتريتة” بالإضافة لكميات أقل من السكّر بمعدل جوال واحد لكل حي سكني أي ما يعادل أقل من ملعقة سكّر لكل مواطن!
ولا زال الطريق طويلاً ووعراً أمام سكان المدينة وأريافها والذين يتطلّعون لاستعادة حياتهم وأعمالهم في ظل الظروف التي تتضافر جميعها ضد رغباتهم، يملؤهم الإيمان بمستقبل خالٍ من الحروب والدمار، ومستفيداً من الدروس والعِبر المستخلصة من تجربة الحرب المريرة.
الوسومالجيش الحصاحيصا الدعم السريع السودان السيولة النقدية الصحة مدني ولاية الجزيرةالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الجيش الحصاحيصا الدعم السريع السودان السيولة النقدية الصحة مدني ولاية الجزيرة قوات الدعم السریع السیولة النقدیة
إقرأ أيضاً:
إبادة منسية في دارفور.. مقتل 56 على الأقل خلال يومين على يد الدعم السريع
قُتل 56 مدنياً في السودان خلال يومين بإقليم غرب دارفور في هجمات شنتها "قوات الدعم السريع"، بعد إعلانها السيطرة على مدينة أم كدادة في الإقليم.
اقرأ ايضاًوقالت "تنسيقية لجان المقاومة بالفاشر"، في بيان وزعته الأحد، إن "قوات الدعم السريع قتلت 56 من سكان المدينة على "أساس عرقي"، وارتكبت انتهاكات واسعة، وهجرت المواطنين بالقوة من المدينة، وأوقفت جميع شبكات الاتصالات"، وفق "وكالة الصحافة الفرنسية".
ونقلت عن وزير الصحة في إقليم دارفور، الأحد، قوله إن "قوات الدعم السريع" عمدت إلى حرق القرى المحيطة بمدينة الفاشر في ولاية شمال دارفور خلال حصارها للمدينة ومعسكر زمزم للنازحين.
وكشف بابكر حمدين، وزير الصحة، أن "قوات الدعم السريع" أحرقت تماماً 64 قرية حول الفاشر، كما أشار إلى أنها تستهدف الكوادر الطبية، وأخرجت معظم مستشفيات المدينة من الخدمة، وسط مطالبات حكومية وشعبية بتصنيف "قوات الدعم السريع" منظمة إرهابية.
وفي ظل حصار تفرضه "الدعم السريع" على الفاشر، منذ نحو عام، يعاني السكان ظروفاً مروعة. والفاشر هي آخر موطئ قدم للجيش السوداني في إقليم دارفور الذي تسيطر "قوات الدعم السريع" على معظمه.
وقال وزير الصحة في إقليم دارفور إن هناك شبه انعدام للغذاء والدواء، في ظل تردي الأوضاع المعيشية للسكان، مضيفاً أن دارفور تعيش "إبادة منسية"، والعالم يغض الطرف عن هذه الجرائم الخطيرة"، إضافة لنزوح السكان "قسرًا" بشكل كبير جدا.
المصدر: الشرق الأوسط+ وكالات
© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)
محرر أخبار، كاتب وصانع محتوى عربي ومنتج فيديوهات ومواد إعلامية، انضممت للعمل في موقع أخبار "بوابة الشرق الأوسط" بعد خبرة 7 أعوام في فنونالكتابة الصحفية نشرت مقالاتي في العديد من المواقع الأردنية والعربية والقنوات الفضائية ومنصات التواصل الاجتماعي.
الأحدثترنداشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اشترك الآن