الخريف : مدينة وعد الشمال للصناعات التعدينية تمثل نموذجًا عالميًّا للتكامل الصناعي
تاريخ النشر: 17th, February 2025 GMT
أكد معالي وزير الصناعة والثروة المعدنية، الأستاذ بندر بن إبراهيم الخريف، أن مدينة وعد الشمال للصناعات التعدينية أصبحت نموذجًا عالميًّا لصناعة التعدين، وركيزة أساسية في تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030،
بفضل الدعم الكبير من القيادة الرشيدة، التي تضع قطاعي الصناعة والتعدين ضمن أولوياتها لتنويع الاقتصاد الوطني وتعزيز التنمية المستدامة.
جاء ذلك خلال حفل تدشين مشروع الفوسفات 3، وعددٍ من المشروعات التنموية والاستثمارية في مدينة وعد الشمال، بحضور وتشريف صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد بن سلطان بن عبدالعزيز، أمير منطقة الحدود الشمالية، وبحضور معالي نائب الوزير لشؤون التعدين المهندس خالد بن صالح المديفر، وعدد من القيادات الحكومية والتنفيذية.
وأكّد معاليه أن الاستثمارات الصناعية والتعدينية في مشاريع الفوسفات بمدينة وعد الشمال تجاوزت 80 مليار ريال، مع خطط لضخ 50 مليار ريال إضافية في مشاريع الفوسفات المستقبلية؛ مما يعزز مكانة المملكة كونها إحدى أكبر منتجي الفوسفات عالميًّا، ويجذب المزيد من الاستثمارات النوعية، بفضل البنية التحتية المتطورة والمزايا التنافسية التي تقدمها المملكة للمستثمرين المحليين والدوليين في قطاع التعدين.
وأشار الخريف إلى أن الاستثمارات الحكومية في البنية التحتية والأساسية الممكنة لقطاع التعدين في مدينتي رأس الخير ووعد الشمال للصناعات التعدينية، بلغت ما يقارب من 100 مليار ريال، وتشمل مشاريع تطوير البنية التحتية والأساسية والخدمية، وشبكات الطرق الداخلية والخارجية والمرافق اللوجستية، ومحطات تحلية المياه ومعالجتها، ومحطات الصرف الصحي، ومحطات توليد ونقل الكهرباء، ومرافق الجهات الرسمية، والمدن السكنية، إضافة إلى شبكة قطارات التعدين بطول 1500 كم، ومحطات الغاز غير التقليدي ومرافق تحميل الكبريت المصهور، فضلًا عن دعم المبادرات المجتمعية التعليمية.
من جهته، أوضح معالي نائب الوزير لشؤون التعدين المهندس خالد بن صالح المديفر أن مشروع فوسفات 3، الذي تم تدشين المرحلة الإنشائية له، يمثل نقلة نوعية في قطاع التعدين، حيث يسهم في رفع إنتاج المملكة من الفوسفات إلى 9 ملايين طن سنويًّا، مما يعزز مكانتها كثاني أكبر مصدر للأسمدة الفوسفاتية في العالم، ويعزز دورها في دعم الأمن الغذائي العالمي، مشيرًا إلى أن هذه الإنجازات لم تكن لتتحقق لولا الاستثمار الحكومي الكبير في تطوير البنية التحتية، حيث بلغت الاستثمارات الحكومية الممكنة لقطاع التعدين في مدينتي وعد الشمال ورأس الخير قرابة 100 مليار ريال، شملت شبكات الطرق، ومحطات الطاقة، والمرافق اللوجستية، والبنية التحتية الداعمة للصناعات التعدينية.
وأوضح أن مشروع فوسفات 3 لا يمثل فقط توسعًا في القدرة الإنتاجية، بل يسهم في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمنطقة، حيث يعد المشروع جزءًا من إستراتيجية طويلة المدى لزيادة إنتاج المملكة من الفوسفات إلى 20 مليون طن سنويًّا بحلول عام 2040، باستثمارات تصل إلى 130 مليار ريال.
وزار معالي وزير الصناعة والثروة المعدنية ومعالي نائب الوزير لشؤون التعدين، منجم حزم الجلاميد، الذي يُعد أول وأحد أهم مواقع مناجم الفوسفات في المملكة، حيث يضم مصنعًا متطورًا لاستخلاص مركزات الفوسفات،
التي يتم نقلها عبر السكك الحديدية إلى مدينة رأس الخير، حيث تتم معالجتها إلى أسمدة الأمونيوم الفوسفاتية المستخدمة في تسميد الأراضي الزراعية. ويُنتِج المنجم ما يزيد على 11 مليون طن سنويًّا من خام الفوسفات، كما استثمرت شركة معادن للفوسفات في تطوير البنية التحتية للمنجم، حيث تم إنشاء محطة طاقة كهربائية، ومرافق لإنتاج ومعالجة المياه الصالحة للشرب، وشبكة اتصالات حديثة، إضافة إلى شبكة مواصلات متطورة، مما يسهل عمليات التنقيب والإنتاج ويعزز استدامة عمليات التعدين.
وتعد منطقة الحدود الشمالية نموذجًا فريدًا للتطور الصناعي والتعديني في المملكة، حيث تحتضن واحدة من أهم المدن التعدينية في العالم، مدينة وعد الشمال، التي تمثل محورًا رئيسًا للنمو الاقتصادي والاستثماري،
بفضل موقعها الإستراتيجي ومواردها الطبيعية الغنية، وبما تمتلكه المنطقة من بنية تحتية متكاملة، وشبكات نقل متطورة، ومرافق صناعية حديثة، فإنها تستقطب الاستثمارات المحلية والدولية، وتسهم في خلق آلاف الفرص الوظيفية، مما يعزز التنمية المستدامة، ويؤكد التزام المملكة بتمكين قطاع التعدين كإحدى ركائز الاقتصاد الوطني ضمن رؤية السعودية 2030.
المصدر: صحيفة الجزيرة
كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية للصناعات التعدینیة مدینة وعد الشمال البنیة التحتیة ملیار ریال
إقرأ أيضاً:
الوزراء يستعرض أهمية التعدين في قاع البحار كمورد استراتيجي جديد
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلاً جديداً بعنوان "التعدين في قاع البحار.. مورد استراتيجي جديد"، تناول من خلاله الأهمية الاستراتيجية لقاع البحار، وجهود الدول لتوسيع نفوذها داخله، بالإضافة إلى المخاطر البيئية للتعدين البحري، مشيراً إلى أن هذا النوع من التعدين ظهر كمصدر جديد للحصول على الموارد، ويهدف إلى استخراج الرواسب المعدنية القيمة الموجودة في قاع البحار، على عمق مئات أو حتى آلاف الأمتار تحت سطحه.
فإلى جانب الحياة البحرية في هذه الأعماق، توجد احتياطيات كبيرة من النحاس والكوبالت والنيكل والزنك والفضة والذهب والعناصر الأرضية النادرة، وهي مواد ضرورية لبناء مكونات طاقة خالية من الكربون.
أشار المركز إلى أن قاع البحار يضم ثلاثة أنواع رئيسة من الرواسب المعدنية، وهي: قشور المنجنيز الحديدي الغنية بالكوبالت، والكبريتيدات متعددة الفلزات، والعُقيدات متعددة المعادن (وهي كريات تحتوي على معادن نادرة يشكل المنجنيز النسبة الكبرى فيها). وفي هذا الإطار نشرت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) معلومات تثبت أن كمية العُقيدات متعددة المعادن في المياه الدولية قد تصل إلى تريليوني طن، ويُعد المنجنيز من بين العناصر الأكثر وفرة في قاع البحار بحوالي 227 مليار طن، يليه الحديد بكمية تبلغ 219 مليار طن، ثم المغنيسيوم بنحو 16.9 مليار طن.
وفي هذا الإطار؛ لم يعد التنافس الجيوسياسي العالمي على الموارد التقليدية كالنفط والغاز الطبيعي فقط، بل أصبحت المعادن النادرة والرواسب المعدنية في قاع البحار مسرحًا جديدًا للتنافس بين القوى الدولية المختلفة؛ نظرًا لأهميتها في صناعات البناء، والإلكترونيات، والسيارات الكهربائية، ومعدات الطاقة المتجددة، والبطاريات، والأسلحة العسكرية، وغير ذلك من الصناعات.
كما تعد تلك المعادن ذات أهمية محورية في إطار سياسات مواجهة تغير المناخ والتحول نحو الطاقة النظيفة، نظرًا لدخولها في التقنيات المنخفضة الكربون، مثل: الألواح الشمسية، وتوربينات الرياح، وبطاريات السيارات الكهربائية أو خلايا وقود الهيدروجين.
ووفقًا لوكالة الطاقة الدولية (IEA)، فمن المتوقع أن يرتفع استهلاك هذه المعادن بشكل كبير بحلول سنة 2040، وتعد المعادن الآن حيوية لجميع القطاعات الاقتصادية، مدفوعة بالتوجه العالمي نحو إزالة الكربون. وفي هذا السياق، تستحوذ الرواسب المعدنية البحرية على اهتمام مختلف الدول والشركات.
وفي سياقٍ آخر، تتم إدارة منطقة قاع البحار من قبل السلطة الدولية لقاع البحار، وهي كيان تابع للأمم المتحدة، تم إنشاؤه بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار عام 1994، وتتمتع السلطة الدولية لقاع البحار بالتفويض الحصري لتنظيم ومراقبة الأنشطة في منطقة قاع البحار، وكذلك شؤون استكشاف وتعدين المعادن البحرية بشكلٍ عام لصالح البشرية.
وذلك من أجل إنشاء إطار قانوني شامل لتنظيم استخدام مياه البحار والمحيطات على مستوى العالم، وضمان حماية الموارد البيئية والبحرية، فضلًا عن تحقيق استفادة عادلة من هذه الموارد. كما يتناول هذا الإطار القضايا المتعلقة بسيادة الدول على البحار والمحيطات، وحق الانتفاع في المناطق البحرية، بالإضافة إلى الحقوق المرتبطة بالملاحة.
أوضح التحليل أنه على الرغم من أن التعدين في قاع البحار لم يُمارس بشكل تجاري حتى الآن، فإن العديد من الحكومات الوطنية وشركات التعدين تخطط للبدء في هذا المجال في أقرب وقت ممكن، وهو ما قد يكون في غضون السنوات القليلة المقبلة. وما زال الأمر يعتمد على السلطة الدولية لقاع البحار (ISA) وكيفية تنظيمها لعمليات التعدين في قاع البحار. ومن جهة أخرى، يمكن للدول أن تتقدم بمشاريع التعدين في قاع البحار ضمن مياهها التي تخضع لسيطرتها المحلية، والمعروفة باسم "المناطق الاقتصادية الخالصة".
أشار التحليل إلى اتجاه الدول الكبرى للاستثمار بشكل كبير في البحث عن المعادن في قاع البحار، حيث تسعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى اغتنام الفرص للمشاركة في عملية وضع قواعد التعدين في قاع البحار واعتمادها من قبل السلطة الدولية لقاع البحار (ISA)، إلى جانب عقد الشراكات مع الدول الحلفاء في السلطة الدولية لقاع البحار (ISA)، من أجل تعزيز المصالح المشتركة، واستكشاف الفرص المشتركة للشركات الأمريكية والحلفاء للمشاركة في التعدين المنظم في قاع البحار.
وفي إطار جهود الولايات المتحدة الأمريكية لزيادة إمدادات المعادن لديها، قرر الكونجرس الأمريكي في مايو الماضي تخصيص 2 مليون دولار لتمويل دراسة حول التعدين في قاع البحار، كما طالبت الولايات المتحدة الأمريكية بضم حوالي مليون كيلو متر مربع إلى الجرف القاري التابع لها في بحر بيرنج، والمحيطين الأطلسي والهادئ، وخليج المكسيك.
ومن ناحية أخرى، قامت الحكومة الصينية بوضع هدف "التعدين في قاع البحار" كأولوية أمنية واقتصادية ضمن استراتيجيتها الشاملة للسيطرة على سلاسل توريد المعادن بمختلف أنواعها، وأصبحت إحدى الدول الرائدة في مجال التعدين في قاع البحار، وذلك من خلال توسيع مبادرة الحزام والطريق إلى المحيط الهادئ، وعقد شراكات استراتيجية ذات صلة، وذلك من أجل الوصول إلى الموارد وكسب تأييد دول جزر المحيط الهادئ.
أفاد التحليل بأن الصين تمتلك خمسة تراخيص لاستكشاف قاع البحار في المياه الدولية من أصل 30 ترخيصًا قامت بإصدارها السلطة الدولية لقاع البحار (ISA) حتى أوائل عام 2024، وذلك للاستعداد لبدء عمليات التعدين في قاع البحار بحلول عام 2025.
بذلك فإن الصين لديها حق استكشاف ما يقرب من 92 ألف ميل مربع من المياه الدولية، وهو ما يعادل 17% من إجمالي المساحة المصرح بها حاليًّا من قبل الهيئة الدولية لقاع البحار. ومع زيادة نفوذها، تقوم الصين بصياغة اللوائح الدولية للتعدين في قاع البحار، وتأمين وهيمنة الوصول إلى المعادن اللازمة لتقنيات الطاقة الخضراء وأنظمة الدفاع، والسيطرة على الطرق البحرية الاستراتيجية، ومن المحتمل إنشاء كيان عسكري في المنطقة.
أشار التحليل إلى أن أنصار التعدين في قاع البحار يعتقدون أن هذه العمليات يمكن أن تساعد في تلبية حاجة العالم الملحة للمعادن الحيوية، والتي من المرجح أن تستمر في النمو مع قيام البلدان بتوسيع نطاق جهود إزالة الكربون، وتشير التقديرات إلى أن الطلب العالمي على بعض هذه المعادن قد يرتفع بنسبة تصل من 400% إلى 600% في العقود المقبلة مع زيادة اعتماد العالم على طاقة الرياح والطاقة الشمسية، والمركبات الكهربائية، والبطاريات، وغيرها من التقنيات الخالية من الكربون.
وفي حين أن التعدين يوفر فوائد اقتصادية كبيرة، فإنه يتضمن مجموعة من التحديات والمخاطر البيئية التي تهدد النظام البيئي، ويستمر العلماء في التحذير من وجود مخاوف جدية بشأن التأثيرات المتعددة التي قد يخلفها التعدين البحري، ومن ذلك فقدان الأحياء البحرية المختلفة بما يهدد التنوع البيولوجي، بالإضافة إلى فقدان بنية النظام البيئي ووظيفته، ومن المرجح أن يكون الضرر الذي يلحق بالنظام البيئي في قاع البحار طويل الأمد.
وليس قاع البحر فقط هو المعرض للخطر، حيث يمكن أن تنتشر النفايات من سفن التعدين على مسافات كبيرة، وربما على بعد كيلومترات من المناطق التي يتم التعدين فيها. وقد يشكل هذا تهديدًا للأسماك واللافقاريات في المحيطات المفتوحة، والتي تعد بالغة الأهمية لمصايد الأسماك الدولية.
بالإضافة إلى ما ذُكر، يواجه التعدين في قاع البحار مجموعة من التحديات الرئيسة، أبرزها كونه عملية معقدة ومكلفة من الناحية الفنية، حيث تتراوح تكلفة مركبات الاستخراج ما بين 1 و5 ملايين دولار، علاوة على ذلك، تقع معظم موارد التعدين خارج حدود سيادة الدول.
أوضح التحليل في ختامه أن التنافس على الموارد المعدنية في أعماق البحار يعكس أهمية هذه الموارد في سياق التحولات العالمية نحو الطاقة النظيفة والتكنولوجيا الحديثة، ومع تزايد الحاجة إلى المعادن النادرة، أصبح من الضروري تعزيز التعاون بين الدول والمنظمات الدولية لضمان استغلال هذه الموارد بشكل مستدام وعادل.
ومع ذلك، فإن استغلال هذه الموارد يحمل في طياته مخاطر بيئية كبيرة تهدد التنوع البيولوجي والنظام البيئي البحري، وهو ما يستلزم مراعاة تلك المخاطر، لضمان حماية التنوع البيولوجي للنظام البيئي البحري. وبالتالي، فإن إرساء إطار قانوني محكم لتنظيم عمليات التعدين في قاع البحار سيكون خطوة حاسمة نحو تحقيق التوازن بين الاستفادة الاقتصادية وحماية البيئة البحرية.