مونيكا وليم تكتب: بين الصدامية والبراغماتية.. تحليل شخصية ترامب في فترته الثانية
تاريخ النشر: 17th, February 2025 GMT
أظهرت الأسابيع القليلة مدي تأثر السياسة الخارجية الأمريكية؛ وذلك عقب تنصيب دونالد ترامب، إذ أن منذ توليه الإدارة الثانية للولايات المتحدة الأمريكية، أثارت المسارات المتقلبة والتذبذبات السياسية التي انتهجها العديد من التساؤلات التي بدت تطفو على السطح في محاولة لفهم شخصيته بعد إعادة انتخابه وتأثيرها علي تفاهماته الخارجية خلال الأربع سنوات القادمة.
وفقًا لمقاربات التحليل السياسي، تتعدد الرؤى التحليلية المفسرة للسياسات الخارجية للدول، لكن لا يوجد اتفاق عام فيما بينها حول إشكالية العوامل النفسية والدوافع والسمات الشخصية للقادة ومدي تأثيرها في صنع قرارات السياسة الخارجية.
وعليه، يمكن تفسير سلوك ترامب من خلال نظريات القيادة السياسية الشعبوية، التي تعتمد على إثارة الجدل، والتصعيد الخطابي، واتخاذ قرارات مفاجئة لتحقيق مكاسب سياسية داخلية. كما أن أسلوبه غير التقليدي في إدارة العلاقات الدولية يعكس توجهًا شخصيًا يميل إلى كسر الأعراف الدبلوماسية، ما أدى إلى حالة من عدم الاستقرار في السياسة الخارجية الأميركية.
وعلي هذا الأساس تسعي هذه المقالة إلي تحليل النسق السياسي العقيدي للرئيس ترامب.
عند المقارنة بين ترامب خلال أدارته الأولي والثانية، يتبين أن هناك بعض الجوانب الثابتة التي تحمل في طياتها ذات المعتقدات والمغالطات وعليه، قد ارتكزت عقيدة ترامب فى السياسة الخارجية فى ولايته الأولى على مفهوم الصفقة، أى التعامل مع السياسة من منظور اقتصادى، نابع من خلفيته الاقتصادية كرجل أعمال ومن خارج المؤسسات التقليدية والأروقة السياسية، وهو ما ترُجم فى رفع شعار أمريكا أولاً وبيع الأمن للحلفاء، وهو ما تسبب فى توترات خاصة مع دول حلف الناتو، التى ضغط عليها لزيادة الانفاق العسكرى لأكثر من 2%، كما تبنى عقيدة الصفقة فى التعامل مع الخصوم مثل كوريا الشمالية والصين وإيران، عبر إبرام صفقات متعددة الابعاد، الانفتاح علي كوبا والشراكة مع المحيط الهادئ وهو المنحي ذاته الذي ينتهجه الرئيس الامريكي منذ تنصيبه في 2025.
علاوة على ذلك، سيستمر ترامب في الاعتقاد بأن عدم القدرة على التنبّؤ بتصرّفاته تُعد سمة مميزة، لانتهاج نظرية الرجل المجنون madman theory في العلاقات الدولية خلال فترة ولايته الثانية، والتي تنطلق افتراضاتها من أنّ الرئيس الذي يتصرّف كما لو أنه قادر على فعل أيّ شيء يمتلك فرصة أفضل لإقناع الجهات الفاعلة العالمية الأخرى بتقديم تنازلات لم تسع لتقدّمها لولا ذلك. ومع استقراء الملابسات التاريخية تبين أنه عادة ما ارتبطت بالسياسة الخارجية للرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون وإدارته الذي ارتكز عليها في تعاطيه مع فيتنام الشمالية لتعتقد أنّه قادر على فعل أي شيء لإنهاء حرب فيتنام، بما في ذلك استخدام الأسلحة النووية.
أما يتعلق بالاختلاف عن أدارته الأولي، فهناك عدة محددات في هذا الإطار، تتمثل فى خريطة دولية وواقع سياسي مغاير على كافة الأصعدة، سواء بين تحولات الشرق الأوسط وتعقيدات المصالح الإقليمية والدولية، أو على مستوي التحالفات الجيوسياسية لدي الصين وروسيا.
أما المحدد الثاني، يتعلق بقدرته على التنفيذ على خلفية فوزه باكتساح في كلا الكتلتين التصويتيين سواء على مستوى الأصوات الشعبية او على مستوى المقاعد في المجمع الانتخابي.
وأخيرا ، بالنظر إلي انه أصبح لديه باع في الممارسة السياسية وخبرة موسعة لأنماط تبنى منهج الواقعية والمواءمات كونه يملك أسانيد اكثر وضوحا ولديه آليات و أوراق ضغط فهو تًعدي فترة استقراء الأوضاع واستكشاف الابعاد وطبيعة التفاعلات وذلك على خلاف فترته الأولى التي استمرت لأربع سنوات تتسم بالتحديات، بدءًا من تفاقم تبعات كوفيد-19, مرورًا بالملاحقات القانونية حيث خاض العديد من المعارك القانونية ، وصولًا إلى التحديات الجسدية المرتبطة بمحاولات تصفيته ؛ وهو ما انعكس بدوره فى تبني ترامب نهجًا احادياً دون التنسيق مع معاونيه برز من خلال أعلان المتحدثة باسم البيت الأبيض بأن المقصود ليس تهجيرا دائم خارج القطاع في حين ظهر وزير الخارجية مارك روبيو واكد انه مجرد اقتراح وان هناك عدد من الخيارات، إلي جانب اتخاذه عدة إجراءات من قبيل ، تقويض الاتفاقيات الدولية وفرض رسوم جمركية علي بعض الدول ورفعها ، الانسحاب من المنظمات الدولية وبالتالي ترك فراغ سياسي سوف تقوم روسيا والصين بإشغاله ، أستعداء بعض من الدول العربية
ومن ثم، ستُشكل الأربع سنوات القادمة ظواهر وأحداث دبلوماسية فارقة في المجتمع الدولي، ويعزي هذا إلى سلوك إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تجاه الفاعلين الدوليين بشكل عام، ومرئياتها حول التعامل مع القضايا المعقدة في الأقاليم المحتضنة لبؤر التوتر.
على الرغم من المؤشرات المبنية على رؤية ترامب وترشيحاته للمناصب الرئيسة في إدارته، فإن مزاجيته، وتقلباته، وعدم امتلاكه منظومة أفكار منسجمة ومعززة بالمنطق، كلّها عوامل ستجعل من الصعب التنبؤ بسياسته الخارجية؛ لذلك سيكون على العالم التعايش مع فترة من التقلب وعدم اليقين، قد يشوبها الكثير من التصادم، وإن كان ترامب يؤكد أنه يريد أن ينهي الحروب القائمة، لا أن يبدأ حروبًا جديدة.
وارتكازا علي ما سبق يُطرح التساؤل الآتي: ما هي حدود التغيير الاستراتيجية لأتجاهات السياسة الخارجية الأمريكية الأمريكية ؟ ما هي جوانب الاستمرار في تلك الاستراتيجية؟
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: ترامب دونالد ترامب السياسة الخارجية الأمريكية المزيد السیاسة الخارجیة
إقرأ أيضاً:
خبير علاقات دولية: السياسة الخارجية لمصر تشهد توسعا في علاقاتها مع الشركات الإقليمية
قال الدكتور طارق البرديسي، خبير العلاقات الدولية، إن السياسة الخارجية المصرية تشهد توسعًا ملحوظًا في علاقاتها مع الشركات الإقليمية والدولية، وهو ما يسهم بشكل كبير في تعزيز دور مصر على الساحة العالمية.
توسيع العلاقات مع الشركات الإقليميةوأضاف "البرديسي"، خلال مداخلة هاتفية في برنامج "90 دقيقة" المذاع على قناة "المحور"، أن مصر تنتهج سياسة نشطة في تقوية علاقاتها مع الشركات والدول الإقليمية، وهو ما يعتبر من العوامل الأساسية التي تساهم في تعزيز قوتها في المحافل الدولية.
وأكد أن هذا التوسع في العلاقات الإقليمية يساعد في جذب المزيد من الاستثمارات ويعزز من التبادل التجاري مع الدول الشقيقة والصديقة.
تعزيز الرؤية المصرية على الساحة الدوليةوأوضح أن هذه العلاقات القوية تساهم في بلورة الرؤية المصرية وتعزز من مكانتها على الساحة العالمية.
ونوه بأن مصر تسعى لاستثمار تلك العلاقات لصالح الاقتصاد الوطني ولتحقيق المزيد من التنمية في مختلف المجالات، خاصة في ظل الظروف السياسية والاقتصادية الراهنة.
وأشار إلى أن مصر تعمل على أن تكون لاعبًا رئيسيًا في الحوارات الإقليمية والدولية، وأن العلاقات القوية التي تربطها بالشركات والدول تؤهلها لتحقيق أهدافها على جميع الأصعدة، سواء في مجال الاقتصاد أو السياسة أو الثقافة.