الألوسي الذي أحب العمانيين والعمارة العمانية
تاريخ النشر: 17th, February 2025 GMT
تساءلت مرات ومرات عن روعة التصميم المعماري للمركز الثقافـي بصلالة (مبنى المديرية العامة للتراث والسياحة حاليًا)، الذي لا أدري بالضبط متى زرته لأول مرة لكنه يبدو فـي منتصف التسعينيات من القرن الماضي، إذ سمعت عن المكتبة العامة هناك، وذهبتُ لأستطلع المكان، مكثت فـي المكان ساعات طويلة حيث توجد المكتبة العامة، وصالة عرض للآثار والمقتنيات.
ذات مرة تابعت حوارا مع الألوسي فـي إحدى الفضائيات العربية، وتحدث عن تصاميمه المعمارية فـي سلطنة عمان منها البنك العربي فـي مسقط، والبنك المركزي فـي مدينة صلالة، وسفارة دولة الإمارات العربية المتحدة فـي مسقط، والسفارة القطرية فـي مسقط، وفندق مطرح، والعديد من المباني فـي العالم منها مشروع القصر الرئاسي فـي برازفـيل فـي الكونغو، ومبنى خدمات مرسيدس بنز فـي أرمينيا، ومبنى جريدة القبس فـي الكويت.
بعد المقابلة توصلت إلى الإجابة التي استعصت عليّ طويلًا، إذ تعرفت على أعمال معاذ الألوسي الذي لم يكن مهندسًا أو معماريًا بل كان صاحب مشروع ثقافـي ورؤية فنية لأنسنة المدن، ويتضح ذلك فـي كتابه «نوستوس: حكاية فـي شارع بغداد» الصادر عام 2012، عن دار رمال، فـي الكتاب المكتوب بلغة فنية وأدبية جميلة، تتكشف شخصية المثقف والفنان الذي قاده شغفه وعمله وعلمه إلى مدن عدة، بدءا من أنقرة حيث درس الهندسة المعمارية على يد أساتذة وخبراء فـي الهندسة والفنون منهم المعماري التركي عبدالله كوران أستاذه فـي تاريخ الفن والعمارة، يقول عنه الألوسي: «المعلم الذي له أكبر الأفضال، وله بصمة فـي تعليمي هو الأستاذ عبدالله كوران، علمنا هذا المربي الكبير كيف نميز ونفهم ونحلل ونقارن العمل الجيد فـي الفن والعمارة، كيف ننظر إلى التراث، وإلى أنفسنا.. ترك عبدالله بك (كان يصر على هذه التسمية) عدة كتب فـي العمارة الإسلامية والعثمانية والسلجوقية، وترك مُريدين. إنني مدين له مدى الحياة».
هذا الوفاء والنبل ينضحان من شخصية الفنان الألوسي الذي يذكر فـي كتابه أيضا تقديره للعمانيين يقول: «فـي الخليج يجب أن يكفلنا متنفذ محلي. الكافل فـي عُمان كان الحاج النبيل علي السلطان [علي سلطان]، مثال الرقي والأصالة فـي السلوك، لم أجد لضيافته مثيلا لها فـي الخليج. والحال لابد من ذكر بعض مواقف الحاج علي: فعند العمل على إنشاء فندق مطرح الجديد الذي تملكه العائلة دعاني للعشاء فـي بيته اعتذر مرارا وتكرارا لاضطرارنا للعشاء فـي الفندق بعد البيت. لوجود الأهل جميعا خارج سلطنة عمان، لم أفهم سبب الاعتذار فأعلمني بأن تناول الطعام خارج البيت غير مضياف. لذلك دعاني إلى البيت أولا ثم الفندق. خلال ترددي على الخليج فـي الأربعين سنة الماضية لم أُدع إلى بيت خليجي إلا مرة أو مرتين فـي الكويت والبحرين فقط».
يركز الألوسي فـي كتابه عن الاستثناء المعماري فـي المنطقة: «مدن الخليج يُستثنى منها عُمان، ولحدٍ ما البحرين، وجزء من الشندغة والبستكنة، لها نمو غير عادي».
نأمل أن تُتاح الفرصة للكاتب والمهندس والفنان معاذ الألوسي لزيارة مسقط، وتكريمه فـي إحدى المناسبات الخاصة بالعمارة فـي سلطنة عمان، التي ترك فـيها بصمة ثقافـية وفنية لا تزال ماثلة للعيان.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً: