رفض قاطع لمخططات اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم ونشر الفوضى في المنطقة
تاريخ النشر: 17th, February 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تفكيك القضية الفلسطينية ومنح الأرض بصك وهمي من "ترامب" تذكير بوعد بلفور المشئوم
نجحت مصر طيلة الأيام الماضية في إيصال رسالة واضحة للعالم برفضها مخطط ترامب لتهجير الفلسطينيين ودعم قضيتهم وحقوقهم المشروعة. كما أدرك العالم أيضاً أن قناعة مصر "الرسمية والشعبية" راسخة، وشعورها صادق بالمسئولية الوطنية لدعم الفلسطينيين.
قناعة المصريين من صغيرهم لكبيرهم مبدئية، وفلسطين في القلب التي يرددونها ليست شعاراً بل فعلاً؛ ومن هنا فإنهم مصممون على الرفض القاطع لمنع مخططات تهدف لاقتلاع الفلسطينيين من أرضهم ونشر الفوضى في الشرق الأوسط. وتتضاعف المسئولية المصرية بالتأكيد في هذه المرحلة الخطيرة من الصراع العربي الإسرائيلي، حيث إن اللحظة الآن فارقة في تاريخ نضال الشعب الفلسطيني لإقامة دولته المستقلة، في ظل ظروف إقليمية ودولية مليئة بالصعوبات والتحديات، في مقدمتها المسعى الأمريكي لتفكيك القضية ومنح الأرض بصكّ وهميّ من الرئيس ترامب، يذكّر العالم بوعد بلفور المشئوم في 2 نوفمبر عام 1917 الذي أعطى ما لا يملك لمن لا يستحق، وذلك بناء على المقولة المزيّفة "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض" وهو مضمون الرسالة التي بعث بها آرثر جيمس بلفور وزير خارجية بريطانيا (1916 – 1919) إلى اللورد ليونيل دي روتشيلد كتأييد من الحكومة البريطانية لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين. كان روتشيلد صهيونياً نشطًاً وصديقًا لحاييم وايزمان رئيس الكيان الإسرائيلي، وهو من تولى صياغة إعلان فلسطين وطناً لليهود. وها هو ترامب يلوّح من جديد بمخططه للتهجير القسري لاستكمال نكبات بلفور.
وأبلغ الرئيس السيسي الأمريكيين مراراً وتكراراً أن مصر لا ترى حلاً للصراع الحالي سوى حل الدولتين ومنح الفلسطينيين حقوقهم المشروعة داخل دولتهم المستقلة. كما ترفض مصر أي وجود إسرائيلي في قطاع غزة، سواء كاحتلال كامل أو إقامة حزام أمني أو إنشاء منطقة عازلة داخل حدود غزة. وأكدت مصر بكل وضوح، مستخدمة كل الأدوات السياسية والدبلوماسية، أنه إذا لم تتم تسوية القضية فلن تنعم المنطقة بالأمن والاستقرار. كما دعمت كل المبادرات في إطار "حل الدولتين" بما يعيد للشعب الفلسطيني كامل حقوقه، وقد تبنت استراتيجية شاملة لدعم الفلسطينيين والتنسيق بين الأطراف الإقليمية والدولية المعنية بهدف التعامل مع جذور الصراع، وليس إدارته فقط.
وبينما كانت الدول الكبرى تقف متفرجة على مليونين ونصف المليون فلسطيني وهم يعانون من حرب إبادة وأزمة إنسانية كارثية ويواجهون العقاب الجماعي والحصار والتجويع والضغوط المكثفة للتهجير، كانت مصر تناضل لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة. وقد خاطبت دول العالم، خلال جلسة مجلس الأمن يوم 8 ديسمبر 2023 حول وقف إطلاق النار في غزة، مؤكدة من خلال مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة على خطورة حالة العجز التي أضحى عليها مجلس الأمن دون أداء واجبه في وقف الحرب، بل وعرقلة المحاولات الجادة لوقف إطلاق النار، وهذا يوضح إلى أى مدى أصبحت مصداقية الأمم المتحدة في التعامل مع الأزمات محلّ شكّ. وطالما نددت مصر بتلك المعايير المزدوجة وخاصة الفجوة الكبيرة بين الاستجابة الدولية للأزمة الأوكرانية وبين القضية الفلسطينية وشعبها الذي يعيش أزمة منذ عام 1948.
كما أن مصر لم تلتفت للحملات المغرضة التي تحاول التشكيك في دعمها للفلسطينيين ولم تتأخر عن تقديم المساعدات للقطاع الطبي الفلسطيني الذي تعرض للقصف العشوائي والتدمير الممنهج، وفي ذات الوقت استقبلت الجرحى والمرضى من غزة للعلاج في المستشفيات المصرية. وقدّرت الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية بسبب الحرب الإسرائيلية ضد غزة بنحو 29.9 مليار دولار وفقاً للتقييم السريع للأضرار الذي أجراه البنك الدولي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، إضافةً للأضرار التي امتدت إلى مصر والأردن ولبنان، وتجاوزت 10 مليارات دولار في عام 2023، بحسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
إن من عاش التحديات التي واجهتها مصر خلال نصف القرن الماضي، ومن قرأ التاريخ الحديث حول تضحيات مصر لمنع التمدد الصهيوني في المنطقة يعرف معدن هذا الشعب وأنه لا يتردد في تقديم الغالي والنفيس من أجل الوطن وفي مواجهة أي أخطار تحدق به وبجيرانه، وهو شعب الجبارين برجاله ونسائه من سلالة الشهداء الذين لا يخافون الضغوط والتهديدات، ومن يراهن على عكس ذلك فلم يتعلم شيئا عن هذا الشعب. لذلك، لا خوف عليه وسوف يقف بكل فئاته صفاً واحداً رغم الداء والأعداء وهم الآن يرددون – وبلسان الناس قبل الحكام والسياسيين- "ياما دقت على الرءوس طبول" في إشارة لا تحيد عن الهدف وهو رفض تهجير الفلسطينيين إلى سيناء أو أي مكان آخر؛ فهم يفدون بأرواحهم وطنهم وأمنه وعزته. وخلص الكلام والوقت الآن للأفعال!.
المصدر: البوابة نيوز
إقرأ أيضاً:
«قرار رئاسي» بإغلاق وزارة التعليم الأمريكية.. الأسباب والعراقيل التي تواجه ترامب
في خطوة مثيرة للجدل، وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا بإغلاق وزارة التعليم الفيدرالية، في محاولة جريئة لنقل مسئولية التعليم بالكامل إلى حكومات الولايات والمجالس المحلية.
الخطوة التي اتخذها ترامب تعكس توجهًا محافظًا قديمًا يسعى لتقليص دور الحكومة الفيدرالية في التعليم، لكنها في الوقت نفسه تضع مستقبل النظام التعليمي في الولايات المتحدة على المحك.
الرئيس الأمريكي قالها صراحة: «سنغلقها - يقصد وزارة التعليم - وسنغلقها بأسرع ما يمكن. إنها لا تفيدنا بشيء».
هذا التصريح يعكس استراتيجية ترامب المعتادة في ممارسة الضغوط السياسية، حتى لو لم تُنفذ الخطة بالكامل على المستوى التشريعي.
قرار مثيرالأمر التنفيذي الذي وقعه الرئيس الأمريكي، رغم أهميته الرمزية والسياسية، لا يعني أن وزارة التعليم ستُغلق فعليًا، فتفكيك وزارة حكومية يتطلب موافقة الكونجرس.
ويحتاج التصويت لإغلاق وزارة التعليم إلى حوالي 60 صوتًا في مجلس الشيوخ، وهو سقف لا يمتلكه ترامب حتى مع سيطرة الجمهوريين على المجلسين.
بمعنى آخر، ترامب قد لا يحتاج إلى مصادقة الكونجرس، إذ يمكنه عمليًا تحقيق الهدف نفسه عبر إضعاف وزارة التعليم من الداخل.
ومع ذلك، فإن التأثير العملي قد يتحقق عبر تفريغ الوزارة من مضمونها من خلال تسريح الموظفين وتقليص الميزانية، وهو ما قد يؤدي إلى انهيار دورها الفعلي حتى إن لم تُغلق رسميًا.
وإغلاق وزارة التعليم قد يعيد رسم ملامح النظام التعليمي الأمريكي بطرق كبيرة، فمن دون الدعم الفيدرالي، ستجد المدارس العامة نفسها في مواجهة نقص حاد في التمويل.
وسيعمق تفاوت التمويل الفجوة بين الولايات الغنية، التي تستطيع تعويض هذا النقص بمواردها المحلية، والولايات الفقيرة، التي ستُترك لمصيرها.
المدارس العامةالتعليم ملفٌ سياسيٌ ساخنٌ في الولايات المتحدة، فالمحافظون يرون في سياسات التعليم الفيدرالية تدخلًا حكوميًا غير ضروري، ويؤمنون بأن التعليم يجب أن يُدار محليًا.
على الجانب الآخر، يعوّل أنصار العدالة الاجتماعية على برامج التمويل الفيدرالي لدعم المدارس العامة، خصوصًا في المناطق الفقيرة، وبرامج تعليم الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.
إضعاف وزارة التعليم يعني أن المدارس العامة ستواجه أزمة حقيقية في التمويل، ما سيؤثر على مستوى الخدمات التعليمية.
الدعم الفيدرالي يُستخدم في تمويل برامج التغذية المدرسية، وخدمات تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة، وتطوير البنية التحتية، وتقليل كثافة الفصول.
وبالتالي، فإن توقف هذه المخصصات سيؤدي إلى تدهور الخدمات في المدارس العامة، خاصة في المناطق الفقيرة.
إغلاق الوزارة قد يعيد إنتاج تفاوت طبقي في النظام التعليمي، إذ ستتمكن الولايات الغنية من تعويض نقص التمويل عبر فرض ضرائب محلية أو زيادة المخصصات التعليمية.
وفي المقابل، ستعاني الولايات الأمريكية الفقيرة من تدهور مستويات التعليم بسبب غياب الدعم الفيدرالي.
القسائم التعليميةقد تشهد المدارس الخاصة ازدهارًا غير مسبوق، إذ إن إعادة توجيه الأموال الفيدرالية نحو برامج القسائم التعليمية سيعزز قدرتها على استقطاب الطلاب، تاركةً المدارس العامة تتراجع.
برامج القسائم التعليمية تُطبق في عدة ولايات، وتدعمها التيارات المحافظة باعتبارها وسيلة لتحرير التعليم من سيطرة الدولة.
لكن الديمقراطيين والليبراليين يعارضونها بشدة، معتبرين أنها تضعف التعليم العام وتزيد من الفجوة الاجتماعية.
تخصص الحكومة (الفيدرالية أو المحلية) مبلغًا ماليًا لكل طالب في إطار نظام التعليم العام، ويحصل أولياء الأمور على قسيمة (Voucher) تعادل هذا المبلغ (أشبه بالدعم النقدي).
وللأسر حرية الاختيار، حيث يمكن استخدام القسيمة لتغطية رسوم التعليم في أي مدرسة خاصة يختارونها، بدلًا من المدارس العامة المحلية.
هذه السياسة تعني أن المدارس الخاصة ستستفيد من التمويل الحكومي بشكل غير مباشر، بينما ستخسر المدارس العامة حصتها من هذه الأموال.
وبالتالي، فإن الأسر القادرة على تحمل فارق الرسوم ستتمكن من الاستفادة من القسائم، بينما ستظل الأسر الفقيرة عالقة في مدارس عامة تعاني من نقص الموارد.
مخاطر القسائمالفكرة تبدو وكأنها تمنح الأسر، خاصة ذات الدخل المنخفض، فرصة للهروب من قيود التعليم العام المتردي إلى خيارات تعليمية أخرى.
لكن هذا الحل الذي يبدو سحريًا يدمر المدارس العامة، حيث تذهب العائلات بأطفالها إلى المدارس الخاصة ومعها الأموال العامة التي كانت مخصصة للمدارس العامة.
وستخسر المدارس العامة معظم الطلاب بسبب القسائم التعليمية وسينخفض التمويل، وتتراجع الموارد، وبالتالي، مستوى التعليم العام المقدم للفقراء الذين يلتحقون بها.
كما تتسبب في عدم المساواة، حيث إن القسيمة قد لا تغطي كامل الرسوم الدراسية في المدارس الخاصة، ما يجعل الاستفادة منها مقتصرة على الطبقات القادرة على تعويض الفارق.
ويترتب عليها تسييس التعليم، لأن بعض القسائم تُستخدم في مدارس دينية، ما يثير جدلًا حول خلط الدين بالدولة.
والأخطر، غياب الرقابة، حيث لا تخضع المدارس الخاصة لنفس معايير المحاسبة والجودة المفروضة على المدارس العامة.
تحديات قانونيةالمعركة المتعلقة بإغلاق وزارة التعليم الفيدرالية قد تنتقل إلى ساحات القضاء، عبر الطعن على القرار التنفيذي باعتباره تجاوزًا لصلاحيات السلطة التنفيذية.
قانونيًا، ستكون المعركة معقدة، إذ إن تفكيك الوزارة يهدد مصالح قطاعات واسعة، من المعلمين إلى الطلاب وأولياء الأمور.
ويُحذر معارضون من أن تفكيك الوزارة إداريًا عبر تسريح الموظفين وتقليص المخصصات قد يُنتج أثرًا مشابهًا للإغلاق الكامل.
تأتي هذه الخطوة ضمن استراتيجية أوسع لترامب لإعادة تشكيل الحكومة الفيدرالية عبر تفكيك البيروقراطية، وهي سياسة تلقى ترحيبًا من القاعدة المحافظة.
وإضعاف وزارة التعليم يعني إعادة هيكلة العلاقة بين الحكومة الفيدرالية والولايات، وهو ما يعيد إنتاج فكرة "الفيدرالية التقليدية" التي تُفضّل سيطرة الولايات على الملفات الداخلية.
هل ينجح؟سيواجه ترامب مقاومة شرسة من الديمقراطيين، وربما من بعض الجمهوريين المعتدلين، وقد لا يتمكن من إغلاق وزارة التعليم فعليًا.
لكن تنفيذ القرار سيضعف وزارة التعليم عبر تفكيك وظائفها الأساسية، ما سيؤدي عمليًا إلى تقليص نفوذها.
وإذا نجح ترامب في تمرير هذه الاستراتيجية، فقد يشكل ذلك نقلة جذرية في بنية النظام التعليمي الأمريكي، تنقل التعليم من مسئولية الحكومة الفيدرالية إلى الولايات.
وقد يوسع الفجوات التعليمية والاجتماعية في أمريكا لعقود قادمة.
ما يفعله ترامب ليس مجرد قرار تنفيذي، إنه تحدٍ سياسي وهيكلي للنظام التعليمي الأمريكي بأكمله. وحتى لو لم يُغلق الباب قانونيًا، فإن تفريغه من مضمونه قد يحقق الأثر نفسه، تاركًا النظام التعليمي الأمريكي أمام مستقبل مجهول.