الخليج الجديد:
2025-03-15@19:31:24 GMT

التآكل البنيوي للنظام السوري

تاريخ النشر: 22nd, August 2023 GMT

التآكل البنيوي للنظام السوري

التآكل البنيوي للنظام السوري

التآكل البنيوي للنظام السوري، على الصعيد الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والفكري والأخلاقي والأيديولوجي، ينهش قلب الأسد من الداخل.

العالم يُدرك بشكل ملموس بأنه لا سلام وعدل للسوريين، بدون معالجة جذرية لجرائم الأسد ونظامه، وتشكل مرتكز الكارثة منذ خمسة عقود.

دار نظام الأسد منذ 2011 في دورة حقد وانتقام وثأر من السوريين مستخدماً كل الجرائم والوسائل التي تمكنه من تدمير المجتمع الثائر ضده!

يمتلك الشعب السوري أسباب بالآلاف تدعوه للثورة على ديكتاتور بحجم الأب، وفي ذاكرتهم ووعيهم ملايين الأسباب تدفع للتفكير بأن يكون مستقبل سوريا حراً بدون ابنه المجرم.

للخروج من أزمات مستعصية في المعيشة والأمن والكرامة، لم يعد أمام السوريين إلا الانتظام في بوتقة واحدة تكررت منذ أيام في دمشق وريفها، ومن الجنوب إلى الساحل السوري.

يبدأ خلاص السوريين برحيل الأسد وعصابته كما اتضح من الشعارات والهتافات المرفوعة ردا على ما وصلت إليه أوضاع السوريين من قمعٍ وقتلٍ وتفقير وتهجير، وهدر للكرامة الإنسانية.

* * *

تزداد الضغوط التي يرزح تحتها المجتمع السوري، بعد عقدٍ من تحطيمه وقتله وتهجير الملايين منه، وقبضة النظام السوري الأمنية في مناطق سيطرته والتي أعادها لسطوته لم تُقدم للسوريين إلا الإفلاس.

ظهر الإفلاس على النظام السوري في تصديه للشعب السوري الثائر على نظام قمعي ووحشي، وشعاراته عن تحقيق "النصر" على السوريين ومحاربته للمؤامرة وغيرها من الذرائع؛ استخدمت لتغطية جرائم كبرى ارتكبها النظام بحق ملايين السوريين الذين يراهم الأسد في "نيفٍ" زاد عن المائة ألف متظاهر سوري كما في أكاذيبه الاعلامية المتخشبة.

الظن أن هذه الشعارات ستملأ بطن الجائعين من حاضنته الشعبية، أدى لتململ تطور نحو تحدي النظام من مؤيديه السابقين وقد تحولوا لمعارضين لسياساته الاقتصادية والأمنية، وأطلقوا شعارات توحد مطالب السوريين.

وللخروج من أزمات مستعصية في المعيشة والأمن والكرامة الإنسانية، لم يعد أمام السوريين سوى الانتظام في بوتقة واحدة تكررت منذ أيام في دمشق وريفها، ومن الجنوب إلى الساحل السوري، بأن خلاصهم يبدأ برحيل الأسد وعصابته، كما اتضح من الشعارات والهتافات المرفوعة ردا على ما وصلت إليه أوضاع السوريين من قمعٍ وقتلٍ وتفقير وتهجير، وهدر للكرامة الإنسانية.

في دورة الحقد والانتقام والثأر من السوريين، التي دار فيها نظام الأسد منذ العام 2011، مستخدماً كل الجرائم والوسائل التي تمكنه من تدمير المجتمع الثائر ضده، استمع الشعب السوري طيلة سنوات تحطيمه لسيل من بلاهة التصريحات والمواقف العربية والغربية، والمراهنة على إعادة تعويم النظام.

فرغم تاريخ عذابات السوريين مع نظام الأسد، لم يُنصف أحد السوريين إلى اليوم، بل زادت كل الصفات المأساوية التصاقاً بهم، وتُشعرهم بالنقص والسلب والإهانة والعنصرية، قبل أن يعطف عليهم انحطاط القيم الإنسانية بصفة "إرهابيين" في وطنهم وفي بلاد التشرد.

وقد قيل في الماضي القريب إن السوري الجيد هو القابع تحت سيطرة الأسد يمجده ويثني على جرائمه. هكذا قدم الأسد حاضنته لبقية السوريين والعالم، وشوه بتزييف مماثل نزع الكرامة الإنسانية والوطنية عنهم.

هذا السوري المنسي والمعذب، ينتسب لسهول القمح وأرض الزيتون والقطن والخضار والحمضيات، وفي جوفها خيرات كثيرة من بترول وغاز وفوسفات، وقد أصبحت رهينة في أيدي احتلال قايض مساندة وجود الأسد مقابل السيطرة على موارد الشعب السوري وفاقم من معاناته اليومية.

يرى هذا السوري كل لحظة السطو على جزء من أرضه وتاريخه وثرواته لمحاولة طمس الحقائق وقتل روح التمرد بمعاقبته وسحقه وإذلاله، لكن لا يمكن لهذه السياسات والإجراءات التي جرب معظمها الأسد على أجساد السوريين بمساعدة حلفائه، أن تضمن له استمرارية في حياتهم ووجودهم المستقبلي.

تقديم أساليب المراوغة لجأ إليها طغاة ومحتلون كُثر في التاريخ لحماية أنفسهم، لكن الواقع قدم نتائج مغايرة لأوهام المراغة والتزييف، وكان لها مفعول مختلف.

وإذا كان من المعترف به أن السوريين قدموا تضحياتٍ لمواجهة أعتى الأنظمة وحشية في بلدهم، ومواجهة خذلان العالم كله، بما فيه خذلان من "واكب" تضحياتهم لفظاً، فإن الطموحات والهمم عالية وعالية جداً، كما واكبناها في الجنوب السوري من درعا والسويداء.

وفي شجاعة من حطم أسوار الخوف في الساحل السوري، فتلك من المنجزات التي حققها السوريون في ثورتهم وتضحياتهم، وبعد افتضاح وحدة الجبهة المعادية لهم عربياً وإقليمياً، مع بروباغندا تحاول إثبات بطلان وزيف حرية السوريين وربطهم بالمؤامرة، وتقديمهم كقاصرين لا يمكن لهم العيش دون أن يحكمهم فاشي بوزن الأسد.

تبقى القضية الناشئة أمام الشعب السوري، في تجديد ثورته على الطاغية الأسدي، رغم موجات القتل والدمار التي تُفسح المجال لمراكمة أسباب للتخلص من هذا النظام وببدائل كانت مطروحة منذ البداية، لكن وحشية النظام غطت على كل شيء.

وبدون الشعور بالحاجة لتضييق الخناق على النظام، لن يكون هناك خلاص قريب من كل الآلام والأوجاع. وفي هذا المجال يمكننا التقرير بأن العالم يُدرك بشكل ملموس بأنه لا يمكن تحقيق سلام وعدل للسوريين، بدون معالجة جذرية لجرائم الأسد ونظامه، والتي تشكل مرتكز الكارثة منذ خمسة عقود.

والقضية السورية ليست مطلبية في يومياتها لخبزٍ وكهرباء وماء، مع أنها أسباب لاندلاع ثورات في التاريخ، وعلى نظام أهدر مقدرات السوريين واستحوذ عليها مع عائلته.

بل هناك أسباب سورية بحتة متراكمة بأطنان الأدلة والبراهين بأن السوريين لديهم الحق والرغبة في الحرية والكرامة والمواطنة والتخلص من الاستبداد، ومحاسبته عن الجرائم المثبت ضلوعه بها.

أخيراً، التآكل البنيوي للنظام السوري، على الصعيد الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والفكري والأخلاقي والأيديولوجي، ينهش قلب الأسد من الداخل، ولأن الشعب السوري يمتلك منذ الأسد الأب آلاف الأسباب اليومية التي تدعوه للثورة على ديكتاتور بحجم الأب، وأصبح في ذاكرة ووعي السوريين ملايين الأسباب التي تدفعهم للتفكير بأن يكون مستقبل سوريا حراً بدون الابن المجرم.

*نزار السهلي كاتب صحفي فلسطيني

المصدر | عربي21

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: سوريا ثورة الأسد احتجاجات أزمات القمع نظام الأسد النظام السوري الشعب السوري الشعب السوری الأسد من

إقرأ أيضاً:

في ذكراها الـ14.. هذه محطات الثورة السورية من الشرارة الأولى إلى دخول دمشق

في مثل هذا اليوم قبل 14 عاما، انطلقت الثورة السورية حاملة معها آمال شعب يتوق للحرية والكرامة والتخلص من القبضة الأمنية التي حكم بها نظام الأسد البلاد طوال عقود عدة.

بدأت الاحتجاجات التي انطلقت في دمشق في 15 آذار /مارس ومن ثم درعا في 18 من الشهر ذاته سلميةً، لكن سرعان ما قوبلت بالقمع الدموي، ما أدى إلى تصاعد الأحداث وتحولها إلى صراع طويل الأمد.

وعلى مدار أكثر من عقد، مر السوريون بمراحل مفصلية مليئة بالتحديات والآلام، حتى حققت الثورة هدفها أخيرا في 8 كانون الأول /ديسمبر عام 2024، بإسقاط نظام بشار الأسد، لينتهي بذلك عهد دام 61 عاما من حكم نظام حزب البعث، و53 عاما من حكم عائلة الأسد.

شرارة الثورة 
في 15 آذار /مارس عام 2011، خرج السوريون للتظاهر في مدينة دمشق مطالبين بالإصلاحات السياسية والعدالة، مستلهمين من الثورات العربية التي سبقتهم، ما أدى إلى اعتقالات في صفوف المتظاهرين.

وفي 18 آذار /مارس من العام ذاته، بدأت المظاهرات في درعا بعد اعتقال وتعذيب أطفال كتبوا شعارات مناهضة للنظام، ما أدى إلى مقتل الشاب محمود الجوابرة أو قتيل على أيدي قوات النظام في الثورة السورية.


وسرعان ما امتدت الغضب الشعبي  الذي فجرته الأحداث في درعا التي عرفت بمهد الثورة السورية، إلى العديد من المدن بينها دمشق وحمص وحماة وإدلب ودير الزور وغيرها.

رد نظام الأسد بالعنف المفرط، حيث أطلقت قوات الأمن والجيش الرصاص الحي على المتظاهرين، وبدأت حملات اعتقالات واسعة في صفوف المدنيين، في محاولة لكبح جماح الثورة التي اتسعت رقعتها وتصاعدت وتيرتها بسبب تشبث النظام بالخيار الأمني رافضا لإجراء إي إصلاحات.

في تموز /يوليو عام 2011 وتحت تصاعد العنف من قبل النظام، انشق بعض الضباط عن الجيش وأسسوا ما عرف باسم "الجيش السوري الحر" بقيادة العقيد رياض الأسعد، لتتحول الثورة بشكل تدريجي منذ ذلك الحين إلى العسكرة لمواجهة عنف النظام. 

التصعيد والعسكرة 
مع استمرار القمع الوحشي، بدأ النظام باستخدام "البراميل المتفجرة"، وقصف المدن بشكل عشوائي، ما أدى إلى سقوط آلاف الضحايا، وأسفر عن موجات نزوح ولجواء واسعة.

وفي 21 آب 2013، ارتكب النظام إحدى أبشع جرائمه عندما قصف الغوطة الشرقية بالسلاح الكيميائي، مما أسفر عن مقتل أكثر من 1400 مدني أغلبهم من الأطفال.

في هذه الفترة، دخلت أطراف دولية وإقليمية على خط الصراع، حيث تدخلت إيران وميليشاتها على الأرض لدعم النظام، بينما دعمت دول أخرى المعارضة.

وفي أيلول /سبتمبر عام 2015، بدأت روسيا التي انضمت إلى داعمي النظام بشن ضربات جوية مكثفة على مناطق المعارضة، ما رجح كفة المعركة لصالح النظام الذي كاد يسقط حينها على وقع ضربات المعارضة.

المأساة الإنسانية والتهجير القسري 
شهدت هذه المرحلة واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العصر الحديث، ففي أواخر 2016، سقطت حلب الشرقية بيد النظام بعد حصار وتجويع وقصف استمر لأشهر، لتبدأ بذلك سلسلة من موجات التهجير القسري من عدة مناطق مثل الغوطة الشرقية ودرعا وريف حمص.

بحلول عام 2019، كان أكثر من 13 مليون سوري قد هُجّروا من ديارهم  سواء داخل البلاد أو كلاجئين في دول الجوار وأوروبا، وذلك بعد انكفاء المعارضة ومحاصرها في شمال غربي البلاد، في حين امتلأت سجون النظام الوحشية بالمعتقلين الذين فقد كثير منهم الحياة تحت أبشع أنواع التعذيب التي مارسها النظام بحقهم.

وكانت صور "قيصر" التي سربها المساعد أول فريد المذهان رئيس قسم الأدلة القضائية بالشرطة العسكرية في  العاصمة السورية دمشق، أكبر عملية تسريب أثبتت التعذيب الوحشي الذي كان النظام يمارسه ضد المعتقلين.

وتضمنت الصور التي أدت إلى فرض الكونغرس الأمريكي في كانون الأول /ديسمبر عام 2019  قانون "حماية المدنيين السوريين" الذي ههدف إلى فرض عقوبات اقتصادية على النظام وأفراد مرتبطين به. وعرف القانون باسم قانون "قيصر" في إشارة إلى جهود مسرب الصور المروعة.

الصمود والمقاومة 
رغم كل ذلك، لم يفقد السوريون الأمل، فقد استمر كفاحهم في الشمال السوري، وأصبحت إدلب آخر معاقل المعارضة بعد حملات النظام على معاقل المعارضة واحدا تلو آخر.

وعلى الصعيد السياسي، لم تنجح أي من المبادرات الدولية في إنهاء الصراع بسبب تعنّت النظام وداعميه أمام الحل السياسي، فضلا عن شروع العديد من الدول في العمل على إعادة تدوير نظام بشار الأسد ودمجه بالمنظومة الدولية.

لكن مع تفاقم الأزمات الداخلية، والانهيار الاقتصادي غير المسبوق في مناطق سيطرة النظام، بدأت حالة السخط تتصاعد حتى داخل المناطق التي كانت خاضعة له، وظهرت احتجاجات جديدة في السويداء ذات الغالبية الدرزية في 2023.

النصر وإسقاط النظام 
في أواخر 2024، تصاعدت الضغوط على النظام جراء الانهيار الاقتصادي الكبير وتحول رؤوس النظام إلى تجارة "الكبتاغون" وهو أحد أنواع المخدرات من أجل تأمين مصدرا ماليا، بينما بقي السوريون في مناطق سيطرة النظام يرزحون تحت وطأة الفقر وغياب الأمن وأبسط الخدمات والاحتياجات المعيشية.

كما ساهمت الأحداث التي تلت السابع من تشرين الثاني /أكتوبر عام 2023 في إضعاف داعمي النظام مثل إيران وحزب الله بسبب الضربات الإسرائيلية، في حين غرقت روسيا التي تمتلك قاعدتين عسكريتين على الساحل السوري في حربها المتواصلة مع أوكرانيا.

حتى جاءت اللحظة الفارقة في 27 تشرين الثاني /نوفمبر عام 2024 عندما أعلنت الفصائل السورية المسلحة في إدلب بدء عملية عسكرية واسعة تحت مسمى "ردع العدوان" ما أدى إلى انهيارات واسعة في صفوف النظام.

وخلال أقل من 48 ساعة، تمكنت فصائل المعارضة من بسط سيطرتها على محافظة حلب في 29 تشرين الثاني /نوفمبر من العام ذاته، ما قلب موازين القوى وأنهى التفاهمات الدولية التي أبقت الملف السوري في حالة من الجمود لأكثر من 7 سنوات.

في أعقاب ذلك، واصلت فصائل المعارضة بالتقدم إلى المدن وبسط سيطرتها عليها المحافظات السورية واحدة تلو الأخرى لينتهوا بعد 11 يوما في العاصمة دمشق.


وفي 8 كانون الأول /ديسمبر عام 2024، أعلنت الفصائل الثورية سيطرتها على دمشق بالكامل وسط انهيار مفاجئ لقوات النظام وهروب الرئيس المخلوع بشار الأسد وعائلته إلى روسيا التي منحته حق "اللجوء الإنساني" بأمر من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وفي 29 كانون الثاني/ يناير 2025، أعلنت الإدارة السورية الجديدة عن تعيين قائد قوات التحرير أحمد الشرع رئيسا للبلاد في المرحلة الانتقالية، بجانب العديد من القرارات الثورية التي قضت بحل حزب البعث العربي الاشتراكي ودستور عام 2012 والبرلمان التابع للنظام المخلوع.

وشرع الشرع في إدارة البلاد في المرحلة الانتقالية، منجزا العديد من الاستحقاقات التي وعد بها عقب توليه منصب الرئاسة، بما في ذلك المصادقة على الإعلان الدستوري الذي من شأنه أن ينظم المرحلة الانتقالية التي حددت بموجب الإعلان بمدة 5 سنوات.

مقالات مشابهة

  • في ذكراها الـ14.. هذه محطات الثورة السورية من الشرارة الأولى إلى دخول دمشق
  • السوداني يؤكد موقف العراق الثابت في احترام خيارات السوريين
  • FP: هل يتمكن حكام سوريا الجدد من مواجهة المشاكل التي زرعها الاستعمار الغربي
  • مصطفى طلاس.. قصة وزير دفاع الأسد الذي أرعب السوريين
  • مجلس الأمن يدين العنف بأحداث الساحل ويدعو لحماية كل السوريين
  • مجلس الأمن الدولي يطالب بحماية جميع السوريين "بلا تمييز"
  • الأم التي أبكت السوريين تطل ثانية .. (كلكم ولادي)
  • أردوغان يكرم عميد المعتقلين السوريين وخطيب الأقصى في حفل جائزة دولية
  • أبرز الفئات التي شملها قرار الداخلية السورية إلغاء بلاغات منع السفر
  • حكايات المندسين والفلول في سوريا