«غزة لا تبحث عمّن تنتسب إليه !!
تاريخ النشر: 17th, February 2025 GMT
أحمد داود أوجلو سياسي تركي شغل مناصب رفيعة في السياسة التركية فعمل سفيرًا ووزيرًا للخارجية ثم رئيسا للوزراء مع رجب طيب أردوغان رئيس حزب العدالة والتنمية، وقد اختلف مع أردوجان وترك حزب العدالة والتنمية وهو الآن رئيس حزب «المستقبل» ومن زعماء المعارضة.
وداود أوجلو أدهش الكثيرين يوم الأربعاء الماضي عندما صرح في فعالية حزبية مقترحا أن تنضم غزة إلى تركيا وذلك ردا على تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن غزة، والتي أعلن رغبته في السيطرة عليها إعجابا بموقعها الجغرافي وتحويلها إلى «ريفيرا الشرق» واقترح شراء غزة قبل أن يتراجع عن فكرة الشراء هذه وذلك حتى يمكنه تهجير أهالي غزة حوالي 1.
ومنذ افتراق أردوغان وأوغلو قبل عدة سنوات لم يصدر عن أوغلو ما يشير إلى اهتمام بفلسطين أو غزة، ولذلك كانت تصريحاته حول انضمام غزة إلى تركيا مؤقتا حتى يتم إنشاء دولة فلسطينية، أمرا لافتا للانتباه ويقتضي التوقف أمامه ولو قليلا، ولعلّ من حسن الحظ أن أحمد داود أوجلو، صاحب نظرية «زيرو مشاكل بين تركيا وكل جيرانها» التي طرحها أثناء رئاسته للحكومة التركية لا يتحدث باسم الحكومة التركية أو أردوغان ولكنه يتحدث باسمه الشخصي على الأرجح ولكن وزنه السياسي يقتضي التوقف أمامه؛ لأنه يعبر عن رأي لا ينبغي أن يمر هكذا.
من جانب آخر فإنه من المهم والضروري الإشارة إلى حقيقة أن غزة بوجه خاص وفلسطين بوجه عام لا تبحث عن انتماء لها ولا عن أرض يتم التهجير إليها لأنها موجودة على أرضها بالفعل ليس فقط قبل أن يولد السيد المسيح عليه السلام بأكثر من ألفي عام، ومن ثم فإن الفلسطينيين في غزة لا يحتاجون إلى ترامب ولا إلى غيره ليبحث لهم عن مكان أفضل يعيشون فيه بدلا من العيش وسط الأنقاض التي تسبب فيها نتنياهو مع سبق الإصرار وتعمد الإساءة وتدمير حياة الفلسطينيين في غزة وعلى امتداد الأراضي الفلسطينية ولكن رسالة الفلسطينيين أثناء عودتهم إلى شمال غزة قبل أيام كانت رسالة بالغة المعنى والدلالة، على ترامب وأوغلو وبالطبع نتنياهو وكل المتطرفين الصهاينة وكل الذين حاولوا عرض وتنفيذ تهجير الفلسطينيين من وطنهم الذين رووه بالدم على امتداد التاريخ ومن ثم لا يمكن التخلي عنه أو التفريط فيه مهما كانت التضحيات، ولا تحت أية ظروف، أما إعادة الإعمار في غزة فإنها أمر آخر سوف تتضافر فيه جهود الفلسطينيين والعرب وأصدقائهم في العالم من أجل إعادة التعمير والبناء وقبل ذلك ينبغي أن تتحمل إسرائيل والولايات المتحدة عمليات تعويض تلك الخسائر، أما الأرواح والضحايا من الشهداء فليعوضهم الله وليرحمهم ويدخلهم فسيح جناته لما قدموه من تضحيات .. وإذا كان ترامب يريد الاستيلاء على جرينادا ويريد السيطرة على قناة بنما ويريد أن تنضم كندا إلى الولايات المتحدة كولاية ويريد ويريد الكثير على حساب العالم لمجرد قدرته وقدرة الولايات المتحدة على فرض ما يريد أو تصور هذه الإمكانية جدلا، وبغض النظر عن القانون الدولي وما يحكم العالم من قيم ومبادئ وأوضاع مستقرة بين الشعوب وفي التعامل فيما بينها منذ سنوات وقرون فإن هذه الأفكار والتطلعات والأطماع كفيلة بأن تقلب أوضاع العالم رأسًا على عقب وبمنطق رفضته البشرية لتشيد حضارة ولتبني حياة مستقرة، أما استدعاء التاريخ وإعادة فرض أحكامه والاستناد إليها كمبرر لخلط أوراق الواقع أو إنكاره بحجة إعادة البناء من جديد فإنه سيخلق أوضاعا بالغة الصعوبة وإثارة مشكلات صعبة ومعقدة ويصعب العيش فيها بسلام في كثير من مناطق العالم.
وإذا كان ما طرحه الدكتور أحمد داود أوجلو بشأن غزة يظل تعبيرا عن وجهة نظر شخصية وليس رؤية سياسية للدولة التركية تعمل من أجل ترجمتها أو تحقيقها الآن أو بعد ذلك فإنه من الأهمية بمكان التأكيد على عدد من الجوانب، من أهمها:
أولا، إن إرث الدولة العثمانية الذي استدعاه الدكتور أوغلو الآن هو إرث امتد لنحو 600 عام منذ الفتح العثماني لمصر عام 1517 على يد سليم الأول حتى هزيمة تركيا في نهاية الحرب العالمية الأولى وتوقيع معاهدة «سيفر» التي يمر عليها مائة عام في هذه الفترة وترغب تركيا في التحلل من بعض قيودها.
ويحمل الإرث العثماني باعتباره تاريخًا أكثر من وجهة نظر والتقييم من خلالها وفي النهاية فإنه تاريخ جدير بالاحترام بغض النظر عما تم خلال أكثر من خمسمائة عام شهدت الكثير من التقلبات والأحداث وهزت العروش الأوروبية بقوة قبل أن تضعف، وقد ذكر أوجلو أن سكان غزة هم «رفاق ومواطنون طبيعيون» بتاريخهم المشترك مع تركيا، وأضاف: «يجب على شعب غزة إجراء استفتاء شعبي عام ليكونوا مرتبطين بالجمهورية التركية كمنطقة تتمتع بالحكم الذاتي حتى يتم إنشاء دولة فلسطين. وأضاف: «الدولة العثمانية كانت آخر دولة شرعية حكمت غزة قبل الانتداب البريطاني مشددا على أن الفلسطينيين ما زالوا يحملون الهوية العثمانية في وجدانهم وتاريخهم» وقال رئيس وزراء تركيا ووزير خارجيتها السابق: إن ترامب لا يريد القطاع بمساحته الإجمالية التي تصل إلى 309 كيلومترات مربعة بل يستهدف «فتحه على البحر» بين قبرص ومصر حيث توجد حقول غاز طبيعي. «مؤكدًا أن هذه الحقول هي حق مشروع للفلسطينيين. ومحذرًا من المخطط الأمريكي الإسرائيلي للاستيلاء عليها».
ثانيًا، إنه من الواضح أن كلام داود أوجلو ليس دقيقًا فغزة وبقية فلسطين كانت تحت الحكم البريطاني عقب سيطرة بريطانيا عليها في بداية الحرب العالمية الأولى ولم تكن هناك علاقة قانونية شرعية بين غزة والدولة العثمانية في ذلك الوقت؛ لأن تركيا كانت مشغولة بالحرب.
من جانب آخر فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو هل حديث أوجلو عن غزة في هذه الظروف هو رغبة في إنقاذها وهو حرص على غزة ؟ أم أن هناك شيئًا آخر يفكر فيه أوجلو؟ على أية حال وكما سبقت الإشارة إليه فإن غزة لا تبحث عمّن تنتسب إليه ، وإذا كان الأمر كذلك فإنه من المعروف أن غزة كانت منضمة إلى مصر بموجب قرار جامعة الدول العربية في عام 1950 بعد أن تم ضم الضفة الغربية إلى الضفة الشرقية لنهر الأردن وإعلان إنشاء المملكة الأردنية الهاشمية منذ ذلك الوقت وتم ضم غزة إلى مصر للحفاظ عليها. ثم طرأ ما طرأ بعد اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979 ونقل الجامعة العربية من مصر إلى تونس في ذلك العام وكانت منظمة التحرير الفلسطينية تدير غزة والضفة حتى انتخابات 2006 التي فازت فيها حركة حماس في غزة ثم قامت بالسيطرة على غزة بالقوة منذ عام 2007 ولا تريد ترك الحكم في غزة ولا إشراك السلطة الفلسطينية في حكمها وفشلت الكثير من محاولات تكوين وحدة بين فتح وحماس لأسباب معروفة.
وبالنسبة لاقتراح أحمد داود أوجلو فإن تحسن وقوة العلاقات التركية مع حماس لن يسهل ولن يفتح الطريق أمام ضم غزة إلى تركيا لأسباب عديدة على الأقل. وتظل تصريحات داود أوجلو مجرد وجهة نظر شخصية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: غزة إلى فی غزة أن غزة
إقرأ أيضاً:
“غزة ليست للبيع”.. أوروبا تنتفض ضد خطة التهجير التي يتبناها ترامب
20 فبراير، 2025
بغداد/المسلة: أثار إعلان دونالد ترامب عن خطته لتهجير سكان غزة قسرًا ردود فعل أوروبية غاضبة، حيث اعتبرها العديد من القادة فضيحة وانتهاكًا صارخًا للقانون الدولي. ورغم أن الخطة لم تتجاوز مرحلة الاقتراح، فإنها وُجهت بإدانة واسعة من العواصم الأوروبية، التي رأت فيها تطهيرًا عرقيًا غير مقبول وخطوة تزيد من تفاقم الأزمة بدلاً من حلها.
المستشار الألماني أولاف شولتس وصف تصريحات ترامب بأنها “فضيحة وتعبير فظيع حقًا”، مؤكدًا أن “تهجير السكان أمر غير مقبول ومخالف للقانون الدولي”.
أما وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، فصرّحت بأن “غزة، مثل الضفة الغربية والقدس الشرقية، أرض فلسطينية”، مشددة على أن أي محاولة لطرد سكانها ستؤدي إلى المزيد من الكراهية والمعاناة.
في بريطانيا، أعرب رئيس الوزراء كير ستارمر عن معارضته الصريحة للخطة، مؤكدًا في جلسة برلمانية أن “أهل غزة يجب أن يعودوا إلى ديارهم، ويُسمح لهم بإعادة البناء”، مشيرًا إلى أن دعم هذه العملية هو السبيل الوحيد لتحقيق حل الدولتين. كما شدد على ضرورة الحفاظ على وقف إطلاق النار في القطاع، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية.
إسبانيا، من جهتها، ردّت بحزم على المقترح الأميركي، إذ أكد رئيس الوزراء بيدرو سانشيز أن بلاده “لن تسمح بتهجير الفلسطينيين”، معتبرًا أن “احترام القانون الدولي في غزة واجب كما هو في أي مكان آخر”. بينما شدد وزير الخارجية الإسباني على أن “غزة جزء من الدولة الفلسطينية المستقبلية”.
وفي فرنسا، رفض الرئيس إيمانويل ماكرون خطة ترامب، معتبرًا أن “غزة ليست أرضًا فارغة بل يسكنها مليونا شخص، ولا يمكن ببساطة طردهم منها”، مضيفًا أن “الحل ليس في عمليات عقارية، بل عبر مقاربة سياسية”. كما أصدرت وزارة الخارجية الفرنسية بيانًا أدانت فيه الخطة، مؤكدة أنها تشكل “خطورة على الاستقرار وانتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي”.
أما سلوفينيا، فقد وصفت وزيرة خارجيتها تانيا فايون تصريحات ترامب بأنها تعكس “جهلًا عميقًا بالتاريخ الفلسطيني”، بينما أكدت الحكومة الإيطالية أنها تدعم حل الدولتين، معربة عن استعدادها لإرسال قوات لحفظ الاستقرار في القطاع.
ورغم الرفض الأوروبي الواسع، كان هناك استثناء واحد، حيث رحب زعيم اليمين المتطرف الهولندي خيرت فيلدرز بالخطة، داعيًا إلى ترحيل الفلسطينيين إلى الأردن. غير أن الحكومة الهولندية أكدت أن موقفه لا يمثلها، مجددة دعمها لحل الدولتين.
الرفض الشعبي للخطة كان قويًا أيضًا، إذ شهدت عواصم أوروبية مثل لندن وبرلين ودبلن وستوكهولم وأوسلو مظاهرات حاشدة، شارك فيها آلاف المتظاهرين رافعين شعارات مثل “لا للتطهير العرقي” و”غزة ليست للبيع”. كما عبرت الصحافة الأوروبية عن استنكارها، حيث وصفت مقالات عدة المقترح بأنه “مضي بأقصى سرعة نحو التطهير العرقي”، محذرة من أن ترامب يقوض ما تبقى من القانون الدولي.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author AdminSee author's posts