استعادة البعد الإنساني في زمن الازدواجية
تاريخ النشر: 17th, February 2025 GMT
لم يعد خافيا على أحد أن القانون الدولي الإنساني لمعادلات القوة والسياسات الانتقائية، ولم يعد له أي دور حقيقي في حماية حقوق الإنسان أثناء الحروب والنزاعات، وتحول إلى مجرد إطار قانوني تتحكم فيه موازين المصالح.
وناقش مؤتمر نظمته اليوم كلية العلوم الشرعية وحمل عنوان «القانون الدولي الإنساني في ضوء الفقه الإسلامي» أهمية استعادة البعد الأخلاقي والإنساني في القانون الدولي.
لقد عُني الإسلام منذ نشأته بوضع ضوابط واضحة للحروب، قائمة على مبادئ الرحمة والعدل وصون الكرامة الإنسانية، وهي ذات المبادئ التي يطمح إليها القانون الدولي الإنساني اليوم، لكن المفارقة تكمن في أن النظام القانوني الدولي، رغم تأسيسه على مبادئ حماية المدنيين والحد من ويلات النزاعات، يبدو عاجزا عن تحقيق العدالة بسبب ازدواجية المعايير وتسييس القوانين.
قدّم الفقه الإسلامي منذ قرون حلولا عملية لمسألة النزاعات، من خلال ضوابط دقيقة تضمن عدم تجاوز الضرورة العسكرية، وتؤكد على حماية غير المقاتلين، والأسرى، ودور العبادة، والممتلكات المدنية.. ومع ذلك، نرى اليوم كيف يتم تجاهل هذه المبادئ في الممارسات الدولية، حيث يتم استخدام القانون الدولي الإنساني كأداة ضغط على بعض الدول، بينما يتم التغاضي عن الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها قوى أخرى، كما هو الحال في الأراضي الفلسطينية وغيرها من بؤر الصراع في دول العالم الثالث بشكل خاص.
ناقش مؤتمر كلية العلوم الشرعية هذه التحديات بعمق، وسلط الضوء على نقاط الالتقاء بين القانون الدولي الإنساني والفقه الإسلامي، وأكد أن التقاطع بينهما يمكن أن يشكّل أرضية لإعادة إحياء القيم الإنسانية التي غيّبتها السياسة خاصة وأن القانون الدولي، في جوهره، يجب أن يكون تجسيدا للمبادئ الإنسانية العليا، لا أن يُستخدم كأداة لتحقيق أهداف جيوسياسية.
لكن هذا الأمر لا يمكن أن يتحقق في معزل عن الحوار، حوار المفكرين قبل حوار السياسيين، فإعادة مراجعة القانون الدولي الإنساني لا يمكن أن يحدث في معزل عن العلماء والمفكرين والفقهاء. ويمكن للعالم أن يستمع إلى الرؤية الإسلامية للقانون الإنساني التي تتسم بالشمولية والواقعية، بعيدا عن التنميط أو التوظيف السياسي. كما أن على الدول العربية والإسلامية أن تقوم بدور أكثر فاعلية في تطوير آليات القانون الدولي الإنساني، بما يعكس قيمها ويعيد التوازن إلى النقاش العالمي حول حقوق الإنسان أثناء النزاعات.
لقد آن الأوان لأن يتجاوز القانون الدولي الإنساني حالته الراهنة التي تخضع للمصالح الفئوية، وأن يعود إلى أصله كإطار لحماية الضعفاء، لا كأداة بيد الأقوياء، وهذا لن يتحقق إلا من خلال تفعيل الحوار بين مختلف المرجعيات القانونية، وإبراز القيم الإنسانية المشتركة التي تجمع الفقه الإسلامي بالقانون الدولي.
ولا بد من تكريس فكرة أن إعادة إحياء القيم الإنسانية في النزاعات هي قضية أخلاقية وجودية وفهم الأمر بهذا المعنى من شأنه أن يعيد للقانون الدولي الإنساني دوره الحقيقي، بعيدًا عن انتقائية التطبيق التي تفقده جوهره وتجعل منه أداة بلا روح. ومن هنا، تأتي أهمية مثل هذه المؤتمرات، التي تفتح أبواب التفكير وتعيد قراءة فكرة العدالة التي لا تتحقق إلا عندما تكون الإنسانية هي الغاية لا المصالح السياسية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: القانون الدولی الإنسانی
إقرأ أيضاً:
هيئة التخطيط والتعاون الدولي تبحث مع البنك الإسلامي للتنمية آفاق التعاون
دمشق-سانا
بحثت هيئة التخطيط والتعاون الدولي مع البنك الإسلامي للتنمية اليوم، آفاق تطوير التعاون المشترك وإعادة تفعيل العلاقات، بما يسهم في تنمية القدرات وتدريب الشباب على إقامة مشاريع تنموية صغيرة ومتوسطة وتمويلها، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية واستعادة سبل العيش.
واستعرض ممثلو البنك في أكثر من دولة عربية خلال اجتماع عقد عبر تقنية الزوم “كونفرانس” آلية عمل البنك، وكيفية تقديم المساعدة، ونوعية المشاريع التي يستهدفها، مؤكدين أن البنك يتطلع لتطوير العلاقات مع سوريا مجدداً، للبدء بعمليات البناء والإنعاش الاقتصادي من خلال وضع الخطط لمواكبة متطلبات وتطلعات الشباب عبر مساعدتهم لإحداث مشاريع تحقق التنمية وتمكنهم اقتصادياً.
ولفت مدير العمليات القطرية للمكتب الإقليمي لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية خليل أحمد حسان إلى وجود مشاريع كثيرة تتم مراجعتها حالياً، إلا أن البنك ينتظر أن تحدد الحكومة السورية أولوياتها، آملاً بإنهاء العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا قريباً للتمكن من تنشيط التعاون المشترك، وإعادة بناء قدرات الشباب على إدارة المشاريع وفتح أسواق لمنتجاتها.
بدوره أوضح المكلف بتسيير أعمال الهيئة مصعب بدوي الاستعداد للتعاون التام مع البنك، وإعادة النظر بالاتفاقات التي تربط الهيئة معه قبل 2011، مؤكداً أن الهيئة تتطلع لبناء علاقات أوسع وأشمل في المرحلة القادمة، مع السعي لزيادة المنح والمساعدات، وتمويل مشاريع في مجالات البنى التحتية والطاقة.