الدوحة- رصدت جلسة "الوضع الدولي في ظل الإدارة الأميركية الجديدة"، ضمن فعاليات منتدى الجزيرة الـ16، الذي اختتم مساء الأحد في الدوحة، وعود إدارة دونالد ترامب بعد عودته إلى الحكم في الولايات المتحدة، بإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، وتحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط.

ورأى المشاركون في الجلسة أن ترامب رجل مفاوض، لا يكترث بالثوابت السياسية أو الإستراتيجية، وجاء برؤية "راديكالية غير واضحة" لتحقيق إنجازات "زائفة" عبر الوصول إلى سلام سواء في أوكرانيا أو منطقة الشرق الأوسط.

سلام اعتبره المشاركون غير عادل بين طرفين غير متساويين مع تحميل حلفائه فاتورة تحقيق هذا السلام.

وحذر المشاركون الدول العربية من الرضوخ إلى تهديدات ترامب بشأن عملية التهجير القسري لسكان قطاع غزة، وتهديده بقطع المساعدات العسكرية والاقتصادية، خاصة أنها على مدار 60 عاما لم تغير موقف الحكومات في كل من كوبا وإيران والصين.

المنشاوي يقول إن ترامب يسعى للظهور كصانع للسلام (الجزيرة)  غير تقليدي

الباحث المتخصص في الشأن الأميركي محمد المنشاوي، يرى أن ترامب يريد أن ينجح فيما فشل فيه 13 رئيسا أميركيا في منطقة الشرق الأوسط، وذلك منذ بداية الصراع العربي الإسرائيلي، مشيرا إلى أنه جاء برؤية غامضة لتحقيق السلام، وفي أوكرانيا أيضا، من أجل أن يظهر كصانع سلام، ويحصل على جائزة نوبل للسلام، واستدرك المنشاوي أنه سلام غير عادل.

إعلان

وقال المنشاوي للجزيرة نت إن ترامب رئيس غير تقليدي، فهو الرئيس الوحيد بين 46 رئيسا أميركيا، الذي جاء من دون خوض أي انتخابات سواء على مستوى الولايات أو غيرها، حيث كانت انتخابات الرئاسة عام 2016، أول انتخابات يخوضها ونجح فيها.

وأضاف أن إدارة ترامب في الولاية الثانية تحدث زلزالا في السياسة الخارجية التي أسستها الولايات المتحدة على مدار نصف قرن، وكانت تقوم على محورين، الأول إحداث استقرار عالمي يسمح للرأسمالية بالتمدد والتضخم، والثاني هو تسيد أميركا لهذا النظام.

واعتبر المتخصص ذاته، أن تصريحات ترامب حول المنطقة ومستقبل قطاع غزة مهمة جدا، خاصة فيما يتعلق بالتهجير الذي هز العواصم العربية، حيث يبادر ترامب دائما برفع السقف إلى أعلى مستوى، من أجل الوصول إلى صفقة يحقق بها النجاح، وليس بالضرورة أن تكون عادلة، وذلك عبر توريط الدول العربية في القيام بدور لا تريد القيام به في قطاع غزة وتأمين إسرائيل.

كلمة التهجير استخدمها ترامب لإخافة الدول العربية، ومطالبتهم بالوصول لشيء ملموس على مائدة التفاوض في مستقبل غزة، لكن إظهار الضعف ليس بالأمر الجيد، والحل هو إظهار القوة، لأن ترامب رجل صفقات يجب أن يجد أمامه الند في الطرف الآخر من الحوار، وفقا للمنشاوي.

وشدد المنشاوي على أن إدارة ترامب لديها رؤية واضحة جدا لإنهاء الحرب في أوكرانيا وتحقيق السلام، ولكن غير العادل أيضا، حيث ترى أن الحرب الروسية الأوكرانية لا تصب في مصلحة أميركا، وأن أوروبا أصبحت عبئا، ولم تعد تمثل بعدا إستراتيجيا للولايات المتحدة، كما أنه لا بديل عن أن تكون أوكرانيا دولة محايدة، وألا تصبح دولة في حلف الناتو على عكس الإدارات الأميركية السابقة.

جوفتينكو: ترامب يفكر بمنظور مختلف في الملف الأوكراني من أجل ضمان الموارد للإدارة الأميركية.#منتدى_الجزيرة16#aljazeera_forum16 pic.twitter.com/htpvpXz1Mz

— Al Jazeera Forum - منتدى الجزيرة (@aljazeeraforum) February 16, 2025

إعلان

 

إستراتيجية غير واضحة

بدوره، قال الباحث في مؤسسة مبادرات الديمقراطية "إيلكو كوتشريف" بأوكرانيا، والمتخصص في قضايا الأمن الدولي، تاراس جوفتينكو، إن إستراتيجية ترامب تجاه الحرب الروسية الأوكرانية غير واضحة في التفاوض، وكذلك غير واضحة تجاه الحلفاء الأوروبيين.

وأضاف أن إدارة ترامب تحاول المضي قدما في عملية التفاوض مع روسيا ووقف إطلاق النار والوصول إلى إنجاز تحقيق سلام، ولكنها في المقابل لا تقدم أي موارد لاستقرار الأوضاع في أوكرانيا، وتسعى إلى إجبار روسيا لإيقاف إطلاق النار ووضع العبء على الدول الأوروبية.

وأوضح أن الأوروبيين يفكرون الآن في مخططين، الأول هو إرسال قواتهم المسلحة إلى أوكرانيا، وهو ما سيجبر روسيا على إيقاف إطلاق النار، ومن ثم يحدث استقرار وتفاوض.

وبعد انتخاب ترامب، انتقلت أوروبا إلى المخطط الثاني، وهو أن تكون بعثة لحفظ السلام في أوكرانيا، ومن ثم الدخول في تفاوض على إيقاف إطلاق النار، وبعدها نشر قوات أوروبية وضمان تفاوض سياسي.

ورأى أن ترامب يؤيد السيناريو الثاني لأنه يتطلب موارد مالية قليلة، خاصة أنه ليس بالقائد الكلاسيكي، فهو يستخدم الدول كأنها عقارات يريد السيطرة عليها، وينفذ مقاربة مادية في تعامله مع حلفائه الأوروبيين، ومنها ما يخص الحرب الروسية الأوكرانية.

الحواس يرى أن إدارة ترامب تنتهج طريقة الضغط على الحلفاء (الجزيرة) ضغط على الحلفاء

أما الباحث في مركز الجزيرة للدراسات، والمتخصص في الدراسات الدولية الحواس تقية، فقد اعتبر أن سياسة ترامب لتحقيق السلام في الأزمة الأوكرانية أو في منطقة الشرق الأوسط، تنتهج طريقة الضغط على الحلفاء وتحميلهم الفاتورة من أجل تحقيق إنجازات زائفة.

وقال الحواس للجزيرة نت إن المشكلة في إستراتيجية ترامب أنها متعارضة وغير واضحة، فهو يقوم بالتهديد، وينفي استعمال القوات العسكرية، ويهدد بالعقوبات الاقتصادية، وفي المقابل يمنح للخاضعين له مكافآت اقتصادية من حلفائه.

إعلان

وأضاف أن ترامب يفكر حاليا بحل أزمة غزة عبر تحميلها لحلفائه في الأردن ومصر، ولوح بالمساعدات العسكرية والاقتصادية للضغط عليهما، ولكنهما رفضا هذا الأمر، كما يقوم بالضغط على السعودية لتخفيض أسعار النفط، كي تتقلص مداخيل روسيا، ومن ثم تضطر لتقديم تنازلات في الأزمة الأوكرانية، وأيضا في أزمة إيران لا يقدم ضمانات أمنية للتخلي عن مشروعها النووي، بل يزيد في تخويفهم، لأنه يريد الأمن الكامل لإسرائيل على حساب بقية دول المنطقة.

يزبك يقول إن أفكار ترامب حول قطاع غزة متعارضة ومتناقضة (الجزيرة) قضية أخلاقية

في حين أكد أستاذ دراسات الشرق الأوسط والتاريخ في جامعة حيفا، محمود يزبك، أن هناك وضعا جديدا دخل على السياسة الأميركية ومنطقة الشرق الأوسط بعد انتخاب ترامب، وكذلك على الإستراتيجيات المتبعة في الشرق الأوسط، حيث ساد اعتقاد قبل انتخاب ترامب أن النظام الجديد سيغير الصراع العربي الإسرائيلي.

وقال إن أفكار ترامب حول قطاع غزة متعارضة ومتناقضة مع بعضها البعض وغير مفهومة، أطلقها من دون أن يفهم أو يسأل عن تأثير هذه الأفكار على الملايين من السكان في قطاع غزة.

وأضاف أن التطهير العرقي والتهجير القسري مصطلحات منبوذة وغير مقبولة في السياسة الدولية، لكن ترامب جعلها موضع نقاش في العالم كله، رغم أنها محرمة من المجتمع الدولي منذ الحرب العالمية الثانية، وهو ما جعل هذا التوجه قضية أخلاقية من الدرجة الأولى، فهل العالم فقد أصول الأخلاقيات في التعامل مع الشعوب؟ يتساءل يزبك.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الحرب الروسیة الأوکرانیة منطقة الشرق الأوسط أن إدارة ترامب منتدى الجزیرة فی أوکرانیا إطلاق النار غیر واضحة قطاع غزة وأضاف أن أن ترامب من أجل

إقرأ أيضاً:

د. وليد عبد الحي يرسم خارطة طريق مستقبل ترامب والإنعكاسات على الشرق الأوسط

رسم أستاذ العلوم السياسيّة الدكتور وليد عبد الحي، ملامح المرحلة المستقبليّة لحكم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وإنعكاساتها على منطقة الشرق الأوسط.

وقال الأستاذ الدكتور عبد الحي في محاضرة له عقدها معهد الشرق الأوسط للإعلام والدراسات السياسية لمناقشة السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط خلال فترتي حكم دونالد ترامب وتأثيرها على المنطقة، إنّ السياسة الأمريكية لا تتغير جذريًا بتغير الرئيس، بل تحكمها المؤسسات العميقة التي تضمن استقرار التوجهات الأمريكية على الصعيدين الداخلي والخارجي، مشيرًا إلى أن الفارق بين الجمهوريين والديمقراطيين في القرارات الاستراتيجية يكاد يكون معدومًا، وهو ما تؤكده الإحصاءات التاريخية بشأن الحروب، التحالفات، والعلاقات الدولية.

وأوضح الدكتور عبد الحي أن تغيير الرؤساء في الولايات المتحدة لا يؤدي بالضرورة إلى تغييرات جذرية في السياسة الخارجية، مشيرًا إلى أن البيانات التاريخية منذ عام 1875 تظهر استقرارًا في النهج السياسي بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، سواء في قرارات الحرب، دعم إسرائيل، أو فرض العقوبات الاقتصادية.

كما تطرقت الندوة إلى دور اللوبيات المؤثرة في السياسة الأمريكية، موضحًا أن مصلحة الولايات المتحدة تتلاقى مع مصلحة اللوبي الاسرائيلي، حيث يسعى كلاهما لضمان عدم توحيد المنطقة العربية. ورغم أن اليهود يشكلون نسبة ضئيلة من الناخبين الأمريكيين (أقل من 2%)، إلا أن تأثيرهم يتعاظم عبر تواجدهم في المؤسسات السياسية والإعلامية والاقتصادية، مما يمنحهم نفوذًا يفوق وزنهم العددي.

تناول الدكتور عبد الحي أيضًا شخصية ترامب، مستندًا إلى دراسة أعدها 35 بروفيسورًا أمريكيًا في علم النفس، واصفين إياه بأنه شخص غير متوقع التصرفات (Unpredictable)، مما يزيد من احتمالات تعرضه للعزل أو الاغتيال، وفقًا للإحصائيات التاريخية لمحاولات اغتيال الرؤساء الأمريكيين. كما أشار إلى ارتباطاته السابقة مع روسيا، والتي كانت محور تحقيقات موسعة داخل الولايات المتحدة.

فيما يخص الشرق الأوسط، أوضح الدكتور عبد الحي أن المنطقة تعاني من الهشاشة السياسية، حيث تحتل الدول العربية مراكز متأخرة عالميًا في الاستقرار السياسي ومعدلات الفساد، مما يجعلها ساحة سهلة للتدخلات الأجنبية. كما لفت إلى أن الإنفاق العسكري العربي مرتفع جدًا، حيث تفوق ميزانية الدفاع السعودية وحدها ميزانيات تركيا، إيران، إسرائيل، مصر، والجزائر مجتمعين، وهو ما يعكس غياب الرشد السياسي في اتخاذ القرارات الاستراتيجية.

كما أشار إلى أن الولايات المتحدة تتعامل مع المنطقة بمنطق الفرصة الاستثمارية، وليس وفقًا لمعايير حقوق الإنسان أو دعم الاستقرار، مستدلًا بتصريحات ترامب حول غزة، التي اعتبرها غير صالحة للسكن دون الإشارة إلى أن إسرائيل هي من دمرتها.

الندوة شهدت تفاعلًا واسعًا من الحضور، حيث طُرحت تساؤلات حول كيفية صعود ترامب للسلطة رغم شخصيته غير المتزنة، وعن العلاقة بين القمم العربية المتعددة والأجندات السياسية الإقليمية، إضافة إلى دور الإعلام في تشكيل صورة القادة السياسيين في الغرب.

وفي ختام الندوة، أكد الدكتور عبد الحي أن الولايات المتحدة لا تحكمها العواطف أو الولاءات، بل تحكمها المصالح والاستراتيجيات طويلة المدى، وأن أي رهانات على تغير السياسات الأمريكية بتغير الرئيس هي رهانات غير واقعية.

وكالة عمون الإخبارية

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • ترامب: الحرب العالمية الثالثة ليست بعيدة لكني سأمنعها لأنني أريد السلام
  • وزير الخارجية الأمريكي يختتم جولته للشرق الأوسط في الإمارات
  • ترامب: لن اعترض على نشر قوات حفظ سلام أوروبية في أوكرانيا
  • د. وليد عبد الحي يرسم خارطة طريق مستقبل ترامب والإنعكاسات على الشرق الأوسط
  • الاتحاد الأوروبي يريد التعاون مع واشنطن من أجل سلام "عادل" في أوكرانيا
  • «الدبيبة» يستقبل نائب رئيس مجموعة «البنك الدولي» لمنطقة «الشرق الأوسط»
  • كيف تُثير «صدمات ترامب» الفوضى في الشرق الأوسط؟
  • "منتدى ICEF الشرق الأوسط" يبحث تعزيز التعاون مع الجهات المانحة للابتعاث
  • “السعودية وغزة”.. إعلام عبري يكشف تفاصيل عن خطة ترامب للانتقال من صفقة القرن إلى “التريليون دولار”