في خطوة غير مسبوقة، خرج الإتحاد الإفريقي ببيان ختامي شديد اللهجة، يعلن فيه رفضه القاطع للتطبيع مع إسرائيل، ويطالب بمحاكمتها دولياً على جرائم الإبادة الجماعية في غزة. القرار، الذي أجمعت عليه 55 دولة إفريقية، من ضمنها دول عربية كبيرة، شكّل سابقة دبلوماسية في الموقف الدولي تجاه القضية الفلسطينية، إذ لم يصدر منذ عقود عن الجامعة العربية أو منظمة التعاون الإسلامي بيان بهذه القوة والوضوح.

هذا التحرك الإفريقي الجريء يفتح باب المقارنة الحتمية مع الموقف العربي، الذي لطالما اتّسم بالضعف والتردد، بل وأحياناً التواطؤ الضمني مع الاحتلال، عبر مسارات التطبيع أو تجاهل الجرائم المستمرة بحق الفلسطينيين.

وهنا يبرز السؤال الأكثر إلحاحاً:

•هل ستتمكن القمة العربية المقبلة من إتخاذ قرارات تاريخية تنتصر للأمة ولفلسطين، أم أنها ستواصل دورة التسويف والمواقف الرمادية؟

•هل يمكن للجامعة العربية أن تتبنى موقفاً يعكس نبض الشارع العربي، أم أنها ستبقى أسيرة الحسابات السياسية لبعض الأنظمة؟

•لماذا أصبح الموقف الإفريقي أكثر جرأة في مواجهة إسرائيل، بينما تتراجع العواصم العربية عن مسؤولياتها التاريخية؟

مفارقة المواقف:

إفريقيا تتقدم، والعرب يتراجعون

القضية الفلسطينية ليست قضية إفريقية بالدرجة الأولى، لكنها باتت قضية عربية مُهمَلة! هذا ما تعكسه مواقف الاتحاد الإفريقي الذي تعامل مع العدوان الإسرائيلي على غزة كملف أخلاقي وقانوني وسياسي لا يقبل المساومة، في حين أن الجامعة العربية، رغم أنها معنية مباشرة بالقضية، لم تصدر حتى الآن أي موقف حقيقي يعكس خطورة ما يحدث على الأرض.

فما الذي جعل إفريقيا تتخذ هذا الموقف؟

1- إرث مناهضة الاستعمار:

معظم الدول الإفريقية خرجت من تحت نير الاستعمار الغربي، وتدرك تماماً معنى الاحتلال والاستيطان والتمييز العنصري، ما يجعلها أكثر حساسية تجاه القضية الفلسطينية.

2- غياب الهيمنة السياسية:

الاتحاد الإفريقي، رغم إختلاف دوله، لا يخضع لسيطرة دولة أو دولتين تُملِي عليه قراراته، على عكس الجامعة العربية التي أصبحت أداة بيد بعض العواصم العربية التي تتحكم في مخرجاتها.

3- الوعي بخطر إسرائيل في إفريقيا:

إسرائيل لا تمارس الاحتلال في فلسطين فقط، بل تسعى لاختراق القارة الإفريقية عبر مشاريع اقتصادية وأمنية، ما دفع بعض الدول إلى إعادة تقييم علاقتها بها، والوقوف في وجه سياساتها التوسعية.

4- تحرر إفريقيا من الضغوط الأمريكية:

على عكس الدول العربية التي تتعرض لابتزاز سياسي واقتصادي مستمر من واشنطن، فإن العديد من الدول الإفريقية لم تعد ترى في الولايات المتحدة شريكاً موثوقاً، ما منحها مساحة أوسع لاتخاذ قرارات مستقلة.

هل ستتجرأ القمة العربية على إتخاذ موقف مشابه؟

إذا كانت القمة الإفريقية قد استطاعت فرض موقف حازم وواضح تجاه إسرائيل، فإن السؤال الأهم الآن هو:

هل يمكن للقمة العربية القادمة أن تحذو حذوها؟

المؤشرات حتى الآن لا تدعو للتفاؤل.

•الجامعة العربية لم تعد تُمارس أي دور فعلي في دعم فلسطين، واقتصرت مواقفها على بيانات شكلية وعبارات دبلوماسية لا تؤثر في الواقع.

•بعض الدول العربية لم تكتفِ بالتطبيع مع إسرائيل، بل أصبحت تقف ضد أي تحرك دولي لمحاسبتها، وكأنها أصبحت تدافع عن الاحتلال بدلاً من مقاومته!

•القرارات العربية غالباً ما تكون أسيرة التوازنات السياسية والاقتصادية، حيث تخشى بعض الدول على مصالحها وتحالفاتها مع القوى الكبرى، ما يجعلها تتردد في إتخاذ مواقف حازمة.

ما الذي يمكن أن تفعله القمة العربية إن أرادت إتخاذ موقف جاد؟

إذا كانت القمة العربية تريد استعادة هيبتها ومصداقيتها أمام شعوبها وأمام العالم، فإن عليها إتخاذ إجراءات عملية واضحة، وليس مجرد الاكتفاء ببيانات الشجب والإدانة.

ومن بين هذه الإجراءات:

1- تعليق العلاقات مع إسرائيل فوراً، ووقف أي شكل من أشكال التعاون الاقتصادي أو الأمني معها.

2- تفعيل المقاطعة العربية لكافة الشركات والمؤسسات التي تدعم الاحتلال الإسرائيلي، كما تفعل بعض الدول الإفريقية وأمريكا اللاتينية.

3- تقديم ملف جرائم إسرائيل إلى المحكمة الجنائية الدولية من خلال فريق قانوني عربي متخصص.

4- إنشاء صندوق دعم عربي لغزة، يوفر تمويلاً مستداماً لإعادة إعمار القطاع ودعم سكانه في مواجهة الحصار.

5- العمل على توحيد الصف الفلسطيني، بدلاً من دعم الانقسامات التي تُضعف المقاومة وتجعل الاحتلال أكثر ارتياحاً في تنفيذ مخططاته.

القضية الفلسطينية في خطر:

إما موقف شجاع.. أو تواطؤ مستمر

الوضع اليوم لم يعد يحتمل المراوغات الدبلوماسية أو الخطابات الإنشائية.

إسرائيل لا تنفذ مجرد عدوان على غزة، بل تمارس حرب إبادة تهدف إلى محو فلسطين من الخارطة.

وفي ظل هذا الخطر الوجودي، فإن القادة العرب مطالبون باتخاذ مواقف واضحة وجريئة، وليس تكرار السيناريو المعتاد من القمم العقيمة التي تخرج ببيانات لا يقرأها أحد.

الخلاصة:

الكرة في ملعب القادة العرب

إذا كان الإتحاد الإفريقي قد استطاع كسر حاجز الصمت الدولي، فإن الجامعة العربية أمام اختبار حقيقي.

إما أن تكون في مستوى الحدث، وتتخذ قرارات تُغيّر قواعد اللعبة، أو تستمر في دورها الهامشي، لتصبح شاهد زور على أكبر عملية تطهير عرقي وإبادة جماعية في العصر الحديث.

القمة الإفريقية قالت كلمتها بوضوح:

لا تطبيع، محاكمة لإسرائيل، ودعم كامل لغزة.

فهل تستطيع القمة العربية أن تقول كلمتها أيضاً؟

أم أن العرب سيخذلون فلسطين مرة أخرى؟

انتظروا

إني معكم من المنتظرين

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: السعودية القمة الإفريقية القمة العربية فلسطين قضية التهجير مصر القضیة الفلسطینیة الجامعة العربیة القمة العربیة بعض الدول التی ت

إقرأ أيضاً:

العراق يوجه دعوة رسمية للشرع لحضور القمة العربية

المناطق_متابعات

أعلن رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني توجيه دعوة رسمية للرئيس السوري أحمد الشرع للمشاركة في القمة العربية التي ستُعقد في بغداد، الشهر المقبل.

وأوضح السوداني، خلال مشاركته، اليوم الأربعاء، في ملتقى السليمانية الدولي: أنه “جرى توجيه دعوة رسمية للرئيس السوري لحضور قمة بغداد المقبلة، وهو مرحَّب به لحضور القمة”، وفق “العربية”.

أخبار قد تهمك نائب وزير الداخلية يستقبل سفيرة جمهورية العراق لدى المملكة 8 أبريل 2025 - 5:31 مساءً الشرع: تشكيلة الحكومة السورية تبتعد عن المحاصصة وتذهب باتجاه المشاركة 31 مارس 2025 - 10:25 صباحًا

كما أضاف أن “القمة المقبلة حدث مهم لاستقبال القادة والرؤساء العرب، وسيكون لنا دور مهم في معالجة قضايا الأمن والاقتصاد”، وفق ما نقلت وكالة الأنباء العراقية.

وتابع قائلا: “علاقاتنا متميزة مع الدول العربية، ولدينا اتفاقيات اقتصادية وفي ومجال الطاقة، كما أننا نهتم بالوضع في سوريا، والعراق ليس طرفاً في أي محاور سياسية”.

أول اتصال بين السوداني والشرع

يذكر أن السوداني عبر عن دعم بلاده لـ”خيارات الشعب السوري”، وذلك في أول اتصال مباشر جمعه بالشرع مطلع الشهر الجاري.

وأكد الشرع حينها “موقف العراق الثابت بالوقوف إلى جانب خيارات الشعب السوري، وأهمية أن تضمّ العملية السياسية كل أطيافه ومكوناته، وأن تصب في مسار التعايش السلمي والأمن المجتمعي، من أجل مستقبل آمن ومستقر لسوريا وكل المنطقة”.

كما شدد على “رفض العراق للتوغلات الإسرائيلية في الأراضي السورية”، ودعم بغداد لـ”وحدة وسلامة وسيادة سوريا”.

وكان وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، قد توجه إلى العراق، في مارس/آذار الماضي، في زيارة رسمية كانت الأولى منذ تولي الشرع رئاسة الإدارة الجديدة في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

فيما قال الشيباني خلال زيارته إلى العراق، إن دمشق “مستعدة للتعاون مع بغداد” في محاربة تنظيم داعش، مضيفا أن “الأمن في سوريا جزء لا يتجزأ من أمن العراق”.

مقالات مشابهة

  • الجامعة العربية تؤكد دعمها الكامل للأردن في مواجهة مخططات الفوضى والتخريب    
  • العراق يوجه دعوة رسمية للشرع لحضور القمة العربية
  • السوداني: وجهت دعوة إلى الرئيس السوري لحضور القمة العربية في بغداد
  • الشرع يتلقى دعوة رسمية لحضور القمة العربية في بغداد
  • الشرع يحضر القمة العربية في بغداد
  • السوداني: الشرع مرحب به ووجهت له دعوة رسمية لحضور القمة العربية ببغداد
  • القدومي يدعو لإعلان الجهاد العام في الدول الإسلامية نصرة لفلسطين
  • مندوب المملكة لدى الجامعة العربية يلتقي رئيس الوفد الدائم للاتحاد الأفريقي
  • الجامعة العربية تؤكد على دعمها للبنان للخروج من أزمته
  • إسرائيل تحسم موقفها من برنامج إيران النووي.. بـ4 مطالب